خطبة جمعة / التعامل مع الاعلام
إن الحمد لله نحمده ونستعينه .......................................
أيها الاخوة المسلمون : لا شك أن ما يحدث اليوم في العالم العربي من مظاهرات واحتجاجات ومطالبات وغير ذلك ليس بمنأى عنا فإن وسائل الاعلام لا تتقيد بحدود فيما تنشر بل هي تتسابق وتتصارع على نشر الجديد والاحداث في وقتها , ,إن الكثير من الناس ليس عنده تمييز فيما ينشر ويعلن , فهو يقبل كل ما تراه عنه أو تسمعه اذنه على أنه صدق لامرية فيه , وهذا ينتج عن ضعف في البصيرة وعجلة في المسيرة , يحدونا هذا الامر – أيها الاخوة – الى أن نقف مع أنفسنا وقفة صدق مع ما ينشر في سائل الاعلام فإن حقيقة يمارسه الاعلام تخفى على الكثير , ألا وهي أن الاعلام دائما يسعى لاشعال فتيل الفتنة بأي وسيلة كانت , كما انه يسعى من وراء ذلك لتحقيق أهدافه بغض النظر عن المفاسد والمصالح المترتبة على ذلك المتعلقة فيمن هم خارج دائرة الاعلام , ولذلك فإنه يكثر فيهم الكذب والدجل وتحليل المواقف وإظهارها على أنها حق وصدق وبشفافية وينخدع بذلك كم كثير من الناس , فمتى ما أرادوا تجييش الناس على جهة معينة نقلوا من الحدث ما يخدم ويحقق الهدف دون غيره وشوهوا ما سوى ذلك 0 أيها الاخوة : الكلام عن الاعلام كلام ذو شجون يجر بعضه البعض ولا ينتهي , ما يهمنا من ذلك أن يعلم المسلم أنه لا يجوز نقل كل شيئ , كما أنه ليس كل ما ينقل حقا صحيحا , ومن هنا فقد اختلف العلماء رحمهم الله في : الاصل في الاخبار . هل الاصل فيها الصدق أم الفسق ؟ ورجح كثير منهم أن الأصل فيها هو الفسق حتى يتبين الصدق ,ومستندهم قوله تعالى ( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) قيل : إن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط وسبب ذلك ما رواه سعيد عن قتادة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث الوليد بن عقبة مصدقا إلى بني المصطلق ، فلما أبصروه أقبلوا نحوه فهابهم لإحنة كانت بينه وبينهم - ، فرجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره أنهم قد ارتدوا عن الإسلام . فبعث نبي الله - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد وأمره أن يتثبت ولا يعجل ، فانطلق خالد حتى أتاهم ليلا ، فبعث عيونه فلما جاءوا أخبروا خالدا أنهم متمسكون بالإسلام ، وسمعوا أذانهم وصلاتهم ، فلما أصبحوا أتاهم خالد ورأى صحة ما ذكروه ، فعاد إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره ، فنزلت هذه الآية ، فكان يقول نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : التأني من الله والعجلة من الشيطان . وسمي الوليد فاسقا أي : كاذبا . . وقرأ بدل ( فتبينوا ) قرأ ) فتثبتوا ) من التثبت . (أن تصيبوا )أي لئلا تصيبوا 0 ذكر الامام القرطبي رحمه الله عند هذه الآية مسائل فمنها قوله رحمه الله : وفي الآية دليل على فساد من قال : إن المسلمين كلهم عدول حتى تثبت الجرحة ; لأن الله تعالى أمر بالتثبت قبل القبول ، ولا معنى للتثبت بعد إنفاذ الحكم ، فإن حكم الحاكم قبل التثبت فقد أصاب المحكوم عليه بجهالة . أهـ 0 ومن هنا أيها الاخوة فإنه يلزم التثبت وعدم التسرع وقبول الاخبار هكذا جزافا دون تمحيص ولا تحر ولا تدقيق , والأعظم من ذلك التأثر بكل ما ينقل , والعمل على تطبيق وتقليد ما ينشر , والأعظم من ذلك كله والأدهى والأمر سكوت أهل الخير عن بيان الحق , وترك الرعاع من الناس يقودن الشغب وإحداث البلبلات في صفوف الناس , وفي الواقع أمثلة على ذلك كثيرة 0
أيها الاخوة : ليس من المعقول أن يقول أحد للناس , لا تسمعوا , أو لا تشاهدوا , كما أن تحقيق ذلك من المستحيل أصلا , ولكن الوصية للجميع : تقوى الله عز وجل , والعمل على التريث والتؤدة , وإبعاد الصغار وسفهاء الاحلام عن وسائل الاعلام , لئلا يحصل مالا تحمد عقباه , فاتقوا الله عز وجل في أنفسكم وفي أبنائكم وفي امتكم , واعلموا أنكم مستهدفون دينا , وأمنا , واقتصادا , وأخلاقا , فأعدوا لمن عاداكم العدة , واستمسكوا بالكتاب والسنة , فالله ناصر دينه ومعلي كلمته ,
( ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ) بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ..............
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ...................................
أيها الإخوة المسلمون : إن مقارنة الإنسان نفسه بغيره في كل شيئ سبب من أسباب فشله في الحياة , كما أنها تنمي عن جهله بسنن الله الكونية والشرعية , فالله سبحانه خلق الخلق وفاوت بينهم في كل شي في الخلق والرزق , والقوة والضعف , والغنى والفقر , والصحة والسقم , وهلم جرّى , حتى فاوت بينهم في التعبد والديانات , فمن عابد للمخلوقين وهم كثير , ومن عابد لله موحد له وهم قليل كما قال تعالى ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) ( وإن تطع أكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله ) ومن الخطأ الفادح أن يقارن الواحد منا بلاده بلاد الحرمين بمن سواها من البلاد , فالفرق بين من يحكم بكتاب الله وسنة ورسوله وبين من يحكم بالقوانين الوضعية , كالفرق بين الثرى والثريا , ولا أحد ينكر وجود الخطأ والتقصير والنقص , ولكن تبقى آلية معالجة الأمور والإصلاح هي التي عليها مدار صلاح البلاد من خرابها , فما ما حادت الطريقة عن جادة الصواب فالنتيجة حتما سلبية ( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون )
اللهم أصلح أجوانا وردنا إليك ردا جميلا وارنا الحق حقا وارزقنا اتباعة وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ....................................
|