بعض البيوع المنهي عنها
إن
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات
أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله
وأصحابه وسَلَّمَ تسلِيمًا كثيرًا إلى يوم الدين أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله،
واعلموا أن لا أحد أعلم بما ينفع الناس من ربهم، ولا أعرف بما يُصلح الخلق من خالقهم،
فهو العليم الحكيم واللطيف الخبير، خلق الخلق لعبادته، ودلهم على هدايته وما يسعدهم،
وحذَّرهم مما يضرهم، شرع من الأخلاق أكملها، وقضى من الأحكام أعدلها.
أيها المسلمون، جرت
عادة الناس قديما وحديثا ان يمارسوا البيع والشراء ,بل لا تتم معايشهم إلا بذلك ، لذا
ينبغي للمسلم أن يعتني بأحكام البيع والشراء حتى لا يدخل إلى جوفه مالا محرما أو مشبوها
، وفي هذه الخطبة نتعرض إلى شيء من المسائل المهمة في البيوع
فمنها: من البيوع المنهي
عنها وهي قاعدة مهمة من قواعد البيع ( كل بيع يتضمن غَرَرًا وجهالة)، لما ثبت في صحيح
مسلم أن النبي نهى عن بيع الغرر. وأجمع العلماء على تحريمه، والحكمة من النهي عنه أن
الله تعالى حرَّم أكلَ أموال الناس بالباطل، وهذا منها، إذ من شروط البيع معرفةُ المبيع،
وبيع الغَرَر لا يتحقق فيه هذا الشرط، فجاء بطلانه لهذا السبب.
من صور بيع الغرر ـ
عباد الله ـ بيع المجهول، وما لا يقدر على تسليمه، وما لم يتم ملك البائع عليه، وبيع
السمك في الماء الكثير، واللبن في الضرع، وبيع الحمل في البطن،
والحاصل أن من شروط
صحة البيع أن يكون المبيع معلومًا والثمنُ معلومًا، فمتى جهل أحدهما لم يصح البيع.
أيها المسلمون، من قواعد
البيع تحقق الرضا والملك، فمتى اختل أحدهما لم يصح البيع، فالرضا متعين لقول الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ
إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ) [النساء: 29]، وهذه الآية نص
في النهي عن تعاطي الأسباب المحرمة في اكتساب الأموال، وأما المتاجرة المشروعة فمباحة،
ولكن بشرط الرضا من الطرفين: البائع والمشتري، فمن أُكره على بيع ملكه بغير حق فالبيع
باطل، ولا يحل للمشتري أن ينتفع بالمبيع، بل الواجب عليه رده إلى صاحبه حتى تطيب نفسه
ببيعه، ومن أُكره على إجارة ملكه بغير حقٍ فالإجارة باطلة ولا يحل للمستأجِر أن ينتفع
بالمستأجَر، بل الواجب عليه أن يتخلى عنه ويردّه لصاحبه.
وعليه فإنه يحرم ما
تفعله بعض شركات التقسيط حين تُبرم العقد مع المشتري ويوقع على سيارة معينة مثلاً قبل
أن تشتريها الشركة وتملكها في حوزتها .
ومن المسائل أيضا :
لو كان على شخص دينٌ مؤجل، ثم أغناه الله تعالى، فله أن يعرض على صاحب الدين أن يخفض
له في المبلغ ويعجل له السداد، وهذا مباح لما فيه من سرعة إبراء ذمة المدين، وليس داخلاً
في شيء من قواعد البيوع المنهي عنها.
أقول
هذا القول وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة
الثانية:
الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
أيها المسلمون، ومن
المسائل أيضا : إذا استدان شخص سلعة سيارة أو غيرها إلى أجل فيجب الانتباه إلى خمسة أمور:
أولاً: أن تكون السلعة
مملوكة للبائع قبل الاتفاق على شرائها؛ لأن النبي قال: ((لا تبع ما ليس عندك))
ثانيًا: أن يُعلم السعر
والقسط الشهريّ واضحًا لا لبس فيه.
ثالثًا: أن يستلم المشتري
السيارةَ وينقلَها قبل أن يبيعها لأن النبي
نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم.
رابعًا: أن لا يبيعها
على من اشتراها منه، وهذه مسألة العِينة التي حذر منها رسول الله
خامسًا: لو عجز المستدين
عن السداد فلا يجوز لصاحب الدين أن يزيد في المال ريالاً واحدًا مقابل التأخير وإلا
يكون قد وقع في الربا.
معاشر المسلمين، كلنا
نحفظ حديث الأشعث الأغبر الذي يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام وملبسه
حرام وغذي بالحرام: ((فأنى يستجاب لذلك)). لقد اجتمع في هذا الرجل من صفات الذل والمسكنة
والحاجة والفاقة والسفر ما يدعو إلى رثاء حاله، تقطعت به السبل، وطال عليه السفر، واغبرت
قدماه، ثم رفع يدَ الذل والخشوع إلى مولاه يناجيه ويدعو، بعد أن قطع كل العلائق الأخرى
بغيره، ولكنه غَذَّى جسده على الحرام، فحيل بين دعائه والقبول، وردت يداه خائبتين.
ماذا يبقى للعبد إذا
رده مولاه ورفضه وحيل بينه وبين الرحمة؟!.
اللهم
أغننا بحلالك عن حرامك اللهم أصلحْ لنا ديننا الذي هو عصمت أمرنا وأصلح لنا دنيانا
التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا واجعل الدنيا زيادة لنا في كل
خير والموت راحة لنا من كل شر، اللهم ولّ على المسلمين خيارهم واكفهم شرارهم يا رب
العالمين، اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، اللهم ارحم المستضعفين من المسلمين في كل
مكان، اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم انصر المستضعفين
من المؤمنين في كل مكان، اللهم احقن دماء المسلمين، واحفظ عليهم دينهم وأمنهم وأعراضهم
وأموالهم يا رب العالمين، اللهم قاتل كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك ويقاتلون
أهل دينك اللهم خالف بين كلمتهم وألق في قلوبهم الرعب وألق عليهم رجزك وعذابك إله الحق،
اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك, اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين
يا قوي يا عزيز.
اللهم
وفقّ ولاة أمرنا بتوفيقك وأيّدهم بتأييدك واجعلهم أنصارا لدينك واجزهم خير الجزاء على
ما يقومون به من خدمة للإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اكفنا شر الأشرار
وكيد الفجار، اللهم من أرادنا وأراد ديننا وديارنا وأمننا وأمتنا واجتماع كلمتنا بسوءٍ
اللهم فأشغله بنفسه واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميرا عليه يارب العالمين، اللهم
إنا ندرؤك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم. اللهم احفظ جنودنا وقواتنا وقوِّ عزائهم واربط
على قلوبهم، وأحكم أمرهم وسدد رأيهم، واحفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم
وعن شمائلهم ومن فوقهم واحفظهم أن يغتالوا من تحتهم.
رَبَّنَا
ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً
وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وللمزيد من الخطب
السابقة للشيخ الوليد الشعبان تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=129
|