خطبة صلاة الاستسقاء
الحمد لله الولي الحميد يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد له الأسماء الحسنى والصفات العليا وله الحمد والتمجيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله الدّاعي لكلّ عمل صالح و قول سديد صلى الله و سلم عليه و على آله وأصحابه أجمعين أما بعد؛
معاشر المؤمنين عباد الله، اتقوا الله وراقبوه في السر والعلانية مراقبة من يعلم أن ربَّه يسمعه ويراه.
عباد الله، يقول الله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ، إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ، وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} [فاطر: 15 ـ 17].
عباد الله، ما أعظم العبد عندما يستشعر ذلّه وخضوعه وانكساره وفاقته واحتياجه إلى ربِّه ومولاه وسيده جلّ وعلا مالك الملك ومدبر الخلائق المتصرف في هذا الكون عطاءً ومنعاً خفضاً ورفعاً عزّاً وذلاً حياةً وموتاً غنىً وفقراً إلى غير ذلك من أنواع التدبيرات والتصرفات في هذا الكون العظيم، فما أجمل بالعبد.
عباد الله أن يستشعر فاقته إلى الله وافتقاره إليه جل و علا من كل وجه فيقبل عليه إقبال عبد ذليل خاشع منكسر مستشعر بالفاقة و الافتقار يرجو رحمة الله ويخاف عذابه.
عباد الله، إنّ الله جلّ وعلا غنيٌّ عن العباد يقول جلّ وعلا في الحديث القدسي: ((يا عبادي لو أنّ أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، ولو أنّ أوّلكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ما نقص من ملكي شيئا)).
فهو جلّ و علا لا تنفعه طاعة من أطاع و لا تضرّه معصية من عصى: { فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} [يونس: 108].
ومع كمال غناه سبحانه فإنه يدعو عباده يدعوهم جلّ وعلا ليتوبوا إليه ويدعوهم سبحانه ليستغفروه وينيبوا إليه ويدعوهم جلّ وعلا ليدعوه ويسألوه من فضله ومن خيريّ الدنيا و الآخرة وهم فقراء إليه جلّ و علا في ذلك كله فقراء إليه في أن يتوب عليهم وأن يغفر ذنوبهم وأن يحقِّق رجاءهم وأن يعطيَهم سُؤْلَهم ولا غنى لهم عن ربِّهم ومولاهم طرفة عين.
ثم عباد الله، يجب على كل من أقبل على الله راجياً حاجته الدينية والدنيوية أن يستشعر أنّ عطاء الرّب كلام ومنعه كلام: { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82].
وأنّ خزائنه جلّ و علا ملآ لا يغيضها نفقة سحّاء الليل والنهار يقول جل وعلا في الحديث القدسي: (( يا عبادي لو أنّ أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك من ملكي شيئاً إلا كما ينقص المخيط إذا غُمس في اليمّ )).
عباد الله، علينا في حاجتنا هذه و في كلّ حاجاتنا وجميع شؤوننا أن نحسن التّوجه إلى ربِّنا صادقين في السؤال طامعين في النّوال معظمّين ربَّنا جلّ وعلا ذي الجلال نرجوا رحمته ونخاف عذابه.
نتوجه إليه - عباد الله - في مقامنا هذا بتوبة نصوح من كلّ ذنب وخطيئة مستغفرين الله تبارك وتعالى من ذنوبنا و خطايانا راجين منه جلّ وعلا مؤمّلين أن يقبلَ توبتنا وأن يغفر زلَّتنا و أن يكفِّر خطيئتنا وأن يهدينا إليه صراطاً مستقيماً وأن يعطينا سؤلنا وأن يحقق رجاءنا فهو جلّ وعلا لا يخيّب من دعاه ولا يرد من ناداه وهو القائل جل وعلا: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]، وهو القائل سبحانه: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186].
اللّهمّ لك استجبنا وبك ءامنّا وإليك أنبنا، اللّهمّ لك أسلمنا و بك ءامنا وعليك توكلّنا، اللّهمّ إنّا نتوجه إليك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا وبأنّك أنت الله لا إله إلا أنت يا من وسعت كلَّ شيء رحمةً و علماً يا غفور يا تواب يا رحيم.
اللّهم اغفر لنا ذنوبنا وكفرّ عنا سيئاتنا وتب علينا، اللّهمّ اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا، اللّهمّ اغفر لنا ذنبنا كله دقه وجله أوله وأخره سره وعلنه، اللّهمّ اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، اللّهمّ إنا نستغفرك إنك كنت غفّاراً فأرسل السماء علينا مدراراً.
اللّهمّ اسقنا وأغثنا، اللّهمّ اسقنا وأغثنا، اللّهمّ اسقنا وأغثنا، اللّهمّ إنّا خلق من خلقك وعبيد من عبادك اللّهمّ فلا تمنع عنّا بذنوبنا فضلك، اللّهمّ لا تؤاخذنا بما فعله السفهاء منا.
اللّهمّ أغثنا اللّهمّ أغثنا اللّهمّ أغثنا، اللّهمّ سقيا رحمة لا سقيا لا هدم ولا عذاب ولا غرق، اللّهمّ إنّا نسألك غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً سحّاً طبقاً نافعاً غير ضارّ، اللّهمّ أغث قلوبنا بالإيمان و ديارنا بالمطر، اللّهمّ رحمتك نرجوا، اللّهمّ رحمتك نرجوا، اللّهمّ رحمتك نرجوا فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، اللّهمّ لا تكلنا إلا إليك، اللّهمّ لا تكلنا إلا إليك، اللّهمّ لا تكلنا إلا إليك، اللّهمّ لا تردّنا خائبين، اللّهمّ حقِّق لنا رجاءنا، اللّهمّ أعطنا سؤلنا اللّهمّ تقبّل دعواتنا، اللّهمّ تقبَّل دعواتِنا، اللّهمّ تقبّل توبتنا اللّهمّ وأنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللّهمّ اسقنا الغيث ولا تجعلنا من اليائسين، اللّهمّ أغث قلوبنا بالإيمان وديارنا بالمطر، اللّهمّ أغث قلوبنا بالإيمان وديارنا بالمطر، اللّهمّ أغث قلوبنا بالإيمان وديارنا بالمطر.
اللّهمّ اسقنا وأغثنا، اللّهمّ اسقنا وأغثنا، اللّهمّ اسقنا وأغثنا، اللّهمّ أعطنا ولا تحرمنا وزدنا ولا تنقصنا و آثرنا ولا تأثر علينا.
اللّهمّ صلِّ على نبيّك محمّد صلى الله عليه وسلم، اللّهمّ صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
عباد الله، أكثروا من الدعاء و أقلبوا الرداء اقتداءً بالنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم تفاؤلاً بتغيّر الأحوال.
و آخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين و صلّى الله و سلّم و بارك و أنعم على عبده و رسوله نبينا محمد و آله و صحبه أجمعين.
|