لِمَنْ جَهِل أَهِمِّيَةَ
اَلْعَمَل
اَلْحَمْدُ للهِ
اَلْعَلِيْمِ اَلْسَّمِيْعِ اَلْبَصِيْرِ، } يَعْلَمُ
مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ {، أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ، وَعَظِيْمِ
سُلْطَاْنِهِ: } إِنْ تُبْدُوا مَا فِي
أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ
يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ
إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ، } رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ
إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ
{ . وَأَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، البشير النذير، والسراج المنير ، صَلَّىْ
اَللهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً
كَثِيْرَاً إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللَّهِ :
تَقْوَىْ اَللهِ U وَصِيَّتُهُ سُبْحَاْنَهُ لِعِبَاْدِهِ ، يَقُوْلُ U
فِيْ كِتَاْبِهِ: } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ
{ ، فَلْنَتَّقِ اَللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اَللهِ ـ جَعَلَنِيْ
اَللهُ وَإِيَّاْكُمْ مِنْ عِبَاْدِهِ اَلْمُتَّقِيْنَ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
رَوَىْ اَلْإِمَاْمُ أَحْمَدَ
ـ رَحِمَهُ اَللهُ ـ أَنَّ صَعْصَعَةَ بْنَ مُعَاْوِيَةَ ـ عَمَّ
الْفَرَزْدَقِ ـ أَتَىْ اَلْنَّبِيَّ e فَقَرَأَ عَلَيْهِ: } فَمَنْ
يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
شَرًّا يَرَهُ { ، قَاْلَ: حَسْبِي، لَاْ أُبَاْلِيْ أَنْ لَاْ
أَسْمَعَ غَيْرَهَاْ. حَسْبِيْ: أَيْ يَكْفِيْنِيْ، أَنَّ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَاْلَ
ذَرَّةٍ خَيْرَاً يَرَهُ ، وَأَنَّ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَاْلَ ذَرَّةٍ شَرَّاً يَرَهُ
.
فَاَلْعَمَلُ اَلَّذِيْ
تَعْمَلُهُ ـ أَخِيْ اَلْمُسْلِمِ ـ إِنْ كَاْنَ خَيْرَاً وَإِنْ كَاْنَ شَرَّاً ،
إِنْ كَاْنَ قَلِيْلَاً وَإِنْ كَاْنَ كَثِيْرَاً، هُوَ مَاْ يَبْقَىْ مَعَكَ ، وَهُوَ
مَاْ تَخْرُجُ بِهِ مِنْ هَذِهِ اَلْدُّنْيَاْ ، إِذَاْ مِتَّ وَفَاْرَقَتَ هَذِهِ
اَلْحَيَاْةِ، مَاْتَ مَعَكَ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّاْ عَمَلُكَ، بِاِنْتِهَاْئِكَ مِنْ
هَذِهِ اَلْحَيَاْةِ اَلْقَصِيْرَةِ، يَنْتَهِيْ اَلْمَاْلُ اَلَّذِيْ جَمَعْتَهُ،
وَاَلْمَنْصِبُ اَلَّذِيْ وَصَلْتَهُ ، وَاَلْجَاْهُ اَلَّذِيْ حَقَّقْتَهُ ، وَاَلْنَّسَبُ
اَلَّذِيْ بَلَغْتَهُ، لَاْ تَظْفَرُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّاْ بِقِطْعَةِ قِمَاْشٍ تُلَفُّ
بِهَاْ لِوَحْدِكَ، دُوْنَ مَاْلِكَ وَمَنْصِبِكَ وَجَاْهِكَ وَنَسَبِكَ، يَنْتَهِيْ
بِنِهَاْيَتِكَ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّاْ عَمَلُكَ فَإِنَّهُ لَاْ يَنْتَهِيْ، إِنَّمَاْ
يَبْقَىْ مَعَكَ حَتَّىْ يُدْخِلُكَ اَلْجَنَّةَ أَوْ اَلْنَّاْرَ. يَقُوْلُ تَبَاْرَكَ
وَتَعَاْلَىْ: } وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا
خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ
ظُهُورِكُمْ {،
لَاْ شَهَاْدَاْتٍ وَلَاْ مَنَاْصِبَ وَلَاْ مَاْلٍ وَلَاْ جَاْهٍ وَلَاْ حَسَبٍ وَلَاْ
نَسَبٍ ، } كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ { ، تَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ اَلْدُّنْيَاْ كَمَاْ أَتَيْتَ،
إِلَّاْ اَلْعَمَل ، يَقُوْلُ e فِيْ اَلْصَّحِيْحِ
: (( يَقُولُ ابْنُ آدَمَ : مَالِي
مَالِي. وَهَلْ لَكَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ ، وَمَا
لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ ، وَمَا تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ
فَذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ )) ، وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنِ النَّبِيِّ e أَنَّهُ قَالَ: (( الدُّنْيَا دَارُ مَنْ لَا دَارَ لَهُ ، وَمَالُ مَنْ لَا
مَالَ لَهُ ، وَلَهَا يَجْمَعُ مَنْ لَاْ عَقْلَ لَهُ )) .
خُذِ اَلْقَنَاْعَةَ مِنْ
دُنْيَاْكَ وَاَرْضَ بِهَاْ
وَاَجْعَلْ نَصِيْبَكَ مِنْهَاْ رَاْحَـةُ اَلْبَدَنِ
وَاَنْظُرْ لِمَنْ مَلَكَ
اَلْدُّنْيَاْ بِأَجْـمَعِهَاْ
هَلْ رَاْحَ مِنْهَاْ سُوُىْ بِاَلْقِطْنِ وَاَلْكَفَنِ
؟
حَصِيْلَتُكَ ـ أَخِيْ
ـ مِنْ هَذِهِ اَلْحَيَاْةِ مَاْعِمِلْتَهُ، أَمَّاْ هَذِهِ اَلْمَظَاْهِرِ اَلَّتِيْ
تَنْشَغِلُ بِهَاْ ، وَتَنْسَىْ أَحْيَاْنَاً اَلْعَمَلَ أَوْ تَتْرُكْهُ مِنْ أَجْلِهَاْ
، فَهِيَ وَاَللهِ فَاْنِيَةٌ لَاْ تُغْنِيْ عَنْكَ مِنَ اَللهِ شَيْئَاً. يَقُوْلُ
U: } وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ
بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ ، وَلَمْ أَدْرِ مَا
حِسَابِيَهْ ، يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ ، مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ
، هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ {
، فَيُقَاْلُ : } خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ، ثُمَّ الْجَحِيمَ
صَلُّوهُ ، ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ { ، أَيْنَ اَلْمَاْلُ اَلَّذِيْ
أَشْغَلَكَ عَنْ طَاْعَةِ اَللهِ ؟ أَيْنَ اَلْجَاْهُ اَلَّذِيْ اِسْتَعْمَلْتَهُ
فِيْ مَعْصِيَةِ اَللهِ ؟ أَيْنَ اَلْنَّسَبُ اَلَّذِيْ أَغْرَاْكَ فِيْ اَلْتَّعَدِّيْ
عَلَىْ حُدُوْدِ اَللهِ ؟ أَيْنَ اَلْمَنْصِبُ اَلَّذِيْ جَعَلَكَ تَتَكَبَّرُ عَلَىْ
عِبَاْدِ اَللهِ ؟ أَيْنَ وَأَيْنَ ؟ } خُذُوهُ فَغُلُّوهُ { ، يَقُوْلُ اَلْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاْضٍ: إِذَاْ
قَاْلَ اَلْرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ : } خُذُوهُ
فَغُلُّوهُ { اِبْتَدَرَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ ، أَيُّهُمْ يَجْعَلُ اَلْغُلَّ
فِي عُنُقِهِ. هَذِهِ هِيَ اَلْنِّهَاْيَةُ وَاَلْحَصِيْلَةُ وَاَلْنَّتِيْجَةُ .
وَلِأَهَمِّيَّةِ
اَلْعَمَلِ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ يَقُوْلُ اَلْنَّبِيُّ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْح: (( يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلَاثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ
وَيَبْقَى مَعَهُ وَاحِدٌ، يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ ، فَيَرْجِعُ
أَهْلُهُ وَمَالُهُ، وَيَبْقَى عَمَلُهُ )) ، يَحْمِلُكَ مَنْ يَحْتَسِبُ اَلْأَجْرَ
فِيْ دَفْنِكَ، عَلَىْ سَيَّاْرَتِكَ أَوْ اَلْسَّيَّاْرَةِ اَلَّتِيْ تَبَرَعَ بِهَاْ
فَاْعِلُ خَيْرٍ لِنَقْلِكَ، وَعِنْدَ اَلْقَبْرِ تَنْتَهِيْ اَلْمُهِمَّةُ ،
يَعُوْدُوْنَ إِلَىْ بُيُوْتِهِمْ ، وَتَبْقَىْ رَهِيْنَ عَمَلِكَ، يَقُوْلُ
اَلْنَّبِيُّ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلَّذِيْ رَوَاْهُ
اِلْإِمَاْمُ أَحْمَدَ وَاَلْطَّيَاْلِسِيُّ: اَلْمَقْبُوْرُ اَلْمُؤْمِنُ، (( يَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ،
حَسَنُ الثِّيَابِ، طَيِّبُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ،
هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ ؟ فَوَجْهُكَ
الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ ))، وَفِيْ رِوَاْيَةٍ فَيَقُوْلُ: (( أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ،
فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُكَ إِلَّا كُنْتَ سَرِيعًا فِي طَاعَةِ اللَّهِ ،
بَطِيئًا عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا )).
وَأَمَّاْ اَلْكَاْفِرُ
اَلْمَقْبُوْرُ فَقَاْلَ e فِيْهِ: (( وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ
الرِّيحِ ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي
كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ
، فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ )) ، وَفِيْ رِوَاْيَةٍ فَيَقُوْلُ : (( أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ وَاللَّهِ
مَا عَلِمْتُكَ إِلَّا كُنْتَ بَطِيئًا عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ سَرِيعًا إِلَى
مَعْصِيَةِ اللَّهِ )) .
هَذَاْ فِيْ اَلْقَبْرِ
ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ أَمَّاْ فِيْ اَلْآخِرَةِ ، فَشَأْنُ اَلْعَمَلِ
شَأْنٌ عَظِيْمٌ يَقُوْلُ اَلْنَّبِيُّ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ: (( مَاْ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّاْ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ ،
لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ، فَلَاْ
يَرَىْ إِلَّاْ مَاْ قدَّمَ ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ ، فَلَاْ يَرَىْ إِلَّاْ
مَاْ قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَاْ يَرَىْ إِلَّاْ اَلْنَّاْرَ
تِلْقَاْءَ وَجْهِهِ . فَاَتَّقُوْا اَلْنَّاْرَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ))
.
فَاَلْعَمَلُ إِمَّاْ يُنْجِيْكَ
مِنْ اَلْنَّاْرِ، وَإِمَّاْ وَاَلْعِيَاْذُ بِاَللهِ يُرْدِيْكَ فِيْ جَهَنَّمَ،
وَلِذَلِكَ وَصَفَ لَنَاْ U حَاْلَ أَهْلِ اَلْنَّاْرِ بِقَوْلِهِ: } وَهُمْ
يَصْطَرِخُونَ فِيهَا : رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي
كُنَّا نَعْمَلُ {. فَلْنَتَّقِ اَللهَ أَحِبَتِيْ فِيْ اَللهِ ـ وَلْنَتَذَكَّرَ قَوْلَهُ
تَعَاْلَىْ : } أَفَمَنْ يُلْقَى فِي
النَّارِ خَيْرٌ أَمَّنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا
شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ { .
بَاْرَكَ
اَللهُ لِيْ وَلَكُمْ بِاَلْقُرَّآنِ اَلْعَظِيْمِ ، وَنَفَعَنِيْ وَإِيَّاْكُمْ
بِمَاْ فِيْهِ مِنْ اَلآيَاْتِ وَاَلْذِّكْرِ اَلْحَكِيْمِ ، أَقُولُ قَوْلِي
هَذَا ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكَمَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ
الْغَفُورُ الرَّحِيمِ .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ ،
وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ
إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الْدَّاْعِيْ إِلَىْ
رِضْوَاْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ
تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَمَّاْ بَعْدُ ، أَيُّهَا الإِخْوَةُ :
إِنَّ أَحْوَاْلَ
أَكْثَرِنَاْ مَعَ اَلْعَمَلِ أَحْوَاْلٌ عَجِيْبَةٌ غَرِيْبَةٌ، هَذَاْ اَلْعَمَلُ
اَلْمُهِمُّ ، اَلَّذِيْ سَوْفَ يَبْقَىْ مَعَنَاْ ، لَمْ يَعُدْ يَهْتَمُّ لَهُ
وَبِهِ كَثِيْرٌ مِنَّاْ ، صَاْرَ اَلْعَمَلُ لَيْسَ لَهُ مَكَاْنٌ فِيْ قُلُوْبِ
بَعْضِنَاْ، أَتَدَرُوْنَ لِمَاْذَاْ ؟ لِأَنَّ هَذِهِ اَلْقُلُوْب شُغُلَتْ بِاَلْدُّنْيَاْ
، وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلَّذِيْ رَوَاْهُ اَلْإِمَاْمُ أَحْمَدُ فِيْ مُسْنَدِهِ
وَصَحَّحَهُ اَلْذَّهَبِيُّ، يَقُوْلُ e: (( مَنْ أَحَبَّ
دُنْيَاهُ أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ، وَمَنْ أَحَبَّ آخِرَتَهُ أَضَرَّ بِدُنْيَاهُ ،
فَآثِرُوا مَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنَى )) ، صَاْرَتِ اَلْدُّنْيَاْ ـ أَيُّهَاْ
اَلْإِخْوَةُ ـ هِيَ مَقْصَدُ كَثِيْرٍ مِنَّاْ، مِنْ أَجْلِهَاْ نَجْمَعُ، وَمِنْ
أَجْلِهَاْ نُحِبُّ وَنَكْرَهُ، وَمِنْ أَجْلِهَاْ نُوَاْلِيْ وَنُعَاْدِيْ، وَمِنْ
أَجْلِهَاْ نَهْتَمُّ وَنَفْرَحُ. مِنْ أَجْلِ اَلْدُّنْيَاْ، نَشْقَىْ وَنَتْعَبُ
، وَمِنْ أَجْلِهَاْ نَبْذُلُ اَلْجُهْدَ وَاَلْوَقْتَ ، وَاَلْعَمَلُ فِيْ هَذِهِ
اَلْدُّنْيَاْ مَطْلُوْبٌ شَرْعَاً، وَلَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَاْيَكُوْنَ عَلَىْ حِسَاْبِ
اَلْآخِرَةِ ، كَمَاْ قَاْلَ U : } وَابْتَغِ فِيمَا
آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا {، اِسْتَعْمِلْ مَاْ وَهَبَكَ اَللهِ فِيْ طَاْعَتِهِ ، وَبِمَاْ يُرْضِيْهِ
عَنْكَ وَتَنَاْلُ فِيْهَ مَحَبَّتَهُ ، } وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ
مِنَ الدُّنْيَا {
أَيْ مِمَّاْ أَبَاْحَ اَللهُ فِيْهَاْ لَكَ .
فَاَتَّقُوْا اَللهَ عِبَاْدَ
اَللهِ ، وَاَهْتَمُّوْا بِأَعْمَاْلِكُمْ ، وَإِيَّاْكُمْ وَاَلْرُّكُوْنَ إِلَىْ
هَذِهِ اَلْدُّنْيَاْ اَلْفَاْنِيَةَ اَلْزَّاْئِلَةَ، اَلَّتِيْ لَاْ تَزِنُ عِنْدَ
اَللهِ جَنَاْحَ بَعُوْضَةٍ ، قَدِّمُوْا لِأَنْفِسِكُمْ فَإِنَّ اَلْكَيِّسَ مَنْ
دَاْنَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَاْ بَعْدَ اَلْمَوْتِ.
أَسْأَلُ اَللهَ لِيْ
وَلَكُمْ عِلْمَاً نَاْفِعَاً ، وَعَمَلَاً صَاْلِحَاً ، وَرِزْقَاً وَاْسِعَاً ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ
مُجِيْبٌ .
اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ عِزَّ اَلْإِسْلَاْمِ وَنَصْرَ
اَلْمُسْلِمِيْنَ ، اَلْلَّهُمَّ أَعِزَّ اَلْإِسْلَاْمَ وَاَنْصُرَ
اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَاَحْمِ حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ ، وَاَجْعَلْ بَلَدَنَاْ
آمِنَاً مُطْمَئِنَاً وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ. اَلْلَّهُمَّ
اَحْفَظْ لَنَاْ أَمْنَنَاْ، وَوُلَاْةَ أَمْرِنَاْ ، وَعُلَمَاْءَنَاْ
وَدُعَاْتَنَاْ، اَلْلَّهُمَّ اِحْفَظْ عَوْرَاْتِنَاْ، وَآمِنْ رَوْعَاْتِنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ
جَنِّبْنَاْ اَلْفِتَنَ ، مَاْ ظَهَرَ مِنْهَاْ وَمَاْ بَطَن، اَلْلَّهُمَّ مَنْ
أَرَاْدَنَاْ فِيْ هَذِهِ اَلْبِلَاْدِ بِشَرٍ أَوْ فَسَاْدٍ ، فاَلْلَّهُمَّ أَشْغِلْهُ
بِنَفْسِهِ، وَاَجْعَلْ كَيْدَهُ فِيْ نَحْرِهِ ، وَاَجْعَلْ تَدْبِيْرَهُ
سَبَبَاً لِتَدْمِيْرِهِ يَاْقَوُيَّ يَاْ عَزِيْز .
} رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً
وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَاْدَ اَللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ
بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ، وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ، وَيَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {.
فَاذْكُرُوا
اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ
وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |