بعض الأسباب المعينة على القيام لصلاة الفجر 20/شوال/1438هـ الخطبة الأولى : إِنَّ الحمدَ للهِ
نحمدُهُ ونستَعينُهُ ونستَغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ
أعمالنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا
إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن محمّداً عَبدُهُ ورسولُهُ صَلِّى اللهُ
عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلِّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً . أما بعد: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)) ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ
زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ)) ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ
خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )) . عباد الله :
في الْخطبة الْماضية ذكّرت بعَشَرَة مكاسب يحصلها من يصلون صلاة الفجر ، ويخسرها المتخلفون
عنها ،، لكني لم أر في عدد المصلين تغيراً . فأين
الْمنتفعون بالذكرى والله تعالى يقول : ((وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ))
. أين المؤمنون
الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنة ؟ . أين الذين
يستجيبون لله وللرسول إذا دعاهم لما يحييهم ؟ . أفلا
يخشى المضيعون لصلاة الفجر أن يكونوا ممن قال الله فيهم : (( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ
خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا
)) ، والغي واد في جهنم خبيث طعمه كريه ريحه شديد عذابه أعاذنا الله والمؤمنين منه
. أيها المسلمون :
واليوم أذكركم ببعض الأسباب المعينة على القيام لصلاة الفجر لعل الله أن يوقظ بها همة
، ويحرك بها عزيمة ، والذكرى تنفع المؤمنين . فاعلموا رحمكم الله أن :
أول الوسائل المعينة على المحافظة على صلاة الفجر : التذكر
الدائم لمكانة وفضائل هذه الفريضة العظيمة، وتذكر خطورة وعقوبة التخلف عنها .. وتذاكر
ذلك بيننا في مجالسنا وتجمعاتنا .. ليبقى هذا الموضوع حياً في حياتنا ، ويتأكد في حق
أئمة المساجد تذكير الناس وتعاهدهم وتخولهم بالموعظة بهذا الموضوع، ويتحتم تذكير الناس
أكثر بهذه الصلاة العظيمة على أئمة المساجد في مواعظهم ثاني الأسباب المعينة على
القيام لصلاة الفجر : أن يكون في قلبك يا أيها المؤمن
رغبةً صادقة دائمة في القيام لصلاة الفجر .. رغبة فيما عند الله ورجاء رضاه وقياما
بفريضته .. وهذا عمل قلبي ينبغي العناية به ومن صدق مع الله صدق الله معه ، ومن أقبل
على الله أقبل الله عليه أسرع . وعلامة وجود الرغبة في القلب ، التفكير بالصلاة
قبل النوم وعدم غيابها عن البال .. وبذل الأسباب المعينة على القيام لها ، وإن حلَّت
في القلب الرغبة ، تَنَبَّه وتَحَفَّزَ وهان على النفس والرأس الاستيقاظ . ثالث الأسباب :
الاستعانة بالله ، طلب العون من الله على القيام لصلاة الفجر ، ودعاؤه بصدق وإخلاص
، ومن استعان بالله أعانه الله فهو الْمعين سبحانه، قال صلى الله عليه وسلم : (إِذَا
سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ) ، ومَنْ لَم
يَمُدُّه الله بعونه وتوفيقه فهو العاجز المخذول ، وهذا هو المعنى الذي يجب على المصلى
أن يستشعره عند قراءته في سورة الفاتحة : (( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
)) ، وهو المعنى الذي ينبغي أن يستحضره المؤمن عندما يقول خلف المؤذن في الْحيعلتين
: ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) . فيا من ضعف مع نفسه ، أكثر من قول ( لا حول ولا قوة
إلا بالله ) فإنه ذكر استعانة وهو كنز من كنوز الجنة . رابع الأسباب المعينة على
القيام لصلاة الفجر : النوم الْمُبكر وعدم السهر ،
واتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في هذه السنة المهجورة . ولتعلموا عباد الله أن :
من كان السهر سبباً في عدم قيامه لصلاة الفجر فالسهر في حقه حرام ، والنوم المبكر في
حقه واجب . قاله ابن باز ، قال رحمه الله : لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وما
أدى إلى حرام فهو حرام . عباد الله خامس الأسباب
: تطبيق آداب النوم وسننه المشروعة التي تقرب العبد
من الخير والبركة وتباعده عن الشر والشؤم .. والتي : منها :
النوم على وضوء .. قال صلى الله عليه وسلم : ( طاهراً مَنْ بَاتَ طَاهِرًا بَاتَ فِي
شِعَارِهِ مَلَكٌ ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ وَلَمْ يَنْقَلِبْ فِي سَاعَةٍ مِنْ اللَّيلِ
إِلَّا، قَالَ الْمَلَكُ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِكَ فُلَانٍ، فَإِنَّهُ بَاتَ
طَاهِرًا) [ حديث حسن أخرجه ابن حبان في صحيحه ]
فهذا حري أن يوفق للقيام للصلاة. ومن آداب النوم :
الاضطجاع على الشق الأيمن ، وهذه الضجعة لها أثر إيجابي على القلب كما يقول الطب. ومنها :
أذكار النوم العديدة ، وهي كثيرة معلومة ، متيسر علمها مقروءة ومسموعة فلا عذر للمقصر
بالمحافظة عليها . وهذه الأذكار مشتملة على الاستسلام والتفويض
والتوحيد لله ، والتسبيح والحمد والثناء والتكبير ، ومشتملة التعوذ بالله وبكلماته
من الشرور ، وعلى الاستغفار وطلب الرحمة .. فمن نام على هذا فحري بأن يعان . اللهم يا ذا الجلال والإكرام
أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ووفقنا للتأدب بآداب شرعك وقو عزائمنا فلا حول لنا
ولا قوة إلا بك فأنت نعم الْمولى ونعم الوكيل . الخطبة الثانية : الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِه،
وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلا
اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأَنِهِ، وأَشهدُ أنَّ نبيَّنا مُحمَّدًا
عَبدُهُ وَرَسُولُه الدَّاعِي إِلى رِضْوَانِهِ، صَلِّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ
وَأَصْحَابِهِ وَإِخْوَانِهِ وسلِّمَ تَسلِيماً كَثِيراً . أما بعد: السادس من الأسباب المعينة على القيام لصلاة
الفجر : تعاون أهل البيت ، وتعاون الجيران وأهل المسجد
الواحد وأهل الحي على القيام لها ، فالتعاون على القيام لصلاة الفجر من أبر البر ،
ومن أجل خصال التقوى ، وقد أمرنا ربنا تعالى فقال : (( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ
وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ
إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )) ، وقال تعالى : (( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ
وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا )) ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يذهب إلى بنته فاطمة وزوجها
علي رضي الله عنهما فيُوقِظَهُما للصلاة . وقال
تعالى : (( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا
النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ )) ومن وقايتهم من النار إيقاظهم لصلاة الفجر حتى وإن كانوا
صغاراً في سن السابعة فما فوق . ومن أروع
صور الإحسان إلى الجار إعانته على القيام لصلاة الفجر
. فينبغي على الجيران أن يتعاونوا ويتناصحوا في شأن صلاة الفجر ويتآمروا بالمعروف ويتناهوا
عن المنكر ، فالله عز وجل يقول : (( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ
أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ
الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ
اللَّهُ )) . فتعاونوا
يا عباد الله على مرضاة الله وأبشروا بالعون من الله ،
فالله (( مَعَ الَّذِينَ اِتَّقَوْا وَاَلَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ )) (( وَالَّذِينَ
جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا )) .. فـ ( الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ
نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ ) قاله صلى الله عليه وسلم . والأمر قد يكون شاقاً في
البداية ابتلاءً من الله وامتحاناً ،، لكنه يسهل شيئاً فشيئاً حتى يتحول إلى لذة وحلاوة
. اللهم ردنا والمسلمين
إليك رداً جميلاً ،، اللهم أصلح حالنا وحال المسلمين مع صلاة الفجر يا أرحم
الراحمين، ربنا اجعلنا مقيمي الصلاة ومن ذرياتنا ربنا وتقبل دعاء، اللهم إنا على
ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم إنَّا نسأَلُك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة
الحق في الرضا والغضب، ونسألك القصد في الفقر والغنى. ونسألك نعيما لا ينفد، ونسألك
قرة عين لا تنقطع، ونسألك الرضا بعد القضاء، ونسألك برد العيش بعد الموت. ونسألك لذة
النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة. اللهم زيّنا بزينة
الإيمان واجعلنا هداة مهتدين برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم لا تجعل الدنيا أكبر
همنا ولا مبلغ علمنا ، اللهم توفنا مسلمين وأحينا مسلمين وألْحقنا بالصالحين غير خزايا
ولا مفتونين ، اللهم ألّف بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا واهدنا سبل السلام ونجنا من الظلمات
إلى النور وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا
وأزواجنا وذرياتنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم واجعلنا شاكرين لنعمتك مثنين بها
قابليها وأتمها علينا يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام . عباد الله: اذكروا الله
يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون . وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ صلاح العريفي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=121 |