خطبة جمعة /
عن ( انفلونزا الخنازير) من الجانب الشرعي
الحمد لله الذي بالنعم أمدنا , ودفع الشرور والنقم عنا , وإذا مرضنا فهو يشفينا , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ربنا ومولانا , وأشهد أن محمد عبده ورسوله سيدنا وإمامنا , صلى الله عليه وعلى آله وصحابته , وعلى أتباعهم إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا .
( يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )
أيها الإخوة المسلمون : اتقوا الله تعالى حق التقوى , واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى . عباد الله : تتلقى ألسنة الناس اليوم حديثا يمكن أن يقال في حقه إنه حديث الساعة , ليس هناك أحد سمع به إلا وتكلم فيه , فمشرق ومغرب , ومبالغ فيه إلى حد الوسواس ومهون , ومرعد ومزبد , ومرغب ومرهب , ومهتم حذر وغير مبال أشر , وكل ما يدور في ذهنك مما قد يقول به قائل فاعلم أنه قال به أحد قبلك , وهذا حال الناس تجاه أي أمر يحدث , وقليل أو أقل من القليل من يتريث ويتوخ الحق والعدل
والصد ق .
إن الحدث الذي تتلقاه الألسنة اليوم لما صار يهم الجميع فقد شغل الجميع , وسُخرت لأجله جميع وسائل الإعلام المقروء منها والمرئي والمسموع , وجهاتٍ أخرى عدة , من وزارات ومنظمات وجمعيات , ولذا فإنه والحالة هذه يتوجب على كل مكلف أن يعلم عنه ما به تكون نجاة دينه , وسلامة صحته ودنياه , فقد أثبت هذا الحدث حاجة الناس الماسة عموما إلى الرجوع إلى دين الإسلام , وحاجة المسلمين خصوصا إلى الرجوع إلى العقيدة الصافية , و تبين أن كثيرا من المسلمين قد اهتز عندهم ركن التوكل على الله , وتبين فقدان وضعف الإيمان بالقضاء والقدر .
هذا الحدث – أيها الاخوة - هو – ما يسمى بمرض أنفلونزا الخنازير - فمن منا لم يسمع بهذا المرض ؟ أعتقد أن لا أحد .
أما وقد وقع هذا المرض وحصل , وعلم الناس مصدره وأسباب انتشاره , ونتائجه وأضراره , وأصبح حقيقة لا تنكر , ومصيبة تذكر وتنشر , فالذي يجب وأن يبدأ به الدعاة والوعاظ والخطباء والمختصون من المسلمين , والعلماء عموما تجاهه : أن يضعوا المسلم من خلال حديثهم عنه أمام هذه الحقيقة موضع المسلم المتمسك بتعاليم الإسلام , الذي لديه ما يدر ويصدر عنه في جميع شؤون حياتة , وتجاه المصائب بالإمراض على وجه الخصوص . لا شك - أيها الاخوة - أن هذا المرض مصيبة قد عمت بها البلوى , كل منا ينتظر المصاب به بين الفينة
والأخرى , فيجب على كل مسلم أن يعلم أن الله لم يخلقنا عبثا , ولم يتركنا هملا , بل أرسل إلينا رسولا , وأنزل علينا كتابا مبينا , وما تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ولا طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وذكر لنا منه علما . وقد علمنا كل شيء . وحدث عليه الصلاة والسلام يوما بما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة , فحفظه من حفظه ونسيه من نسيه . فقامت الحجة , واتضحت المحجة , ولا أشقى ممن ضل بعد الهدى, وعمي بعد البصيرة .
في كتاب الله جل وعلى آيات الشفاء من جميع الأسقام الحسية والمعنوية , وهي السلاح الصائب , والدواء الناجح والناجع , إذا عمل بها المسلم محققا شروطها ونافيا لموانعها . جاء في كتاب الله تعالى قوله ( وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) ( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) ( َيا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) – ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) - ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء) - (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ) ( قل ل يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ...).
وقد جاء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث التي بها الاستشفاء بإذن الله ما يفوق العد والحصر , بل قد جاء من الأحاديث ما فيه الحمية من أضرار الأمراض وإن أصابت فإنها لا تضر من قالها وأتى بها بإذن الله , كقوله صلى الله عليه وسلم في حديث خولة بنت حكيم رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من نزل منزلا فقال أعوذ بكلمات الله التامّات من شر ما خلق ، لم يضرّه شيء حتى يرحل من منزله ذلك " رواه مسلم . ومن الأحاديث أيضا ما جاء عن عثمان بن عفان-رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من قال بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم تفجأه فاجئة بلاء حتى الليل , ومن قالها حين يمسي لم تفجأه فاجئة بلاء حتى يصبح إن شاء الله .
إن هذه الأحاديث وغيرها ينبغي لكل مسلم أن يعلّمها من يعول من ذرية وأن تعلم الأبناء والبنات في المدارس وتغرس في قلوب المرضى, ويقوم الناس على العمل بها إنهم أرادوا النجاة لأنفسهم مع ألأخذ بكل سبب مشروع .
ألا فاتقوا الله عباد الله واستغفروا ربكم , فبالمال والبنين والغيث والصحة يمددكم .
أقول ما تسمعون , واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين .........
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه , وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين . أما بعد : فاتقوا الله عباد الله .
أيها الإخوة المسلمون : لابن القيم رحمه الله كلاما جميلا في كتابه (الطب النبوي) تحدث فيه عن أشياء يحسن بالمسلم أن يعلمها فإليكم ما قاله ذلك الامام , قال رحمه الله :
قواعد طب الأبدان تدور على ثلاثة فصول:
حفظ الصحة , والحمية عن المؤذي , واستفراغ المواد الفاسدة .
ومن أصول الطب: تدبير الغذاء والحركة , والنوم , وجميع التصرفات , ولا يُعدل إلى استعمال الأدوية إلا للضرورة أو الحاجة .
وأربعة أشياء تمرض الجسم: الكلام الكثير , والنوم الكثير, والأكل الكثير, والجماع الكثير.
وأربعة تهدم البدن: الهم , والحزن , والجوع , والسهر.
وأربعة تظلم البصر: المشي حافيا , والتصبح والمساء بوجه البغيض والثقيل والعدو , وكثرة البكاء , وكثرة النظر في الخط الدقيق.
وأربعة تقوي الجسم: لبس الثوب الناعم , ودخول الحمام المعتدل , وأكل الطعام الحلو والدسم , وشم الروائح الطيبة.
وأربعة تيبس الوجه وتذهب بهاءه وبهجته وطلاقته : الكذب , والوقاحة , وكثرة السؤال عن غير علم , وكثرة الفجور.
وأربعة تزيد في ماء الوجه وبهجته: المروءة , والوفاء , والكرم والتقوى.
وأربعة تجلب البغضاء والمقت: الكبر , والحسد , والكذب , والنميمة.
وأربعة تجلب الرزق : قيام الليل , وكثرة الاستغفار بالأسحار, وتعاهد الذكر أول النهار وآخره.
وأربعة تمنع الرزق: نوم الصبيحة , وقلة الصلاة , والكسل , والخيانة.
وأربعة تضر بالفهم: إدمان أكل الحامض والفواكه , والنوم على القفا والهم , والغم .
وأربعة تزيد في الفهم: فراغ القلب , وقلة التملي من الطعام والشراب, وحسن تدبير الغذاء بالأشياء الحلوة والدسمة , وإخراج الفضلات المثقلة للبدن .
ومما يضر بالعقل: إدمان أكل البصل والباقلا والزيتون والباذنجان , وكثرة الجماع , والوحدة , والأفكار , والسكر, وكثرة الضحك , والغم. أنتهى كلامه رحمه الله .
أيها الاخوة : ينصح الاطباء المختصون للوقاية من هذا المرض بنصائح كثيرة ومجربة , فإن من تمام التوكل على الله الأخذ بالأسباب المشروعة , فقد قال صلى الله عليه وسلم ( ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله ). وقال عليه السلام ( تداوو عباد الله ولا تتداوو بحرام ) .
اللهم اصلح أحوالنا وجنبنا مزالق السوء والفتن .............. الخ
خطبة سابقة يستفاد منها هذه الأيام |