خطبة جمعة عن الإحسان إلى البنات
الحمد لله العزيز الغفور , ((يهب لم يشاء إناثا ويهب لم يشاء الذكور , أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما )), واشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك , وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلما تسليما كثيرا 0
أما بعد : فأوصيكم - عباد الله- ونفسي بتقوى الله . فاتقوه يجل لكم فرقانا , واتقوه يجعل لكم نورا تمشون به , واتقوه يغفر لكم من ذنوبكم ويكفر عنكم سيئاتكم 0
أيها الإخوة المسلمون :
خلق الله تعالى آدم من تراب , وخلق من ضلعه زوجه حواء , وذكر الحكمة من ذلك فقال سبحانه ( هو الذي خلقكم من نفس واحده وخلق منها زوجها ليسكن إليه .......) وقال تعالى ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكمم مودة ورحمة إ ن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون )
فبني الإنسان : ذكور وإناث, تناسلوا من بين أب وأم , لا يمكن وجود إنسان إلا بتلاقي الجنسين إلا
ما ستثنى الله من خلقه , الإناث من بني البشر هن : الأمهات وإن علون والبنات وإن نزلن , والأخوات , والعمات , والخالات 0
وحديثنا اليوم – أيها الإخوة – عن البنات وما أدراكم ما لبنات , لا تكاد تجد بيتا في هذا الزمان إلا وفيه عدد من البنات , كثر ذلك العدد أم قل , البعض ممن ضعف إيمانه وقفر علمه , وأشرب شيئٌ من موروثات الجاهلية تسربت إليه عن طريق الآباء وبعض المجتمعات لا يعدون البنات شيئا , بل إنهم يعدون من لم يرزق إلا البنات معيبا ومذموما , وربما صار عندهم مشئوما محروما , وللأسف أن هذه اللوثة باقية مع انتشار العلم وتطوره , وذوبان المجتمعات مع بعضها البعض 0
إن البنات المسلمات – أيها الإخوة – ثروة عظيمة , ومنة من الله جسيمة , فهن محاضن الأجيال , وأمهات الرجال , ومباني الآمال , ومضرب الأمثال ,
فكم خرّجن من قائد , وكم صنعن من إمام , ومن سبر التأريخ واستعرضه يجده يزخر بتلك اللواتي لمع نجمُهن في سماء الحياة, وسطر التاريخ أمجادهن وذكرهن الحسن وبقي على مر الدهور والعصور0
للبنات شأن عظيم في الإسلام حيث أبطل كل الموروثات الجاهلية الجائرة في حقهن من وأد لهن وهن أحياء , وهضم لحقوقهن في الميراث , وغير ذلك , ولو لم يكن للبنات فضل إلا أن نبينا محمد عليه السلام كان أبا للبنات لكان ذلك كافيا ,
فكيف ونصوص السنة جاءت متظافرة بفضلهن وفضل الإحسان إليهن .
فعن عقبة ابن عامر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جِدَتِه كن له حجابا من النار ) أخرجه أحمد 0
وانظروا – أيها الإخوة – إلى هذا الحديث المثير الذي رواه الإمام مسلم ,عن عائشة رضي الله عنها قالت جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات فأعطت كل واحدة منهن تمرة ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما فأعجبني شأنها فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله قد أوجب لها بها الجنة أو أعتقها بها من النار . ففي هذا الحديث إيثار وتضحية ,وحنان ورحمة , أوصاف رفعت هذه المرأة إلى أعلى مقاصد النفس وطمع الضمير – قد أوجب الله لها بها الجنة وأعتقها من النار 0حقا كما قال المولى جل وعلا ( إنا لنضيع أجر من أحسن عملا ) 0
ومن الاحاديث الواردة ما رواه الامام أحمد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له ثلاث بنات يؤويهن ويرحمهن ويكفلهن وجبت له الجنة البتة , قيل يا رسول الله , فان كانتا اثنتين ؟ قال وان كانتا اثنتين قال فرأى بعض القوم أن لو قالوا له واحدة لقال واحدة . ومن الملاحظ – أيها الإخوة – أن هذه الأفضال لم ترد في حق الذكور ذلك أن البنت تحتاج إلى أن يبذل لها شيء من الحب والحنان في الصغر لتبذله للأبناء عند الكبر , فإذا فقدت شيئا من هذا الحب من الوالدين بالذات أو ممن يقوم عليها فسيصبح مخزونها فارغا , وفاقد الشيء لا يعطيه 0 ومن العجيب أن الدراسات الحديثة أثبتت ارتفاع نسبة الوفيات بين الأطفال الذين ترعاهم المستشفيات عن غيرهم ممن ترعاهم الأمهات لأنهم لم يحصلون على الحب الأمومي الذي جبل الله عليه المرأة , ولهذا مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - الحب الأمومي عند نساء قريش - حيث قال فيما رواه البخاري في صحيحه : إن خير نساء ركبن الإبل : صالح نساء قريش , أحناه على ولد في صغره , وأرعاه على زوج في ذات يده .
نعم أيها الاخوة تفضيل الذكور على الإناث في كل شيئ ليس له مستند شرعي , ومن هنا فعلى من ابتلي من هذه البنات بشيء أن يتقي الله فيهن , ويحسن إليهن , فإنهن ضعيفات عن أخذ حقوقهن كاملة قد وصفهن الله تعالى بذلك فقال سبحانه ( أومن ينشّئ في الحلية وهو في الخصام غير مبين ) 0
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم .................................
الخطبة الثانية
الحمد لله وحده , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمد عبد ورسوله , صلى الله عليه وعلى آله وصحبه , وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين 0 أما بعد : فاتقوا الله عباد الله
أيها الإخوة المسلمون : لئن كان الجاهليون بلغ بهم الحد إلى أنهم وئدوا البنات وهن أحياء خشيةً من العار والفضيحة والفاقة على حد فهمهم كما ذكر الله ذلك عنهم بقوله ( وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم * يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون ) فإن من بيننا اليوم من وئد حقوقهن وهن أحياء , وصادر ما منحهن الشرع من الحرية , وألغى وطمس من قاموس حياته الرحمة بهن , ومن العجب الذي لا ينتهي أن بعض من يفعل ذلك بالبنات هو من يعيش على ما يتكسبن من المال من الوظائف وغيرها 0
وإن من الناس اليوم على ما يقوم به من الإساءة للبنات بالقول أو الفعل , وحرمانهن العطف والحنان والرحمة والإحسان , ولم يقم بشغل فراغهن بالنافع المفيد , من تحصيل للعلم وامتهان لعمل شريف , مع ذلك كله ,
قد مكنهن من وسائل الشر والفساد أيما تمكين , فجلب لهن الفضائيات على مختلف أنواعها , وهيئ الاتصالات على مختلف طرقها , فنفثت في عقولهن السموم , وكستهن الهموم والغموم , وجعلت البعض منهن لم تتحمل فخرجن عن المسار الصحيح , ولذلك فإنه يُسمع من قصص البنات ما يندى له الجبين, ويفطر له القلب , وتدمع له العين , ويتحمل العبء الأكبر , والقسط الأوفر فيها الوالدين , لا نهما سعيا في تمكين البنت من الجريمة ينطبق عليهم قول الأول :
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له ××××××× إياك إياك أن تبتل بالماء
فاتقوا الله عباد الله في النساء جميعا , وفي البنات خصوصا , واعلموا أن الله استودعكموهن فينظر كيف تعملون , فاتقوا الله وأحسنوا إن الله يحب المحسنين
اللهم أصلح أحوال المسلمين ....................... الخ
|