( خطبة عن الكتابة على الجدران )
حسب تعميم الفرع بالمنطقة
ﺇن الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا ﺇله ﺇلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون))0 ((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا))(النساء:1) (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)) (الأحزاب:70) 0 أما بعد : فان خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.
أيها الاخوة المسلمون : وسائل التعبير عما يدور في الخلج والضمير تختلف من شخص لآخر , وإن التفقوا في الغاية , فكل يعبر بطريقته التي يراها تحقق غايته , فإن كان الهدف والغاية سامية فحتما ستكون الوسيلة أيضا سامية 0 لا غرو فيمن يسعى لمعالي الأمور ويتخذ لتحقيق ذلك كل وسيلة مشروعة بل هو المطلوب 0
ولكن خسة الطبع , ودناءة الأهداف , ورذالتها , تجعل صاحبها تجاه تحقيقها لا يتورع عن سلوك كل سبيل لتحقيق أغراضه المشينة ولو كان ذلك على حساب الغير بل وحتى لو كان بالإضرار بالناس والإساءة إليهم 0 يتضح ذلك ( أيها الإخوة ) فيما نراه مما يُقدم عليه بعض الشباب من الكتابة على الحيطان وممتلكات الغير, العاقل اللبيب تستوقفه تلك الكتابات كثيرا , وتبعث في نفسه تساؤلات عدة , لماذا هذا ؟ هل هي من باب العبث ليس إلا ؟ أم هي رموز تحتاج إلى تفكيك معانيها ؟ ما الدافع لذلك ؟ وما وراء هذا التصرف ؟ وما الذي يغذيه بين الشباب ؟ ما هي الأضرار المترتبة على ذلك ؟ ما نوع هذه الكتابات ؟ هل هي أخلاقية ؟ أم سياسية ؟ أم اجتماعية ؟ منهم الذين يقومون بذلك ؟ ما موقف من كُتِبَ على منزله وأُتلِفَ ماله ؟ هل يمكن رد الحق إليه , أو على الأقل رد الاعتبار ؟ كيف ومتى يحدث ذلك ؟ أفي غفلة من الناس حتى من الجهات الأمنية ؟ هل يمكن القضاء على هذه الظاهرة ؟ وما هي آلية العمل على ذلك ؟ من المسئول عن هذه الأعمال ؟ هل هم أفراد أم المجتمع بأسره ؟ وغير ذلك من التساؤلات التي لا تخفى على ذوي الحجا 0
أيها الإخوة : نحتاج في هذا المقام إلى ذكر ما نرجو أن ينفع الحضور وبإمكان من له القدرة الإسهام في الإصلاح 0 فعلى كل محب للخير الإكثار من الدعاء بصلاح الأبناء , وشباب المسلمين , وأن يلهمهم رشدهم ويردهم إلى جادة الصواب0 ثانيا : ظاهرة الكتابة على الحيطان وغيرها لم تكن وليدة هذا الزمان فقد كانت في العصور القديمة يكتب الناس على الجبال وفي الكهوف وعلى الأشجار 0 الدارسون لهذه الظاهرة والمحللون لتلك الكتابات ارجعوا ما يحصل لأسباب عدة من أهمها : عدم التمكين من التعبير عن الرأي في وسائل الإعلام بحرية مطلقة ما ألجأهم إلى هذا التصرف بسبب الكبت الذي ولّد الانفجار 0 ومنها : حب الشهرة وإيصال الفكرة , ولفت الأنظار بأي شكل من الأشكال 0 ومنها : التشفي والانتقام من الغير 0 حتى قيل إن الجدران أوراق المجانين 0 وفي الحقيقة أن هذه الوسيلة لا يلجئ إليها إلا من ضعف إيمانه , وجهل حقوق الآخرين وعواقب الأمور , ولم يلقِ بالا لما قد سمع من البرامج التوعوية بأضرار مثل هذه الأفعال المشينة 0 لعلكم تعلمون – أيها الإخوة – بداهةً كثيرا من هذه الأضرار, وتعلمون النصوص الشرعية الواردة في التحذير من الإضرار بالغير كقوله تعالى ( إن الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ) وقوله صلى الله عليه وسلم : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويديه 0 فيدل هذا الحديث بمفهومه أن من لم يسلم المسلمون من لسانه ويده : غير سليم الإسلام ولا كامله , بل لعله فقده كله 0
لعل أحدنا يقول هل من سبيل لمعرفة طريقة يمكنني من خلالها الإسهام في إصلاح هذه الظاهرة ؟ فيقال له : وأنت تسير في سيارتك وبجوارك أبنائك إذا رأيت من هذه الكتابات شيء , سل أبنائك وقل : ما رأيكم في هذه الكتابات ؟ ستسمع من الإجابات ما يجعلك تتخذ موفق إصلاح لهم , أو لغيرهم عن طريقهم , لهم : إن شممت منهم رائحة الإعجاب الذي قد يودي بهم في المستقبل إلى القيام بمثل هذه الأعمال , أو موقف إصلاح لغيرهم عن طريقهم بأن تجعلهم دعاة خير محصنين بأنفسهم وينصحون من زملائهم في المدرسة والحي وغيره من يرونه يعمل هذه الأعمال , فتكون بذلك قمت بدور عظيم قد تستحقره بنفسك وتستقله وما تدري لعل الله ينفع فيه نفعا عظيما 0
والله جل وعلا يقول ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها : قول لا إله إلا الله , وأدناها أماطة الأذى عن الطريق 0 ولا شك أن هذا من الأذى للمارة ومن الأذى لصاحب الملك وإضرارا به ومن الأذى لا أهل الخير والصلاح والإصلاح الحريصين على تطهير المجتمع من كل ما لا يصلح 0
فاتقوا الله عباد الله , وليسهم كلا منا بنفع البلاد والعباد , واحتساب الأجر في ذلك 0
بارك الله لي ولكم بالقول والعمل , وجنبنا مزالق السوء والزلل 0
وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة , فاستغفروا ربكم وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم 0
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدا كثيرا , والشكر له شكرا مديدا , واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الآخرة والأولى , وأشهد أن محمد عبده ورسوله , صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا 0 أما بعد : فاتقوا الله عباد الله حق التقوى0
أيها الإخوة المسلمون : لعل من بيننا الكثير ممن هم أكثر التصاقاً والتقاء بالشباب سواء في المدارس , أو الأندية الرياضية , أو غيرها 0
هم المعول عليهم الأمل بعد الله في بث روح الثقافة بين صفوف الشباب , والحيلولة دون وقوع التصرفات الهوجاء , وذلك عن طريق واستخدام كل الوسائل المتاحة , فالمعلم في الفصل يرى كثيرا من الكتابات على الطاولات , وعلى جدران المدرسة , بل وفي دورات المياه – أعزكم الله - فيمكن استغلال حصص الفراغ والنشاط , وإذاعة الصباح , والفسحة المدرسية لتوعية الأبناء في هذا الجانب , وعقد الدروس والمحاضرات , وإجراء البحوث والاستفتاءات , والاستعانة بالمتخصصين من علماء الاجتماع والنفس ورجال الأمن , ويمكن العمل على تطبيق خطوات عملية يقوم مجموعة من الطلبة بصحبة عدد من المعلمين والمسئولين بجولة داخل الحي ويقوموا بطمس هذه الكتابات كلها 0 ولعل الطرق النافعة والمجدية لا تخفى على الكثير منكم , المهم الإسهام ولو بالرأي والمشورة , وإن كنت طالبا في المدرسة فما الذي يمنعك أن تقترح على إدارة المدرسة برنامجا نافعا حول القضاء على هذه الظاهرة بالتشاور مع زملائك ومعلميك , وإن اسهزء بك الآخرون فثق أنك ستجل في أعين العقلاء من معلميك ومد رائك , ودائما إذا أتت الفكرة من الطالب فإن وقعها في النفوس أعظم , لان هذا إيحاء بأن في الجيل منهم بحجم المسئولية ينتظر منهم القيام بمهام الكبار 0 أيها الإخوة : ما أكثر في المجتمع من النواقص والأمور المخلة بالآداب الإسلامية ما يحتاج إلى تضافر الجهود والتعاون الجماعي , وقد لا يعذر احد بالتنصل عن المسؤولية 0 فإذا قام كلٌ منا بالدور المطلوب منه سارت الأمور على ما يرام , وتحققت المصالح العامة والخاصة على مر الأيام 0 الوالدين عليها مسئولية تعاهد الأبناء ,والمعلمون والمربون مسؤولون عن الأمانة ضيعوا أم حفظوا , ورجال الأمن مسؤولون عما ولّوا , وأئمة المساجد والخطباء كذلك , كيف وقد روى الإمام البخاري و مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( كلكم راع ومسؤول عن رعيته ، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته ، والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته ، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها ، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته ، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيّته ) ، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قد بيّن عاقبة الذين يفرطون في هذه الأمانة فقال : ( ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة ) .فاتقوا الله عباد الله وبادروا بالإصلاح ما ستطعتم لعلكم تفلحون 0
.... اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان....
إلى آخر الدعاء......... |