بشأن ما صدر من وزارة التعليم بسحب
كتب البنا وقطب والقرضاوي من المكتبات المدرسية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره؛ ونعوذ بالله من شرور أنفسنا؛ ومن سيئات أعمالنا؛ من يهده الله فلا مضل له؛ ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:-
أيها الأخوة المسلمون : اتقوا الله حق التقوى.
أيها الإخوة المسلمون: قديما قيل: لأن تصل متأخرا خير من ألا تصل أبدا, وقيل أيضا مسافة ألف ميل تبدأ بخطوة واحدة, وإنّ مما يميز الحكماء عن غيرهم أنهم يستنفذون الطاقة وكل الوسع لتحمل أدنى الضررين في سبيل دفع أعلاهم, قرار حكيم وإن كان قد تأخر كثيرا صدر من وزارة التعليم بشأن سحب كتب رموز جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا وسيد قطب ويوسف القرضاوي من المكتبات المدرسية, وهذه الخطوة الجريئة تستحق منا سجدة شكر لله, ودعاء لحكومتنا الرشيدة بالتوفيق والسداد, وفي الوقت نفسه نشد على أيديهم ونؤيدهم ونؤزرهم وننصرهم ونبقى وكما كنا نقف معهم جنبا إلى جنب للقضاء على كل ما يعكر الصفو ويشق الصف ويحدث الفتن ويسبب الفرقة والخلاف بين الحاكم والمحكوم, ويفقد الأمن, ويحدث الفوضى والاضطرابات, والخروج على الحكام, ويدعو إلى التكفير والتفجير والقتل والاغتيال وغيرها من أنواع الشرور كلها التي لا تخفى على العقلاء خصوصا في هذا الزمان الذي رأى الناس فيه أثار الخروج على الحكام في بعض البلدان التي دعا إليها أصحاب تلك الكتب, ومن سار على طريقتهم ونهج نهجهم ممن تسموا بالمشائخ وطلبة العلم والدعاة تعرف منهم وتنكر.
هذا القرار الصائب –أيها الإخوة– يحتاج منا إلى وقفة طويلة معه بل وقفات كثيرة حيث انه لامس الجرح وجاء ليكون رافدا لما بعده من القرارات التي لطالما انتظرناها كثيرا لأدركنا لخطر هذه الكتب وأصحابها على عقول الناشئة وتلويث أفكارهم والحيدة بهم عن جادة الصواب جادة أهل السنة والجماعة البيضاء التي تركنا عليها رسولنا صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور .....).
ولقد تكلم علماء السنة عن تلك الكتب كثيرا وبينوا ما فيها من الخطأ والخطل والخلل والخطر في المنهج والعقيدة والأحكام الفقهية والسلوك والتربية, وعلى رأس أولئك العلماء الأفذاذ الإمام ابن باز والعلامة ابن عثيمين والعلامة الفوزان والشيخ عبد الله الدويش والشيخ ربيع المدخلي وغيرهم كثير من العلماء المعتبرين.
وهذه الكتب تخرج فيها وتربى عليها عدد ليس بالقليل من الناس حتى تشبعت بها أفكارهم وتلوثت أذهانهم وأصبحوا يروجون لها وينشرونها بين أوساط الشباب وصغار السن والجهال, ولان كان هذا القرار قد أثلج صدورنا, وأراح نفوسنا, وسرنا كثيرا إلا أننا نرجو أن يتبع هذا القرار قرار لتكميم أفواه وكف أيد وأغماد أقلام لم تزل الآن على منهج أصحاب هذا الكتب تسير ومن معينها تنهل والأمثلة على ذلك في بلادنا كثيرة خذوا مثلا –أيها الإخوة– على موقع يسمى بموقع المسلم الذي يشرف عليه الدكتور ناصر العمر تصدر فيه بين الفينة والأخرى بيانات تتناول قضايا أممية يوقع على تلك البيانات عدد من الناس سموا أنفسهم بالعلماء والمشائخ, الناظر إلى تلك البيانات من أول وهلة ربما لايرى فيها الأخير ونصيحة ودعوة حسنة, ولكن الناظر فيها من منظور الشرع والعقل والمصالح والمفاسد والأهداف والمقاصد والغايات يجد أنها تحقق هدفا من الأهداف التي يصبوا إليها أصحاب تلك الكتب رموز الإخوان, ألا وهو السعي بل وسيلة إلى إسقاط المرجعيات السنية الرسمية ولكن بطريقة ذكية, على من لا علم عنده ولا بصيرة, فالدكتور ناصر العمر الذي يشرف على موقع المسلم هو الذي يقول عن هيئة كبار العلماء في السعودية بأنها هيئة ليست مستقلة يكتبون إذا قيل لهم اكتبوا ويمتنعون إذا قيل لهم لا تكتبوا, وقد رد عليه سماحة المفتى الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله بقوله: "هذا كذب وافتراء فالهيئة مستقلة ...." إلى آخر فتواه فبناءً عليه يكون الرجل كذاب ومفتري.
ثم إن هذه البيانات تسعى لسحب البساط من المرجعية الرسمية في البلد فهم يقدمون أنفسهم كبديل للجهات الرسمية ونيابة عن الأمة وممثلين للمسلمين من غير موافقة من الناس لهم على ذلك, وهذه هي طريقة الخوارج الخروج بالكلمة أولا والاستبداد بالرأي ويتبع ذلك فيما بعد وعلى مرور الأيام الخروج بالسيف والمقاتلة إذا رأوا أن الجهات الرسمية الحكومة ومن يمثلها قد سقطت من أعين الناس جراء صنيعهم هذا.
خذوا مثالا آخر –أيها الإخوة– هذا الدكتور عائض القرني يقول في إحدى خطبه: "إن الشعوب التي خرجت على حكامها تريد الإسلام ....." هذا منطوق كلامه ويفهم منه أن الشعوب التي لم تخرج على حكامها لا تريد الإسلام كالشعب السعودي والخليجي, فهذا الكلام دعوة للخروج على الحاكم ولكنها مبطنة وهي مستاقة من كلام سيد قطب الذي يأمر فيه الشعوب بالخروج على الحكام.
ولولا ضيق المقام – أيها الإخوة – لذكرت لكم أشياء وأشياء لهؤلاء على قاعدة: من فيك أدينك. (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) .
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا ارزقنا اجتنابه. أقول قولي هذا استغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه وتوبوا إليه انه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله حق حمده ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:-
أيها الإخوة المسلمون: قد يقول قائل وله الحق أن يقول : لماذا تركيز الحديث دائما على جماعة الإخوان المسلمين ومنهجهم ورموزهم ودعاتهم علما انه يوجد في البلد تيار آخر لا يقل خطرا عن عنهم ألا وهو التيار العلماني اللبرالي ورموزهم وكتاباهم وهؤلاء هم يصولون ويجولون عبر الصحف ووسائل الإعلام ويصرحون كثيرا بما يريدون من الانحلال وتحرير المرأة وقيادتها للسيارة ويحاربون الحجاب, ويحاربون هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك كثير وكثير من أعمالهم وكتاباتهم المشينة ونسمع من يقول سلمت ألسنتكم من الحديث عن اللبراليين والعلمانيين والمفسدين ولم تسلم من الحديث في المشائخ وطلبة العلم لأنه يراهم هكذا علماء ومشائخ وطلبة علم ؟ فيقال في الجواب:
إن حال العلمانيين اللبراليين والحداثيين معلوم لدى الجميع فالمجتمع يلفظهم ويستهجنهم ولو فعلوا ما فعلوا , ولكن الإخوان المسلمين ومن سار على نهجهم من دعاة السوء يفعلون ما يفعلون باسم الإسلام والدين والدعوة والإصلاح والجهاد، وبهذا يلتبس على الناس أمرهم فهم لا يرون فيهم إلا مظاهر الإسلام إسبال اللحى وتقصير الثياب ونحوها، ولا يسمعون منهم إلا قال الله قال الرسول، ويستشهدون كثيرا بأقوال السلف والعلماء والأمر ليس كذلك لديهم بل إنهم متلونون متقلبون يستعملون في كل موقف ما يناسب حال المستمعين فتراهم يثنون على الملك والحكومة في موقف وفي موقف آخر ضد ذلك, وتراهم في بعض المواقف يميعون الدين ويأتون بالهزل والضحك والمزاح الهابط , وفي موقف آخر هم العلماء الراسخين وهلم جرا, وقد قال صلى الله عليه وسلم: " تجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي الى هؤلاء وبوحه والى هؤلاء بوجه " لأنهم يعلمون أنهم لن يحققوا أهدافهم المشينة من الخروج على الحكام وإسقاط المرجعيات الدينية الرسمية إلا بإلقاء الشبه على الناس وخلط الأمور ونشر الأخطاء وتتبع العثرات والزلات ونشرها بين العامة والبسطاء وغوغائية الناس.
ولتعلموا -أيها الإخوة- أن الجميع في خندق واحد ضد أهل السنة والجماعة وهناك تقارب كبير بين الإخوانيين والعلمانين اللبراليين يعلمه المتخصصون والمتابعون, فهم أعني الإخوان المسلمون يضعون أيديهم فيد العلمانيين والشيعة والصوفية بل وفي يد الكفار والمشركين إذا علموا أن ذلك يحقق لهم أهدافهم ولا يتورعون عن ذلك.
فعلينا أيها الإخوة – أن نقول لهؤلاء وبملأ أفواهنا كفى مخادعة, وكفي ضحك علينا , وكفى لعب في عقول الشباب والناشئة والعامة.
كما علينا أن نلتف حول قيادتنا الرشيدة وعلمائنا الأجلاء الراسخين في العلم والعقل حتى تسير سفينة المجتمع إلى شط النجاة ونسلم جميعا من كيد الكائدين , والأعداء المتربصين (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ).
اللهم أصلح أحوال المسلمين حكاما ومحكومين، اللهم أنزل على المسلمين رحمة عامة وهداية عامة يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اهد ضال المسلمين، اللهم ردهم إلى دينك ردا جميلا واستعملهم في طاعتك يا ذا الجلال والإكرام. اللهم وفق ولاة أمرنا لما يرضيك ومدهم بعونك وأيّدهم بتأييدك واجعلهم أنصاراً لدينك وحماة لشريعتك، اللهم ارزقهم البطانة الصالحة الناصحة، وأرهم الحق حقا وارزقهم اتباعه، وأرهم الباطل باطلاً وارزقهم اجتنابه يا ذا الجلال والإكرام، اللهم من أرادنا وأراد ديننا وجماعتنا وأبنائنا وبناتنا بسوء فأشغله بنفسه ورُدّ كيده في نحره وافضح أمره واجعل عاقبته إلى وبال يا قوي يا عزيز، اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، اللهم ارحم المستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين، اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم احقن دماء المسلمين، واحفظ عليهم دينهم وأمنهم وأعراضهم وأموالهم يا رب العالمين، اللهم آمن روعاتهم واستر عوراتهم واحفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ومن فوقهم ونعوذ بك أن يغتالوا من تحتهم، اللهم مكن لهم وانصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي يا عزيز. اللهم اكفنا والمسلمين شر الأشرار وكيد الفجار، اللهم ولّ على المسلمين خيارهم واكفهم شرارهم يا رب العالمين، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
|