سنة الاستسقاء

سنة الاستسقاء

إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

عباد الله:

الاستسقاء سنة مؤكدة, سنها النبي صلى الله عليه وسلم وفعلها على وجوه عدة, ومن هذه الوجوه, أنه استسقى يوم الجمعة, ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك_ رضي الله_ عنه أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة من باب كان نحو دار القضاء, ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً ثم قال : ( يا رسول الله هلكت الأموال, وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا, قال : فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال:" اللهم أغثنا، اللهم أغثنا", قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة, وما بيننا وبين سَلْعٍ من بيت ولا دار, قال : فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس, فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت, قال : فلا والله ما رأينا الشمس سبتاً, قال : ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله قائماً, فقال يا رسول الله: هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله يمسكها عنا, قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه, ثم قال : "اللهم حوالينا ولا علينا, اللهم على الآكام، والظراب ، وبطون الأودية, ومنابت الشجر" ، قال : فأقلعت وخرجنا نمشي في الشمس, قال شريك: فسألت أنس بن مالك أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدري ) .

أيها المسلمون: في هذا الحديث فوائد وعبر منها :

لجوء النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى الله في السراء والضراء, وهذه حال الصالحين المتأسين بالأنبياء كما لجأت أمكم هاجر- عليها السلام- إلى الله لما عطش ابنها بجوار البيت العتيق, فسعت بين الصفا والمروة سبع مرات, وهي مع ذلك مظهرة لله التضرع والحاجة فما إن أتمت سعيها حتى أرسل الله لها ملكا يَحْثُ بجناحه الأرض فظهرت عين زمزم من ذلك الوقت إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها, فكانت تحوض الماء قال النبي صلى الله عليه وسلم : " رحم الله أم إسماعيل لو لم توحض الماء لكانت زمزم عيناً معيناً " .

ومنها: جواز إظهار الشكوى لله عز وجل عند الحاجة, فهذا الرجل أظهر للنبي صلى الله عليه وسلم شكواه حيث قال : هلكت الأموال وانقطعت السبل, ولا شك أن حبس الغيث يهلك الأموال ويقطع سبل الخير, وهذا ما نشاهده الآن حيث ماتت مواشي أهل البادية بسبب القحط, ولولا الله ثم إطعامهم لها كما يطعمون أبناءهم ما بقيت ماشية .

ومنها: سرعة استجابة السميع العليم للدعاء: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {186}} البقرة.

فأنس يقسم في الحديث المتقدم, ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة ( والقزعة قطعت السحاب الصغيرة)، وما بينهم وبين سلع (وهو جبل) من بيت ولا دار, وما إن رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه حتى طلعت من ورائه ( أي من وراء الجبل) سحابة مثل الترس صغيرة في ابتداء نشأتها وما لبثت أن انتشرت ثم أمطرت فسبحان السميع العليم القريب لمجيب مغيث المستغيثين وكاشف كرب المكروبين .

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغاً إلى حين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغاً إلى حين برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا.

اللهم أسقنا غيثاً مغيثاً مرياً مريعاً نافعاً غير ضار عاجلاً غير آجل ، اللهم أسق عبادك، وبهائمك، وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت.

اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً فأرسل السماء علينا مدراراً واجعلنا جنات وأنهاراً اللهم أنزل علينا من السماء ماء مباركاً تغيث به البلاد والعباد وتعم به الحاضر والباد اللهم سقيا رحمة لا سقيا هدم ولا غرق ولا عذاب يا رب العالمين، اللهم أغثنا ولا تردنا خائبين ولا عن رحمتك مطرودين اللهم أستجب دعاءنا إنك أنت السميع العليم.

وصلى اللهم وسلم على نبينا ورسولنا محمد, وعلى آله وأصحابه أجمعين.