تنبيه الأنام بالآيات العظام
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره،
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن
يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا
عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسَلَّمَ تسلِيمًا كثيرًا إلى يوم
الدين أما بعد :
اتقوا الله تعالى، وتعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما
بطن، واعلموا أنه يجب الإيمان بكل ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- وصح به
النقل عنه فيما شاهدناه أو غاب عنا، نعلم أنه حق وصدق، وسواء في ذلك ما عقلناه
وجهلناه، ولم نطلع على حقيقة معناه ومن ذلك أشراط الساعة الكبرى التي قال فيها النبي
صلى الله عليه وسلم: "إنها لن تقوم الساعة حتى تروا قبلها عشر آيات.."
فذكر الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى ابن مريم ويأجوج
ومأجوج وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار
تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم. رواه مسلم.
نتكلم في هذه
الخطبة عن خمسة من هذه الأشراط العظام والباقي في خطبة أخرى :
خروج الدجال، وهو رجل مموه يخرج في آخر الزمان يدعي
الربوبية. وخروجه ثابت بالسنة والإجماع، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"قولوا اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم وأعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من
فتنة المسيح الدجال وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات" رواه مسلم. وكان النبي
-صلى الله عليه وسلم- يتعوذ منه في الصلاة" متفق عليه. وأجمع المسلمون على
خروجه. وقصته: "أنه يخرج من طريق بين الشام والعراق فيدعو الناس إلى
عبادته فأكثر من يتبعه اليهود والنساء والأعراب. ويتبعه سبعون ألفًا من يهود
أصفهان فيسير في الأرض كلها كالغيث استدبرته الريح إلا مكة والمدينة فيمنع منهما
ومدته أربعون يوما، يوم كسنةٍ، ويوم كشهر، ويوم كجمعةِ وباقي أيامه كالعادة. وهو
أعور العين مكتوب بين عينيه (ك ف ر) يقرؤه المؤمن فقط، وله فتنة عظيمة منها أنه
يأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت، معه جنة ونار فجنته نار وناره جنة، حذر منه النبي
-صلى الله عليه وسلم- وقال: "مَنْ سَمِعَ بهِ فلينأَ عنه، ومن أدركه فليقرأ
عليه فواتح سورة الكهف أو بفواتح سورة الكهف".
2- نزول عيسى ابن مريم: نزول عيسى ابن مريم ثابت بالكتاب
والسنة وإجماع المسلمين. قال الله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ
لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: 159] . أي: موت عيسى وهذا حين نزول
كما فسره أبو هريرة بذلك.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "والله لينزلن عيسى
ابن مريم حكما وعدلاً". الحديث متفق عليه.
وقد أجمع المسلمون على نزوله فينزل عند المنارة البيضاء في
شرقي دمشق واضعا كفيه على أجنحة ملكين فلا يحل لكافر يجد من ريح نفسه إلا مات
ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه فيطلب الدجال حتى يدرك بباب لدٍ فيقتله، ويكسر الصليب
ويضع الجزية، وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين, ويحج ويعتمر، كل هذا ثابت في
صحيح مسلم وبعضه في الصحيحين كليهما .
يأجوج ومأجوج وهما أمتان من بني آدم موجودتان بدليل الكتاب
والسنة.
وقد ثبت خروجهم في الكتاب والسنة. قال الله تعالى: {حَتَّى
إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ ،
وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} [الأنبياء: 96، 97] ، وخروجهم الذي يكون من أشراط
الساعة لم يأتِ بعد ولكن بوادره وجدت في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد ثبت
في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "فُتح اليوم من ردم يأجوج
ومأجوج مثل هذه وحلق بأصبعه الإبهام والتي تليها" .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني
وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم
ولجميع المسلمين إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه
كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا
محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن
تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد
4- خروج الدابة والمراد بها هنا الدابة التي يُخْرجها الله
قرب قيام الساعة، وخروجها ثابت بالقرآن والسنة.
قال الله تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ
أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا
بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ} [النمل: 82] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
"إنها لن تقوم الساعة حتى تروا قبلها عشر آيات وذكر منها الدابة" رواه
مسلم .
وليس في القرآن والسنة الصحيحة ما يدل على مكان خروج هذه
الدابة وصفتها وإنما وردت في ذلك أحاديث في صحتها نظر، وظاهر القرآن أنها دابة
تنذر الناس بقرب العذاب والهلاك والله أعلم.
5- طلوع الشمس من مغربها: طلوع الشمس من مغربها ثابت بالكتاب
والسنة، قال الله تعالى:{يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا
إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا
خَيْراً} [الأنعام: 158] . والمراد بذلك طلوع الشمس من مغربها. وقال النبي صلى
الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت ورآها
الناس آمنوا أجمعين، وذلك حين: {لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ
آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً} [الأنعام: 158] .
متفق عليه75.
اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام،
أعذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم أعذنا وذرياتنا من عذاب جهنم ومن عذاب
القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال، اللهم إنا نسألك من
الخير كله، عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله، عاجله
وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو
عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم إنا نسألك مما سألك
منه محمد صلى الله عليه وسلم، ونعوذ بك مما استعاذ منه محمد صلى الله عليه وسلم،
اللهم ما قضيت لنا من قضاء فاجعل عاقبته لنا رشدا، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو
عصمت أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا
واجعل الدنيا زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر، اللهم حببّ إلينا
الإيمان وزيّنه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين،
اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم
والأموات انك سميع قريب مجيب الدعوات، سبحان ربِّك ربِّ العزة عمّا يصفون، وسلام
على المرسلين، والحمد لله ربِّ العالمين.
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ الوليد الشعبان
تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=129
|