الفروقات بين الذكر والأنثى
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمدُهُ ونستعينُهُ ونستغفرُهُ، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد:
عباد الله: اتقوا الله تعالى, واعلموا أن من حكمة الله تعالى في عباده, أن جعل اختلافاً بين الذكور والإناث، في الخِلقة والطبيعة والأحكام. ومن تأمل نصوص الكتاب والسنة عرف ذلك. فقد ذكر الله تعالى قولَ أمِّ مريم: ( وَلَيْسَ الـذَّكَـرُ كَالأُنـثـَى ). وقال تعالى عن الإنسان: ( ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى* فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ). ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتشبه أحدهما بالآخر, بل شدَّد في الأمر فلعن من يفعل ذلك.
وما ذاك إلا للاختلاف الواضح بين الرجل والمرأة, مما يدركه كل أحد. فالمرأة أضعف من الرجل في خلقتها, وطبيعتها، وإدراكها, ومشاعرها. ولذلك جعل الله السلطة للرجل على المرأة في القوامة, والولاية قال الله تعالى: ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِم ), وقال الله تعالى في المطلقات:( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيم ). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تُزوج المرأة المرأة, ولا تزوج المرأة نفسها ) رواه ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه. وجعل الله الطلاق بيد الرجال فقال الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) وجعل أمر الرجعة بعد الطلاق إلى الرجال فقال: ( فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ) وجعل الله تعالى شهادة المرأتين عن شهادة رجل فقال: ( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ). وقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( لن يُفلح قوم ولو أمرهم امرأة ) رواه البخاري.
وبَيَّن اللهُ الحكيم العليم أن نصيب الرجل في الميراث مثل حظ الأنثيين, وفي العقيقة جعل عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة واحدة. وغير ذلك من النصوص الكثيرة التي لا تُحصى إلا بكلفة فيما يتعلق بالفروقات بين الرجل والمرأة. ولا يعني ذلك هضم حق المرأة وإهانتها.
فإن تكريم المرأة في الإسلام وتعظيم شأنها معلوم لدى كل مسلم ومسلمة.
لقد كرمها الإسلام باعتبارها ( أُمّاً ) يجب برها وطاعتها والإحسان إليها ، وجعل رضاها من رضا الله تعالى ، وجعل حقها أعظم من حق الأب ، وكرّم الإسلام المرأة زوجةً ، فأوصى بها الأزواج خيرا ، وأمر بالإحسان في عشرتها ، وأخبر أن لها من الحق مثل ما للزوج إلا أنه يزيد عليها درجة ، لمسئوليته في الإنفاق والقيام على شئون الأسرة ، قال صلى الله عليه وسلم : ( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ) رواه البخاري ومسلم. وقال صلى الله عليه وسلم : ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي ) رواه الترمذي. وكرّمها بِنتاً ، فحث على تربيتها وتعليمها ، وجعل لتربية البنات أجرًا عظيماً ، ومن ذلك : قوله صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ وَضَمَّ أَصَابِعَهُ ) رواه مسلم .
ومن قارن بين حقوق المرأة في الإسلام وما كانت عليه في الجاهلية أو في الحضارات الأخرى علم حقيقة مكانتها وعظم منزلتها في الإسلام ، بل يجزم بأن المرأة لم تكرم تكريما أعظم مما كُـرمت به في الإسلام .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ؛ ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ؛ أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، خلق الذكر والأنثى، وشرع الزواج لهدفٍ أسمى وغاية عظمى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد:-
عباد الله: إن أعداء الإسلام يريدون من المرأة أن تتمرد على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وتنسلخ من تعاليم الإسلام باسم الحرية والدفاع عن حقوقها زعموا.
وأعني بأعداء الإسلام: مَنْ هم مِن بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ويكتبون في صُحفنا, ويزعمون أنهم يغارون على نصف المجتمع. فيعترضون على نصوص الكتاب والسنة ويعطّـلون دلالاتها. ويدعون إلى إخراج المرأة من بيتها, واختلاطها بالرجال في ميادين الحياة, وجعلها كالرجل من حيث: الاختلاط, والخلوة, والمحادثة, وكشف الوجه, والتعاون المباشر.
إنّ مَنْ يدعو إلى ذلك أحد رجلين: إما شخصٌ لم يسمع بالإسلام وتعاليمه ولم يقرأ القرآن والسنة. وإما أنه مُكذبٌ لخبر الله وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم, أو معترضٌ على الله في أحكامه، منتقص لحكمته وشرعه.
إن الله الذي خلق الرجال والنساء قال في كتابه: ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ) , إن الله الذي خلق الرجل والمرأة، هو الذي قال في كتابه: ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُـنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلـُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ) , وقال أيضاً: ( فَلا تَخْضَعَـنَ بِالْقَـوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَـلْبِهِ مَـرَضٌ ). إن الله الذي خلق الرجل والمرأة، أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول: ( لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما )، وأمره أن يقول: ( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم )، وأمره أن يقول: ( لن يُفلح قوم ولو أمرهم امرأة )، وأمره أن يقول: ( والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ).
اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً، اللهم أصلح أزواجنا وبناتنا وأبنائنا، اللهم وفقنا لما يرضيك عنا، اللهم من أراد بنساء المسلمين سوءاً فأشغله بنفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميره له واجعله عبرة لغيره يا قوي عزيز، اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة هي لك رضاً ولنا فيها صلاح إلا أعنتنا على قضائها ويسرتها، برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم احفظنا بالإسلام قائمين واحفظنا بالإسلام قاعدين واحفظنا بالإسلام راقدين ولا تُشمت بنا أعداء ولا حاسدين، اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين حكاماً ومحكومين، اللهم أرهم الحق حقاً وارزقهم اتباعه وأرهم الباطل باطلاً وارزقهم اجتنابه، وولّ عليهم خيارهم، واجعل ولايتهم فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اجمع كلمة المسلمين على الكتاب والسنة، واجعلهم يداً واحدةً على من سواهم، ولا تجعل لعدوهم منةً عليهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم ألّف بين قلوب المؤمنين وأصلح ذات بينهم واهدهم سبل السلام ونجهم من الظلمات إلى النور وانصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي يا عزيز، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين، اللهم ارحم المستضعفين من المؤمنين في كل مكان، اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المؤمنين في كل مكان، اللهم نج المستضعفين من المؤمنين في كلِّ مكانٍ، اللهم انصر المجاهدين الذين يجاهدون في سبيلك في كل مكان، اللهم انصرهم في كل مكان يا قوي يا عزيز، اللهم عليك بالكفرة والملحدين الذين يصدون عن دينك ويقاتلون عبادك المؤمنين اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم زلزلهم وزلزلِ الأرض من تحت أقدامهم، اللهم فرّق كلمتهم وشتت شملهم وسلط عليهم مَنْ يسومهم سُوء العذاب، اللهم لا تجعل لهم منة على المؤمنين، واجعلهم غنيمة سائغة للمؤمنين يا قوي يا متين يا رب العالمين، اللهم احفظ بلادنا ممن يكيد لها، اللهم احفظ بلادنا ممن يكيد لها، اللهم أصلح أهلها وحكامها يا أرحم الراحمين، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات ( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ) .
|