وَقَفَاْتٌ شَرْعِيَّةٌ
مَعَ بَعْضِ اَلْأَوَاْمِرِ اَلْمَلَكِيَّةِ
اَلْحَمْدُ للهِ } الَّذِي
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ، وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ
قَوْلُهُ الْحَقُّ ، وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ ، عَالِمُ
الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ { ، أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيْمِ
سُلْطَاْنِهِ : } يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ
وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ { . وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ وَحْدَهُ لَاْ
شَرِيْكَ لَهُ ، } لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
إِلَيْهِ الْمَصِيرُ { . وَأَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ ، اَلْبَشِيْرُ اَلْنَّذِيْرُ ، وَاَلْسِّرَاْجُ
اَلْمُنِيْرُ ، صَلَّىْ اَللهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ،
وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ ، } يَوْمَ
الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ { .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللَّهِ :
تَقْوَىْ اَللهِ U وَصِيَّتُهُ سُبْحَاْنَهُ لِعِبَاْدِهِ ، يَقُوْلُ U
فِيْ كِتَاْبِهِ: } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ
{ ، فَلْنَتَّقِ اَللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اَللهِ ـ جَعَلَنِيْ
اَللهُ وَإِيَّاْكُمْ مِنْ عِبَاْدِهِ اَلْمُتَّقِيْنَ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
مَعَ مَطْلَعِ اَلْأُسْبُوْعِ
اَلْحَاْلِيْ، صَدَرَتْ عَدَدٌ مِنْ اَلْأَوَاْمِرِ اَلْمَلَكِيَّةِ، نَسْأَلُ اَللهَ
U ، أَنْ يَنْفَعَ بِهَاْ اَلْإِسْلَاْمَ وَاَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَأَنْ
تَكُوْنَ عَوْنَاً عَلَىْ خِدْمَةِ اَلْدِّيْنِ ، كَمَاْ نَسْأَلُهُ سُبْحَاْنَهُ ،
أَنْ يُوَفِّقَ وَلِيَّ أَمْرِنَاْ إِلَىْ مَاْ يُحِبُ وَيَرْضَىْ ، وَأَنْ يَزِيْدَهُ
مِنْ اَلْإِيْمَاْنِ وَاَلْتَّقْوَىْ ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ . وَفِيْ هَذِهِ
اَلْمُنَاْسَبَةِ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ لَنَاْ بَعْضُ اَلْوَقَفَاْتِ مَعَ بَعْضِ
تَلْكَ اَلْأَوَاْمِرِ ، أَوَّلُهَاْ مَعَ أَمْرِهِ ـ وَفَّقَهُ اَللهُ ـ لِصَرْفِ
رَاْتِبَيْنِ لِرِجَاْلِ جَيْشِنَاْ ، اَلْمُشَاْرِكِيْنَ فِيْ حَرْبِ اَلْحُوْثِيِّيْنَ
، وَاَلْعَاْمِلِيْنَ فِيْ صَدِّ أَذْنَاْبِ اَلْرَّاْفِضَةِ اَلْمُجْرِمِيْنَ ، فَوَاَللهِ
لَوْلَاْ اَللهُ ثُمَّ هُمْ ، لَرَأَيْتُمْ عَجَبَاً ، إِنْ كَاْنَ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ
ـ اَلْرَّاْفِضَةُ وَأَذْنَاْبُهُمْ اَلْحُوْثِيِّوُنَ ، اِسْتَهْدَفُوْا مَكَّةَ
بِاَلْصَّوَاْرِيْخِ قَبْلَ عِدَّةِ أَشْهُرٍ ، فَمَاْ ظَنُّكُمْ بِهِمْ لَوْ ـ لَاْ
قَدَّرَ اَللهُ ـ تَمَكَّنُوْا مِنْ اَلْقِيَاْمِ عَلَيْهَاْ ، لَاْ شَكَّ سَيَفْعَلُوْنَ
فِيْهَاْ وَفِيْ أَهْلِهَاْ أَقْبَحَ مِمَّاْ فَعَلَ بِهَاْ أَسْلَاْفُهُمْ ، اَلَّذِيْنَ
قَتَّلُوْا حُجَاْجَ بَيْتِ اَللهِ اَلْحَرَاْم ، وَأَلْقَوُا بِجَثَثِهِمْ فِيْ بِئْرِ
زَمْزَمَ ، وَحَمَلُوْا اَلْحَجَرَ اَلْأَسْوَدَ مِنْ مَكَاْنِهِ ، اَلَّذِيْ
وَضَعَهُ فِيْهِ اَلْنَّبِيُّ e بَيَدِهِ ، وَذَهَبُوْا بِهِ إِلَىْ بِلَاْدِهِمْ . فَوَاَللهِ يَسْتَحِقُّ
مَنْ قَاْتَلَ هَؤُلَاْءِ وَأَمْثَاْلَهِمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، وَمَاْ عِنْدَ
اَللهِ لَهُمْ بِإِذْنِهِ تَعَاْلَىْ أَكْثَرَ وَأَكْثَرَ ، يَقُوْلُ U
: } إِنَّ
اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ
لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ
وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ
أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي
بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ { ، وَيَقُوْلُ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ : (( رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا
وَمَا عَلَيْهَا ، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ
الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا ، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا الْعَبْدُ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ أَوِ الْغُدْوَةُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا )) .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
وَأَمَّاْ اَلْأَمْرُ اَلْثَّاْنِي
، اَلَّذِيْ نُرِيْدُ اَلْوُقُوْفَ عِنْدَهُ ، أَمْرُهُ ـ حَفِظَهُ اَللهُ ـ بِإِعَاْدَةِ
اَلْبَدَلَاْتِ ، اَلَّتِيْ أُوْقِفَتْ لِفَتْرَةٍ وَجِيْزَةٍ نَظَرَاً لِبَعْضِ اَلْظُّرُوْفِ
اَلْطَّاْرِئَةِ ، فَإِيْقَاْفُهَاْ وَإِعَاْدَتُهَاْ ، بَيَّنَاْ حَاْلَ بَعْضِ اَلْنَّاْسِ
، وَمِقْدَاْرَ تَمَسُّكِهِمْ بِكِتَاْبِ رَبِهِمْ ، وَسُنَّةِ نَبِّيْهِمْ e
، بَلْ بَيَّنَاْ مِقْدَاْرَ إِيْمَاْنِهِمْ بِاَللهِ U ، فَمِنْ أَسْمَاْئِهِ سُبْحَاْنَهُ اَلْرَّزَّاْقُ ، يَقُوْلُ U
: } إِنَّ
اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ { ، يَقُوْلُ اِبْنُ سِعْدِيٍ
فِيْ تَفْسِيْرِهِ : أَيْ : كَثِيْرُ اَلْرِّزْقِ ، اَلَّذِيْ مَاْ مِنْ دَاْبَةٍ
فِيْ اَلْأَرْضِ وَلَاْ فِيْ اَلْسَّمَاْءِ إِلَّاْ عَلَىْ اَللهِ رِزْقُهَاْ، وَيَعْلَمُ
مُسْتَقَرَّهَاْ وَمُسْتَوْدَعَهَاْ ، فَاَلَّذِيْنَ يُؤَثِّرُ فِيْهِمْ قِلُّ مَاْ
فِيْ أَيْدِيْهِمْ وَكَثْرَتُهِ، وَعَدَمُهُ وَوَفْرَتُهُ ، يَجِبُ عَلَيْهِمْ مُرَاْجَعَةُ
إِيْمَاْنِهِمْ وَعَمَلِهِمْ بِكِتَاْبِ رَبِّهِمْ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ e
، يَقُوْلُ U : } وَفِي السَّمَاءِ
رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ {، وَيَقُوْلُ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ : (( أَيُّهَا النَّاسُ
اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ
حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا ، فَاتَّقُوا اللَّهَ
وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، خُذُوا مَا حَلَّ ، وَدَعُوا مَا حَرُمَ )) .
فَاَللهُ هُوَ اَلْرَّزَّاْقُ ، وَرِزْقُكُمْ فِيْ اَلْسَّمَاْءِ ، وَاِعْتِقَاْدُ
اَلْعَبْدِ أَنْ رِزْقَهُ فِيْ يَدِ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ ، فِيْهِ دَلِيْلٌ عَلَىْ
ضَعْفِ إِيْمَاْنِهِ بِرَبِّهِ، وَهَذِهِ فِيْ حَدِّ ذَاْتِهَاْ كَاْرِثَةٌ، وَلَكِنَّ
اَلْكَاْرِثَةُ اَلَّتِيْ هِيَ أَكْبَرَ مِنْهَاْ ، تَأْثِيْرُ ذَلِكَ عَلَىْ بَيْعَتِهِ
وَسَمْعِهِ وَطَاْعَتِهِ لِوَلِيِّ أَمْرِهِ ، يَقُوْلُ اَلْنَّبِيُّ e
فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ: ((
ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَا يَنْظُرُ
إِلَيْهِمْ ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ : رَجُلٌ عَلَى
فَضْلِ مَاءٍ بِالْفَلَاةِ يَمْنَعُهُ مِنِ ابْنِ السَّبِيلِ ، وَرَجُلٌ بَايَعَ
رَجُلًا بِسِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَحَلَفَ لَهُ بِاللَّهِ لَأَخَذَهَا بِكَذَا
وكَذَا ، فَصَدَّقَهُ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لَا
يُبَايِعُهَ إِلَّا لِلدُّنْيَا ، فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا وَفَى، وَإِنْ لَمْ
يُعْطِهِ لَمْ يَفِ )) ، وَيَقُوْلُ e فِيْ حَدِيْثٍ صَحِيْحٍ آَخَر : (( تَعِسَ عَبْدُ الدِّيْنَارِ ، تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ ،
تَعِسَ عَبْدُ الخَمِيْصَةِ ، تَعِسَ عَبْدُ الخَمِيْلَةِ ، إنْ أُعْطِيَ رَضِيَ
وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيْكَ فَلَا انْتَقَشَ
)) ، إِيْ وَاَللهِ مَاْ أَتْعَسَ مَنْ كَاْنَ عَبْدَاً لِلْدُّنْيَاْ ، وَاَتَّخَذَهَاْ
إِلَهً لَهُ مِنْ دُوْنِ اَللهِ U ، يَاْ لِتَعَاْسَتِهِ فِيْ اَلْدُّنْيَاْ وَيَاْ لِشَقَاْئِهِ فِيْ
اَلْآخِرَةِ ، يَقُوْلُ U : } مَنْ كَانَ يُرِيدُ
الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا
وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي
الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ، وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ {
. فَلَاْ تَخْشَىْ عَلَىْ رِزْقِكَ أَخِيْ اَلْمُسْلِمْ ، فَإِنَّ اَللهَ U
هُوَ اَلْرَّزَّاْقُ :
وَاَللهِ وَاَللهِ أَيْمَاْنٌ
مُكَرَّرَةٌ
ثَلَاْثَةٌ عَنْ يَمِيْنٍ بَعْدَ ثَاْنِيْهَاْ
لَوْ أَنَّ فِيْ صَخْرَةٍ
صَمَاْءَ مُلَمْلَمَةٍ
فِيْ اَلْبَحْرِ رَاْسِيَةٍ مُلْسٍ نَوَاْحِيْهَاْ
رِزْقَاً لِعَبْدٍ بَرَاْهَاْ
اَللهُ لَاْنْفَــلَقَتْ
حَتَّىْ تُؤَدِيْ إِلَيْهِ
كُلُّ مَـاْ فِيْهَاْ
أَوْ كَاْنَ فَوْقَ طِبَاْقِ
اَلْسَّبْعِ مَسْلَكُهَاْ
لَسَهَّلَ اَللهُ فِيْ اَلْمَرْقَىْ مَـرَاْقِيْهَاْ
حَتَّىْ يَنَاْلَ اَلَّذِيْ
فِيْ اَلْلَّوْحِ خُطَّ لَهُ
فَإِنْ
أَتَتْهُ وَإِلَّاْ سَـوْفَ يَأْتِيْهَاْ
فَلْنَتَّقِ اَللهَ ـ أَحِبَتِيْ
فِيْ اَللهِ ـ وَلْنُكْثِرْ مِنْ اَلْدُّعَاْءِ لِوَلِيِّ أَمْرِنَاْ، وَلَجُنُوْدِنَاْ
عَلَىْ حُدُوْدِنَاْ، وَلْنَتَقَرَّبْ إِلَىْ اَللهِ U بِسَمْعِنَاْ وَطَاْعَتِنَاْ وَبَيْعَتِنَاْ } وَالْمُوفُونَ
بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ، وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ
وَحِينَ الْبَأْسِ ، أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ
{ ،
بَاْرَكَ
اَللهُ لِيْ وَلَكُمْ بِاَلْقُرَّآنِ اَلْعَظِيْمِ ، وَنَفَعَنِيْ وَإِيَّاْكُمْ بِمَاْ
فِيْهِ مِنْ اَلْآيَاْتِ وَاَلْذِّكْرِ اَلْحَكِيْمِ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا ،
وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكَمَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ
الْغَفُورُ الرَّحِيمِ .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ ،
وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ
إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الْدَّاْعِيْ إِلَىْ
رِضْوَاْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ
تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَمَّاْ بَعْدُ ، أَيُّهَا الإِخْوَةُ :
وَأَمَّاْ اَلْأَمْرُ اَلْثَّاْلِثُ
، مِنْ أَوَاْمِرِ وَلِيِّ أَمْرِنَاْ ـ حَفِظَهُ اَللهُ ـ أَمْرُهُ بِمُحَاْسَبَةِ
مَنْ اِسْتَغَلَّ مَنْصِبَهُ لِمَصَاْلِحِهِ
اَلْشَّخْصِيَّةِ ، وَجَعَلَ مَكَاْنَتَهُ وَسِيْلَةً لِتَحْقِيْقِ مَآرِبِهِ اَلْدُّنْيَوُيَّةِ
، فَقَدْ سَرَّنَاْ ـ وَاَللهِ ـ هَذَاْ اَلْأَمْرُ ، لَيْسَ نِكَاْيَةً
بِاَلْرَّجُلِ ـ عَاْفَاْنَاْ اَللهُ مِمَّاْ اِبْتَلَاْهُ ـ وَلَكِنْ مِنْ أَجْلِ
أَنْ يَعْتَبِرَ ، كُلُّ مَنْ تُسَوِّلُ لَهُ نَفْسُهُ مِثْلَ ذَلِكَ ، يَقُوْلُ U
: } يَاأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا ، لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا
أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ { ، وَاِسْتِغَلَاْلُ اَلْمَنَاْصِبِ ، مِنْ أَجْلِ
رَشْوَةٍ أَوْ هَدِيَّةٍ أَوْ تَقْرِيْبِ بَعِيْدٍ أَوْ إِبْعَاْدِ قَرِيْبٍ ، هُوَ
مِنْ خِيَاْنَةِ اَلْأَمَاْنَةِ ، بَلْ هُوَ مِنْ خِيَاْنَةِ اَللهِ وَرَسُوْلِهِ اَلْمَنْهِي
عَنْهَاْ ، وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ
السَّاعِدِيِّ ، قَالَ : اِسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللهِ e رَجُلًا مِنَ الْأَسْدِ ،
يُقَالُ لَهُ : اِبْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى اَلْصَّدَقَةِ ، فَلَمَّاْ قَدِمَ قَاْلَ
: هَذَاْ لَكُمْ ، وَهَذَا لِي ، أُهْدِيَ لِي ، قَالَ : فَقَامَ رَسُولُ اللهِ e
عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَحَمِدَ اللهَ ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَقَالَ : (( مَا بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ ،
فَيَقُولُ : هَذَا لَكُمْ ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي ، أَفَلَا قَعَدَ فِي بَيْتِ
أَبِيهِ ، أَوْ فِي بَيْتِ أُمِّهِ ، حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لَا
؟ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَا يَنَالُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا
شَيْئًا إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ بَعِيرٌ
لَهُ رُغَاءٌ ، أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ ، أَوْ شَاةٌ تَيْعِرُ )) ،
ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : (( اللهُمَّ ، هَلْ بَلَّغْتُ؟ ))
، مَرَّتَيْنِ .
هَذَاْ مَاْ تَيَسَّرَ
مِنْ وَقَفَاْتٍ ، حَوْلَ بَعْضِ اَلْأَوَاْمِرِ اَلَّتِيْ أَصْدَرَهَاْ وَلِيُّ
أَمْرِنَاْ ـ وَفَّقَهُ اَللهُ لِهُدَاْهُ ، وَجَعَلَ عَمَلَهُ فِيْ رِضَاْه ـ
اَسْأَلُ اَللهَ أَنْ يَنْفَعَ بِهَاْ وَبِهِ اَلْبِلَاْدَ وَاَلْعِبَاْدَ .
أَلَاْ وَصَلُّوْا
عَلَىْ اَلْبَشِيْرِ اَلْنَّذِيْرِ ، وَاَلْسِّرَاْجِ اَلْمُنِيْرِ ، فَقَدْ
أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اَلْلَّطِيْفُ اَلْخَبِيْرُ ، فَقَاْلَ جَلَّ مِنْ قَاْئِلٍ
عَلِيْمَاً : } إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ
يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ
وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {
وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، يَقُوْلُ e : (( مَنْ صَلَّى
عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا )) ،
فَاَلْلَّهُمَّ صَلِيْ وَسَلِّمْ وَزِدْ وَبَاْرَكْ عَلَىْ نَبِيِّنَاْ مُحَمَّدٍ
، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ أَجْمَعِيْنَ ، وَاَرْضِ اَلْلَّهُمَّ عَنِ
اَلْتَّاْبِعِيْنَ وَتَاْبِعِيْ اَلْتَّاْبِعِيْنَ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ
بِإِحْسَاْنٍ إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ ، وَعَنَّاْ مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ
وَكَرَمِكَ وَجُوْدِكَ وَرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْن .
اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ عِزَّ اَلْإِسْلَاْمِ وَنَصْرَ اَلْمُسْلِمِيْنَ
، اَلْلَّهُمَّ أَعِزَّ اَلْإِسْلَاْمَ وَاَنْصُرَ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَاَحْمِيْ
حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ ، وَاَجْعَلْ بَلَدَنَاْ آمِنَاً مُطْمَئِنَاً وَسَاْئِرَ
بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ . اَلْلَّهُمَّ اَحْفَظْ لَنَاْ أَمْنَنَاْ ،
وَوُلَاْةَ أَمْرِنَاْ ، وَعُلَمَاْءَنَاْ وَدُعَاْتَنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ
جَنِّبْنَاْ اَلْفِتَنَ ، مَاْ ظَهَرَ مِنْهَاْ وَمَاْ بَطَنَ ، اَلْلَّهُمَّ مَنْ
أَرَاْدَنَاْ فِيْ هَذِهِ اَلْبِلَاْدِ بِشَرٍ أَوْ فَسَاْدٍ ، فاَلْلَّهُمَّ أَشْغِلْهُ
بِنَفْسِهِ ، وَاَجْعَلْ كَيْدَهُ فِيْ نَحْرِهِ ، وَاَجْعَلْ تَدْبِيْرَهُ
سَبَبَاً لِتَدْمِيْرِهِ يَاْقَوُيَّ يَاْ عَزِيْز . } رَبَّنَا آتِنَا فِي
الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَاْدَ اَللهِ : } إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ
بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ، وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ، وَيَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { . فَاذْكُرُوا اللهَ
العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ
وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|