تَذْكِيْرُ اَلْأَبْنَاْءِ بِمَاْ يَجِبُ لِلْآبَاْءِ إِنَّ الْحَمْدَ للهِ ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا . أَمَّا بَعْدُ ، فيا عباد الله : اتَّقُوا اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ سُبْحَانَهُ فَقَالَ : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ؛ ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ ، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ ، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا﴾ ، جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ . أَيُّهَا النَّاسُ عِبَادَ اللهِ : فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرٍو ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ أَبِي اجْتَاحَ مَالِي - أَيْ : أخَذَهُ دُونَ إِذْنِي وَاسْتَأْصَلَهُ وَأَنْفَقَهُ - فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ » ، وَقَالَ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلامُهُ عَلَيْهِ : « إِنَّ أَوْلاَدَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ ، فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ » . فَلِلْوَالِدِ مَنْزِلَةٌ سَامِيَةٌ رَفِيعَةٌ ، وَمَكَانَةٌ عَالِيَةٌ عَظِيمَةٌ ، وَلَهُ حَقٌّ وَاجِبٌ أَكِيدٌ عَلَى أَوْلاَدِهِ ؛ وَمَا مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ بَعْدَ تَوْحِيدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، أَعْظَمَ مِنَ الإِحْسَانِ إِلَيْهِ ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ ، وَيَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ ، وَيَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قَائِلٍ : ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ ، وَالْإِحْسَانُ بِالْوَالِدَيْنِ ؛ الْبِرُّ بِهِمَا وَالْبُعْدُ عَنْ كُلِّ مَا يُؤْذِيهِمَا ، وَمَهْمَا أَحْسَنَ وَلَدٌ لِوَالِدِهِ ، فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ لَا يَسْتَكْثِرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : « لاَ يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ ، إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ » ، وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى عِظَمِ حَقِّ الْوَالِدِ وَتَأْكِيْدِ وَاْجِبِهِ . وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى عِظَمِ حَقِّ الْوَالِدِ ؛ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَرَنَ شُكْرَهُ بِشُكْرِهِ فَقَالَ : ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ﴾ ، وَرُويَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّهُ قَالَ : ثَلَاثُ آيَاتٍ نَزَلَتْ مَقْرُونَةً بِثَلَاثٍ ، لَمْ تُقْبَلْ مِنْهَا وَاحِدَةٌ بِغَيْرِ قَرِينَتِهَا : إِحْدَاهَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ ؛ فَمَنْ أَطَاعَ اللهَ وَلَمْ يُطِعْ رَسُولَهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ . وَالثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾ ؛ فَمَنْ صَلَّى وَلَمْ يُزَكِّ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ . وَالثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾ ؛ فَمَنْ شَكَرَ اللهَ وَلَمْ يَشْكُرْ وَالِدَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ . وَوَالِدَاكَ ـ أَخِي الْمُسْلِمُ ـ هُمَا أُمُّكَ وَأَبُوكَ ، فَمِثْلُ مَا يَأْمُرُكَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِبِرِّ أُمِّكَ ، وَالإِحْسَانِ إِلَيْهَا ، وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا يُرْضِيهَا عَنْكَ ، كَذَلِكَ أَبُوكَ ، وَهَذَا أَمْرٌ يَجْهَلُهُ أَوْ يَتَجَاهَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ ، لَاسِيَّمَا بَعْضُ الْأَبْنَاءِ الْمُعَدِّدُ آبَاؤُهُمْ ، يُولُونَ اهْتِمَامَهُمْ بِأُمَّهَاتِهِمْ وَيَتَجَاهَلُونَ مَا يَجِبُ لِآبَائِهِمْ . وَلَا شَكَّ ـ أَيُّهَا الإِخْوَةُ ـ أَنَّ الأُمَّ لَهَا شَأْنٌ عَظِيمٌ ، وَذَاتُ فَضْلٍ كَبِيرٍ ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ لَا يَعْنِي إِهْمَالَ الأَبِ ، وَلَا يُبَرِّرُ عَدَمَ بِرِّهِ ، وَلَا يُسِيغُ عَدَمَ الْقِيَامِ بِوَاجِبِهِ ، وَلَا يَكُونُ ذَرِيعَةً لِتَهْمِيشِهِ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهِ وَهَجْرِهِ وَاسْتِثْقَالِ وُجُودِهِ وَانْتِظَارِ زَوَالِهِ . فَإِنْ كَانَتْ أُمُّكَ مَدْرَسَةً لَكَ ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ : وَالأُمُّ مَدْرَسَـــــــــةٌ إِذَا أَعْدَدْتَهَا أَعْدَدْتَ شَعْبًا طَيِّبَ الْأَعْرَاقِ فَأَبُوكَ مُؤَسِّسُهَا وَسَبَبُ وُجُودِهَا ، وَمُدِيرُهَا ، وَرَاعِيهَا ، وَالْمُنْفِقُ عَلَيْهَا ، وَحَارِسُهَا ، وَالْمُهْتَمُّ بِهَا ، بَلْ هُوَ رَمْزُ أَمَانِهَا وَاسْتِقْرَارِهَا ، الْقَائِمُ عَلَيْهَا دُونَ مَلَلٍ وَلَا تَقْصِيرٍ ، وَالْبَاذِلُ مِنْ أَجْلِهَا مَا تَحْتَاجُهُ دُونَ بُخْلٍ وَلَا تَقْتِيرٍ ، إِذَا كَانَتْ أُمُّكَ لَكَ نَبْعَ حَنَانٍ ، فَأَبُوكَ لَكَ مَنْبَعَ أَمَانٍ وَاطْمِئْنَانٍ ، وَقَدْ لَا تُدْرِكُ قِيمَةَ أَبِيكَ لِجَهْلِكَ وَخِفَّةِ عَقْلِكَ وَقِلَّةِ دِينِكَ إِلَّا بَعْدَ فَقْدِهِ ، فَاسْأَلْ مَنْ فَقَدَ أَبَاهُ ، فَصَارَ يَتِيمًا يَتَقَرَّبُ الْمُحْسِنُونَ بِمَسْحِ شَعْرِ رَأْسِهِ ، وَيَلْتَمِسُونَ الْأَجْرَ وَالثَّوَابَ بِإِطْعَامِهِ وَإِلْبَاسِهِ ، اسْأَلْهُ لِتُدْرِكَ نِعْمَةَ وُجُودِ أَبِيكَ ، عَنِ الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي يُعَامِلُهُ بِهَا النَّاسُ بَعْدَ فَقْدِ أَبِيهِ ، فَإِيَّاكَ إِيَّاكَ أَنْ تُنْسِيَكَ مَحَبَّتُكَ لِأُمِّكَ الْإِحْسَانَ إِلَى أَبِيكَ ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ . بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ : فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ ، جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: « أُمُّكَ » ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: « ثُمَّ أُمُّكَ » ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: « ثُمَّ أُمُّكَ » ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ : « ثُمَّ أبُوكَ » ، وَتَكْرَارُ حَقِّ الأُمِّ ثَلَاثًا ، لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى إِهْمَالِ وَتَرْكِ حَقِّ الأَبِ ، وَلَكِنَّهُ تَأْكِيدٌ لِحَقِّهَا لِكَثْرَةِ فَضْلِهَا ، وَتَقْدِيرٌ لِمُعَانَاتِهَا مِنْ حَمْلِهَا وَوَضْعِهَا وَإِرْضَاعِهَا وَتَرْبِيَتِهَا ، وَهِيَ وَاللهِ تَسْتَحِقُّ ذَلِكَ ، وَلَكِنَّ الْأَبَ كَذَلِكَ ، فَكَمْ شَقِيَ وَتَعِبَ ! وَكَمْ بَذَلَ وَأَنْفَقَ ! وَكَمْ جَبُنَ وَبَخِلَ بِسَبَبِكَ ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جَاءَهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ يَسْعَيَانِ ، فَضَمَّهُمَا إِلَيْهِ وَقَالَ : « إِنَّ الْوَلَدَ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ » ! فَكَمْ بَخِلَ أَبُوكَ بِمَالِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِسَبَبِ أَنْ لَا تَحْتَاجَ لِغَيْرِهِ ! وَكَمْ أَضْنَاهُ الْخَوْفُ مِنَ الْمَوْتِ مِنْ أَجْلِ أَلَّا يَتْرُكَكَ لِوَحْدِكَ ! كَمْ لَيْلَةٍ سَهِرَ لِتَنَامَ ! وَكَمْ يَوْمٍ تَعِبَ لِتَرْتَاحَ ! وَكَمْ شَهْرٍ شَقِيَ لِتَسْعَدَ ! فَوَاللهِ ثُمَّ وَاللهِ ، لَوْ تَبَرُّ أُمَّكَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ، وَلَكِنَّكَ تَعُقُّ أَبَاكَ ، فَإِنَّكَ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ ، وَمَآلُكَ إِلَى أَمْرٍ خَطِيرٍ ، يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : « الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجنَّةِ، فَإِنْ شِئْتَ فَأَضِعْ ذَلِكَ الْبَابَ أَوِ احْفَظْهُ » ، يَقُولُ ابْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ وَأَسْكَنَهُ وَوَالِدِينَا فَسِيحَ جَنَّاتِهِ ، لَمَّا سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ يَبَرُّ أُمَّهُ وَيَعُقُّ أَبَاهُ يَقُولُ : فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَبَرَّ وَالِدَهُ، وَأَلَّا يُنْسِيَهُ بِرُّهُ لِوَالِدَتِهِ بِرَّهُ لأَبِيهِ، بَلْ يَتَّقِي اللهَ، وَيُعَامِلُ أَبَاهُ بِالْحُسْنَى، وَقَدْ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْوَلَدِ مَعَ أَبَوَيْهِ الْكَافِرَيْنِ : ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ وَهُمَا كَافِرَانِ فَكَيْفَ بِالْمُسْلِمِ؟!! فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَقُومُوا بِمَا يَجِبُ لِآبَائِكُمْ ، أَحْسِنُوا إِلَيْهِمْ مِثْلَ مَا أَحْسَنُوا إِلَيْكُمْ ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ ، تَقَرَّبُوا إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِحُسْنِ صُحْبَتِهِمْ ، إِنْ كَانُوا أَحْيَاءَ فَاسْتَغِلُّوا فُرْصَةَ وُجُودِهِمْ قَبْلَ فَوَاتِ الْأَوَانِ ، فَإِنَّهُمْ لَا يُعَوَّضُونَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، وَإِنْ كَانُوا تَحْتَ التُّرَابِ ، فَالْإِحْسَانُ إِلَيْهِمْ لَا يَنْقَطِعُ بِمَوْتِهِمْ ، فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ : صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ » . أَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَرْحَمَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ كَمَا رَبَّوْنَا صِغَارًا ، اللَّهُمَّ جَازِهِمْ بِالْحَسَنَاتِ إِحْسَانًا ، وَبِالسَّيِّئَاتِ عَفْوًا وَغُفْرَانًا ، اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَى قُبُورِهِمْ شَآبِيبَ الرَّحَمَاتِ ، وَاجْعَلْهَا مَفْتُوحَةً لَهُمْ عَلَى فَسِيحِ الْجَنَّاتِ ، وَاجْمَعْنَا بِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي دَارِ كَرَامَتِكَ ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ . ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾. عِبَادَ اللهِ : ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ . فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا: |