تَذْكِيرُ الْكَرِيمِ بِالْعَظِيمِ
الْحَمْدُ
للهِ ، الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ، الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، } لَهُ الْحَمْدُ فِي
الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ { .
أَحْمَدُهُ
حَمْدًا يَلِيقُ بِكَرِيمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ . وَأَشْهَدُ أَنْ
لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، } لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ
الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ {
. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، أَرْسَلَهُ : } بِالْهُدَى وَدِينِ
الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ { . صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى
يَوْمِ الدِّينِ .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
تَقْوَى
اللهِ تعالى وَصِيَّةُ اللهِ لِخَلْقِهِ، الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، يَقُولُ عز وجل مِنْ
قَائِلٍ: }وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ{ فَلْنَتَّقِ اللهَ -أَحِبَّتِي فِي اللهِ-
جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ .
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُؤْمِنُونَ :
عِنْدَمَا
يَتَأَمَّلُ الْعَاقِلُ فِي أَحْوَالِ الْعُصَاةِ وَالْمُجْرِمِينَ ، وَيَبْحَثُ
عَنْ أَسْبَابِ عِصْيَانِهِمْ وَإِجْرَامِهِمْ ، يَجِدُ أَنَّ مِنْ أَهَمِّ
الْأَسْبَابِ وَأَبْرَزِهَا: ضَعْفَ الْإِيمَانِ، وَكَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى
الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه : (( لاَ يَزْنِي الزَّانِي ، حِينَ يَزْنِي
وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلاَ يَشْرَبُ الخَمْرَ ، حِينَ يَشْرَبُ ، وَهُوَ مُؤْمِنٌ،
وَلاَ يَسْرِقُ السَّارِقُ ، حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ )).
فَهَؤُلَاءِ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- بِسَبَبِ ضَعْفِ إِيمَانِهِمْ ، وَعَدَمِ
كَمَالِهِ؛ زَنَى الزَّانِي، وَشَرِبَ اَلْخَمْرَ الشَّارِبُ، وَسَرَقَ السَّارِقُ؛
فَضَعْفُ الْإِيمَانِ هُوَ السَّبَبُ الرَّئِيسُ لِلْمَعَاصِي وَالْإِجْرَامِ،
وَيَأْتِي نَتِيجَةَ الْجَهْلِ بِذَاتِ اللهِ تعالى، نَتِيجَةَ الْجَهْلِ
بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، نَتِيجَةَ الْجَهْلِ بِعَظَمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ ،
وَبِعِلْمِهِ وَإِحَاطَتِهِ، وَبِأَخْذِهِ وَعِقَابِهِ. وَلِذَلِكَ -أَيُّهَا
الْإِخْوَةُ- أَهْلُ النَّارِ -وَالْعِيَاذُ بِاللهِ- يَوْمَ الْقِيَامَةِ،
عِنْدَمَا يَشْهَدُ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ ،
يُعَاتِبُونَ وَيَلُومُونَ أَعْضَاءَهُمْ ، لِشَهَادَتِهَا عَلَيْهِمْ،
فَيَقُولُونَ : } لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا
{،
أَيْ : لِمَاذَا وَنَحْنُ نُدَافِعُ عَنْكُمْ؟! فَتَقُولُ الْأَعْضَاءُ، كَمَا
قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : }قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ
كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {
. يَقُولُ عز وجل: }وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ
عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ {
أَيْ: مَا كُنْتُمْ تَخْتَفُونَ عَنْ شَهَادَةِ أَعْضَائِكُمْ عَلَيْكُمْ، يَقُولُ
عز وجل: } وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ
اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ{،
فَالْجَهْلُ بِقُدْرَةِ اللهِ وَعَظَمَتِهِ، وَعِلْمِهِ وَإِحَاطَتِهِ، وَسَمْعِهِ
وَبَصَرِهِ ، وَأَخْذِهِ وَعُقُوبَتِهِ ؛ يَجْعَلُ الْإِنْسَانَ يُقْدِمُ عَلَى
أَشْيَاءَ تَجْعَلُهُ -وَالْعِيَاذُ بِاللهِ- مِنْ أَهْلِ النَّارِ } وَبِئْسَ الْقَرَارُ {
.
الْمُشْرِكُونَ
-أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- وَقَعُوا فِي الشِّرْكِ الَّذِي لَا يَغْفِرُهُ اللهُ عز
وجل، كَمَا قَالَ تَعَالَى: } إِنَّ اللَّهَ لَا
يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ {
، فَقَدْ وَقَعُوا فِي الشِّرْكِ، بِسَبَبِ أَنَّهُمْ لَمْ
يَقْدُرُوا للهِ قَدْرَهُ، كَمَا قَالَ عز وجل: }وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا
قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ {، فَإِنْ كَانَ
عَدَمُ قَدْرِ اللهِ حَقَّ قَدْرِهِ يُوقِعُ فِي الشِّرْكِ، فَإِيقَاعَهُ فِي
الْمَعَاصِي وَالْآثَامِ مِنْ بَابِ أَوْلَى. فَمَعْرِفَةُ عَظَمَةِ اللهِ عز وجل
سَبَبٌ فِي صَلَاحِ الْقَلْبِ، وَسَبَبٌ فِي اسْتِقَامَتِهِ، وَعَدَمُهَا سَبَبٌ
فِي فَسَادِهِ وَضَيَاعِهِ وَانْحِرَافِهِ وَضَلَالِهِ .
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ :
وَمِمَّا
لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ اللهَ عز وجل عَظِيمٌ، وَلِذَلِكَ مِنْ أَسْمَائِهِ
الْعَظِيمُ، وَقَدْ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ، وَخَتَمَ بِاسْمِهِ
الْعَظِيمِ أَعْظَمَ آيَةٍ، آيَةِ الْكُرْسِيِّ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: } وَلا يَؤُودُهُ
حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ {
، يَقُولُ الْبَغَوِيُّ فِي مَعَالِمِ التَّنْزِيلِ: الْعَظِيمُ الْكَبِيرُ الَّذِي
لَا شَيْءَ أَعْظَمَ مِنْهُ. فَلَيْسَ هُنَاكَ شَيْءٌ أَعْظَمُ مِنَ اللهِ عز وجل -أَيُّهَا
الْإِخْوَةُ- وَلَوِ اسْتَشْعَرْنَا عَظَمَتَهُ سُبْحَانَهُ، لَمَا تَجَرَّأْنَا
عَلَى مُخَالَفَةِ أَمْرِهِ وَعِصْيَانِهِ، الْوَاحِدُ مِنَّا لَا يَسْتَطِيعُ
أَنْ يُخَالِفَ مَخْلُوقًا مِنْ مَخْلُوقَاتِ اللهِ لَهُ سَيْطَرَةٌ عَلَيْهِ،
وَقُدْرَةٌ عَلَى مُعَاقَبَتِهِ، وَلَكِنَّهُ يَتَجَرَّأُ عَلَى مُخَالَفَةِ
أَمْرِ اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ، وَقَدْ يَعْصِيهِ وَهُوَ يَضْحَكُ بِمِلْءِ فِيهِ
، غَيْرَ مُبَالٍ وَلَا مُكْتَرِثٍ بِمَنْ خَالَفَ وَعَصَى!
فَنَحْنُ
بِحَاجَةٍ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- لِمُرَاجَعَةِ أَنْفُسِنَا ، وَمُحَاسَبَتِهَا
عَنْ مِقْدَارِ تَعْظِيمِهَا للهِ عز وجل .
يَقُولُ
عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- حَبْرُ الْأُمَّةِ
وَتَرْجُمَانُ الْقُرْآنِ يَقُولُ: إِنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي كَفِّ
اللهِ أَصْغَرُ مِنَ الْخَرْدَلَةِ فِي يَدِ أَحَدِكُمْ . وَفِي صَحِيحِ
الْبُخَارِيِّ جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الْأَحْبَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّا نَجِدُ أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ
السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ عَلَى
إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الخلائِق عَلَى
إِصْبَعٍ، فَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى
بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ؛ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الْحَبْرِ، ثُمَّ قَرَأَ صلى الله عليه
وسلم الْآيَةَ: }وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ{ . وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى
الله عليه وسلم قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ: }وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ
وَالأَرْضُ{ ،
وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ هَكَذَا بِيَدِهِ وَيُحَرِّكُهَا يُقْبِل
بِهَا وَيُدْبِرُ، (( يُمَجِّدُ
الرَّبُّ نَفْسَهُ: أَنَا الْجَبَّارُ، أَنَا الْمُتَكَبِّرُ، أَنَا الْمَلِكُ،
أَنَا الْعَزِيزُ، أَنَا الْكَرِيمُ )) . فَرَجَفَ بِرَسُولِ اللهِ
الْمِنْبَرُ حَتَّى قُلْنَا لَيَخِرَّنَّ بِهِ .
وَتَأَمَّلُوا
-أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- مَا هِيَ هَذِهِ السَّمَاءُ الَّتِي تُطْوَى بِيَمِينِ
الرَّحْمَنِ، وَهِيَ بِيَدِهِ أَصْغَرُ مِنَ الْخَرْدَلَةِ فِي يَدِ أَحَدِنَا .
لَقَدْ أَخْبَرَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (( مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ فِي
الْكُرْسِيِّ )) وَالْكُرْسِيُّ وَرَدَ أَنَّهُ مَوْضِعُ قَدَمِ الرَّبِّ ،
(( مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ فِي
الْكُرْسِيِّ إَلا كَدَرَاهِمَ سَبْعَةٍ أُلْقِيَتْ فِي تُرْسٍ ، وَمَا
الْكُرْسِيُّ فِي الْعَرْشِ )) وَالْعَرْشُ الَّذِي اسْتَوَى الرَّحْمَنُ
فَوْقَهُ (( وَمَا الْكُرْسِيُّ فِي
الْعَرْشِ إِلا كَحَلْقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ أُلْقِيَتْ بَيْنَ ظَهْرَيْ فَلاَةٍ مِنَ
الأَرْضِ )) . كَالْحَلْقَةِ الْمُلْقَاةِ فِي صَحْرَاءَ وَاسِعَةٍ! فَلَا
إِلَهَ إِلَّا اللهُ. وَيَقُولُ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه : بَيْنَ السَّمَاء
الدُّنْيَا وَالَّتِي تَلِيهَا خَمْسُمِائَةِ عَامٍ، وَبَيْنَ كُلِّ سَمَاءِ
مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ. وَغِلَظُ كُلِّ سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ
عَامٍ ، وَبَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَبَيْنَ الْكُرْسِيِّ خَمْسُمِائَةِ
عَامٍ ، وَبَيْنَ الْكُرْسِيِّ وَبَيْنَ الْمَاءِ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ ،
وَالْعَرْشُ فَوْقَ الْمَاءِ ، وَاللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ، وَلَا يَخْفَى
عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَعْمَالِكُمْ . فَلْنَتَّقِ اللهَ -أَحِبَّتِي فِي اللهِ-
وَلْنُرَاجِعْ أَنْفُسَنَا بِجَانِبِ عَظَمَةِ اللهِ عز وجل .
أَعُوذُ
بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ :
}مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ
رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا
أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا
عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {
.
بَارَكَ
اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا
فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا ،
وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ
الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ
للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا
لِشَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى
رِضْوَانِهِ ، صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ
تَسْلِيمًا كَثِيرًا .
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُؤْمِنُونَ :
إِنَّ
عَظَمَةَ اللهِ عز وجل تَتَجَلَّى فِي عَظِيمِ مَخْلُوقَاتِهِ، فَفِيهَا أَوْضَحُ
دَلَالَةٍ عَلَى عَظَمَتِهِ سُبْحَانَهُ، فِي الْحَدِيثِ الَّذِي حَسَّنَهُ
الْأَلْبَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- يَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (( إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ ،
وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ؛ أَطَّتِ السَّمَاءُ ، وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ
، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ ، إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ
سَاجِدًا لِلَّهِ ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا
وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الفُرُشِ
وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ )) .
فَلْنَتَّقِ
اللهَ -أَحِبَّتِي فِي اللهِ- وَلْنُعَظِّمْهُ فِي نُفُوسِنَا، وَلْنُحِبَّهُ فِي
قُلُوبِنَا ، وَلْنَشْكُرْهُ بِأَلْسِنَتِنَا وَأَعْمَالِنَا ، يَقُولُ عز وجل : }وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ
اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ
أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ
وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ . أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ
مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي
ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {
.
أَسْأَلُ
اللهَ لِي وَلَكُمْ عِلْمًا نَافِعًا ، وَعَمَلًا خَالِصًا ، وَسَلَامَةً
دَائِمَةً ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ . اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى
وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى ، اللَّهُمَّ أَحْيِنَا سُعَدَاءَ ،
وَتَوَفَّنَا شُهَدَاءَ ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَةِ الْأَتْقِيَاءِ ،
بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .
اللَّهُمَّ
إِنَّا نَسْأَلُكَ رِضَاكَ وَالْجَنَّةَ ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ سَخَطِكَ
وَالنَّارِ ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ،
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ ، لَا ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ ،
بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ . اللَّهُمَّ احْفَظْ لَنَا أَمْنَنَا
وَوُلَاةَ أَمْرِنَا وَعُلَمَاءَنَا وَدُعَاتَنَا ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا
الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ
الرَّاحِمِينَ . }رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي
الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {
.
عِبَادَ اللهِ :
}إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ
وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ{
فَاذْكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ
يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|