النذير المبين للتحذير من السحرة والمنجمين
الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين
كفروا بربهم يعدلون، أحمده سبحانه وأشكره على ترادُف آلائه، وقليلٌ من عباده
الشاكرون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تنزَّه عن الصاحبة والولد،
وسبحان الله وتعالى عما يصفون، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسولُه وخليلُه الأمين
المأمون، صلّى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبِعَهم
بإحسانٍ ومَنْ هم بهديه مُستمسِكون، أما بعد:
فاتقوا
الله وأفردوه ووحدوه بالعبودية وحققوا التوحيد في قلوبكم وقلوب من تعولون فلا خير
لمن ضيع رأس ماله وهو التوحيد بالذهاب إلى السحرة والكهان وغيرهم ممن باع دينه
بثمن بخس زائل .
قال
تعالى في ذم السحرة {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ - أي تعلم السحر- مَا
لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} - أي من نصيب ولا فلاح, ومن لا خلاق له في
الآخرة; فإنه كافر.
عن
أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اجتنبوا
السبع الموبقات قالوا: يا رسول الله! وما هن؟ قال: الشرك بالله والسحر ثم ذكر باقي
السبعة . متفق عليه
ووجه
إدخال السحر في أبواب التوحيد أن كثيرا من أقسامه لا يتأتى إلا بالشرك والتوسل
بالأرواح الشيطانية، إلى مقاصد الساحر فلا يتم للعبد توحيد حتى يدع السحر كله
قليله وكثيره , ولهذا قرنه الشارع بالشرك.
فالسحر يدخل في الشرك من
جهتين:
من
جهة ما فيه من استخدام الشياطين ومن التعلق بهم وربما تقرب إليهم بما يحبون
ليقوموا بخدمته ومطلوبه.
ومن
جهة ما فيه من دعوى علم الغيب ودعوى مشاركة الله في علمه وسلوك الطرق المفضية إلى
ذلك، وذلك من شعب الشرك والكفر.
وفيه
أيضا من التصرفات المحرمة والأفعال القبيحة كالقتل والتفريق بين المتحابين والصرف
والعطف والسعي في تغيير العقول، وهذا من أفظع المحرمات، وذلك من الشرك ووسائله
ولذلك تعين قتل الساحر لشدة مضرته وإفساده. وصح قتل الساحر عن ثلاثة من أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم وهم: عمر، وحفصة، وجندب الخير رضي الله عنهم.
ومن أنواعه الواقعة في كثير من الناس النميمة،
لمشاركتها للسحر في التفريق بين الناس، وتغيير قلوب المتحابين وتلقيح الشرور.
فالسحر
أنواع ودركات بعضها أقبح وأسفل من بعض.
الحاصل:
أنه يجب على الحاكم أن يقتل الساحر ، سواء قلنا بكفرهم أم لم نقل; لأنهم يمرضون
ويقتلون، ويفرقون بين المرء وزوجه، وكذلك بالعكس; فقد يعطفون فيؤلفون بين الأعداء،
ويتوصلون إلى أغراضهم; فإن بعضهم قد يسحر أحداً ليعطفه إليه وينال مأربه منه، كما
لو سحر امرأة ليبغي بها، ولأنهم كانوا يسعون في الأرض فسادا; فكان واجبا على ولي
الأمر قتلهم بدون استتابة ما دام أنه لدفع ضررهم وفظاعة أمرهم، فإن الحد لا يستتاب
صاحبه، متى قبض عليه وجب أن ينفذ فيه الحد.
ووجود السحر في المسلمين
في عهد عمر رضي الله عنه زمن الخليفة الثاني في القرون المفضلة، بل أفضلها; فكيف
بعده من العصور التي بعدت عن وقت النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه وأصحابه؟! فهو
أكثر انتشارا بين المسلمين، وكلما بعد الناس عن زمن الرسالة استولت عليهم الضلالة
والجهالة.
ومن أنواع السحر
العيافة
وهي: زجر الطير للتشاؤم أو التفاؤل; فإذا زجر الطائر وذهب شمالا تشاءم، وإذا ذهب
يمينا تفاءل، وإن ذهب أماما أعاد : فهذا من الجبت.
وكان
العرب يتشاءمون بالطير وبالزمان وبالمكان وبالأشخاص وهذا من الشرك .
والإنسان
إذا فتح على نفسه باب التشاؤم; ضاقت عليه الدنيا، وصار يتخيل كل شيء أنه شؤم، حتى
إنه يوجد أناس إذا أصبح وخرج من بيته ثم قابله رجل ليس له إلا عين واحدة تشاءم،
وقال: اليوم يوم سوء، وأغلق دكانه، ولم يبع ولم يشتر والعياذ بالله . ووجه كون
العيافة من السحر أن العيافة يستند فيها الإنسان إلى أمر لا حقيقة له; فماذا يعني
كون الطائر يذهب يمينا أو شمالا أو أماما أو خلفا; فهذا لا أصل له.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعَني وإياكم بما فيه من
الآياتِ والذكرِ الحكيم، ونفعَنا بهَديِ سيِّد المُرسَلين وقَولِه القَويم، أقولُ
هذا القول، وأستغفرُ الله لي ولكم وللمُسلمين، فاستغفِرُوه، إنه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، وأشهد أن لا
إله إلا الله إله الأولين والآخرين، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله النبي
الأمين، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى إخوانه الأنبياء المرسلين وآله وصحبه
أجمعين، أما بعد فيا عباد الله:
ومن أنواع السحر أيضاً
ما جاء في الكهان ونحوهم أي من كل من يدعي علم الغيب بأي طريق من الطرق. وذلك أن
الله تعالى هو المنفرد بعلم الغيب. فمن ادعى مشاركة الله في شيء من ذلك بكهانة أو
عرافة أو غيرهما أو صدق من ادعى ذلك، فقد جعل لله شريكا فيما هو من خصائصه، وقد
كذَّب الله ورسوله.
فهو
شرك من جهة دعوى مشاركة الله في علمه الذي اختص به، ومن جهة التقرب إلى غير الله.
وفيه
إبعاد الشارع للخلق عن الخرافات المفسدة للأديان والعقول.
فسؤال
العراف ونحوه - ويدخل فيها قراءة الأبراج والقراءة في الكف والنظر في مواقع
التواصل الاجتماعي لمعرفة حالته ونوع مرضه - وما
إلى ذلك وهذا ينقسم إلى أقسام:
القسم
الأول: أن يسأله سؤالا مجردا; فهذا حرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من
أتى عرافا"؛ فإثبات العقوبة على سؤاله يدل على تحريمه; إذ لا عقوبة إلا على
فعل محرم والعقوبة شديدة( لاتقبل له صلاة أربعين يوماً)
القسم
الثاني: أن يسأله فيصدقه، ويعتبر قوله; فهذا كفر لأن تصديقه في علم الغيب تكذيب
للقرآن.
القسم
الثالث: أن يسأله ليختبره: هل هو صادق أو كاذب، لا لأجل أن يأخذ بقوله; فهذا لا
بأس به.
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صلَّيتَ على إبراهيم وعلى
آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارِك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما بارَكتَ
على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، وسلِّم تسليمًا كثيرًا.
اللهم إنا نسألُك الجنَّة وما قرَّبَ إليها مِن قولٍ أو عملٍ،
ونعوذُ بك من النارِ وما قرَّبَ إليها مِن قولٍ أو عملٍ برحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم طهِّر قلوبَنا مِن النِّفاق، وأعمالَنا مِن الرِّياء،
وأعيُننَا مِن الخيانة يا ذا الجلال والإكرام. اللهم أعِنَّا على ذِكرِك وشُكرِك
وحُسن عبادتِك، اللهم أعِنَّا على ذِكرِك وشُكرِك وحُسن عبادتِك يا رب العالمين.
اللهم لا تكِلنا إلى أنفُسِنا طرفةَ عينٍ، وأصلِح لنا شأنَنا كلَّه.
اللهم وفِّق ولي أمرنا لما تُحبُّ وترضَى، اللهم وفِّقه لهُداك،
واجعَل عملَه في رِضاك، وأعِنه على كل خيرٍ يا رب العالمين، وسدِّد آراءَه، اللهم
وفِّقه ووفِّق بِطانتَه لما تُحبُّ وترضَى برحمتِك يا أرحم الراحمين، اللهم ارزُقه
الصحةَ والعافِيةَ، إنك على كل شيءٍ قدير. اللهم احفَظ بلادَنا، اللهم احفَظ
بلادَنا وحُدودَنا مِن كل شرٍّ ومكرُوهٍ يا رب العالمين، اللهم عليك يا ذا الجلال
والإكرام بمَن كادَ للإسلام والمُسلمين برحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء إليك أنزل
علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين. اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا غيثا
مغيثا، سحا طبقاً، عاجلاً غير آجل، تسقي به البلاد وتنفع به العباد، وتجعله زاداً
للحاضر والباد يا ذا الجلال والإكرام .اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين.
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ الوليد الشعبان تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=129 |