هديه صلى الله عليه وسلم في الصلاة
الحمد لله الذي فرض الفرائض منه تفضلا ، وفاوت بينها في الأجر والجزاء , ورتب الجزاء..... على تركها منه عدلا , أحمده حمدا كما أثنى به على نفسه ، غير محصي ثناء عليه , أحمده وأشكره على كل خير وأعوذ به وألوذ من كل شر .وأشهد أن لا اله إلا الله جل في علاه ، سبحانه لا معبود بحق سواه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، ما من خير إلا دل الأمة عليه ، وما من شر إلا حذرهم منه ، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته والتابعين لهم بإحسان ,وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد:
عباد الله اتقوا الله تعالى حق التقوى,وحققوها قولا واعتقادا وعملا ، فما أقرب التقوى لمن فعل أسبابها ,وما أبعدها عمن فعل ما يضادها.
أيها المسلمون :
ان الاهتمام بالعبادات والفرائض وتنظيما والإتيان بها في مواعيدها,وأزمنتها وأماكنها , له الفضل الأول بعد توفيق الله في اتقانها ونجاحها ,كما أن المرأ إذا كانت حياته سبهلك , وأعماله فوضى , يفعل ما يشاء كيف شاء متى شاء لا يستقيم له أمر, ولا تصلح له حال , ولا ينجز له عمل ، بل يخسر ويندم ولات حين ندم, ولاأشقى ممن كان في حال أمر دينه هكذا، وممن كانت حياتهم فوضى ,وفي أمورهم خبط عشوى , كما كان من العرب قبل الإسلام ,فقد كانت قلوبهم في أكنة, وعلى أبصارهم غشاوة ، وفي ظلمة ظلما, ولا يهتدون للحق سبيلا ,لا دين حق يجمعهم , ولا منهج عدل يحكمهم , حقيقتهم سراب ، وأعمالهم في ثبات ,فاعتبروا يا أولي الأبصار والألباب .
فلما أشرق نور الإسلام ببعثة خير الأنام، فتح الله به قلوبا غلفا وآذانا صما وأعينا عميا فانجلا عن الأمة ظلام الكفر، واهتدوا إلى طريق الحق واتبعوه ، وتوالت شرائع الإسلام تترى ، ترسم للمسلم منهجه في الحياة , هذا طريق الصلاة وهذا طريق الزكاة,وهذا طريق المعاملة ، وهكذا فانضبطت حيات المسلم بضوابط شرعية ولحكمة الهية ، حيث أن الخالق سبحانه وتعالى أعلم بما يصلح خلقه من خلقه.
ولهذا قال سبحانه وتعالى مبينا حال من عبدوا وعُبدوا من دون الله وأنهم لا علم لهم بحالهم وما آلوا إليه وأن الذي يصلح لهم ويصلحهم هو عبادته وحده.
(وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ {13} إِن
تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ..ثم قال سبحانه ...وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) .
قال ابن كثير رحمه الله أي ولا يخبرك بعواقب الأمور ومالها وما تصير اليه مثل خبير بها ، قال قتادة : يعني نفسه تبارك وتعالى، فانه أخبر بالواقع لا محالة . ولقد أوحى الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بشريعة سمحة لا يصلح المسلم إلا باتباعها ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وأياكم ومحدثات الأمور فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وما ترك صلى الله عليه وسلم طريق خير الا دل الأمة عليه وحثهم على فعله ولا طريق شر الا بينه لهم وحذرهم منه قال صلى الله عليه وسلم تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبدا كتاب الله وسنتي.
ألا يا- عباد الله وإن من أعظم بل وأعظم ما جاء به الشرع مما يعين المسلم على تنظيم حياته فضلا عما في اقامتها من الأجر العظيم ,ومن الترهيب من تركها أو التهاون بها من الوعيد الأليم هي الصلاة.
وإن الكلام عن الصلاة اليوم ليس فيما لايخفى عليكم مما يتعلق بها من حكمها وحكم تاركها وأوقاتها فحسبنا أن هذا قد طرق الأسماع كثيراً ,فالصلاة هي الركن الثاني بعد الشهادتين ,ومن تركها فقد كفر وهي خمس صلوات في اليوم والليلة، لها أوقات معلومة,(إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) ولكن الكلام عنها من حيث أقامتها وأداءها كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يؤديها حيث قال صلى الله عليه وسلم:صلوا كما رأيتموني أصلى .
وأما فوائدها على الفرد والمجتمع أيها الأخوة فكثيرة جدا لا تخفى على الكثير
لقد نقل لنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كل أقواله وأفعاله في حله وترحاله ,حتى لكأن الناظر في سيرته صلى الله عليه وسلم يكاد يرى النبي صلى الله عليه وسلم رأي العين فجزاهم الله عنا خير الجزاء ، نقلوا لنا صلاته صلى الله عليه وسلم حركاته وسكناته ,أقواله وأفعاله فيها . فالأتباع الأتباع والحذر من الابتداع من أحدث في أمر هذا ما ليس منه فهو رد ولا يتعبد لله الا بما شرعه الله ورسوله، فالعبادة لها شرطان لا تقبل الا بهما .الإخلاص والمتابعة قال الله تعالى: فَمَن كَانَ يَرْجُوا لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا {110}
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بهدي سيد المرسلين واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين .
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي خلق الناس من ذكر وأنثى، وجعل بينهم مودة ونسبا وصهرا، ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) {13}
أحمده وأشكره و أومئن به ولا أكفر وأثني عليه الخير كله ، وأعوذ به من الشر كله وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحابته ومن تبعهم على دينه وسلم تسليما كثيرا
واقتصاد في سنته خير من اجتهاد في بدعة فهذا هديه صلى الله عليه وسلم في صلاته كان صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بقوله:الله أكبر وان لهذا القول في هذا الموضع معنى عظيم يجهله كثير من الناس حيث أن من كبر الله والتفت إلى غيره فقد خالف فعله . قوله الله اكبر، فيا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين.
فالله أكبر من كل شيء فعلاما نلتفت ونفكر في غيره في صلاتنا؟ وأن هذا أمر مشين ينقص من أجر الصلاة ولاشك وكان صلى الله عليه وسلم يرفع يديه مع التكبير تارة وتارة بعد التكبير وتارة قبله كل ذلك ثبت عنه صلى الله عليه وسلم. وكان صلى الله عيه وسلم :يضع يده اليمنى على اليسرى رواه (مسلم)
وكان يضعهما على الصدر . رواه ابوداود وابن خزيمة.
وكان ينظر الى موضع سجود وينهى عن رفع البصر الى السماء وينهى عن الألتفات في الصلاة.
وكان صلى الله عليه وسلم يستفتح القراءة بأدعية كثيرة متنوعة منها سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك ومنها اللهم باعد بعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ...الخ.
وكان يأتي بهذا تارة وبهذا تارة. ثم كان يستعيذ فيقول :
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، وأحيانا يزيد فيه ، من همزه ونفخه ونفثه، ثم يقرأ الفاتحة يقطعها آية آية ، يقف على رؤوس الآية، وهي ركن من أركان الصلاة لا تتم صلاة أحد الا بقراءتها ,في الصلاة السرية أو الجهرية ، إماماً كان أو مأمونا على القول الصحيح وكان صلى الله عليه وسلم إذا انتهى من قراءة الفاتحة قال آمين يجهر بها ويمد بها صوته .رواه البخاري .
ثم كان صلى الله عليه وسلم يقرأ بعد الفاتحة سورة غيرها وكان يطيل القراءة أحيانا في بعض الصلوات ، ويقصرها أحيانا لسبب من الأسباب وكان يقول اني لأدخل في الصلاة وأنا أريد اطالتها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه من بكاءه رواه البخاري ومسلم.
وكان يقرأ في كل ركعة سورة كاملة أحيانا, وتارة يقسمها بين ركعتين وتارة يجمع في الركعة الواحدة بين السورتين ، وكان يقرأ بين النظائر من المفصل فكان يقرأ سورة الرحمن والنجم في ركعة ، واقتربت والحاقة في ركعة ،والطور والذاريات في ركعة ............وهكذا .
وكان صلى لله عليه وسلم اذا مر بآية فيها تسبيح سبح، أو آية فيها استعاذة استعاذ ،أوآية فيها سؤال سأل وذلك في الصلوات النوافل .
وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر بطوال المفصل فقرأ بالواقعة والطور , وق والقرآن المجيد. وأحيانا بقصار المفصل مثل إذا الشمس كورت ، وقرأ مرة إذا زلزلت في الركعتين كلتيهما. رواه ابوداود.
وكان صلى الله عليه وسلم في صلاة الظهر والعصر في الركعتين الأوليين يقرأ بالفاتحة وسورتين بعدها ،ويطيل في الأولى ما لا يطيل في الثانية , ويقرأ في الركعتين الأخيرتين بالفاتحة فقط وكان صلى الله علية وسلم في صلاة المغرب يقرأ أحيانا بقصار المفصل ،وأحيانا بطواله وتارة بالطور وتارة بالمرسلات وقد قرأ مرة بالأعراف في الركعتين. رواه البخاري وغيره.
وكان في صلاة العشاء يقرأ في الركعتين الأوليتين من وسط المفصل مثل والشمس وضحاها وإذا السماء انشقت . وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الجمعة في الركعة الأولي بسورة الجمعة وفي الأخرى إذا جاءك المنافقون ، وأحيانا يقرأ سبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية هل أتاك حديث الغاشية. عباد الله:
هذا هدي قراءته صلى الله عليه وسلم في بعض الصلوات والله سبحانه وتعالى يقول :
( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً {21}
فالزموا هدى نبيكم وتمسكوا فيه ففيه الخير كله والبعد عن الشر كله اللهم أصلح أحوالنا..........إلى آخر الدعاء.
|