خطبة استسقاء (اعتراف بالذنب)
الخميس 28/ربيع أول/1443
الحمد لله، ((غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ
الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ)) ((مَّا
يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ
فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ))
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا
إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّىٰتُؤْفَكُونَ))
أشهد أن لا إله إلا الله الرحيم التواب، الكريم الوهاب، الغفور
الجواد.
وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه وخليله، وخيرته من خلقه،
القائل في حديثه: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللهِ، فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَيْهِ
فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ» مسلم. صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آله وأصحابه وَسَلَّمَ
تسليماً كثيراً. أما بعد
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فبالإيمان والتقوى تحل البركات وتنزل
الرحمات، قال الله:((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا
لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)) ((وَاتَّقُوا
اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)).
عباد
الله: ما أقبح أثر الذنوب، وما أشنع عواقبها، فالذنوب سبب لحلول العقوبات، ونقص
الخيرات والبركات، ((ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ
أَيْدِي النَّاسِ)) فما نزل بلاءٌ وما حلت مصيبةٌ إلا بسبب الذنوب ((وَمَا
أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ))،
فبسبب الذنوب تحل والمصائب وينزل البلاء.
وإن
من صور البلاء: جدب الأرض واحتباس الأمطار وتأخرهاوقلتها.
عباد
الله: يذيقنا الله بعض عواقب ذنوبنا، لتنكسر نفوسنا فنخضع ونرجع وننيب، ونتضرع
ونعترف ونعتذر ونتوب، كما قال تعالى: ((لِيُذِيقَهُم بَعْضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ
لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)).
وإن
العباد يخطئون بالليل والنهار، ولكن ربنا الغفار يحلم ويغفر، ويعفو ويستر، وفتح
بابا واسعاً ليتوب المسيء ويُصحح المخطئ.
أيها
المؤمنون: لا مخرج من شؤم المعاصي وعواقبها إلا بالاعتراف بالذنب للرب سبحانه، ومن
ثم التوبة منه توبة نصوحا، فالاعتراف بالذنب ثم التوبة من مقامات العبودية الجليلة،
التي تغفر عندها الزلات، ويُتخلص بها من شؤم السيئات.
الاعتراف
بالذنب، مقدمة للتوبة وسببٌ لقبولها، قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ العَبْدَ
إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ، ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ) متفق عليه.
((وَآخَرُونَ
اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى
اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)).
فلنعترف
بذنوبنا صغيرها وكبيرها خفيها وظاهرها، كما اعترف أبوانا عليهما السلام فناديا
ربهما: ((رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا
لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)) فتاب الله عليهما.
ولنعترف
كاعتراف يونسُ عليه السلام: ((فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا
أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)) وكانت نتيجة ((فَاسْتَجَبْنَا
لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ)).
ولنعترف
كاعتراف نبيّنا محمد عليه الصلاة والسلام، في صلاة الليل حيث كان يقول: (ظَلَمْتُ
نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لَا
يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ) صحيح مسلم. (وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي).
وإن
مِن أسوأ أحوالنا أن نقع في الذنوب، ثم لا نعترف بها، وإنما نذهب نبرر لأنفسنا
بأنواع التبريرات ومداخل الشيطان، فلا تغني عنا شيئاً.
فلنعترف
عباد الله بصلوات أضعناها، وصلوات صبح نمنا عنها، وبزكاة بخلِنا بها وما أخرجناها،
وبحقوقٍ ما أدّيناها، وبحرماتٍ اقترفناها، وحدودٍ تعديناها ولنتُب منها جميعها.
لنستسقي
ربنا أيها المؤمنون: بالاعتراف الصادق المثمر للتوبة النصوح، وبالاستغفار والتوبة عسى الله أن يتوب علينا، ويصفح عنا، ويعفو
ويغفر لنا، ويسقينا وينزل علينا الخيرات والبركات.
اللهم أنت ربنا، لا إله إلا أنت، خلقتنا ونحن عبيدك، ونحن على عهدك
ووعدك ما استطعنا، نعوذ بك من شر ما صنعنا، ونبوء لك بنعمك علينا، ونبوء
بذنوبنا، فاغفر لنا، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبنا،
وَنحن عَبْيدُكَ، ظَلَمْنا أنْفُسنا، وَاعْتَرَفْنا بِذنوبنا، فَاغْفِرْ لنا
ذُنُوبنا جَمِيعًا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لنا ذنوبنا وجَهْلنا، وَإِسْرَافنا فِي أَمْرِنا،
وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنا، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لنا هَزْلنا وَجِدّنا وَخَطَأنا
وَعَمْدنا، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدنا.
ربنا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لنا
مغفرة من عندك، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا ظلمنا أنفسنا واعترفنا بذنوبنا وتقصيرنا، فنعتذر إليك فاقبل
اعتذارنا، واغفر خطايانا.
غفرانك ربنا، غفرانك ربنا، غفرانك ربنا.
لا إله إلا أنت سبحانك إنّا كنّا من الظالمين.
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا.
ربنا لا تؤاخذنا بذنوبنا وتقصيرنا، ولا بما فعل السفهاء والمترفين منا.
أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث،
واجعل ما أنزلت قوة لنا ومتاعاً إلى حين.
اللهم سقيا رحمة لا سقيا بلاء ولا هدم ولا غرق.
اللهم إنا خلق من خلقك آمنا بك ووحدناك ورجوناك، فلا تحرمنا فضلك
وغيثك ورحمتك.
يا حيي يا كريم يا رحيم يا قريب يا مجيب يا سميع الدعاء، اسق عبادك
وبلادك وبهائمك.
يا دافع النقم، يا مسبغ النعم، أسبغ علينا من بركاتك وأنزل علينا
من خيراتك ورحماتك.
اللهم بارك لنا فيما أنزلت علينا من القطر، وزدنا من رحمتك بالوابل
من المطر، اللهم زدنا ولا تنقصنا وأعطنا ولا تحرمنا.
اللهم اسقنا واسق الْمُجدبين من المؤمنين وفرج عنا وعن أمة محمد
أجمعين.
اللهم انا نتوسل إليك بصلاتنا وسجودنا وركوعنا أن تغيثنا وتسقينا.
نسألك مسألة المساكين ونبتهل إليك ابتهال الخاضعين الذليلين،
ابتهال من خضعت لك رقابهم ورغمت لك أنوفهم وسجدت لك جباههم، أن تسقينا يا من لا
ينزل الغيث غيره.
اللهم تقبل توبتنا، واغسل حوبتنا، وأجب دعوتنا، واقبل اعترافنا واعتذارنا
يا رحمن يا رحيم.
اللهم يا حيي يا ستير يا كريم يا منان يا رحيم يا رحمن لا تردنا
خائبين.
أيها المسلمون: اعزموا على قلب حالكم إلى الحال التي ترضي ربكم،
واقتدوا بسنة نبيكم بقلب أرديتكم، متفائلين راجين فضل رب كريم.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب
العالمين.
وللمزيد من خطب صلاة الاستسقاء تجدها هنا :
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=126
|