شبابنا والتربية
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتنّ إلا وأنتم ومسلمون ) .( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذين تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً ).( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ). أما بعد:-
فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار.
عباد الله:
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما قال يا غلام: إني أُعلمك كلمات: ( احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله ) رواه أحمد والترمذي،
وعن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قال: كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت يدي تطيش في الصحفة ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا غلام ، سم الله ، وكل بيمينك ، وكل مما يليك ) رواه البخاري ومسلم.
في هذين الحديثين وغيرهما من الأحاديث الكثيرة ما يدل على مدى عناية النبي صلى الله عليه وسلم بإعداد النشء وتهذيبهم وتربيتهم منذ الصغر. على العقيدة والعبادة والسلوك الحسن.
عباد الله:
إذا رأيتم التصرفات الغريبة المخالفة للشرع أو التي تخدش في الحياء وتخرم المروءة قد كثرت في شبابنا, فاعلموا أن جانب التربية من قِبَلِنا قد ضعف, لأن هؤلاء الشباب قد تخرجوا من بيوتنا ومدارسنا. ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه ).
إن العناية بالنشء والحرص على تربيتهم وإعدادهم, واجب علينا جميعا. [ على الآباء والمعلمين والدعاة والمسؤولين ], لأن الأمة بشبابها بعد الله, فإذا فسد شبابها وأهملوا واجباتهم نحو أنفسهم وعقيدتهم وأمتهم, فقد عَرَّضُوا أنفسهم وأمتهم للخطر .
إن الشباب هم عماد الأمة بعد الله, وإن كان الكبار لا يُسْتَغنى عنهم وعن توجيههم وخبرتهم ودعائهم, ويكفي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( البركة مع أكابركم ), إلا أن الله تعالى قد وهب للشباب من الإمكانات الفكرية والبدنية ما يفوقون به غيرهم.
أيها الآباء:
تذكروا دائما أن أبناءكم أمانة في أعناقكم ستسألون عنها يوم القيامة, وإياكم والتساهل في ذلك. كونوا قدوة صالحة لهم في تصرفاتكم, وابذلوا ما تستطيعون في سبيل إصلاحهم, ولا تجعلوا مشاغل الدنيا وأعمالكم الخاصة سببا للبعد عنهم والتخلي عن تربيتهم, وكذلك لا تجعلوا عاطفة الأُبُوَّة تحملكم على توفير ما يريدون على حساب دينهم وأخلاقهم.
أيها المدرسون:
إن الحمل عليكم كبير، تذكروا دائما أنكم دعاة إلى الله, قبل أن تكونوا مدرسين للمواد التي كُلِّفتم بها, فإن الدعوة في حقكم واجبة وفرض عين تأثمون بتركها, لأن أول مقاصد التعليم: هو التربية على الدين والخُلُق القويم, وهذا واجب على المدرسين على حد سواء: مدرسي المواد الشرعية والتربية البدنية والرياضيات واللغة العربية واللغة الإنجليزية وغيرهم. كلهم مسؤولون, وكلهم دعاة ومربون للطلاب, بأفعالهم: وذلك بأن يكونوا قدوة صالحة، وبأقوالهم: وذلك بدعوتهم وتوجيههم .
ويشارك الآباء والمعلمين في المسؤولية:
الدعاة ورجال الأمن والمسؤولون في الدولة ورجال الإعلام والصحافة، إنها أمانة عظيمة لا يجوز التساهل فيها بأي حال .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليماً كثيراً . أما بعد:-
عباد الله :
إن التشبه بالكفار من الذنوب التي حذر منها الشارع الحكيم, ( من تشبه بقوم فهو منهم ) والتشبه ظاهرة قد كثرت في بعض شبابنا ولوحظ ذلك في التصرفات واللباس والمعاملة.
ما الذي جعلهم يتشبهون بأعداء الله؟ لا شك أنهم لم يفعلوا ذلك من قبل أنفسهم, لكنهم لما وجدوا الإهمال وهُيِّئ لهم ما يدعوا إلى ذلك, وقعوا فيما وقعوا فيه .
إن التخلف عن صلاة الجماعة ذنب كبير وخصلة من خصال النفاق, فيجب علينا أن نربي أبناءنا على المحافظة على الصلاة واعتياد الذهاب إلى المسجد, ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ). ( مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر ).
عباد الله:
يقول الله تعالى: ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثماً مبينا ). ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من آذى الناس في طرقهم وطرقاتهم وَجَبَت عليه لعنتهم ).
والأذية عمل ملحوظ على تصرفات بعض أبنائنا, إما من خلال الكتابة على الجدران, أو القيادة المتهورة, أو التحرش الذي يؤدي إلى العداوة والمضاربات,
وأخطر من ذلك: حمل السلاح واستخدام الأدوات الحادة كالسكاكين وغيرها, واستعمالها عند أدنى خصومة, مما يحصل بسببها الأذية التي قد تصل إلى القتل والعياذ بالله .
فالواجب علينا أن نهتم بشبابنا وأن لا نتساهل في ذلك, وأن نعلم بأن إهمالهم, هو إهمال لمستقبلنا, لأن الشباب يشكلون أكثر الأمة.
نسأل الله أن يأخذ بأيديهم إلى الهدى والصلاح وأن يرد ضالهم إليه ردا جميلا. وأن يعيننا على إصلاحهم وإعدادهم،
اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن .
|