خطبة جمعة / عن جريمة اللواط
الحمد لله معز من أطاعه ومعين , ومذل من عصاه ومهين , وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين , وأشهد أن محمد عبده ورسوله الأمين , صلى الله عليه وعلى آله وصحابته أجمعين , وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين , وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي رسول الله , وشر الأمور محدثاتها , وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة .
( يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )
أيها الإخوة المسلمون : فطر الله جل وعلا بني آدم على حب الخير والنزاهة والعفة وسموا الهدف وحسن الأخلاق , كما فطره على كره الشر والرذائل والساقط من الأخلاق والأفعال والأقوال , قوم من بني البشر شذوا عن فطرة الله التي فطر الناس عليها , فقلبوا الموازين , واستبدلوا الخير بالشر , والعفة والنزاهة , بالخسة والقذارة , فعمدا الى ما نهى الله عنه فأتوه والى ما أمر الله به فقلوه وتركوه , يعيش أحدهم في عالم الجرائم والذنوب والمعاصي , تنازعه فطرته الخيرة فيكبتها , ويدعوه واعظ الخير في قلبه فلا يعبه بدعائه , لا يتورع عن ارتكاب أي ذنب مهما عظم , لان الجرم قد استحكم , وغلبة النفس قد طغت .
جريمة نكراء يقدم عليها كل من انتكست فطرته , واتصف بكل صفات الخنا والعار , إنها (جريمة اللواط) التي علاوة على ما في النفوس المريضة من حب لها غذتاها وسائل وأشاء متعددة 0 اللواط – أيها الإخوة – جريمة بدئها على وجه الأرض قوم لوط , ولم تكن تعرف قبلهم قال الله تعالى ( ... أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين * إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون ) وقد خوفهم لوط عليه السلام من مغبة فعلتهم تلك , وحذرهم من سوء صنيعهم وجرمهم ولكنهم حقا قوم مسرفون , وقد تمادوا في غيهم حتى هموا بضيوف نبيهم لوط عليه السلام ليفعلوا بهم الفاحشة , وقد دفعهم نوح ليثنيهم عن مرادهم , وقدم لهم له بناته ليزوجهم إياهن وقال لهم ( ... هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد ) وقد رأى الملائكة الكرام ما دار بنه وبين قومه فقالوا للوط عليه السلام ( إنا رسل ربك لن يصلوا إليك .... وأمروه بأن يترك البلدة من عشيته قائلين له ... فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم احد ) وقالوا له ( إن موعده الصبح أليس الصبح بقريب ؟ ) بلى والله إنه لقريب , قال الله تعالى بعد ذلك ( فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا علها حجارة من سجيل منضود * مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد ) إن الجزاء دائما يكون من جنس العمل فهاهم قوم لوط لما قلبوا فطرت الله قلب الله عليهم ديارهم , وجعلهم عبرة لغيرهم , فهذا مكان عذابهم باق إلى يومنا هذا .
جريمة اللواط – أيها الإخوة – حكمها في شرع الله معلوم فهي كبيرة من كبائر الذنوب , حذر النبي صلى الله عليه وسلم منها أشد التحذير حتى خافها على أمته من بعد فقال عليه الصلاة والسلام " إن أخوف ما أخاف على امتي عمل قوم لوط " وروى الحاكم وقال صحيح على شر مسلم قوله صلى الله عليه وسلم " ما قض قوم العهد إلا كان القتل بينهم , ولا ظهرت الفاحشة في قوم إلا سلط الله عليهم الموت ..." وروى النسائي بسنده عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال " لعن الله من عمل عمل قوم لوط , لعن الله من عمل عمل قوم لوط , لعن الله من عمل عمل قوم لوط " وروى الترمذي وابن ماجة والبيهقي بسند صحيح قوله صلى الله عليه وسلم " من وجتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به " فحده القتل وقد أجمع على ذلك الصحابة والعلماء من بعدهم , ولكن اختلفوا في كيفية قتله , فمنهم من يرى إحراقه بالنار , ومنهم من يرى رميه من أعلى شاهق في البلد , ومنهم من يرى ضرب عنقه بالسيف .
فالمهم أنه يقتل ويطهر المجتمع منه ومن أشكاله 0وقد كان السلف رحمهم الله شديدي الحذر والتحذير من النظر إلى الأمرد أو مجالسته ولو كان ذلك في طلب العلم , قال الحسن ابن ذكوان : لا تجالس أولاد الأغنياء فإن لهم صورا كصور العذارى , وهم اشد فتنة من النساء .
وقال بعض التابعين : ما أنا بأخوف على الشاب الناسك مسبع ضار من الغلام الأمرد يجلس إليه.
وجاء رجل إلى الإمام أحمد رحمه الله ومعه صبي حسن الوجه فقال له الإمام : من هذا منك ؟ فقال ابن أختي , قال : لا تجئ به إلينا مرة أخرى , ولا تمشي معه في طريق لئلا يظن بك من لا يعرفك ولا يعرفه سوءا .
هكذا كان السلف رحمهم الله , لا ثقة لهم بالنفس الأمارة بالسوء والشيطان , وأين من جاء بعدهم من حالهم , حري به أن يتمثل قول الأول : لا تعرضن بذكرنا من ذكرهم × ليس الصحيح إذا مشى كالمقعد .
اللهم استر عوراتنا وآمن روعانتا يا ذا الجلال والإكرام .
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستفغروه يغفر لكم وتوبوا إليه يتب عليكم , إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله الحميد التواب , غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب , وأشهد ان لا إله إلا هو رب الأرباب ومسبب الأسباب , واشهد أن محمد عبده ورسوله , صلى الله عليه وعلى آله وصحبه , وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
أما بعد : فاتقوا الله عباد الله 0 أيها الإخوة المسلمون : يتصف اللوطية بصفات يتعارفونها بينهم وربما قلدهم بها من لا يعلمها , ويكون ذلك في ألبستهم , أو في مراكبهم سياراتهم , أو في شعورهم , أو في مشياتهم وتميعهم , أو في كلامهم وتغنجهم , , قد أخذت بعض تلك الصفات من أسلافهم من قوم لوط ومن جاء من بعدهم .
ذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما عند قوله تعالى ( ونجيناه – أي لوطا عليه السلم – من القرية التي كانت تعمل الخبائث ...) أن من خبائثهم عشرٌ: تصفيف الشعر , وحل الأزرار , ورمي البندق والحذف بالحصى , واللعب بالحمام الطيارة , والصفير بالأصابع , وفرقعة العلك , وإسبال الإزار , وحل أزرار الأقبية , وإدمان شرب الخمر , وإتيان الذكور , قال : وستزيد عليهم هذه الأمة : مساحقة النساء النساء .
في وقتنا هذا – أيها الإخوة - حينما جمعت المدارس والأندية والملاعب فئة الشباب على مختلف أعمارهم , فيهم الجميل والدميم , وفيهم مريض القلب وسيئ الطوية , وفيهم المتأثر ببعض وسائل الإعلام الهدامة التي تبث الرذائل بشتى صورها وأشكالها , لا تسل عن الحب والتعلق الغرامي المشين بين الشباب إلا من رحم الله وقليل ماهم , وهذه القصص المؤسفة المؤلمة ترمي بتفاصيله على أرض الواقع , ليشاهدها القاصي والداني , أعتقد ألا أحد من بيننا يخفى عليه شيء من ذلك .
أيها الإخوة المسلمون – دعونا في هذا المقام نقف على السبب الرئيس لحصول هذه الجريمة النكراء سواء قبض على من يفعل ذلك أم لم يقبض ولم يتبن أمام الناس الأمر وكان سرا , أعتقد والعلم عند الله أن السبب هو من قبل الوالدين بالدرجة الأولى , كيف ذلك أيها الإخوة ؟ أب جلب لبيته وسائل الإعلام الهدامة من أطباق فضائية وشبكات معلوماتية , ووفر لهم أجهزة الاتصال المباشرة , ووسائل النقل الفارهة , وتركهم يلبسون من الثياب ما شاءوا , ويتجملون كالبنات , ووثق بأقاربهم , وتركهم يذهبون إلى مدارسهم بأجل صورة , وربما لبسوا من الثياب والملابس الرياضية الضيق والمخصر , وتناولوا شيء من الروائح العطرية , وكأني به بهذا الصنيع يفتخر ويرى أنه ميز أبناءه عن غيرهم , وإذا وقعت المصيبة وحلت الكارثة , حينها يندم ولات ساعت مندم .
إن على الآباء – أيها الإخوة – أن ينتبهوا لهذا الأمر جيدا فمن رزق بأبناء أوتوا شيء من الجمال فليتق الله فيهم , وليحل دون وصول أحد إليهم وإن كان من أبناء العم أو العمة , أو الخال والخالة , بل وإن كان من إخوتهم الذين يكبرونهم بسنين , لا يستغرب هذا القول من علم قول النبي صلى الله عليه وسلم " مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ سِنِينَ ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرِ سِنِينَ ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ " . حَدِيثٌ حَسَنٌ ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ هِشَامٍ . كما على الآباء جلب الأبناء معهم لصلاة الفجر في جماعة المسجد حتى يكونوا في ذمة الله حتى يمسون , وكذلك الشأن في صلاة العشاء حتى يكونوا في ذمت الله حتى يصبحون , وكذلك على الآباء تحصين الأبناء بالأذكار والأدعية الشرعية كل يوم وليلة , كما على الآباء أيضا بين الفينة والأخرى تعاهد ما يحمله ويستعمله الأبناء من أجهزة تخزن فيها الصور ونحوها , كما عليه ألا يتركهم يهيمون في الشوارع دونما حاجة , كما عليه الاستعانة بالأم لمعرفة كثير من المعلومات , ومن رام الوصول إلى الحقائق سهل الله له ذلك , ومن جاهد في الله هداه السبيل , ومن بذل الأسباب أدى ما عليه وبرأت منه الذمة .
اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان يا ذا الجلال والإكرام ............................ الى آخر الدعاء |