تنبيهات في موسم الاختبارات
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره؛ ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا؛ من يهده الله فلا مضل له؛ ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْْ اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }.{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }.{ يَا أَيُّهَا الَّذِين ءَامَنُواْ اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }. أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار.
أيُّها الإخوة : إن فِي الشّباب قوة دافعةً، وعَزِيمةً ماضيةً، وحركةً دائبةً، فإن لَم تُستثمر فيما يعود على النَاس بالخير رجعت بالشّرِّ على الشّباب أنفسِهِم، وعلى المجتمع بأسره؛ إن من يرى شبابنا اليوم -ولا سيّما في أيام الاختبارات- وهم يصولون ويجولون بسيّاراتِهِم يُؤذون الناس بها، ويضرون أنفسهم، ويتلِفُون أموال آبائهم؛ لَيَحزن على حالِهِم وحال المجتمع الذي خرّجَهُم.
عباد الله: في هذه الأيام يعيش الشباب الطلاب والطالبات هموم الامتحانات والاختبارات؛ وهذه نصائح وتوجيهات سأطرحها للطلاب والمعلمين والآباء، أسأل الله أن ينفعني بها وإياكم في الحياة الدنيا وبعد الممات.
أولاً معاشر المعلمين: الامتحانات مسئوليات وأمانات، وتبعات ودرجات؛ فالله الله في فلذات أكباد المؤمنين، اتقوا الله عز وجل فيهم، كونوا بهم رحماء بلا ضعف ، أشداء بلا عنف ؛ أعطوا كل ذي حق حقه وكل ذي قدر قدره ، واعدلوا بين أبنائكم فإنهم أمانة في أعناقكم..
واعلموا رحمني الله وإياكم: أن الاختبار لا يقصد منه التعجيز والأذية ، فهذه ذرية ضعيفة بين أيديكم ، إياكم أن تشقّوا عليهم فتكلفوهم ما لا يستطيعون أو تحمّلوهم ما لا يطيقون ، فقد قال عليه الصلاة والسلام: "اللهم من ولي من أمور أمتي شيئًا فشق عليهم ، فاللهم اشقق عليه" ؛ فاتقوا الله في هؤلاء، وأحسنوا إليهم وأكرموهم لطفًا وإحسانًا ؛ فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
= ثانياً ومن التوجيهات للطلاب: الاستعانة بالله ودعاءه والتضرع إليه، واعلم أنه ليس هناك أدعية خاصة بالاختبارات مما يُذاع ويُبث عن طريق الرسائل والانترنت وغيرها, ثم يليه الجد والاجتهاد في مذاكرة الدروس ومراجعتها وحفظ قواعدها وفهم مسائلها، ولتكن دراستك بصدق وإخلاص .
ثم إن على الطلاب أن يدركوا العوائق التي تعوقهم عن التحصيل والمذاكرة. فإن من أهم العوائق: الذنوب والمعاصي، ومن العوائق: إدمان أجهزة الاتصال الحديثة برسائلها أو تصفح مواقعها، فتُهدَر الأوقات وتتشتت الأذهان بسببها.
واحذر أيها الطالب من رمي الكتب الدراسية, إذ أنها تحوي على كلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم, فمن تعظيم العلم رفعها عن الأرض وحفظها من التمزيق والإهانة والعبث، وإن كنت لست بحاجتها فقم بإرجاعها للمدرسة أو لحاويات الأوراق ليستفيد منها غيرك وتكسب أجرها.
ثالثاً من المظاهر المؤرقة في موسم الامتحانات: ظاهرة التفحيط، وهي من المظاهر التي يُؤسف أن تكون في بلاد المسلمين.. لماذا؟!!
لأن الإسلام دين ينهى عن الأذية كلها حتى اليسير منها في الطرقات ؛ فنهى مثلاً عن البول في الطريق ونهى عن الجلوس في الطريق إلا بضوابط ، وجعل الثواب الكبير لمن أزاح الأذى اليسير عن الطريق ، حتى أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن رجلاً دخل الجنة بسبب غصن شوك رآه في طريق الناس فخاف أن يؤذي أحداً فنحّاه عنهم ..
فإذا كانت هذه بعض آداب ديننا فيما يتعلق بالطريق فكيف يرضى الشاب المسلم لنفسه أن يؤذي المسلمين في طرقاتهم أذى عظيماً؟!!..
إن في هذه الظاهرة تعطيلَ الطرقات وإخافة المارين وأذية سكان البيوت بالأصوات المزعجة، كما أن فيها إتلافَ المنافع العامة من الإنارة والأرصفة وغيرها، وفيها تجميع أهل الشر والفساد والفجور لا سيما من أصحاب المخدرات وأصحاب عمل قوم لوط والمنحرفين.
وفيها أيضاً تعريض المفحط نفسَه وغيرَه للموت قتلاً في أبشع صوره ، فكم ذهبت من أنفس في هذه الظاهرة الخطرة. وإذا كان المفحط يلام مرة فالجمهور يلام مائة مرة ، لأنه السبب الأكبر في هذه الظاهرة - فتشجيعهم له وتصفيقهم له كل هذا وأمثاله هو الذي يجرئه ويشجعه على الاستمرار بالتفحيط والتهوّر...
فكم وكم خرج من البيوت شباب في عُمر الزهور فما رجعوا !! ولكن رجع الخبر عنهم ، بأنهم صاروا فحماً محترقاً أو لحماً مقطعا بين ركام السيارات أو تحت عجلات المفحطين ؛ فهل من متعظ أو معتبر؟!
فاللهم أقرّ أعيننا بصلاح ذرياتنا وشبابنا وشباب المسلمين، اللهم اهدهم صراطك المستقيم وردّهم إلى دينك ردّاً جميلاً، واغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين إنك أنت الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا. أما بعد أيها المسلمون :
وفي موسم الاختبارات ينشط تجار المخدرات والمنشطات وينتشرون انتشاراً منقطع النظير، وفرائسهم التي يتربصون بها هم أبناؤنا وبناتنا في المرحلة الثانوية والجامعية على وجه الخصوص ، ولم يسلم منهم حتى طلاب المتوسط.
فَتنبّهوا يا شباب الإسلام فإنهم الآن يقلّبون النظر فيكم حتى ينقضّوا على الفريسة المناسبة - يتصيدونكم في تجمعات التفحيط وفي المقاهي والمطاعم الصباحية بعد الخروج من قاعات الاختبار.
وإن السقوط في المخدرات يعني الشقاء والهلاك والفقر والفجور والجريمة وغير ذلك من معاني السوء والقبح والشر.
= أيها الإخوة في الله: كم تقع من مآسٍ أيام الاختبارات بسبب الغفلة عن الشباب؟! وكم تكثُرُ الحوادثُ فيها ؟! وكم يُنْتهكُ من الحُرُمات خلالها؟ وأكثر ما يقع من الجرائم الأخلاقية من الفتيان والفتيات يكون في أيام الامتحانات.
إنها أخطر أيام العام على الشّباب والفتيات بسبب ضعف رقابة الآباء والأُمّهات، وبسبب التساهل في خروجِ الأبناء والبنات، وبسبب صحبتهم لرُفَقَاء السُّوء بعد الانتهاء من الامتحان للإفطار أو للتجوال، ولا يعلم الأب أين يذهبُ ولدُهُ؟ ولا مع مَنْ يكون؟ ولا ماذا يفعل في تلك الفترة؟ ويستثقل سؤاله عن ذلك؛ لئلاّ يُؤثِّر في نفسيَّتِهِ - فضاع بسببِ ذلك كثير من الشباب والفتيات!! والله المستعان .
فالحذرَ الحذرَ أيها الآباء من التساهل في هذا الأمر؛ وكم أوْدَتْ بالابن والبنت ثقةٌ عمياءُ فيهِما، ومَنْ وَثِقَ في ابنه وابنته فعليه ألاَّ يثِقَ بمَنْ يغويهما ويريد إلحاق الأذى بهما، فيترُكُهُم يتسلَّطُون على أبنائِهِ وبناتِهِ وهو لا يُحرِّكُ ساكنًا - نعوذُ بالله تعالى من شرِّهم .
فاتقوا الله عباد الله، واهتموا بأولادكم، اليوم تغير عن الأمس، والحاضر تغير عن الماضي، فاشتد الحذر، فاحذروا على أولادكم، تعاونوا على البر والتقوى، ولا تهملوا، لا تنشغلوا بدنياكم عن أولادكم، فأنتم المسؤولون عنهم أمام الله، وأنتم الخاسرون إذا فسدوا وضاعوا، واعلموا أن الله سبحانه وتعالى عليكم رقيب، وأكثروا من الالتجاء والدعاء إلى الله عز وجل بأن يصلح أبناءكم، وأن يهديهم صراطه المستقيم ، وأن يجعلهم من المقيمين الصلاة ، وأن يعيذهم من الفتن ما ظهر منها وما بطن .
نسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يصلح لنا نياتنا وذرياتنا ، وأن يحفظ لنا فلذات أكبادنا، رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً، رَبِّنا هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ.
اللهم آت نفوسنا تقواها ، وزكِّها أنت خير من زكاها ، أنت وليُّها ومولاها . اللهم إنَّا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى ، اللهم وأصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين . اللهم أصلح ذات بيننا ، وألِّف بين قلوبنا واهدنا سبل السلام ، وأخرجنا من الظلمات إلى النور ، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وأزواجنا وذرياتنا وأموالنا وأوقاتنا.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمت أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا واجعل الدنيا زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر، اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، اللهم ارحم المستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم احقن دماء المسلمين، واحفظ عليهم دينهم وأمنهم وأعراضهم وأموالهم يا رب العالمين، اللهم اكفنا والمسلمين شر الأشرار وكيد الفجار، اللهم ولّ على المسلمين خيارهم واكفهم شرارهم يا رب العالمين، اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويقاتلون أهل دينك اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك, اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين يا قوي يا عزيز، اللهم وفقّ ولاة أمرنا بتوفيقك وأيّدهم بتأييدك واجعلهم أنصارا لدينك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم من أرادنا وأراد ديننا وبلادنا بسوء اللهم فأشغله في نفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه يا رب العالمين، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات، اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ وليد الشعبان تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=129 |