قصة أصحاب الأخدود دروس وعبر
خطبة يوم الجمعة 9 / 4 / 1433هـ
إِنَّ الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستَعينُهُ ونستَغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن محمّداً عَبدُهُ ورسولُهُ (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) (( يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )) ، أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة .
أيها الناس :
ما أبلغ أثر القصص القرآني والقصص النبوي ، وما أكثر العبر والعظات التي نستخلصها منها. أستعرض اليوم وإياكم واحدة من هذه القصص، إنها قصة أصحاب الأخدود، ذكرها الله في القرآن مختصرة فقال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم : ((وَالسَّمَآءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ * وَشَـهِدٍ وَمَشْهُودٍ * قُتِلَ أَصْحَـبُ الأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَـاواَتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ * إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُواْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَـاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُواْ فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ))
وذكرها النبي صلى الله عليه وسلم بشيء من التفصيل : فأخرج مسلم في صحيحه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( كَانَ مَلِكٌ فيِمَنْ كَانَ قبْلَكُمْ، وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ، فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ لِلْمَلِك: إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ فَابعَثْ إِلَيَّ غُلاَمًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلاَمًا يعَلِّمُهُ، وَكَانَ في طَريقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ، فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَسَمِعَ كَلاَمهُ فأَعْجَبهُ، – جاء في رواية الترمذي أَنَّهُ كَانَ يَقَرأ الإنْجِيل - وَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بالرَّاهِب وَقَعَدَ إِلَيْه، فَإِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ فقال: إِذَا خَشِيتَ السَّاحِر فَقُلْ: حبَسَنِي أَهْلي، وَإِذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ: حَبَسَنِي السَّاحرُ. فَبيْنَمَا هُو عَلَى ذَلِكَ إذْ أتَى عَلَى دابَّةٍ عظِيمَة قدْ حَبَسَت النَّاس فقال: اليوْمَ أعْلَمُ السَّاحِرُ أفْضَل أم الرَّاهبُ أفْضلَ، فأخَذَ حجَرًا فقالَ: اللهُمَّ إنْ كان أمْرُ الرَّاهب أحَبَّ إلَيْكَ مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ فاقتُلْ هَذِهِ الدَّابَّة حتَّى يمْضِيَ النَّاسُ، فرَماها فقتَلَها ومَضى النَّاسُ، فأتَى الرَّاهب فأخبَرهُ، فقال لهُ الرَّاهبُ: أي بُنيَّ، أَنْتَ اليوْمَ أفْضلُ منِّي، قدْ بلَغَ مِنْ أمْركَ مَا أَرَى، وإِنَّكَ ستُبْتَلَى، فإنِ ابْتُليتَ فَلاَ تدُلَّ عليَّ، وكانَ الغُلامُ يبْرئُ الأكْمةَ والأبرصَ، ويدَاوي النَّاس مِنْ سائِرِ الأدوَاءِ. فَسَمعَ جلِيسٌ للملِكِ كانَ قدْ عمِي، فأتَاهُ بهداياَ كثيرَةٍ فقال: ما ها هنا لك أجْمَعُ إنْ أنْتَ شفَيْتني، فقال إنِّي لا أشفِي أحَدًا، إِنَّمَا يشْفِي الله تعَالى، فإنْ آمنْتَ بِاللَّهِ تعَالَى دعوْتُ الله فشَفاكَ، فآمَنَ باللَّه تعَالى فشفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى، فأتَى المَلِكَ فجَلَس إليْهِ كما كانَ يجْلِسُ فقالَ لَهُ المَلكُ: منْ ردَّ علَيْك بصَرك؟ قال: ربِّي، قَالَ: ولكَ ربٌّ غيْرِي؟! قَالَ: رَبِّي وربُّكَ الله، فأَخَذَهُ فلَمْ يزلْ يُعذِّبُهُ حتَّى دلَّ عَلَى الغُلاَمِ فجيءَ بِالغُلاَمِ، فقال لهُ المَلكُ: أي بُنَيَّ، قدْ بَلَغَ منْ سِحْرِك مَا تبْرئُ الأكمَهَ والأبرَصَ وتَفْعلُ وَتفْعَلُ فقالَ: إِنَّي لا أشْفي أَحَدًا، إنَّما يشْفي الله تَعَالَى، فأخَذَهُ فَلَمْ يزَلْ يعذِّبُهُ حتَّى دلَّ عَلَى الرَّاهبِ، فجِيء بالرَّاهِبِ فقيل لَهُ: ارجَعْ عنْ دِينكَ، فأبَى، فدَعا بالمنْشَار فوُضِع المنْشَارُ في مفْرقِ رأْسِهِ، فشقَّهُ حتَّى وقَعَ شقَّاهُ، ثُمَّ جِيء بجَلِيسِ المَلكِ فقِيلَ لَهُ: ارجِعْ عنْ دينِكَ فأبَى، فوُضِعَ المنْشَارُ في مفْرِقِ رَأسِهِ، فشقَّهُ به حتَّى وقَع شقَّاهُ، ثُمَّ جيء بالغُلامِ فقِيل لَهُ: ارجِعْ عنْ دينِكَ، فأبَى، فدَفعَهُ إِلَى نَفَرٍ منْ أصْحابِهِ فقال: اذهبُوا بِهِ إِلَى جبَلِ كَذَا وكذَا فاصعدُوا بِهِ الجبلَ، فإذَا بلغتُمْ ذروتهُ فإنْ رجعَ عنْ دينِهِ وإِلاَّ فاطرَحوهُ، فذهبُوا به فصعدُوا بهِ الجَبَل فقال: اللَّهُمَّ اكفنِيهمْ بمَا شئْت، فرجَف بِهمُ الجَبَلُ فسَقطُوا، وجَاءَ يمْشي إِلَى المَلِكِ، فقالَ لَهُ المَلكُ: ما فَعَلَ أَصحَابكَ؟ فقالَ: كفانيهِمُ الله تعالَى، فدفعَهُ إِلَى نَفَرَ منْ أصْحَابِهِ فقال: اذهبُوا بِهِ فاحملُوه في قُرقُور وَتَوسَّطُوا بِهِ البحْرَ، فإنْ رَجَعَ عنْ دينِهِ وإلاَّ فَاقْذفُوهُ، فذَهبُوا بِهِ فقال: اللَّهُمَّ اكفنِيهمْ بمَا شِئْت، فانكَفَأَتْ بِهِمُ السَّفينةُ فغرِقوا، وجَاءَ يمْشِي إِلَى المَلِك، فقالَ لَهُ الملِكُ: ما فَعَلَ أَصحَابكَ؟ فقال: كفانِيهمُ الله تعالَى، فقالَ للمَلِكِ إنَّك لسْتَ بقَاتِلِي حتَّى تفْعلَ ما آمُركَ بِهِ، قال: ما هُوَ؟ قال: تجْمَعُ النَّاس في صَعيدٍ واحدٍ، وتصلُبُني عَلَى جذْعٍ، ثُمَّ خُذ سهْمًا مِنْ كنَانتِي، ثُمَّ ضعِ السَّهْمِ في كَبدِ القَوْسِ ثُمَّ قُل: بسْمِ اللَّهِ ربِّ الغُلاَمِ، ثُمَّ ارمِنِي، فإنَّكَ إذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتنِي. فجَمَع النَّاس في صَعيدٍ واحِدٍ، وصلَبَهُ عَلَى جذْعٍ، ثُمَّ أَخَذَ سهْمًا منْ كنَانَتِهِ، ثُمَّ وضَعَ السَّهمَ في كبدِ القَوْسِ، ثُمَّ قَالَ: بِسْم اللَّهِ رَبِّ الغُلامِ، ثُمَّ رمَاهُ فَوقَعَ السَّهمُ في صُدْغِهِ -ما بين عينه وأذنه- فَوضَعَ يدَهُ في صُدْغِهِ فمَاتَ، فقَالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِرَبِّ الغُلاَمِ، آمَنَّا بِرَبِّ الغُلاَمِ، آمَنَّا بِرَبِّ الغُلاَمِ، فَأُتِيَ المَلكُ فَقِيلُ لَهُ: أَرَأَيْت ما كُنْت تحْذَر قَدْ وَاللَّه نَزَلَ بِك حَذرُكَ، قدْ آمنَ النَّاسُ، فأَمَرَ بِالأخدُودِ بأفْوَاهِ السِّكك فخُدَّتَ، وَأضْرِمَ فِيها النيرانُ، وقالَ: مَنْ لَمْ يرْجَعْ عنْ دينِهِ فأقْحمُوهُ فِيهَا أوْ قيلَ لَهُ: اقْتَحمْ، ففعَلُوا حتَّى جَاءتِ امرَأَةٌ ومعَهَا صَبِيٌّ لهَا، فَتقَاعَسَت أنْ تَقعَ فِيهَا، فقال لَهَا الغُلاَمُ: يا أمَّاهْ، اصبرِي فَإِنَّكَ عَلَى الحَقِّ )) ورواه الإمام أحمد ، والترمذي في باب سورة البروج .
قال أهل التفسير: إن هذه القصة حدثت في الفترة ما بين عيسى عليه السلام وبعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، حدثت للمؤمنين من نصارى نجران . وقال بعض المفسرين إن قصة الأخدود تعدد وقوعها فوقعت لمؤمنين في بلاد فارس ولمؤمنين في بلاد الشام وعلى مؤمنين في نجران وهي التي ذكرها الله في القرآن . نستلهم العبر من القصة في الخطبة الثانية .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم وبسنة سيد المرسلين ، ونفعني الله وإياكم بما فيهما من الآيات والذكر الحكيم ، واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي أرسل رسوله ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً ، وأشهد أن لا إله لا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيداً ، وأشهد أن محمداً عبد ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً أما بعد:
أيها المسلمون : سورة البروج سورة مكية ،
وأول الدروس التي نأخذها من هذه القصة المذكورة فيها : أن فيها تسلية للمؤمنين المعذبين في مكة وتأنيس وتثبيت لقلوبهم حيث ذكرهم ربهم بما كان يلقاه من وحَّد الله قبلهم من الشدائد ، وذكر لهم النبي صلى الله عليه وسلم قصة الغلام ليصبروا على ما يلاقون من الأذى والآلام والمشقات التي كانوا عليها ليتأسوا بمثل هذا الغلام في صبره وتصلبه في الحق وتمسكه به ، ((أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ... )) وهو درس لأهل الإيمان في كل الأزمان فيما ينالهم من ظلم أهل البغي والطغيان .
وثاني العبر : أن الدين والعقيدة والإيمان هو الذي تبذل من أجله النفوس ، ويصبر من أجله على الصعاب ، ولو كان ذلك على حساب الدنيا ، فالغلام إنما بذل نفسه من أجل التوحيد ومن أجل إظهار الدعوة للإيمان بالله ، ودخول الناس في دين الله ، مع صغر سنه ، وكذلك الراهب صبر على التمسك بالحق حتى نشر بالمنشار وكذلك جليس الملك ، وكذلك من آمن وصبر على الإلقاء في النار .
وهذا ما يجب على أهل الإيمان : أن يكون غضبهم من أجل الدين ، وجهادهم لتكون كلمة الله هي العليا ، لا لأجل الدنيا ولا لأجل الحرية والكرامة كما هي بعض الشعارات ولا لأجل الديمقراطية ، هذا ما يجب أن تكون عليه الراية في جهاد الطلب ف(( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله )) لا من قاتل لتكون كلمة الشعب وإرادتهم هي العليا كما يعبرون .
أما قتال الدفع فدائرته أوسع فإن من قتل دون عرضه ودون ماله ودون نفسه فهو شهيد .
وثالث العبر عباد الله من هذه القصة : أن الإيمان إذا خالطت بشاشته وحلاوته القلوب هانت معه الدنيا بأسرها وأنست هذه الحلاوة كل ألم يلقاه العبد . فتأملوا يا عباد الله كيف صبر المؤمنون على النشر بالمنشار وعلى الإحراق بالنار ، فلولا أنهم ذاقوا حلاوة الإيمان لما ثبتوا ولما آثروا الإلقاء في النار على الرجوع عن الإيمان ، ومن قبلهم قص الله علينا صبر السحرة على التصليب وقطع الأيدي والأرجل على يد فرعون لما ذاقوا حلاوة الإيمان، وفي هذا دعوة للمؤمنين أن سعوا إلى تقوية إيمانهم ليصلوا إلى تذوق هذه البشاشة والحلاوة .
ورابع العبر : أن صدق الالتجاء إلى الله تعالى مع صدق الإيمان هو طريق النجاة والسلامة من طغيان الطغاة ، فقد كفى الله الغلام شر أصحاب الملك مرتين بصدق التجائه إلى الله وامتلاء قلبه باليقين بالله ، ولم يكن له حول ولا قوة بهم فقال ملتجئاً : (( اللهم اكفنيهم بما شئت )) فكفاه الله فأهلكهم وأنجاه .
وخامس العبر : أن أهل الكفر والطغيان تتشابه قلوبهم ومواقفهم تجاه أهل الإيمان في كل الأزمان، فتأملوا كيف أشار الله إلى جفاء أصحاب الأخدود وغلظة قلوبهم وقسوتها وهم يباشرون إلقاء أهل الإيمان في النار، بنسائهم وأطفالهم وشيوخهم ((النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ)) قاعدون أمام النار والأخدود يشهدون عذاب المؤمنين ((وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)) هذه جريرة أهل الإيمان : أنهم آمنوا بالله العزيز الحميد .
سادس العبر : لا يظنن ظآن من أهل الإيمان أن ما يفعله أهل الظلم والطغيان غائب عن نظر العظيم الدّيّان الذي حرم الظلم على نفسه وجعله بين العباد محرّماً ، فقد قال الله في معرض الآيات ((الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَـاواَتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ)) ما يقع يقع في ملك الله الذي له ملك السموات والأرض وهو شهيد على كل شيء ((وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ...))
إذن فلماذا لا ينتصر الله للمؤمنين ؟ لماذا لا ينتصر الله عاجلا للمظلومين ؟
إنه يجب علينا كمؤمنين أن نعتقد جازمين بأن أفعال الرب جل جلاله تصدر عن حكمة بالغة، ووفق سنن كونية وشرعية لا يعلم تحققها إلا هو سبحانه فالنصر والاستخلاف والتمكين والنصرة لها أسباب وشروط وموانع وحِكَم ((وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ... )) فإذا أملى له الرب تبارك وتعالى في الدنيا ولم يعاقبه فلا ((لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ )) فالدنيا أحقر عند الله من جناح البعوضة ((إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُواْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَـاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُواْ فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ .... إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ * إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ)).
اللهم منزل الكتاب مجري السحاب هازم الأحزاب اللهم قاتل الظلمة المعتدين الذين يصدون عن سبيلك ويقاتلون أولياءك، اللهم عليك بهم إنهم لا يعجزونك، اللهم أنزل بهم نقمتك وأرنا فيهم عجائبك اللهم إنهم آذونا في بلادنا وفي إخواننا وفي أموالنا، اللهم إنهم حاربوا دينك ومن تدين به ظاهراً وباطناً اللهم سلّط عليهم من يسومهم سوء العذاب يا قوي يا متين، اللهم أنزل عليهم رجزك وعذابك إله الحق، اللهم أنجِ المستضعفين من المؤمنين، اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المؤمنين، اللهم فرج عن إخواننا المؤمنين في الشام، اللهم ارحم ضعفهم وتولَّ أمرهم واجبر كسرهم وعجّل بفرجهم ونفّس كربهم، اللهم أحقن دماءهم واستر عوراتهم وآمن روعاتهم اللهم وارحم ميّتهم واشف مريضهم وأطعم جائعهم واكسِ عاريَهم واحمل فقيرهم وثبت أقدامهم وكن لهم عوناً ونصيراً ومؤيداً يا ذا الجلال والإكرام يا أرحم الراحمين يا حيّ يا قيوم، اللهم آمنّا في أوطاننا ودورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا, اللهم وفقهم لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى يا ذا الجلال والإكرام .
اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، واقض الدين عن المدنين، اللهم لا تقتلنا بعذابك ولا تهلكنا بغضبك وعافنا بين ذلك، اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا وتولّ أمرنا وأصلح أعمالنا وأحوالنا وقلوبنا، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين يوم يقوم الحساب، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .
عباد الله: اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .
|