الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا إلى يوم الدين أما بعد:-
عباد الله: اتـقـوا الله تعالى، وتعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
ثبت في صحيح البخاري عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت: استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً فَزعاً مذعوراً يقول: " سبحان الله ماذا أُنزل الليلة من الخزائن؟ وماذا أُنزل من الفتن؟ مَنْ يوقظ صواحب الحُجرات؟ (يريد : أزواجه) لكي يصلين ، رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة " عباد الله تضمن هذا الحديث الصحيح تحذيركم من فتنتين عظيمتين أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أُولاهما بقوله :( ماذا فُتِح من الخزائن ؟) يعني: فتن الدنيا. وأشار إلى الأخرى بقوله:(رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة) يعني:فتنة النساء.
ولقد جاء التصريح بهما والتحذير منهما في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنَّ الدنيا حُلوةٌ خضِرة وإنَّ الله تعالى مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون ؟ فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء"
- وفي الصحيحين عنه رضي الله عنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ ممّا أخاف عليكم من بعدي ما يُفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها"
- وفيهما أيضاً عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما تركت بعدي فتنةً أضر على الرجال من النساء".
عباد الله: إنَّ المتأمل لبعض أحوال العالم الإسلامي من حولنا في الأزمنة المتأخرة يجد هاتين الفتنتين من أكبر أسباب فساد كثير من مجتمعاته. فُتِحت الدنيا عليهم أو على مترفيهم فطغت نساؤهم وضعف أمامها المترفون منهم، فخرجت في الشوارع سافرة، ونزعت الحجاب متبرجة، وزاحمت الرجال في المكاتب والأسواق والمنتزهات جريئةً غير مستحيةٍ ولا خجلةٍ، فانفردت بغير محرمها مخاطرةً بشرفها وعفِتها، متجاهلةً سوء عاقبة جريمتها. فعمت الفتن، ووقعت المصائب حيث اختل أمنُهم، واشتهرت فضائحهم، وولَّى الله عليهم شرارهم وسفهائهم، وسلطهم على خيارهم لقاء تركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعديهم حدود الله وانتهاكهم حُرُماته {وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون } فزال سلطان ذوي الدين والرأي منهم، وذهبت نعمتهم من بين أيديهم، وجعل الله بأسهم بينهم، وسلط عليهم عدوهم، فاستباح حُرُماتهم، وأذل عِزتهم، وأذهب كرامتهم { وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}.
فاتعظـوا رحمكم الله بذلك واعتبروا بمن حولكم لا يصبيكم ما أصابهم.
أيها المسلمون: إنَّ ما حدث في الأمصار من فتنة النساء التي أزال الله بها عنهم النعماء، وأحل بهم أصناف الشقاء والبلاء، والتي كان مبدؤها خروجهنَّ من المنازل ووقعهنَّ في أنواع المهازل لم يحدث صدفة، لقد مهد لذلك دعواتٌ مغرظةٌ بأيدي أعداء الإسلام من الكفار، أو بأيدي من تتلمذ من أبناء المسلمين على أيدي الكفار، دعواتٌ أغرت النساء للخروج للأسواق، ومواطن الفُساق، وزيّنت لهنّ السفور، وشكَّـكتهُنُّ بالحجاب من حيث الشرعية والجدوى، وحثتهُنَّ على مزاحمة الرجال في الميادين والأعمال بواسطة الفكرة المصورة والقصة المزورة عن طريق التلفاز أو القنوات الفضائية أو المجلات الخليعة، ثم تَبِع ذلك تهيئة الأسباب وتوفير الوسائل وإتاحة الفُرص، والتشكيك في صدق العلماء الناصحين الذين وقفوا ضد هذه الدعايات حتى نفذ المقدور وتعسر ت الأمور، وذاق أولئك ما في خروج النساء من بُيوتهنّ، وخروجهنّ على أولياء أمورهنّ، وتعديهنّ لحدود خالقهنّ من الشرور وذهاب السرور. فاتقوا الله أيها المؤمنون وخذوا حِذركم واعتبروا بغيركم واتعظوا بما تسمعون وما ترون فإنّ السعيد من وُعِظ بغيره، فإنّكم في هذه الأيام تعيشون نفس الفتنة التي حصلت لمن حولكم، وتُدبر لكم نفس المكيدة التي دُبرت لمن حولكم عن طريق القنوات الفضائية والقائمين عليها ممّن هم من أبنا جلدتنا، والمسلسلات والمجلات الخليعة والأفكار المنحرفة التي ساعد على رواجها كثير من أبناء المسلمين مع الأسف الشديد ممّن تأثروا بالمدنية الغربية المنحلة، وستواجهون يا عباد الله إن لم تحذروا وتحرصوا على الإصلاح وحماية النساء من هذه الفتـنة، ستواجهون خطراً لا تستطيعون رده فعند ذلك تـندمون حين لا ينفع الندم. فاتـقـوا الله عباد الله؛ وكونوا يداً واحدةً ضد هذا الخطر القادم،
نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الرحيم الرحمـن الملك الديان، أحمده سبحانه يسأله من في السماوات والأرض كل يومٍ هو في شأن، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسلماً كثيراً أما بعد:
عباد الله: إنّ من المفاهيم الخاطئة في أمر لباس المرأة اعتقاد كثيرٍ من الناس أن حكم اللباس وضوابطه خاصان بخروجها أمام الرجال، وأما أمام النساء فإنّ لها أن تلبس ما شاءت من الثياب حتى ولو كانت شبه عارية ممّا أدى إلى ظهور ألبسةٍ في مجتمع النساء يستحيا من ذكرها مع الأسف الشديد، ساعد على ذلك ظهور النساء الفاتنات في القنوات من مُذيعات ومُغنيات ومُمثلات وراقصات بألبسةٍ يستحيل أن تلبسها مرأةٌ تربت في بيت مسلمٍ محتشمٍ ولكنّه التقليد والتبعية، والذي يجب علينا معرفته هو أنه لا يجوز للمرأة أن تلبس ما شاءت أمام النساء بل لا يجوز لها أن تُظهر زينتها أمام النساء إلا ما تُظهره أمام محارمها من الرجال.
فإذا قيل للمرأة المؤمنة: ما الذي تلبسينه أمام أبيك وعمك وخالك وابن أختك ووالد زوجك ؟
فإن قالت: ألبس لباساً محتشماً كاسياً لغالب البدن، مع ظهور الوجه واليدين والقدمين.
قلنا لها: هذا هو أيضاً لباسك أمام النساء، لا فرق بين هذا وهذا، فيجب علينا أن ننتبه لذلك، وأن نُراقب نسائِـنا في لباسهنّ، خصوصاً ونحن نستقبل في هذه الأيام الإجازة الصيفية التي تكثر فيها المناسبات فإنه قد شاع في أوساط النساء ألبسةً لا يجوز السكوت عنها بأي حالٍ من الأحوال.
بل لابد أن نكون صريحين أكثر فنقول: إذا كان الواحد منّا يرى زوجته وابنته ومن تحت ولايته تلبس ألبسةً مخالفةً، ويسكت عن الإنكار والتغيير فليعلم أن غيْرته ناقصة، وأنه ليس أهلاً للقِوامة والرعاية.
اللهم من أراد بنسائِنا سوءاً فأشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً له، وأنزل عليه بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، اللهم ثبتنا بقولك الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة يا رب العالمين اللَّهُمَّ أعِذْنا من مُضلاَّتِ الفتنِ، وجنبنا الفواحشَ ما ظهَرَ منها وما بطَن، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنا إلا أنت واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت ، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم أصلح أحوال المسلمين حكاماً ومحكومين، اللهم أنزل على المسلمين رحمةً عامة وهداية عامةً يا ذا الجلال والإكرام اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين وأذلَّ الشرك والمشركين واحم حوزةَ الدين وانصر عبادك المؤمنين، اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين، اللهم ارحم المستضعفين من المؤمنين في كل مكان، اللهم عليك بالكفرة والملحدين الذين يصدون عن دينك ويقاتلون عبادك المؤمنين اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم اللهم سلط عليهم منْ يسومهم سوء العذاب يا قوي يا متين، اللهم من أراد بلادنا بسوءٍ فأشغله بنفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميرًا له يا سميع الدعاء, اللهم وفقّ ولاة أمرنا بتوفيقك وأيّدهم بتأييدك واجعلهم من أنصار دينك, اللهم حبب إليهم الخير وأهله وبغض إليهم الشر وأهله ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ .
|