خطبة استسقاء 26-05-1439هـ
الْحمد لله الرحيم الغفار ، خيره مدرار ، بالليل والنهار ، يحب من
عباده مسألته بل ويحب الإلحاح والتكرار ،، يبسط الرزق لمن يشاء بفضله ، ويقدره على
آخرين بحكمته وعدله وهو عزيز ذو اقتدار ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
، يفعل ما يشاء ويختار ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الْمرتضى المختار، صلى الله
عليه وعلى آله وأصحابه الأطهار وسلم تسليما ما تعاقب الليل والنهار ،،، أما بعد
فيا أيها الناس: اتقوا الله حق تقواه ،
فإنها سبب لانفتاح بركات السماء والأرض ، يقول الله تعالى : ((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ
الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ
)) ((وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا
يَحْتَسِبُ )) .
أيها المسلمون: كُلُّنَا يُذْنِبُ ويُخْطئ
ويقع في الْمعاصي بِمقتضى الطبيعة البشرية وعدم العصمة منها ، ولكن ربنا تبارك
وتعالى ، الذي خَلَقَنَا ويعلم خَلْقَنَا، رحيم بنا ، ومن رحمته فتح لنا أبواباً لنمحوَ
بها معاصينا ونتخلص من شؤم ذنوبنا وعواقبها .
وإن من أوسع هذه الأبواب ، بابَ الاستغفار ، يقول ربنا تبارك وتعالى:
((وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ
اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا )) ، ويقول تعالى في الحديث القدسي : (يَا عِبَادِي, إِنَّكُمْ
تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ, وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا, فَاسْتَغْفِرُونِي
أَغْفِرْ لَكُمْ) ، ويقول : (يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ
ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي) .
ويقول الْمصطفى المختار صلى الله عليه وسلم : (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ
لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ
اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُم) رواه مسلم .
لذا يا عباد الله : سمى ربنا تبارك وتعالى نفسه بــ ( الغفار ) (والغفور
) ( وغافر الذنب ) ( وخير الغافرين ) ، ووصف نفسه بأنه ( واسع المغفرة ) وأنه ( لا
يغفر الذنوب إلا هو ) ، وفي هذا من الترغيب ما فيه لنا بأن لا نفتر عن سؤاله تعالى
المغفرة ونتوسل إليه باسمه الغفور وصفة المغفرة .
عباد الله : يريد الله أن يتوب
علينا ، ويدعونا ليغفر لنا ، ويأمرنا ويرغبنا بالاستغفار في القرآن كثيراً ، ويعدنا
مغفرة منه وفضلا ، يقول جل وعلا : ((أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
)) ويقول : ((وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلا)) ، ويقول : ((سَابِقُوا
إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ )) .
أيها الناس : يبتلينا ربنا تبارك وتعالى
ببعض عواقب ذنوبنا ، رحمة بنا ، ليستخرج استغفارنا وتضرعنا ، ويستثير ويستحث
إنابتنا وتوبتنا ومراجعتنا لأنفسنا ... ومن أنواع البلاء : الابتلاء بالقحط وقلة
الأمطار .
لذا جاء في القرآن الأمر بالاستغفار والترغيب به بجعله سبباً لنزول
الأمطار وحصول الرحمات والبركات .
فبالاستغفار تنزل الأمطار ، وتكثر الأموال وتنبت الجنات والأشجار :
((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ
عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ
وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا )) .
وبالاستغفار تستنزل رحمة الغفار: ((لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ)) .
وبالاستغفار يندفع ويرتفع العذاب ((وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ
وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)) .
وبالاستغفار يُحَصَّلُ المتاع الحسن (( وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ
ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى
)) .
وبالاستغفار يُتَقَدَّمُ بين يدي المطالب العظام : كما دعا سليمان
عليه السلام : ((رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأحَدٍ مِنْ بَعْدِي))
.
فيا عباد الله : اِلزموا الاستغفار ،
ولا تفتروا عنه ، واملئوا أوقاتكم به ، استغفروا ربكم بالليل والنهار ، والسر
والجهار ، فنبيكم صلى الله عليه وسلم يستغفر في المجلس الواحد مائة مرة وهو مغفور
له ، وجاء عن أبي هريرة رضي الله عنه حافظة الإسلام أنه قال : إني لأستغفر الله في
اليوم والليلة اثني عشر ألف مرة ، بقدر ديتي وعدد ذنوبي .
واستشعروا عباد الله رحمكم الله استغفاركم الذي ترددونه في صلاتكم في
استفتاحها وركوعها وسجودها وبين السجدتين وبعد سلامكم منها ، وبعد وضوئكم ، وفي
أذكار صبحكم ومسائكم .
عباد الله : لنستسقي ربنا
بالاستغفار المقرون بالانكسار والندم والتوبة .
جاء عن الشَّعْبِيِّ رَحِمَهُ اللهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ قَالَ
: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَسْتَسْقِى فَلَمْ
يَزِدْ عَلَى الاِسْتِغْفَارِ حَتَّى رَجَعَ فَقِيلَ لَهُ: مَا رَأَيْنَاكَ
اسْتَسْقَيْتَ فَقَالَ : لَقَدْ طَلَبْتُ الْمَطَرَ بِمَجَادِيحِ السَّمَاءِ الَّتِي
يُسْتَنْزَلُ بِهَا الْمَطَرُ ، ثُمَّ قَرَأَ آية نوح وآية هود . [ من مراسيل
الشعبي ] .
اللهم يا غفار اغفر لنا ، اللهم يا خير الغافرين اغفر لنا ، اللهم
يا واسع المغفرة اغفر لنا .
اللهم يا من لا يغفر الذنوب إلا أنت اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف
عنا .
غفرانك ربنا ، غفرانك ربنا ، غفرانك ربنا
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً ، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت
غفاراً ، فاللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً ، فأرسل السماء علينا مدراراً .
اللهم اغفر لنا جِدنا وهزلنا ، وخطأنا وعمدنا ، اللهم اغفر لنا ما
قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وأنت أعلم به منا .
ربنا ظلمنا أنفسنا ظلماً كثيراً فاغفر لنا وارحمنا إنك أنت الغفور
الرحيم.
اللهم أنت ربنا لا إله إلا أنت خلقتنا ونحن عبيدك ونحن على عهدك
ووعدك ما استطعنا ، تعوذ بك من شر ما صنعنا ، ونبوء لك بنعمك علينا ، ونبوء
بذنوبنا فاغفر لنا إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت .
اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت ، أنت ربنا ونحن عبيدك ظلمنا
أنفسنا واعترفنا بذنوبنا فاغفر لنا جميعها إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت .
ربنا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لنا مغفرة
من عندك ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت .
نستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ونتوب إليه . نستغفر
الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ونتوب إليه. نستغفر الله الذي لا إله إلا هو
الحي القيوم ونتوب إليه
اللهم إنا نسألك بأنا نشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد
الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد أن تغفر لنا ذنوبنا كلها دقها
وجلها أولها وآخرها علانيتها وسرها .
اللهم إنا نسألك باسمك الأعظم الذي إذا سئلت به أعطيت ، أن تنقينا
من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وتباعد بيننا وبين خطايانا
كما باعدت بين المشرق والمغرب .
اللهم ظلمنا أنفسنا واعترفنا بذنوبنا وتقصيرنا ، فنعتذر إليك فاقبل
اعتذارنا .
ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ، أنت الله لا إله إلا أنت ،
أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت قوة لنا ومتاعاً إلى حين
.
اللهم سقيا رحمة لا سقيا بلاء ولا هدم ولا غرق .
اللهم إنا خلق من خلقك آمنا بك ووحدناك ورجوناك فلا تحرمنا فضلك وغيثك ورحمتك ... يا حيي يا
كريم يا رحيم يا قريب يا مجيب يا سميع الدعاء ، اسق عبادك وبلادك وبهائمك .
اللهم إنه قد أصاب أهل المواشي والمزارع من الضرر ما لا يكشفه إلا
أنت ، يا كاشف الضر ، يا دافع النقم ، يا مسبغ النعم ، أسبغ علينا من بركاتك وأنزل
علينا من خيراتك ورحماتك .
اللهم اسقنا واسق الْمُجدبين
من المؤمنين وفرج عنا وعن أمة محمد أجمعين
اللهم انا نتوسل إليك بصلاتنا
وسجودنا وركوعنا ذُلاً وخضوعاً لك أن تغيثنا وتسقينا.
نسألك مسألة المساكين ونبتهل
إليك ابتهال الخاضعين الذليلين ، ابتهال من خضعت لك رقابهم ورغمت لك أنوفهم وفاضت لك
عيونهم أن تسقينا يا من لا ينزل الغيث غيره .
اللهم تقبل توبتنا واغسل
حوبتنا وأجب دعوتنا ، واقبل اعتذرانا يا رحمن يا رحيم .
اللهم يا حيي يا ستير يا
كريم يا منان يا رحيم يا رحمن لا تردنا خائبين .
أيها المسلمون ، اعزموا
على قلب حالكم إلى الحال التي ترضي ربكم ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
) ، واقتدوا بسنة نبيكم بقلب أرديتكم ، متفائلين راجين فضل رب كريم .
سبحان ربك رب العزة عما
يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
وللمزيد من خطب صلاة الاستسقاء السابقة تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=126 |