من أسماء الله الحسنى: الأحد ، الصمد، الرفيق
الحمد لله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الأسماء الحسنى والصفات العلى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خير من عرف الله بأسمائه وصفاته وآلائه، صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً مزيداً أما بعد :
معاشر المسلمين اتقوا الله وآمنوا به ووحدوه واعلموا أن من أسماء الله الحسنى ((الأَحَدٌ الصَّمَدُ)).
فالله تعالى هو" الأحد " وهو الذي تفرد بكل كمال ، ومجد وجلال ، وجمال وحمد ، وحكمة ورحمة وغيرها من صفات الكمال .فليس له فيها مثيل ولا نظير ، ولا مناسب بوجه من الوجوه , فهو الأحد في حياته وقيوميته ، وعلمه وقدرته ، وعظمته وجلاله ، وجماله وحمده ، وحكمته ورحمته ، وغيرها من صفاته ، موصوف بغاية الكمال ونهايته ، من كل صفة من هذه الصفات .
ومن تحقيق أحديته وتفرده بها أنه ((الصَّمَدُ)) أي : الرب الكامل، والسيّد العظيم، الذي لم يبق صفة كمال إلا اتصف بها. وُوصف بغايتها وكمالها، بحيث لا تحيط الخلائق ببعض تلك الصفات بقلوبهم، ولا تُعبِّر عنها ألسنتهم. وهو المصمود إليه، المقصود في جميع الحوائج والنوائب: ((يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ)) فكل يوم؛ يغفر ذنباً، ويفرج هماً، ويكشف كرباً ، ويجبر كسيراً ، ويغني فقيراً، ويعلم جاهلاً، ويهدي ضالاً، ويرشد حيراناً، ويغيث لهفاناً، ويفك عانياً، ويشبع جائعاً، ويكسو عارياً، ويشفي مريضاً، ويعافي مبتلىً، ويقبل تائباً، ويجزي محسناً، وينصر مظلوماً، ويقصم جباراً، ويقيل عثرةً، ويستر عورةً، ويؤمن روعةً، ويرفع أقواماً، ويضع آخرين، لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يُرفع له عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سُبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه, فهو الغني بذاته، وجميع الكائنات فقيرة إليه بذاتهم، في إيجادهم وإعدادهم، وإمدادهم بكل ما هم محتاجون إليه من جميع الوجوه، ليس لأحد منها غنى عنه مثقال ذرة، في كل حالة من أحوالها.
فالصمد: هو المصمود إليه ، المقصود في كل شيء ، لكماله وكرمه وجوده وإحسانه.
فيا أيها المهموم ويا أيها المحزون وأيها المديون وأيها المكروب ويا مَن تشكي مِن ضياع ابنك وعقوقه لك، ، ويا مَنْ تشكين من تسلط الزوج , ويا مَنْ يشتكي من أذية زوجته , تضرّع لخالقك الذي تصمد إليه المخلوقات في جميع حاجاتها وغاياتها وافعل الأسباب الشرعية تجد فرجا ومخرجا.
فحقه سبحانه الخاص أمران: التفرد بالكمال كله من جميع الوجوه ، والعبودية الخالصة من جميع الخلق عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تعدل ثلث القرآن)) . رواه مسلم.
وأحسن ما قيل في سبب كونها تعادل ثلث القرآن، لما تضمنته من المعاني العظيمة : معاني التوحيد، وأصول الإيمان فسورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مشتملة على هذا ، وشاملة لكل ما يجب اعتقاده من هذا الأصل ، الذي هو أصل الأصول كلها .
ولهذا أمرنا الله أن نقولها بألسنتنا، ونعرفها بقلوبنا، ونعترف بها وندين لله باعتقادها، والتعبد لله بها. فقال : ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)) .
فالله: هو المألوه المستحق لمعاني الألوهية كلها، التي توجب أن يكون هو المعبود وحده ، المحمود وحده ، المشكور وحده ، المعظم المقدس ، ذو الجلال والإكرام. فحُقَّ لسورةٍ تتضمن هذه الجمل العظيمة: أن تعادل ثلث القرآن ، فإن جميع ما في القرآن من الأسماء الحسنى، ومن الصفات العظيمة العليا، ومن أفعال الله وأحكام صفاته، تفاصيل لهذه الأسماء التي ذكرت في هذه السورة، بل كل ما في القرآن من العبوديات الظاهرة والباطنة، وأصنافها وتفاصيلها، تفصيل لمضمون هذه السورة.
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيها من الآيات والحكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله تعالى لي ولكم من كل ذنب وخطيئة إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله النبي الأمين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد،
عباد الله ومن أسماء الله الحسنى: الرفيق ، وهو من الأسماء الحسنى الثابتة في السنة. روى مسلم في صحيحه ، عن عمرة بنت عبد الرحمن ، عن عائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ قال: " يا عائشة، إن الله رفيق يحب الرفق ويعطى على الرفق ما لا يعطى على العنف، وما لا يعطى على ما سواه".
ففي الحديث التصريح بتسمية الله بالرفيق، ووصفه سبحانه بالرفق، وأن له من هذا الوصف أعلاه و أكمله وما يليق بجلال الرب _ سبحانه وتعالى _ وكماله. والرفق هو: اللين، والسهولة، والتأني في الأمور، والتمهل فيها.
والله _سبحانه _ رفيق في قدره وقضائه وأفعاله، رفيق فى أوامره وأحكامه ودينه وشرعه.
فمن رفق الله بعباده: رفقه سبحانه بهم في أحكامه وأمره ونهيه؛ فلا يكلف عباده بالتكليف ما لا يطيقون ، وجعل فعل الأوامر قدر الاستطاعة ((فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ))، وأسقط عنهم كثيرا من الأعمال لمجرد المشقة؛ رخصةً لهم، ورفقا بهم، ورحمة لهم فجعل صلاة السفر مثلاً ركعتين على النصف من صلاة الحضر، كما أنه سبحانه لم يأخذ عباده بالتكاليف دفعة واحدة؛ بل تدرج بهم من حال إلى حال؛ حتى تألف النفوس ، وتلين الطباع ، ويتم الانقياد.
ومن رفقه جل وعلا بعباده: إمهال مرتكب الخطيئة ، ومقترف الذنب ، وعدم معالجته بالعقوبة ؛ لينيب إلى ربه ، وليتوب من ذنبه ، وليعود إالى رشده قال الله تعالى : (( وربك الغفور ذو الرحمة لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً ))، وقال تعالى : ((وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ )) فبيّن سبحانه أنه لو يؤاخذ الناس بما كسبوا من الذنب _ كالكفر والمعاصي لعجل لهم العذاب ؛ لشناعة ما يرتكبونه ، ولكنه حليم رفيق لا يعجل بالعقوبة ؛ بل يمهل ولا يهمل.
ومن رفقه _ سبحانه _ في أفعاله: أنه خلق المخلوقات كلها بالتدرج شيئا فشيئا؛ بحسب حكمته ورفقه مع أنه قادر على خلقها دفعة واحدة وفى لحظة واحدة .
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت يا حي يا قيوم، اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين وأذلّ الشرك والمشركين ودمّر أعداء الدين في كل مكان، اللهم لا تجعل للكافرين منّة على المؤمنين، واجعلهم غنيمة سائغة لهم يا قوي يا عزيز، يا ذا الجلال والإكرام. اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين. اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا. اللهم وفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين لرضاك، واجعل عمله في رضاك، اللهم وفقه وإخوانه وأعوانه لما فيه صلاح العباد والبلاد، اللهم هيئ له البطانة الصالحة يا رب العالمين.
اللهم أصلح أحوال المسلمين حكاما ومحكومين ، اللهم أرهم الحقّ حقًا وارزقهم اتباعه، وأرهم الباطل باطلاً وارزقهم اجتنابه، اللهم اجمع كلمتهم على الحق وردهم إلى دينك رداً جميلاً يا سميع الدعاء، اللهم كن للمستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم آمنهم في أوطانهم وأرغد عيشهم واحقن دماءهم واكبت عدوهم. اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين. اللهم فرّج هم المهمومين من المسلمين ونفس كرب المكروبين واقض الدين عن المدينين وفك أسر المأسورين واشف برحمتك مرضانا ومرضى المسلمين. وارحم موتانا وموتى المسلمين يا أرحم الراحمين، اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وبلغنا فيما يرضيك آمالنا، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم، ربنا اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، ربنا تقبّل منّا إنك أنت السميع العليم، وتبّ علينا إنك أنت التواب الرحيم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
|