حول ما حصل في حدود المملكة مع العراق
حادثة قتل رجال الأمن في مركز سويف الحدودي
18/3/ 1436هـ
خطبة الحاجة إن الحمد لله نحمده ونستعينه .... أما بعد:
أيها الإخوة المسلمون: لاشك أننا أناس وبشر من ضمن ملايين البشر الذين خلقهم الله وأوجدهم على ظهر الأرض على اختلاف ألوانهم وأجناسهم ومعتقداتهم وأديانهم ومواقع مساكنهم وأماكن إقاماتهم, وعلى اختلاف عقولهم وثقافاتهم, وهذا الإنسان الذي كرمه الله وفضله على كثير ممن خلق, لو تفكر هو بنفسه من نفسه وبمن هم من جنسه, تفكر في خلقة من طول وقصر ولون وشعر ولحم ودم , وتفكر في منطقه وكيف انه يعبر عما في نفسه عبر لسانه , وتفكر في تصرفاته السلبية والايجابية وكيف أنها تحصل, وتفكر فيما يعتريه من أمراض وكدر وسرور وحزن وبكاء وضحك, لو انه تفكر في ذلك كله وغيره وغيره لأدرك حقا كيف أن الله أمر الإنسان بهذا بقوله تعالى: ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) وأدرك الحكمة من الأمر بذلك حتى يسوقه ذلك التفكير والتبصر إلى حقائق تجري في هذا الكون تبعث على كل ما يمكن أن يقوله الإنسان السوي في زاوية العجب والاستغراب, وأنه الذي تدور عليه مجريات كثيرة في هذا الكون, وهو الذي من اجله خلق الله له ما خلق , من اجله خلق الله الجنة والنار , وخلق من اجله ما في الأرض جميعا , ومع هذا فهو الذي قال الله عنه: ( قتل الإنسان ما أكفره * من أي شيء خلقه * من نطفة خلقه فقدره * ثم السبيل يسره * ثم أماته فأقبره * ثم إذا شاء انشره * كلا لما يقض ما أمره * فلينظر الإنسان إلى طعامه * إنا صببنا الماء صبا * ثم شققنا الأرض شقا * فأنبتنا فيها حبا * وعنبا وقضبا * وزيتونا ونخلا * وحدائق غلبا * وفاكهتا وأبا ) كل ذلك - ( متاعا لكم ولأنعامكم ) كل هذه المخلوقات إنما هي من اجل الإنسان الذي يقول الله فيه أيضا ( والعصر * إن الإنسان لفي خسر * الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) مع هذا – أيها الإخوة – فإن في هذا الإنسان مضغة هي محل نظر الرب جلا وعلا وهي التي إذا صلحت صلح الإنسان وإذا فسدت فسد الإنسان.
أيها الإخوة : إن من الناس من بني ادم من بلغ أعلى درجات الخير ويأتي في طليعة هؤلاء أنبياء الله ورسله , وان من الناس من بني ادم من بلغ أدنى دركات الشر, وبقية البشر ما بين ذلك فمقل ومستكثر.
وإن من أعظم الناس جرما بل أعظمهم جرما هم أعداء الناس ومن بلغوا في عداوة الناس أنهم لا يرضون ببقاء الناس والنسل البشري ووجودهم أحياء فلا يهنأ لهم عيش ولا يقر لهم قرار حتى يخرجوهم من الحياة , وبهذا يسعون على القضاء على الناس بأي وسيلة وعبر أي حجة ولو كان بأبشع صورة, ولو كان على هلاكهم هم بأنفسهم , وهذا هو هذا الإنسان حينما تنتكس فطرته , وتنقلب موازينه , وتفسد مفاهيمه , ويُشربُ قلبه سمة الحسد والبغضاء لكل ذي نعمة.
أعداد كثيرة من الناس ممن هذا شانهم تشاهد أفعالهم وتسمع أقوالهم هنا وهناك, وبين الفينة والأخرى, وبغض النظر عن أجناسهم وجنسياتهم وأديانهم ومعتقداتهم وإن تفرقت أجسادهم واختلفت وسائلهم فهم يشتركون في هذا المبدأ الفاسد وهو عداوة الناس, وتشتد عداواتهم لكل من لم يوافقهم على مايريدون ويعتقدون, وتزداد عداوتهم لكل من كان إلى الحق ومنهج النبوة اقرب, ولذا فإنا نجد أعدا أعدائهم هم أهل السنة والجماعة , ويأتي في طليعة أولئك الناس فرقة اصطلح أهل العلم على تسميتهم بالخوارج , تسلسل مذهبهم من ابيهم ذي الخويصرة الذي بلور مايدور في نفسه على ارض الواقع واخرج مافي قلبه من مرض التكبر والتعالي والنقد والتنقص, وعلى من؟ على من اختاره الله أمين لإبلاغ الرسالة السماوات السامية , صفوة الخلق وسيد البشر وخاتم الأنبياء والرسل حيث قال له: اعدل فإنك لم تعدل.
وهذه قاعدتهم منذ ذلك اليوم إلى يومنا هذا, وهي القاعدة التي بنوا عليها كل تصرفاتهم , كلما هلك قرن ظهر آخر إلى قيام الساعة, عمدوا إلى نصوص نزلت في المشركين فجعلوها في المسلمين , جرتهم عقيدتهم إلى عداوة الناس عموما وأهل السنة خصوصا, وقد فاق أخلافهم وفي هذا العصر على أسلافهم في فنون الإجرام وطرح الشبه والاصطياد في المياه العكرة والغدر والخيانة , حتى تعبدوا لله بالإقدام على فعل شيء من أبغض الأشياء إلى الله وهو سفك الدم الحرام.
ومن آخر ما كان من إجرامهم الذي لا ينتهي حتى ينتهوا, ولا ينتهوا حتى تنتهي سنة التدافع , ولا تنتهي سنة التدافع حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
من آخر ما كان من إجرامهم ما حدث على الحدود السعودية مع العراق في مركز سيوف حيث حصل منهم مالا يخفى على كل متابع من غدر وخيانة وقتل لرجال الأمن هناك وليس من الحكمة سرد تفاصيل الحدث في هذا المقام , ولكنها الحقائق البينة في الواقع المر الذي يحز في قلب كل إنسان ذا ضمير حي يسأل نفسه لماذا قتلوا أنفسهم وقتلوا غيرهم ؟ إنه هذا الإنسان الذي يقتل الإنسان لأنه اتصف بصفة الإنسان وكفى.
قال صلى الله عليه وسلم وهو يبين بأي شيء وبأي سبب يمكن أن يُخرج الإنسان من هذه الحياة بالحق لحِكَم عظيمة تترتب على ذلك " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: "والثيب الزاني , والنفس بالنفس , والتارك لدينه المفارق للجماعة " وكان من نهجه عليه الصلاة والسلام الدقة المتناهية في التحري في القتل والمقاتلة والتشبث بأدنى شبهة يمكن أن تتخذ ذريعة لعدم إقامة الحد والاقتتال , فكان من هديه صلى الله عليه وسلم انه لا يغير على قوم حتى ينظر هل يسمع أذان أم لا ؟ رغم أن القوم الذين يغزوهم قد يغلب على الظن أنهم غير مسلمين ومع هذا فلسان الحال يقول لعلهم لعلهم.
وكذلك جاء التشديد منه صلى الله عليه وسلم على رجل من المسلمين أهوى بسيفه على رجل من المشركين ليقتله وهم في حلة حرب فقال ذلك الرجل: لا اله إلا الله فقتله المسلم بعد إن قال لا اله إلا الله , فلما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما حصل , غضب غضبا شديدا واخذ يردد عليه قوله: أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله , فقال الرجل إنما قالها خوفا من السيف , فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أشققت عن قلبه ؟ ماذا تفعل بلا إله إلا الله يوم القيامة , حتى قال الرجل تمنيت أني أسلمت يومئذ. وكذلك ما حصل من ماعز الأسلمي من الزنا , وكذلك الغامدية.
وهذا هديه صلى الله عليه وسلم وسنته, ومنهجه وطريقته , فمن رغب عن سنته فليس منه ( فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما )
بارك الله لي ولكم ...........................
الخطبة الثانية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ................ خطبة الحاجة
أيها الإخوة المسلمون : ماذا يجب علينا ونحن في هذا المكان سيما وقد عرفنا الحق من ضده في هذا , وقد فقدنا من رجال أمننا ما نحتسب على الله أن يكونوا من الشهداء منطبق عليهم قوله تعالى ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموات بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ان لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) ونسال الله أن يأجر أهلهم في مصيبتهم ويخلف لهم خيرا منها 0
فأول ما يجب علينا - أيها الإخوة – أن نعلم إن هذه الجرائم وأمثالها من البلاء والامتحان لأهل الحق ليميز الله الخبيث من الطيب , ولا يمكن التمييز إلا بتمحيص , والتمحيص وظهور الحقائق له ثمن, وأثمان الأشياء هي موازينها , ولا أغلى من ثمن العقيدة والأمن والأمان.
ثانيا : علينا إنكار هذه الأفعال من هؤلاء الخواج قولا وعملا واعتقادا.
ثالثا : علينا الإسهام بكل ما من شانه حفظ الأمن وقطع الطريق على العابثين بأمن هذا البلد الذي مازال ولم يزل بإذن الله وسيبقى شوكة وشجا في حلوق الحاقدين والمغرضين وسيسعى ويتواصل للحفاظ على العقيدة السلفية والدين الصحيح , ولو كره الكارهون , وحارب المحاربون.
رابعا : علينا مراقبة أبنائنا ومراعات أحوالهم وبأي شيء يتأثرون فإن أكثر المنظمين إلى خوارج هذا العصر هم من أبناء المسلمين وقد انخدعوا بما يرون ويسمعون ويتابعون عبر ما ينشر في وسائل الإعلام وأجهزة التواصل الاجتماعي حتى أشربت قلوبهم تلك الأفكار فجرهم إلى تلك الأفعال.
خامسا : يجب على كل مسلم أن يعلم أن الناس قد اختلفوا كثيرا وربما اختلفوا في كل شيء حتى المسلمين قد اختلفوا في أشياء عظيمة منها أنهم اختلفوا في أسماء الله وصفاته وما دون ذلك كثير وكثير, ولكن لم يذكر أنهم قد قامت بينهم حروب وقتل جراء هذا الاختلاف ولكن الحروب والقتل والاغتيال تحصل جراء الاختلاف مع الحكام والحكومات , ومن هنا فإنه يجب علينا سويا أن نعرف الأحكام الشرعية المتعلقة في العلاقة بين الحاكم والمحكوم.
وهناك أشياء وأشياء يجب على كل مسلم أن يتعلمها تتعلق بمثل هذه الأحداث حتى يسير المسلم في هذه الحياة وفق النقل الصحيح والعقل السليم , ولو لم يحصل إلا على السلامة من المرهوب لكان كافيا والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
اللهم أصلح أحوالنا وردنا إليك ردا جميلا .................... إلى آخر الدعاء
وللمزيد من خطب الشيخ نايف الرضيمان تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=123
|