خطبة جمعة عن أهمية الأمن للدول
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ..........................................
أيها الإخوة المسلمون : من يعيش على وجه الأرض فإنه من الطبيعي أن يهمه معرفة ما يحدث على ظهرها , والاهتمام يتفاوت بقدر موقع الإنسان من الأحداث وموقفه منها , فمن يعيش وسط ما يحدث ليس كمن هو في منأى عنه , وبلا شك فإن ما حدث على المسلمين هو مما يهم المسلمين عموما " ومن لم يهتم بشؤون المسلمين فليس منهم " كما جاء ذلك في الحديث الشريف . بحكم انفتاح وسائل الإعلام في وقتنا هذا لم يعد هناك شيء يخفى من الأحداث اليوم فما يحدث في الشرق يعلمه من في الغرب وفي نفس الساعة واللحظة , بل ربما يعلم من يتابع وسائل الإعلام بالأمر أكثر من بعض من هم في تلك البلاد التي ينقل ما يحدث فيها , حتى صار الناس متساوون في المعرفة الذكر والأنثى والصغير والكبير والعالم والجاهل , ومن غير المعقول– أيها الإخوة – أن تصم آذان الناس عن السماع وتكمم أفواهم عن الكلام , بل إن ذلك من المستحيل , ومن هنا فإنه يتوجب على مريد الإصلاح المطالبة بالمستطاع كي يسمع له ويطاع .
المتتبع لأحداث العالم يرى العجب العجاب , بلاد آمنة , وبلاد مضطربة , وأخرى تأن من الفساد , وثالثة مصابة بالكوارث من الفيضانات والزلازل , ورابعة فيها من الحروب واختلال الأمن ما لله به عليم , وهكذا 0
ما يهمنا الحديث عنه اليوم – أيها الإخوة – حتى لا تتحول منابر الجمعة إلى وكالات للأنباء , أو مراكز تحليلات سياسية , هو قضية جهل أمرها الكثير من الناس ولم يدركوا عواقب فقدانها , ولم يشكروا ربهم على استتبابها , إنها ما يتعلق بأمن البلاد العباد , حتى انك وللأسف لتسمع من بعض أنصاف المتعلمين أو من المحسوبين على العقلاء تسمع بعض الكلام الذي يوحي بتمنيهم اختلال الأمن في البلاد , وحصول ما يطالب به بعض أهل البلاد المضطربة أمنيا حكوماتهم , ونسوا أو جهلوا او تجاهلوا ما البلاد فيه من نعمة الأمن والاستقرار , وقارنوا بلادنا في بلاد نشأت حكوماتها على الدساتير الوضعية وأحكام البشر قارنواها في بلادنا التي تحكم بالشريعة , لا يوجد لهؤلاء مثلا إلا كمن قال الله فيهم أنهم قالوا ( ربانا باعد بين أسفارنا فظلموا أنفسهم – قال الله تعالى عنهم : فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ) كانوا في نعمة من الأمن وأسفارهم متقاربه ولكنهم ملوا وسئموا من تلك الحال فدعوا الله بما أرادوا فحصل لهم ما أراده الله 0 إن الحديث عن الأمن - أيها الإخوة - يتناول زوايا عدة , ويبعث على تساؤلاه مهمة , فما هي مقومات الأمن ؟ وما هي مقوضات الأمن ؟ وكيف المحافظة على الأمن ؟ وإذا فقد الأمن كيف يسترد ؟ وماذا لوفقد الأمن في البلاد ؟ ومن المؤهل للمحافظة على الأمن ؟ ومن هو المتسبب في فقدان الأمن ؟ كل هذه الجوانب وهذه التساؤلات وغيرها يجب ألا تغيب عن بال العقلاء 0
فالأمن له مقومات لا يحصل الا بالإتيان بها , أولها وأعظمها وأهمها ما ذكره الله في محكم تنزيله هو الايمان وعدم الاشراك بالله حيث قال سبحانه ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الامن وهم مهتدون ) وثاني المقومات : الحكم بما أنزل الله , وإيصال الحقوق إلى أهلها , ومنع الظالم من الظلم , والقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت0
وأما مقوضات الأمن فهي فقدان مقوماته وإحلال محلها الظلم والعدوان والتسلط والاستبداد , فيأبى الله أن يقيم الدولة الظلامة وإن كانت مسلمة فقد قال سبحانه ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ) 0
إن شكر نعمة الأمن – أيها الإخوة - تضمن استتبابه واستمراره , والشكر يكون بالقول والفعل والاعتقاد بالجنان 0 كما ان نتائج فقدا الأمن لا تعد ولا تحصى : سفك للدماء , وإهلاك للممتلكات والحرث والنسل , وفقدان لمقومات الحياة وسعادتها وأساسياتها من المأكل والمشرب والمسكن , تعطل في الصادرات والواردات , وفقدان لمقومات الأمن كلها 0 وإن فيما يحصل اليوم لبعض بلاد الإسلام لموعظة وذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد 0
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ....................
الخطبة الثانية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ...........................
أيها الإخوة المسلمون : لا خير في الحياة إذا فقد منها الأمن , ولا سعادة للمرء وهو خائف على نفسه وأبناءه وماله , بل لا عبادة لله على الوجه الأكمل في ظل فقدان الأمن 0
نذكّر أنفسنا – أيها الإخوة – بما نحن فيه من نعمة الأمن في الأوطان والرغد في المعيشة , فإن الله جل وعلى لما امتنع المشركون وأبوا الدخول في الإسلام ذكّرهم بما امتن عليهم من نعمة الأمن والرغد في المعيشة علهم يدركون أهمية شكرها فيدخلوا في دين الله أفواجا فقال سبحانه : بسم الله الرحمن الرحيم * ( لإيلاف قريش * إيلافهم رحلة الشتاء والصيف * فليعبدوا رب هذا البيت * الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) بعد أن أهلك الله عدوهم أبرهة الذي جاء لهدم الكعبة وفعل الله فيه ما فعل قال سبحانه ( الم ترى كيف فعل ربك بأصحاب الفيل * ألم يجعل كيدهم في تضليل * وأرسل عليهم طيرا أبابيل * ترميهم بحجارة من سجيل * فجعلهم كعصف مأكول * لإيلاف قريش : أي ما كان ذلك الإهلاك إلا من اجل ائتلاف قريش 0
ونحن ما امتن الله علينا بالأمن في هذه البلاد إلا من أجل ائتلافنا ووحدتنا 0
فإن الوصية للجميع - أيها الإخوة - بعد تقوى الله سبحانه , عدم الانفعالات التي تخرج المرء عن الحد المشروع , والتحمس العاطفي الغير منضبط , والانسياق وراء كل ناعق , وذلك بمشاهدة ما يحدث لبعض البلاد الإسلامية اليوم مما لا يخفى , وسؤال الله تعالى العافية فإن الجهال من الناس يتمنون حصول تلك الأفعال في بلادهم جهلا منهم بالشرع , وجهلا منهم في عواقب الأمور , ولو علموا ما يترتب على ذلك من السلبيات لتغيرت نضرتهم , ولو اصطلوا بجحيمها ساعة ما صبرا . فعلينا أيضا أن نسأل الله العافية والسلامة لجميع إخواننا المسلمين في العراق وفي تونس والسودان , وفي ومصر واليمن , وفي جميع بلاد المسلمين , كما نسأله سبحانه ان يولي على المسلمين الأخيار وأن يكفيهم شر الأشرار .
ألا وصلوا وسلموا على محمد بن عبد الله نبي الله ورسوله حيث أمركم الله بذلك في محكم تنزيله ................. |