خطبة عن المخدرات وخطرها
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " . " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا " . " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا " . أما بعد .
فإن خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة .
أيها الاخوة المستمعون :
رغب ولاة الأمر والمسئولون عن المساجد الحديث في هذا اليوم عن أمر مهم للغاية بل هو من أهم الأمور التي يجب أن يتحدث عنها الخطباء في هذا الزمان وفي هذا الوقت بالذات إن لم يكن أهمها , وما ذاك إلا إدراكا منهم لما يعيشه المجتمع , أو فئة من المجتمع في وحل هذا الأمر وما جر من الويلات على الفرد والمجتمع , فجزاهم الله عنا خيرا ,
إن هذا الأمر – أيها الإخوة –
قد استفحل في المجتمع وانتشر استعماله بين أوساط الشباب على وجه الخصوص انتشارا عظيما كانتشار النار في الهشيم حتى صار ظاهرة أو كاد ,
إنه أمر المخدرات وما أدراكم ما المخدرات ؟
يا ألله ! من تظلع في هذا الأمر دراسة وتحليلا واستبيانا , وسبر أغوار هذا العالم , وأطنب فيه وأسهب , ونزل إلى أرض الميدان , وواقع الأمر , والتقى بأهل هذا العالم , وسمع من أعاجيب القصص , ورأى من المواقف المرعبة والمروعة , يا ألله ! كم سيرسل الآهات تلو الآهات , والحسرات تلو الحسرات , وسيساوره اليأس والقنوط من الإصلاح , بل قد يعيش بين الناس بنظرة سوداوية للمجتمع إن لم يحكمه الاتزان والعقل والحكمة , وحق له ذلك ,
فإن الخبر ليس كالمعاينة .
لقد أجمع عقلاء العالم من المسلمين وغيرهم على أن المخدرات ذات أضرار عظيمة دينية , وأمنية , وصحية , واجتماعية , واقتصادية , وسلوكية , وعقلية , وفي كل جزئية من أجزاء الحياة .
وهذا يعفي من الاستطراد في سرد النصوص الواردة في تحريمها , فإن الامر إذا كان بهذه المثابة اكتفي منه بهذا الجانب بالإشارة , ومع هذا فهذه بعض الادلة التي تحرم المخدرات إما تصريحا أو تلميحا قال الله تعالى ( يأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون )
ومن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ما رواه أبو داود في سننه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما أسكر كثيره فقليله حرام .
فقد حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث كل مسكر قليلا كان أو كثيرا وهو بعمومه يتناول المخدرات ، لأنها مسكرة على ما ذكره أكثر المحققين من علماء الدين والطب والواقع يشهد لذلك .
أيها الاخوة المسلمون :
ما هي أسباب الوقوع في المخدرات ؟
وما هي الوسائل التي ساعدت على انتشارها ؟
وما نتائج ذلك ؟
وما هي أسباب الخلاص منها ؟
هذه الأسئلة وغيرها , بعد أن علم تحريم المخدرات بالدليل الصريح والعقل السليم يجب أن يوقف عندها كثيرا وكثيرا , فإن الأمر جد خطير , ولعلنا نجيب عن كل سؤال منها ولو بإجابات مقتضبة تحقق شيئ من المطلوب .
فأما ماهي أسباب الوقوع في المخدرات ؟
فهناك أسباب كثيرة جدا ,
من اهمها: ضعف الوازع الديني أو انعدامه.
ومنها سهولة الحصول عليها شراءا أو هبة أو غير ذلك .
ومنها : ما يعيشه البعض من مشاكل أسرية واجتماعية تلجئه الى استعمالها لظنه أنه يهرب من واقعه الى عالم آخر بعيدا عن الاغراق في الهموم والاحزان ,
وينطبق على هذا قول الاول :
المستجير بعمر عند كربته × كالمستجير من الرمضاء بالنار .
ومنها : التقليد لبعض المشاهير من المغنين واللاعبين والاعلاميين وغيرهم .
ومنها : الفراغ الروحي والجسدي الذي يعيشه البعض .
ومنها : التاثر بمن حوله من الآباء والأمهات والإخوة والأخوات والاسر التي تتعاطاها .
ومنها : الامن من العقوبة وهذا ببحد ذاته دافع كبير للوقوع فيها فإن الناس يصلحون وتصلح أحوالهم بشيئين بالترغيب والترهيب .
ومنها : ما يتناقله متعاطوها من مسبباتها الوهمية .
ومنها الجلساء , فكل قرين بالمقارن يقتدي والصاحب ساحب ولو بعد حين 0 هذه بعض أسباب الوقوع فيها .
وأما الوسائل التي ساعدت على انتشاها فكثيرة أيضا من أهمها :
تخطيط الاعداء الرهيب لسبل تهريبها الى بلاد المسلمين بطرق لم تخطر للمرء على بال , وقد ساعد على ذلك بعض بني جلدتنا من الخونة , وأصحاب الطمع المادي والجشع النفسي .
ومن الوسائل :
سكوت بعض الناس على مروجيها والباعة لها دون إبلاغ عنهم .
ومنها : عدم وجود المصحات الكافية المستشفيات المتخصصة لعلاج المدمنين من تأثيرها .
ومنها : عدم أو قلة نزول الدعاة والمصلحين إلى أرض الواقع وبذل النصيحة والتوجيه اوالارشاد خصوصا في المدارس وتجمعات الشباب .
نعم أيها الإخوة كل ذلك وغيره ساعد على انتشارها بين الناس , والضحية في النهاية أبناءنا وبناتنا واخوتنا ومجتمعنا . لا يتعلل أحد بأنه غير قادر على الإصلاح والحيلولة دون هذا الداء ودون الناس .
فإنه مطروح عليه هذا السؤال ….. ما عملت أو ماذا قدمت ؟ وأترك للجميع الإجابة في قرارة النفس .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم )
بارك الله لي ولكم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ؛ أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى , وأشهد أن لاإله الا الله وحده لاشريك له في الآخرة والأولى , وأشهد أن محمد عبده ورسوله , صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد فاتقوا الله عباد الله
أيها الإخوة المسلمون :
فيما مضى عرفنا شيئا من أسباب الوقوع في المخدرات وشئا من الوسائل التي ساعدة على ذلك .
يأتي الجواب بعد ذلك على السؤال ,
ما نتائج المخدرات ؟
الجواب الشرور كلها . ضياع الدين الذي هو رأس ما المسلم ولو لم يكن فيها الا هذا لكفى . كيف وفيها إيضا إضاعة العقل والمال والعيال , والشرف والرجولة والمرؤة والحياء والحشمة والنزاهة , وإضاعة البر والصلة , وحصول التفكك الأسري , والجرائم بأنواعها : من السرقات والسطو والقتل , والزنا واللواط والوقوع على المحارم , وبيع الأعراض بجرعة من المخدرات , وضرب الآباء ولأمهات بل وقتل الإباء والأمهات , وما في الواقع مما لا يخفى لخير شاهد ودليل صدق .
فاللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا برحمتك يا أرحم الراحمين .
وأما السؤال عن أسباب الخلاص منها ؟
فالجواب عنه من الأهمية بالمكانة التي هي فيها . لقد وقع البعض في وحل المخدرات واصطلى بنارها نفسه وغيه من أبنائه وأسرته , وسولت له نفسه أن لا خلاص منها حتى حجبه ذلك عن مجرد التفكير في الهروب منها فأصبح أسيرلها بل وعبدا لها عياذا بالله من ذلك . والبعض من متعاطيها يتعامل معها على قاعدة -الفساد المهذب -
فهو لا يستعملها استعمال المجانين في أيي وقت وفي كل مكان كما يرون على ارض الواقع , بل يسر في ترتيب معين للوقت , فلا يستعملها في أوقات الدوام أو وقت عمله الخاص بل في أوقات فراغه ,
كما أنه لا يستعملها في كل مكان بل في أماكن معينة كالاستراحات أو الذهاب إلى خارج البلاد , حيث الإباحية والحرية المزعومة .
لا بد – أيها الإخوة - وأن يدرك من كان هذه حاله ويدرك من يريد مناصحته وإصلاحه أنه متى ما صدق مع الله صدق الله معه , - ومن ترك شيئ لله عوضه الله خيرا منه - فكم من إنسان مكث السنين الطوال وهو يتعاطاها فلما عزم على التوبة النصوح , وحقق شروطها وسلك سبلها , ترك المخدرات من ساعته دون رجعة إليها طرفة عين , بل صار من الدعاة المحذرين منها .
ولكن يلزم من ذلك أمور منها :
ترك الجلساء واستبدالهم بجلساء صالحين , كما عليه الاكثار من تلاوة القرآن وتعلم العلم النافع وتحصين النفس من المضلات .
وعليه : عدم التحدث بما مضى من أيام الجهل والغفلة بل يعرض عن ذلك كل الإعراض ويستبدله بالذي هو خير .
وهنا تنبيه لإخوتنا الدعاة والمصلحين :
عليهم أن يقبلوا من جائهم تائبا من المخدرات وغيرها , وان لا يتأففوا منه , وان لا يربطوا ماضيه بحاضره , وان يهيئوا له الجو المناسب والأرض الخصبة لزراعة الخير , والمالف الجميل , وان يتعالموا معه معاملة تليق بحاله , لان لا يعود إلى أصدقاء السوء مرة أخرى , فيكون عليه نصيبا من ذلك .
اللهم أصلح أحوال المسلمين ………………الخ
|