اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، والحمد لله على ما قدره بحكمته من دقيق الأمر وجله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك كله، وله الحمد كله، وبيده الخير كله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما. أما بعد :
عباد الله من أسماء الله الحسنى : اللطيف , الخبير ، و هما اسمان تكرر ورودهما مجتمعين في عدة آيات من القرآن الكريم ، قال الله تعالى : ﴿ لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام : 103] ، وقال تعالى : ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحج : 63], وقال تعالى في ذكر وصية لقمان الحكيم لابنه : ﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِير ﴾ [لقمان : 16] , وقال تعالى : ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك : 14] ، وقال تعالى : ﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً ﴾ [الأحزاب : 34].
أما الخبير فمعناه: أنه يعلم مافي السرائر , ويطلع على مكنون الضمائر , و يعلم خفيات البذور و لطائف الأمور ودقائق الذرات ؛ فهو اسم يرجع في مدلوله إلى العلم بالأمور الخفية التي هي في غاية اللطف و الصغر , وفى غاية الخفاء , ومن باب أولى و أحرى علمه بالظواهر و الجليات.
وأما اللطيف, فله معنيان:
أحدهما بمعنى الخبير ؛ وهو أن علمه دق و لطف حتى أدرك السرائر و الضمائر و الخفيات. والمعنى الثاني أي : الذي يوصل إلى عباده و أوليائه مصالحه بلطفه و إحسانه من طرق لا يشعرون بها.
فلطف الله بعبده هو من الرحمة , بل هو رحمة خاصة .
فإذا يسر أمور عبده و سهل له طرق الخير و أعانه عليها فقد لطف به , وإذا قيّض له أسباباً خارجية غير داخلة تحت قدرة العبد فيها صلاحه فقد لطف له.
ولهذا ؛ في قصة يوسف عليه السلام حيث قدر الله أموراً كثيرة خارجية عادت عاقبتها الحميدة إلى يوسف و أبيه , وكانت في مبدئها مكروهة للنفوس , ولكن صارت عواقبها أحمد العواقب , وفوائدها أجل الفوائد.
ولذا ؛ قال عليه السلام: ﴿ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ ﴾ أي أن هذه الأشياء التي حصلت لطف لطفه الله له , فاعترف – عليه السلام – بهذه النعمة.
ولطف الله بعبده له باب واسع:-
فمن لطفه بعباده المؤمنين: أنه جل و علا يتولاهم بلطفه فيخرجهم من الظلمات إلى النور , من ظلمات الجهل والكفر و البدع و المعاصي إلى نور العلم و الإيمان و الطاعة.
ومن لطفه بهم: أنه يقيهم طاعة أنفسهم الأمارة بالسوء , التي هذا طبعها ؛ فيوفقهم لنهى النفس عن الهوى ويصرف عنهم السوء والفحشاء , مع توافر أسباب الفتنة و جواذب المعاصي و الشهوات ؛ فيمُن عليهم ببرهان لطفه ونور إيمانهم الذي منّ عليهم به.
ومن لطفه بعباده: أنه يُقدر أرزاقهم بحسب علمه بمصلحتهم , لا بحسب مراداتهم ؛ فقد يريدون شيئاً وغيره أصلح ؛ فيقدر بهم الأصلح وإن كرهوه لطفاً بهم ؛ قال تعالى : ﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ ﴾ [الشورى : 19]
ومن لطفه جل و علا بهم: أنه يقدر عليهم أنواعاً من المصائب والمحن والبلايا والكوارث سوقاً لهم إلى كمالهم في الدنيا وكمال نعيمهم في الجنة.
ومن لطفه بعبده سبحانه : أنه يقدر له أن يتربى في غذاية أهل الصلاح والعلم والإيمان , وبين أهل الخير ؛ ليكتسب من أدبهم و تأديبهم , و أن ينشأ كذلك بين أبوين صالحين و أقارب أتقياء وفى مجتمع صالح ؛ فهذا من أعظم اللطف بالعبد ؛ فإن صلاح العبد موقوف على أسباب كثيرة من أعظمها نفعاً هذه الحالة.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحق المبين وأشهد أن محمداَ رسول الله عبده ورسوله إمام المتقين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين أما بعد : أيها المؤمنون
ومن لطف الله بعبده: أن يجعل رزقه حلالاً في راحة و قناعة يحصل به المقصود , ولا يشغله عما خلق به من العبادة و العلم والعمل به ؛ بل يعوض على ذلك.
ومن لطفه جل و علا بعبده: أن يبتليه ببعض المصائب ؛ فيوفقه إلى القيام بوظيفة الصبر فيها ؛ فيناله رفيع الدرجات وعالي الرتب , وأن يكرمه بأن يوجد في قلبه حلاوة روح الرجاء وتأميل الرحمة و انتظار الفرج وكشف الضر ؛ فيخف ألمه وتنشط نفسه.
وكم هو نافع للعبد أن يعرف معنى هذا الاسم العظيم و دلالته , وأن يجاهد نفسه على تحقيق الإيمان به والقيام بما يقتضيه من عبودية لله عز وجل ؛ فيمتلئ قلبه رجاء و طمعاً في نيل فضل الله و الظفر بنعمه وعطاياه . متحرياً في كل أحواله الفوز بالعواقب الحميدة و المآلات الرشيدة , واثقاً بربه اللطيف , ومولاه الكريم , ذي النعم السوابغ , والعطايا و النوال , ومن يتحر الخير يعطه , ومن يتوق الشر يوقه , والفضل بيد الله وحده , يؤتيه من يشاء , والله ذو الفضل العظيم.
اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين وأذلّ الشرك والمشركين اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويقاتلون أهل دينك اللهم اقتلهم بددا وأحصهم عددا و لاتبقي منهم أحدا , اللهم انصر كتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين اللهم احفظنا بالإسلام قاعدين واحفظنا بالإسلام قاعدين واحفظنا بالإسلام راقدين ولا تشمت بنا أعداء ولا حاسدين, اللهم أنت الله لا إله أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل غلينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا غيثا هنيئا مرئيا سحقا غدقا مجللا نافعا غير ضار عاجلا غير آجل يا ذا الجلال والإكرام يا أرحم الراحمين اللهم بنا من الضيق والظنك ملا نشكوه إلا إليك اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا, اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات انك سميع قريب مجيب الدعوات وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
|