فضل إزالة الأذى
الحمد لله الذي أصلح بلُطفه الصالحين، وخلَع عليهم خُلع الإيمان
واليقين، وحفِظهم بعنايته مما يقبح ويشين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، مالك يوم الدين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله النبي الأمين، اللهم صلِّ وسلم
على محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم إلى يوم الدين، أما بعد: فاتقوا الله ربكم وراقبوه في السر والعلن .
أيها الناس : عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: (لقد أريت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين) . رواه مسلم. وفي رواية:
(مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال: والله لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم،
فأدخل الجنة) .
هذا الحديث الشريف في فضل إماطة الأذى عن الطريق، وإماطة الأذى عن
الطريق من خصال الإيمان وشعبه كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم : «الإيمانُ بِضْعٌ
وَسَبعُونَ أَوْ بِضعٌ وسِتُونَ شُعْبَةً: فَأفْضَلُهَا قَولُ: لاَ إلهَ إلاَّ
اللهُ، وَأَدْنَاهَا إمَاطَةُ الأذَى عَنِ الطَّريقِ، والحَياءُ شُعبَةٌ مِنَ
الإيمان».
عباد الله ما أكرم الله ,,,
عمل يسير جداً وفضله : جنة عرضها السموات والأرض وذلك بسبب غصن أزاله عن طريق المسلمين،
وسواء كان هذا الغصن من فوق يؤذيهم من عند رؤوسهم، أو من أسفل يؤذيهم من جهة
أرجلهم. المهم أنه غصن شوك يؤذي المسلمين فأزاله عن الطريق، أبعده ونحاه، فشكر
الله له ذلك، وأدخله الجنة، مع أن هذا الغصن إذا آذى المسلمين فإنما يؤذيهم في
أبدانهم، ومع ذلك غفر الله لهذا الرجل، وأدخله الجنة. ففيه دليل على فضيلة إزالة
الأذى عن الطريق، وأنه سبب لدخول الجنة. فكيف بمن يتعمد وضع الأذى في طرق الناس
وأماكن جلوسهم وتنزهاتهم هذا والله أشد
إثما .
وهذا الحديث دليل على أن من أزال عن المسلمين الأذى فله هذا الثواب
العظيم في أمر حسيً، ومثله إزالة أي أذى للمسلمين مثل دفن الآبار وإصلاح الطرق
والممرات الخاصة للسالكين فكيف بالأمر
المعنوي؟!! هناك بعض الناس - والعياذ بالله - أهل شر وبلاء، وأفكار خبيثة، وأخلاق سيئة، يصدون
الناس
عن دين الله، فإزالة هؤلاء عن طريق المسلمين أفضل بكثير
وأعظم أجراً عند الله. فإذا أزيل أذى هؤلاء، إذا كانوا أصحاب أفكار خبيثة سيئة
إلحادية، يرد عليها، وتبطل أفكارهم.
فإن لم يجد ذلك شيئاً قطعت أعناقهم، لأن الله يقول في كتابه العزيز:
(إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ
فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ
وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ
فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) .
لأنه ربما يكون هذا الإنسان جرمه ظاهر سهل، ولكنه على المدى البعيد
يكون صعباً، ويكون مضلاً للأمة. فهنا مثلاً هل نقول لولي الأمر أن جرم هذا الإنسان
سهل. أُنْفه من الأرض، أطرده يكفي، أو اقطع يده اليمنى ورجله اليسرى يكفي، قد يقول
لا يكفي؛ هذا أمر يخشى منه في المستقبل، هذا لا يكفي المسلمين شره إلا أن أقتله؛
نقول: نعم لك ذلك.
والواجب على ولاة الأمور أن يزيلوا الأذى عن طريق المسلمين، أي أن يزيلوا كل داعية إلى شر، أو إلى إلحاد، أو إلى مجون، أو
إلى فسوق بحيث يمنع من نشر ما يريد من أي شيء كان من الشر والفساد، وهذا هو
الواجب.
المهم أن إزالة الأذى عن الطريق، والطريق الحسي، طريق الأقدام،
والطريق المعنوي، طريق القلوب، والعمل على إزالة الأذى عن هذا الطريق كله مما يقرب
إلى الله. وإزالة الأذى عن طريق القلوب، والعمل الصالح أعظم أجراً، وأشد إلحاحاً
من إزالة الأذى عن طريق الأقدام.
أقول هذا القول، واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب
إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله كثيرًا ، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له،
وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله ؛ صلى الله وسلَّم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما
بعد
أيها الناس اعلموا أن إصلاح
القلوب من أوجب الواجبات ، فقد قال صلى الله عليه وسلم )إن في الجسد مُضغة إذا صلَحت صلَح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد
كلُّه ألا وهي القلب( فمتى صلح القلب بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر
والقدر خيره وشره، وصحَّح ذلك بالمعرفة، وحسن الاعتقاد، ثم توجه القلب إلى ربه
بالإنابة والقصد وحسن الانقياد - فإن الجوارح كلها تستقيم على طريق الهدى والرشاد،
فصلاح الجوارح ملازم لصلاح القلوب، فاغتنموا رحمكم الله إصلاحَها بحُسن النية في
كل مطلوب، فإن الله لا ينظر إلى صوركم وأعـمالكم، ولكن ينظر ما أكنته القلوب،
فأخلصوا الأعمال لله في كل ما تأتون وما تذرون، وأنيبوا إلى ربكم، واطمعوا في
رحمته لعلكم ترحمون، فالعمل اليسير مع الإخلاص خيرٌ من الكثير مع الرياء، والثمرات
الطيبة إنما تحصُل لمن حقَّق النية واتقى، فمن أصلح باطنه، أصلح الله له الأحوال،
وسدَّده في الأقوال والأفعال: وسَلوا مولاكم أن يطهِّر قلوبكم من الغل والحقد، ومن الكبر والتعاظم على العباد والحسد
قال صلى الله عليه وسلم: (لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، وكونوا
عباد الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يَخذله، ولا يكذبه ولا يَحقره،
بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله
وعرضه)
ثم وصلوا وسلموا على نبيكم ...
ولمزيد من خطب الشيخ الوليد الشعبان
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=129 |