خطبة عن الاستسقاء لطلاب المدارس
الحمد لله رب العالمين ,والرحمن الرحيم , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين , وأشهد أن محمد عبده ورسوله الأمين , صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين 0
أما بعد : فاتقوا الله عباد الله
أيها الإخوة في الله : أيها الشباب المسلم : أيها الجمع المبارك :
يتنقل المرء في هذه الحياة منذ ولادته الى شيخوخته بين مراحل , فالله خلقنا أطورا ( هو الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة ) (خلقنا من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة ثم يخرجنا أطفالا ثم شبابا ثم كهولا ثم شيخا , ومنا من يتوفى ومنا من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيء ) أخطر المراحل التي يمر به الإنسان هي مرحلة الشباب والفتوة , ولذا فإن الشباب في هذه المرحلة يتنقلون بين أنواع الجرائم والمنكرات, إلا من عصم رب الأرض والسماوات وقليل ماهم , يتسنم رأسَ الهرم الإجرامي أربع جرائم نكراء ,
أولها : ترك الصلاة ,
وثانيها عقوق الوالدين ,
وثالثها جريمة الشهوة الجنسية من الزنا واللواط ,
ورابعها الانخراط في عالم المخدرات .
وعن هذه الجرائم الأربع الأمهات تتفرع جرائم لا عد لها ولاحصر ( وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم ) والمعصوم من عصم الله ( ومن يهن الله فماله من مكرم ) 0
هذه الجرائم – أيها الشباب – ساعد على انتهاكها , والتهوين من الوعيد فيها , والتقليل من شأنها , والاستخفاف بحدودها , أسبابٌ ووسائلُ عدة من أهمها : وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها وبرامجها , المقروء , والمسموع والمرئي منها , حتى صار الكثير من الشباب صيدا ثمينا لشباكها , وعلفا طريا لسباعها , وأرضا خصبة لزراعة الشر والفتن فيها 0
ونتائج هذه الجرائم- أيها الإخوة , أيها الشباب - على الفرد والمجتمع , وعلى العالم أجمع , حينما تنتشر وتستفحل , نتائج مريرة لها عواقب وخيمة , يصطلي بنارها كل من له علاقة فيها , ويبتلى بها حتى من نئا بنفسه عنها , إن هو لم يقوم بواجب النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , كما قال تعالى ( فلما نسوا ما ذكروا به انجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون ) فمن رأى المنكر فلم يغيره وهو قادر على تغييره فهو ظلم لنفسه متوعد بالعذاب البئيس .
فالإلمامُ بهذه الذنوب والمعاصي , والاستمرارُ فيها , وعدمُ التوبة منها سبب لمصائب عامة ومتعدية من مجاعات قاتلة , وحروب طاحنة , وأمراض فتاكة , وزلازل وفيضانات مدمرة , وخلافات مذهبية منتنة خانقة , وقلة في الأرزاق , وغلاء في الأسعار , وشح في الأمطار , ونزع بركة , وإحلال مصيبة وفتنة 0
أما ترك الصلاة فهو كفر مخرج عن دائرة الإسلام وحسبكم بهذا الجرم مصيبة .
وأما عقوق الوالدين فهو أول وأوسع الأبواب للدخول إلى عالم الفساد فإن حق الوالدين عظيم , ومكانتهما عالية قرن الله حقهما بحقه في كثير من الآيات كقوله تعالى ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ) , وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم ببر الوالدين أمر إيجاب فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم – أي العمل أحب الى الله تعالى ؟ قال : الصلاة على وقتها , قلت : ثم أي ؟ قال بر الوالدين , قلت : ثم أي ؟ قال الجهاد في سبيل الله 0 وقال عليه الصلاة والسلام : الكبائر : الإشراك بالله , وعقوق الوالدين , وقتل النفس , واليمين الغموس 0 ولعلكم أيها الشباب تعلمون من الزملاء والجيران والأقارب ومحيطكم الذي تعيشون فيه منهم عاقون لوالديهم متنكبون لجميلهم , منهم من يرفع صوته على أبيه وأميه , بل منهم من يعتدي على والديه بالضرب والعياذ بالله , فانظروا الى حالهم في الحياة : ضياع بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى , فشل دراسي , مشاكل متعددة , فقر , وأمراض , ضيق في الصدر , وظلمة في الوجه , بل الشرور كلها بشتى أنواعها 0
وأما البر : فهو خلق الأنبياء , ودأب الصالين والأوفياء , نتائجه : زيادة في العمر , وسعة في الرزق , وتفريج للكريات , وانشراح للصدر , وطيب للحياة 0وهل يريد الإنسان في هذه الحياة الا السعادة , ففي بر الوالدين طريقها , وفي عقوقهما ضدها 0
وأما الجريمة الثالثة : وهي الزنا واللواط ,
فإن أكثر الشباب اليوم غارق في مقدمات هاتين الجريمتين أكثر من مقارفتهما , فتجده يطلق العنان لعينيه لترى صور النساء والمردان , وربما صدرت منه حركات توحي بمرض القلب عنده بالشهوة , فتتحول هذه الغرائز عند البعض الى واقع مرير فيقع في وحل الجريمة وزلق المصيبة , فيحصل في حقه وحق أمته الوعيد الشديد فقد قال صلى الله عليه وسلم : ما ظهرت الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم". رواه الحاكم وابن ماجة 0 وهاهو الواقع اليوم مليئ بالأمراض الفتاكة ( لو كان الناس يعقلون ) 0
وأما الجريمة الرابعة وهي : الانخراط في عالم الخمور والمخدرات , ويحتاج الى حديث مستقل لا يتسع المقام اليوم للحديث عنه 0
أيها الشاب المسلم : إعلم أن الله عذب أمة من الامم بسبب ذنب أرتكبه واحد فقط بتشجيع من البقية إنهم قوم صالح قال الله تعالى ( إذ انبعث أشقاها ) أي أشقى القبيلة , فعقر الناقة , فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها فلعلي ولعلك أخي أن نتهم أنفسنا ويقول الواحد منا لعل الله عذب الناس بسببي فمنعهم القطر من السماء فيحدث توبة ورجوع الى الله 0 وفي المقابل يغلب أحدنا الرجاء بربه فيدع بإخلاص وصدق وإلحاح وإظهار حاجة وفقر ويقول : لعل الله أن يسقي الناس بدعائي , فإن الله لا مكره له
عن أبي الصديق الناجي قال : خرج سليمان عليه السلام يستسقي ، فإذا هو بنملة مستلقية على ظهرها ، رافعة قوائمها إلى السماء ، وهي تقول : اللهم إنا خلق من خلقك ولا غنى بنا عن سقياك وإلا تسقنا تهلكنا ، فقال سليمان : ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم 0ويرى هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم , كما عند الدارقطني
ألظوا - أيها الإخوة - بالدعاء واطلبوا السقيا من الله العلي الأعلى فقد أمركم بالاستغفار العميم , ووعدكم بالخير العظيم , فقال سبحانه عن نوح عليه السلام ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا )
اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك ............................ إلى آخر الدعاء
|