إتفقوا على محاربة العلماء
( الخوارج ) ( واللبراليون وبنو علمان )
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره؛ ونعوذ بالله من شرور أنفسنا؛ ومن سيئات أعمالنا؛ من يهده الله فلا مضل له؛ ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْْ اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ . ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ . ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِين ءَامَنُواْ اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ . أما بعد:-
عباد الله:- لقد أمر الله تعالى بالعدل والإصلاح وفعل الخير. ونهى عن الفساد في الأرض, فقال: ﴿ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ﴾. وتتابعت رسلُ الله وأنبياؤه في النهي عن الفساد في الأرض, لأنه جريمةٌ تخالفُ العدل الذي أمر الله به.
والفسادُ يا عباد الله أنواع: ومن أعظَمِهِ وأخطَرِه:
معاداةُ علماء الشريعة, والحَطُّ من قدرهم, وتشويهُ صورتهم, وصدُّ الناس عنهم.
لأن علماء الشريعة هم الأمان للناس بإذن الله من الوقوع في الضلال, وهم سبب ظهور الإسلام وانتشاره, وهم سبب تحكيم الشريعة, وهم سبب نشر دعوة التوحيد, وَرَدِّ الناسِ إلى الكتاب والسنة, وهم الذين يقفون أمام شياطين الجن والإنس بعلمهم ودعوتهم, وهم الذين يقمعون الشرك, والبدع ويفضحون المنافقين, وهم الذين يكشفون الشبهات والسُّبُل المضلة.
ولذلك صار صدُّ الناس عن العلماء أولَ الأبواب وأهمَّها لدى أعداء الإسلام, ولأنهم لا يستطيعون أن يفسدوا المسلمين، وينفردوا بهم إلا بعد إبعادهم عن العلماء وإفقاد الثقة بهم.
وبهذا يتبيّن أنه لا فرق بين: ( الخوارج التكفيريين ) وبين ( بعض الكُتَّابِ في الصُّحُف ) الذين آذوا المسلمين بما يقولون ويكتبون عبر الصحف وغيرها.
كلهم هدفهم واحد ولكن تختلف طرقهم في الوصول إلى ذلك الهدف.
فلو نظرنا, إلى من ابتلوا بالتكفير والتفجير، لوجدنا أنهم ضحية أناس سدوا طُرُقَ وصولِ العلم النافع إليهم, وعزلوهم عن العلماء الكبار, علماء الشريعة, حتى صاروا فريسة لمخططات القتل وسفك الدم الحرام والتدمير، والخروج على ولي الأمر, وترويع الآمنين, وهذا معلوم من اعتراف كثير منهم بذلك.
وكذلك المُتمرِّدون على نصوص الشريعة, ودعاةُ الإنحلال والفساد, يبثون سمومهم وأفكارهم الإلحادية والشهوانية عبر الصحف, والقنوات, ومنتديات الإنترنت. حيث يلمزون العلماء بالرجعية, وعدم التحرر الفكري ومجاراة الواقع.
لأن العلماء بيّنوا عقيدة الولاء والبراء, ودافعوا عن الكتب الشرعيّة, في المناهج التعليمية في بلادنا, ووقفوا في وجوه دعاة الاختلاط بين الرجال والنساء في ميادين الحياة, وكَرّسُوا جهودهم في دعوة المسلمين إلى التمسك بما كان عليه السلف الصالح في العلم والعمل.
وهذا يقضُّ مضاجع دعاة الفتنة, ويبطل دعوتهم ويعطل مسيرتها, فنصبوا العداء لعلماء الأمة جهاراً في الصحف والمجلات وغيرها من الوسائل.
فلا فرق بين هؤلاء وأولئك. كلهم أعداءٌ للإسلام, وكلهم مفسدون, ويزعمون أنهم مصلحون.
كلُّهم ينبغي لمن ولاه الله أمر المسلمين القضاءُ عليهم وعلى دعوتهم.
فالخوارج يهددون أمن البلاد بالخروج على ولي الأمر وترويع الآمنين وسفك الدم الحرام.
وأولئك يهددون مصدر الأمن: ألا وهو العلم والدعوة, ونشر تعاليم الإسلام, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لأن الله تعالى يقول: ﴿ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُور ﴾.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ؛ ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ؛ أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كُفُوا أحد؛ فاطر السماوات والأرض؛ جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحةً مثنى وثلاث ورباع؛ يزيد في الخلق ما يشاء؛ إن الله على كل شيء قدير؛ ما يفتحِ الله للناس من رحمةٍ فلا مُمسكَ لها؛ وما يُمسك فلا مُرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:-
عباد الله: اتقوا الله تعالى, وتذكّروا قول الله في محكم التنزيل: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ﴾. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( أوصيكم بتقوى الله، وعليكم بالسمع والطاعة ، وإن كان عبدا حبشيا ؛ فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذّ. وإياكم ومحدثات الأمور ؛ فإن كل بدعة ضلالة) .
وهذا الحديث يدل على أن التمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم, وسنة الخلفاء الراشدين, فيه السلامة من البدع والمحدثات, والوقوع في الإختلاف الذي شتت شمل المسلمين وفرقهم, وجعلهم شيعاً وأحزاباً، وفِرَقاً وجماعات. وسلّط عدوهم عليهم. وأنه لا سبيل إلى النجاة من ذلك إلا بالعمل بمقتضى هذا الحديث.
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وفقهنا في دينك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمت أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا واجعل الدنيا زيادةً لنا في كل خير والموت راحةً لنا من كل شر برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم احفظنا بالإسلام قائمين واحفظنا بالإسلام قاعدين واحفظنا بالإسلام راقدين ولا تشمت بنا أعداء ولا حاسدين يا رب العالمين، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين وأذلَّ الشرك والمشركين واحم حوزةَ الدين وانصر عبادك المؤمنين في كل مكان، اللهم عليك بالكفرة والملحدين الذين يصدون عن دينك ويقاتلون عبادك المؤمنين اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم اللهم سلط عليهم منْ يسومهم سوء العذاب يا قوي يا متين، اللهم مَنْ أراد ديننا وعلمائنا وبلادنا بسوءٍ فأشغله بنفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميرًا له يا سميع الدعاء, اللهم وفقّ ولاة أمرنا لما يرضيك اللهم وفقهم ببتوفيقك وأيّدهم بتأييدك واجعلهم من أنصار دينك, وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين، اللهم حبب إليهم الخير وأهله وبغض إليهم الشر وأهله، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ .
|