خطبة الاستسقاء 28-04-1438هـ
إِنَّ الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستَعينُهُ ونستَغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ
من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومنْ يضللْ فلا
هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن محمّداً عَبدُهُ
ورسولُهُ (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا
تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا
رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) (( يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ))،
أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر
الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة .
أيها
الناس : (( مَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ
)) وقد خرجتم تستسقونه وتستمطرونه ؟ حسّنوا الظن بربِّكم ، وعظّموا الرجاء والأمل به
، وظُنُّوا خيراً وجوداً وكرماً ورحمةً وغيثاً ، فربكم يقول : (( أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي
بِي )) متفق عليه .
ربكم
أكرم الأكرمين وأجود الأجودين وأرحم الراحمين ، هو الغني الحميد الواسع الوهاب ، عظيم
الإحسان والعطاء ، يفتح رحمته على العباد: (( مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ
رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا )) ، (( وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ
مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ )) متى شاء وأين شاء وكيفما شاء .
ربكم الخالق
الرزاق (( هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ
)) .
ربكم
الغني الحميد (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ
هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ )) .
ربكم الله
الذي ينشئ السحاب ، ويسخره بين السماء والأرض ويجعله ركاماً .
ربكم الله
الذي يريكم البرق ويسمعكم الرعد خوفاً وطمعاً .
ربكم الله
العظيم الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته .
ربكم الله
الحكيم اللطيف الذي أعذب الماء للشراب ، وخزنه في الأرض تحت التراب .
فهل
يطلب الغيث من غير الله الرحيم الوهاب ؟ .
عباد
الله : خرجتم
تستسقون الغني الكريم الذي خزائن كل شيء بيده (( وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا
خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ ))
ومن
كمال غناه جل جلاله : أنه يدعو عباده إلى سؤاله كل وقت ، ويعدهم بالإجابة ويخبرهم
عن سعة غناه فيقول: ( يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ
أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي
فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا
كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ ) رواه مسلم
عباد
الله : هذه
صفات ربنا الذي خرجنا نستسقيه ، وهذه أفعاله ، فاستشعار هذا يملأ القلوب رجاءً وأملاً
فيه سبحانه أن يغيثنا عاجلاً وآجلاً ، وأن لا نقنط من رحمته طرفة عين ، وهو القائل
جلا جلاله (( لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ )) والقائل نبيه صلى الله عليه
وسلم : ( عَجِب ربُّنا من قنوط عباده وقرْبِ غِيَرِه، يَنْظر إليهم أزِلين قَنِطين،
فيظَلُّ يضحك؛ يَعْلم أنَّ فرَجَه قريب) حديث حسن حسنه ابن تيمية والألباني وصححه
ابن عثيمين .
عباد
الله : لا
غنى بنا عن الماء ، رحمة ربنا من قطر السماء ، لكن ربنا الرحيم الكريم يؤخره عنا رحمة
بنا وتأديباً لنا ، ليستخرج تضرعنا واستكانتنا والتجاءنا ودعاءنا، قال تعالى: (( فَأَخَذْنَاهُم
بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم
بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا )) .
ويؤخر
الله نزول الغيث عنا لعلنا نتذكر ولعلنا نرجع (( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ
يَرْجِعُونَ )) (( وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا )) . وما
أخرجكم يا عباد الله إلا التذكر والتضرع ، فلنحقق الرجوع .
فإن
كنا نرجو أن يُغيّر الله ما بنا وببلادنا من جدبٍ وقلةِ ماءٍ ومرعى ، فعلينا أن نُغـيّر
حالنا ونرجع من المعصية إلى الطاعة ، ومن الغفلة إلى الصحوة ، ومن السرف والترف
إلى الاعتدال والقصد ، ومن الجرأة على الحرام إلى التوبة منه ، ومن أكل الحرام إلى
الاكتفاء بالحلال . ويحاسب المرء نفسه أن لا يكون سبباً في منع القطر عن العباد
والبلاد والبهائم . (( إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا
مَا بِأَنفُسِهِمْ )) .
من
كان مقصراً في أداء الصلوات الخمس فليحافظ عليها ، ومن كان مانعاً للزكاة أو
مؤخراً لإخراجها فليبادر بإخراجها ، ومن كان عنده حق لغيره فليرده إليه وتؤدى
الأمانات إلى أهلها .
عباد
الله: لندعو ربنا تضرعاً ، ولنكثر من الاستغفار والتوبة فما استُنزلت الأمطار بمثل
التوبة والاستغفار.
فاللهم أنت ربنا لا إله إلا أنت ، خلقتنا ونحن عبيد ، ونحن على
عهدك ووعدك ما استطعنا ، نعوذ بك من شر ما صنعنا ونبوء لك بنعمتك علينا ونبوء
بذنوبنا فاغفر لنا فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت
اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت ، أنت ربنا ونحن عبيدك ظلمنا أنفسنا واعترفنا بذنوبنا ، فاغفر لنا ذنوبنا جميعها
إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت
اللهم ربنا ظلمنا أنفسنا ظلماً كثيراً وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت
، فاغفر لنا مغفرةً من عندك وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم
لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين ...
أللهم إنا نسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات
والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا يحي يا قيوم نسألك أن تغفر لنا وتغيثنا غيث
الرحمة .
اللهم إنا نسألك بأنا نشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد
الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، أن تغفر لنا خطيئاتنا وجهلنا
وإسرافنا في أمرنا .
اللهم اغفر لنا جدنا وهزلنا وخطأنا وعمدنا وكل ذلك عندنا ، اللهم
اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا لا إله إلا
أنت ، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير
اللهم أنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا
اللهم إنا نستغفرك ونستمطرك
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، اللهم
أسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ... اللهم يا من لا يملك إنزال الغيث غيره أسقنا وأغثنا .
اللهم أغثنا غيثاً مغنياً سحاً غدقاً هنيئاً مريئاً نافعاً غير ضار
اللهم سقيا رحمة...لا سقيا بلاء ولا هدم ولا غرق
اللهم أغثنا اللهم أغثنا ، اللهم اسقنا وأغثنا غيثا مغيثا هنيئا ً
مريئاً نافعاً غير ضار عاجلاً غير آجل تحي به البلاد وتغيث به البلاد وتجعله
بلاغاً للحاضر والباد، اللهم أغث البلاد وانشر رحمتك على العباد واجعله بلاغاً
للحاضر والباد
اللهم اسقنا واسق المجدبين من المؤمنين وفرج عنا وعن أمة محمد
أجمعين
اللهم انا نتوسل إليك بصلاتنا وسجودنا وركوعنا ذُلاً وخضوعاً لك أن
تغيثنا وتسقينا.
نسألك مسألة المساكين ونبتهل إليك ابتهال الخاضعين الذليلين ، ابتهال
من خضعت لك رقابهم ورغمت لك أنوفهم وفاضت لك عيونهم أن تسقينا يا من لا ينزل الغيث
غيره .
اللهم تقبل توبتنا واغسل حوبتنا وأجب دعوتنا ، واقبل اعتذرانا يا
رحمن يا رحيم .
اللهم يا حيي يا ستير يا كريم يا منان يا رحيم يا رحمن لا تردنا
خائبين .
أيها المسلمون ، اعزموا على قلب حالكم إلى الحال التي ترضي ربكم (
إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) ، واقتدوا بسنة نبيكم بقلب
أرديتكم ، متفائلين راجين فضل رب كريم .
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب
العالمين.
وللمزيد من خطب صلاة الاستسقاء السابقة تجدها هنا: