عن الجهاد في سبيل الله
الحمد لله شرع لنا ديناً قويماً مهيمناً على جميع الأديان ـ صالحاً لكل أمة وفي كل زمان ومكان ، وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد الديان ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي بلغ الدين ونشره باللسان والسنان ، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أولى النهي والإحسان ، وسلم تسليماً كثيراً .
أما بعد : أيها الاخوة المسلمون :
في خضم تلاطم أمواج الفتن ، تختلط الأمور على كل إنسان بعيد عن معرفة الكتاب والسنة فلا يُرى إلا متخبطاً في أموره ، يحكّم عقله ، وتحكمه عواطفه وما تهواه نفسه فيكون أمره فرطاً .
إن الله تعالى أنزل لنا كتاباً تبياناً لكل شئ ، هدى وبشرى للمؤمنين ، نوراً يهدي في الظلمات وأرسل إلينا رسولاً ( لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحياً يوحى) وأغلق إليه باب التعبد له إلا عن طريق نبيه .
فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً)َ ، فالعمل الصالح هو ما كان موافقاً لسنة رسوله ، ومن عمل عملاً ليس عليه امر النبي صلى الله عليه وسلم فهو مردود عليه بل عليه اثم فعله ، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة . فدين الإسلام أوامر ونواهي ، وترغيب وترهيب ، وقصص وأخبار .
ومما أمر الله تعالى به وأمر به رسول الله صلى عليه وسلم ذروة سنام الإسلام الجهاد في سبيل الله .
إن الجهاد في سبيل الله – أيها الإخوة له الأهمية العظمى في الإسلام ، فهو من أفضل العبادات حتى عده بعض أهل العلم ركنا سادساً من أركان الإسلام .
جاء بالأمر بالجهاد في سبيل الله نصوص كثيرة من الكتاب والسنة منها قوله تعالى: (كتب عليكم القتال)، ومنها قوله تعالى: (قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة) ومنها: (قاتلوهم يعذبهم الله بأيدكم) . ومنها (قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة )، ومن الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم من مات ولم يغزو ولم يحدث به نفسه مات على شعبه من نفاق ، ومنها لما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم أي الناس أفضل ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله ........ الحديث .
ومنها جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال دلني على عمل يعدل الجهاد قال : لأجده قال : هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر ، وتصوم ولا تفطر ، قال ومن يستطيع ذلك . والأحاديث في هذا كثيرة .
وما أعد الله لمن يقتل في سبيله من الكرامة والفضل يفوق العد و الحصر ، فمن ذلك : قوله تعالى : (ولا تحسبن اللذين قتلوا في سبيل الله أموات بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما أتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم أن لا خوف عليه ولا هم يحزنون . يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين) .
وما جاء من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاب قوسين في الجنة خير مما تطلع عليه الشمس وتغرب وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الجنة مائة درجة أعدها الله تعالى للمجاهدين في سبيله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض ....."، وقوله صلى الله عليه وسلم: "يغفر للشهيد أول قطرة من دمه .....الحديث"، والأحاديث في هذا كثيرة. أيها الأخوة : إن الجهاد في سبيل الله له أحكام ، وله فقه ، فهو شعيرة من شعائر الإسلام وركيزة من ركائزه ، لابد للمسلم من معرفة كل ما يتعلق فيه ، فلتكونوا بأوامر دينكم عالمين، ولها منفذين ولربكم مخلصين، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، (إن الله اشترى المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم .....
الخطبة الثانية عن الجهاد
الحمد لله معز من أطاعه ومعين ، ومذل من عصاه ومهين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين ، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله بلغ البلاغ المبين وتركنا على المحجة البيضاء والدين المتين .
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً.
أيها الاخوة المسلمون :
حكم الجهاد في سبيل الله فرض كفاية، إذا قام به من يكفي سقط الوجوب عن الباقين، وبقى في حقهم سنة ، ومعنى الجهاد في الشرع : هو قتال الكفار ويطلق ويراد منه أعم من ذلك ، قال العلامة ابن القيم رحمه الله : وجنس الجهاد فرض عين إما بالقلب ، وإما باللسان ، وإما بالمال ، وإما باليد، فعلى كل مسلم أن يجاهد بنوع من هذه الأنواع ، انتهى كلامه رحمة الله .
وما شرع الله الجهاد ورسوله إلا لحكم بالغة منها : تخليص العباد من عبادة الطواغيت والأوثان لعبادة الواحد الديان ، ولإزالة الظلم وإعادة الحقوق إلى أهلها. وكذلك شرع لإزلال الكفار والانتقام منهم وإضعاف شوكتهم .
وللجهاد شروط ذكرها أهل العلم لابد ن توفرها ، وله موانع ايضا لابد من معرفتاه ، وقد اختلط الأمر اليوم على كثير من المسلمين فزلت في هذا الباب أقدام ، وذهبت أنفس ، وأهلكت أموال ، لعلنا نذكر في خطبة قادمة ما يتعلق بهذا الباب إن شاء الله .
اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان،،،
|