لِلْعُقَّاْلِ بَعْضُ أَخْطَاْرِ اَلْجَوَّاْلِ إِنَّ الْحَمْدَ للهِ ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا . أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ : اتَّقُوا اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ سُبْحَانَهُ فَقَالَ : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ فَاتَّقُوا اللهَ ـ عِبَادَ اللهِ - ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ ، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ ، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا﴾ جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ . أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ : فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ : كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي . وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى شِدَّةِ حِرْصِهِ ، وَسَلاَمَةِ فِكْرِهِ ، وَرَجَاحَةِ عَقْلِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، يَسْأَلُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يَقَعَ فِيهِ ، وَاجْتِنَابُ الشَّرِّ مُقَدَّمٌ عَلَى فِعْلِ الْخَيْرِ ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْقَاعِدَةُ الشَّرْعِيَّةُ الْعَظِيمَةُ ، الْمُسْتَنْبَطَةُ مِنَ الْآيَاتِ الْكَرِيمَةِ وَالأَحَادِيثِ الشَّرِيفَةِ ، وَهِيَ أَنَّ دَرْءَ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ ، وَمِنْ أَدِلَّتِهَا قَوْلُ اللهِ تَعَالَى : ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ ، أَيْ : وَلَا تَسُبُّوا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَوْثَانَ الَّتِي يَعْبُدُهَا الْمُشْرِكُونَ ، حَتَّى لَا يَكُونَ سَبُّكُمْ ذَلِكَ سَبَبًا لِسَبِّهِمْ للهِ جَلَّ جَلَالُهُ . وَمِنْ أَدِلَّتِهَاْ قَوْلُ اَلْنَّبِيِّ صَلَّىْ اَللهُ عَلِيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ : « فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاَجْتَنِبُوْهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَاْ اسْتَطَعْتُمْ » . فَمَعْرِفَةُ الشَّرِّ لِتَجَنُّبِهِ وَعَدَمِ الْوُقُوعِ فِيهِ ، مِنَ الأُمُورِ الْمُهِمَّةِ فِي حَيَاةِ الْمُسْلِمِ ، يَقُولُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، ثَانِي الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ ، عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : مَنْ لَمْ يَعْرِفِ الْجَاهِلِيَّةَ لَا يَعْرِفُ الْإِسْلَامَ . وَصَدَقَ مَنْ قَالَ : عَرَفْتُ الشَّرَّ لَا لِلشَّرِّ لَكِنْ لِتَوَقِّيهِ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفِ الشَّرَّ مِنَ الْخَيْرِ يَقَعْ فِيهِ وَمِنَ الشُّرُورِ الْكَبِيرَةِ الْخَطِيرَةِ ، الَّتِي بُلِينَا بِهَا ، وَيَجِبُ أَنْ نُدْرِكَ ضَرَرَهَا ، وَنَسْتَشْعِرَ خَطَرَهَاْ ، مَا يُعْرَفُ بِوَسَائِلِ الاِتِّصَالِ ، مُمَثَّلَةً بِالْجَوَّالِ الَّذِي لَا تَخْلُو مِنْهُ جُيُوبُنَا ، وَلَا حَقَائِبُ نِسَائِنَا ، وَلَا أَيْدِي أَبْنَائِنَا ، بَلْ حَتَّى أَطْفَالِنَا لَمْ يَسْلَمُوا مِنَ التَّعَلُّقِ بِهِ ، وَالنَّظَرِ فِي شَاشَتِهِ ، إِلَى دَرَجَةِ أَنَّا أَلِفْنَاهُ أَكْثَرَ مِنْ إِلْفِنَا لِبَعْضِنَا ، وَنَحْرِصُ عَلَيْهِ أَشَدَّ مِنْ حِرْصِنَا عَلَى أَشْيَاءَ مُهِمَّةٍ فِي حَيَاتِنَا ، بَلْ صَارَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الْحَيَاةِ عِنْدَ أَكْثَرِنَا ، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَكْثَرُنَا الصَّبْرَ عَنْهُ وَلَوْ لِوَقْتٍ وَجِيزٍ ، بَلْ بَلَغَ الْهَوَسُ بِهِ ، وَالإِدْمَانُ عَلَى النَّظَرِ فِيهِ ، أَنَّ بَعْضَ النِّسَاءِ جَسَدُهَا مَعَ زَوْجِهَا وَقَلْبُهَا مَعَ جَوَّالِهَا ، وَإِنْ تَعْجَبْ فَاعْجَبْ مِنِ امْرَأَةٍ تُدْمِنُ تَطْبِيقَاتٍ لَا حَاجَةَ لَهَا بِهَا ، وَلَا تَنْفَعُهَا وَلَا تُفِيدُهَا فِي حَيَاتِهَا مَعَ زَوْجِهَا وَلَا فِي تَرْبِيَةِ أَطْفَالِهَا ، لَيْسَ فِيهَا إِلَّا الْحُثَالَى مِنَ التَّافِهِينَ وَالتَّافِهَاتِ ، فَيَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَنْ لَا تَجْعَلَ مِثْلَ هَذِهِ التَّطْبِيقَاتِ فِي جَوَّالِهَا ، وَإِنْ وَضَعَتْهَا وَصَارَتْ سَبَبًا لِعَدَمِ ثِقَةِ زَوْجِهَا بِهَا ؛ فَلَا تَلُومُ إِلَّا نَفْسَهَا . وَبَعْضُ عَدِيمِي الْمَسْؤُولِيَّةِ يَقُودُونَ سَيَّارَاتِهُمْ ، وَهُمْ يَنْظُرُونَ فِي جَوَّالَاتِهِمْ ، فَيُعَرِّضُونَ أَنْفُسَهُمْ وَغَيْرَهُمْ لِلْخَطَرِ . وَأَمَّا آدَابُ الْمَجَالِسِ ، فَبِسَبَبِ الْجَوَّالِ عَلَيْهَا السَّلَامُ ، كُلٌّ مُنْكَبٌّ عَلَى جَوَّالِهِ ، جَسَدُهُ عِنْدَكَ وَقَلْبُهُ وَمَشَاعِرُهُ فِي جَوَّالِهِ ، وَمَا أَسْوَأَ ذَلِكَ عِنْدَمَا يَكُونُ عِنْدَ الْوَالِدَيْنِ ! أَوْ عِنْدَ أَحَدِهِمَاْ ! وَلَا شَكَّ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ أَنَّ الْجَوَّالَ سِلَاحٌ ذُو حَدَّيْنِ ، فِيْهِ خَيْرٌ وَفِيْهِ شَرٌّ ، وَلَهُ نَفْعٌ وَلَهُ ضُرٌّ ، وَلَكِنْ مِنْ بَابِ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : وكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي . فَفِي الْجَوَّالِ مِنْ خِلَالِ بَعْضِ بَرَامِجِهِ وَتَطْبِيقَاتِهِ شُرُورٌ عَظِيمَةٌ ، وَمَفَاسِدُ كَثِيرَةٌ خَطِيرَةٌ ، مِنْهَا عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ : نَشْرُ الْعَقَائِدِ الْفَاسِدَةِ وَالْأَفْكَارِ الْهَدَّامَةِ ، وَتَرْوِيجُ الْمَنَاهِجِ وَالْمَذَاهِبِ الْمُنْحَرِفَةِ ، وَتَأْصِيلُ الْعَادَاتِ وَالتَّقَالِيدِ السَّيِّئَةِ ، وَالْقَضَاءُ عَلَى الْأَخْلَاقِ الْكَرِيمَةِ ، وَالْقِيَمِ الْفَاضِلَةِ ، وَالْمَبَادِئِ الثَّابِتَةِ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ كَالْغُلُوِّ وَالتَّطَرُّفِ وَالْإِرْهَابِ ، وَالْخُرُوجِ عَلَى الْحُكَّامِ ، وَالْمُظَاهَرَاتِ وَالِاعْتِصَامَاتِ وَالاحْتِجَاجَاتِ ، بَلْ يُنْشَرُ مِنْ خِلَالِ تَطْبِيقَاتِ الْجَوَّالِ الشِّرْكُ بِأَشْكَالِهِ وَالْكُفْرُ بِأَنْوَاعِهِ ، وَكَذَلِكَ التَّنْجِيمُ وَالْكِهَانَةُ وَالْعِرَافَةُ ، وَالسِّحْرُ وَالشَّعْوَذَةُ وَادِّعَاءُ عِلْمِ الْغَيْبِ ، وَتُنْشَرُ وَتَنْتَشِرُ مِنْ خِلَالِهِ الْأَحَادِيثُ الْمَكْذُوبَةُ ، وَالْقِصَصُ الْمُلَفَّقَةُ ، وَالْبِدَعُ الْمُحْدَثَةُ ، فَمَا مِنْ بِدْعَةٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ، إِلَّا وَتُنْقَلُ وَتُزَيَّنُ وَتُرَوَّجُ مِنْ خِلَالِ بَعْضِ بَرَامِجِ الْجَوَّالِ ، وَهَذَا خَطَرٌ عَظِيمٌ ، وَشَرٌّ عَمِيمٌ وَخَاصَّةً عَلَى الشَّبَابِ حُدَثَاءِ الْأَسْنَانِ ، سُفَهَاءِ الْأَحْلَامِ ، الَّذِينَ مِنْ أَبْرَزِ صِفَاتِهِمُ : التَّشَبُّهُ وَالتَّقْلِيدُ وَالْمُحَاكَاةُ لِمَنْ يُعْجَبُونَ بِهِ مِنَ الَّذِينَ فَسَدَتْ عَقَائِدُهُمْ ، وَانْحَرَفَتْ أَخْلَاقُهُمْ ، وَضَلَّتْ أَفْكَارُهُمْ ، وَالنَّتِيجَةُ : الْقَضَاءُ عَلَى الْمُرُوءَةِ وَالْأَخْلَاقِ وَالدِّينِ وَالْحَيَاءِ ، بَلْ عَلَى التَّقْوَى وَالْإِيمَانِ فِي قُلُوبِ الشَّبَابِ . فَخَطَرُ الْجَوَّالِ لَا يَشُكُّ فِيهِ عَاقِلٌ ، وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ نَقْلُهُ وَنَشْرُهُ لِمَا يُخَطِّطُ لَهُ الْأَعْدَاءُ ، مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالرَّافِضَةِ وَالْإِخْوَانِ الْمُفْلِسِينَ وَالصُّوفِيَّةِ وَمَنْ هُوَ عَلَى شَاكِلَتِهِمْ مِنَ الْفَاسِدِينَ وَالْمُنْحَرِفِينَ وَاَلْحَاْقِدِيْنَ وَالْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَالضَّالِّينِ ، فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَاحْذَرُوا وَحَذِّرُوا مِنْ خَطَرِ الْجَوَّالِ وَوَسَائِل الِاتِّصَالِ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ . بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ : وَمِنْ أَخْطَارِ وَشُرُورِ الْجَوَّالِ ، الَّتِي تَجِبُ مَعْرِفَتُهَا لِلسَّلَامَةِ مِنْ شَرِّهَا : الِانْشِغَالُ بِهِ عَنْ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَنِ الصَّلَاةِ ، ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ ، وَمِثْلُ ذَلِكَ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ، حَيْثُ يَظَلُّ أَحَدُهُمْ عَلَى جَوَّالِهِ مُعْرِضًا عَنْ حَاجَةِ وَالِدَيْهِ ، تَارِكًا لِخِدْمَتِهِمَا ، حَارِمًا لَهُمَا مِنْ رُؤْيَتِهِ أَوِ الْجُلُوسِ مَعَهُ ، حَتَّى وَإِنْ جَلَسَ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا فَهُوَ حَاضِرٌ فِي جَسَدِهِ ، وَقَلْبُهُ وَعَقْلُهُ وَفِكْرُهُ مَعَ جَوَّالِهِ . بَلْ بَعْضُ مُدْمِنِي الْجَوَّالِ ، حَتَّى فِي الْمَسَاجِدِ ، وَبَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ ، وَانْتِظَارِ الصَّلَاةِ ، تَجِدُهُ يَنْظُرُ فِي جَوَّالِهِ ، يَقْرَأُ وَيَكْتُبُ رَسَائِلَهُ ، أَوْ يَتَصَفَّحُ بَعْضَ تَطْبِيقَاتِهِ . وَمِنْ أَخْطَرِ شُرُورِ الْجَوَّالِ ، مَا يَفْعَلُهُ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ ، مِنَ الْخَلْوَةِ بِبَعْضِ اَلْنِّسَاْءِ ، وَالِاتِّصَالَاتِ الْمُرِيبَةِ وَاَلْعِلَاْقَاْتِ اَلْمُحَرَّمَةِ مَعَ بَعْضِ الْفَتَيَاتِ ، وَتَبَادُلِ الصُّوَرِ وَالْمَقَاطِعِ ، وَالْوُعُودُ الْكَاذِبَةُ وَالْأَمَانِي الزَّائِفَةُ ، وَكَمْ مِنْ ضَحِيَّةٍ رَاحَتْ نَتِيجَةَ ذَلِكَ . فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَأَدْرِكُوا شُرُورَ هَذَا الْجَوَّالِ ، خَافُوا أَنْ تُدْرِكَكُمْ ، رَاقِبُوا مَنْ وَلَّاكُمُ اللهُ أَمْرَهُمْ ، وَاغْرِسُوا الْخَوْفَ مِنَ اللهِ وَمُرَاقَبَتَهُ وَتَعْظِيمَهُ فِي قُلُوبِهِمْ ، كُونُوا لَهُمْ قُدُوَاتٍ فِي ذَلِكَ . أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ : فِيْ فَصْلِ اَلْشِّتَاْءِ ، تَنْتَشِرُ بَعْضُ اَلْأَمْرَاْضِ اَلْمَوْسِمِيَّةِ ، وَقَدْ سَعَتِ اَلْدَّوْلَةُ وَفَّقَهَاْ اَللهُ ، إِلَىْ إِيْجَاْدِ اِلْلُّقَاْحِ اَلْمُنَاْسِبِ لِلْوقَاْيَةِ مِنْ هَذِهِ اَلْأَمْرَاْضِ ، وَاَلْتَّخْفِيْفِ مِنْ حِدَّتِهَاْ ، وَخَاْصَةً لِكِبَاْرِ اَلْسِّنِّ وَاَلْأَطْفَاْلِ وَاَلْمُصَاْبِيْنَ بِاَلْأَمْرَاْضِ اَلْمُزْمِنَةِ ، وَهَذَاْ اَلْلُّقَاْحِ ، يَتَوَفَّرُ فِيْ اَلْمَرَاْفِقِ اَلْصِّحْيَةِ ، فَبَاْدِرُوْا إِلَىْ أَخْذِهِ ، فَمَاْهُوَ إِلَّاْ سَبَبٌ ، وَاَلْأَخْذُ بِاَلْأَسْبَاْبِ مِنْ اَلْتَّوْحِيْدِ . أَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَحْفَظَنَا أَجْمَعِينَ ، فِي أَنْفُسِنَا وَفِي ذُرِّيَّاتِنَا وَفِي مَنْ لَهُ مَكَانَةٌ فِي قُلُوبِنَا ، وَأَنْ يُبَارِكَ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّاتِنَا وَأَنْ يَجْعَلَنَا مُبَارَكِينَ أَيْنَمَا كُنَّا بِرَحْمَتِهِ فَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ . اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَضِلَّ أَوْ نُضَلَّ ، أَوْ نَزِلَّ أَوْ نُزَلَّ ، أَوْ نَظْلِمَ أَوْ نُظْلَمَ ، أَوْ نَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيْنَا ، ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ . ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾. عِبَادَ اللهِ : ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ . فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا: |