من آداب الإسلام
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أما بعد:
عباد الله اتقوا الله .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ {102} } آل عمران . { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً {1}} النساء. { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً {70} يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً {71} }الأحزاب
عباد الله: جاء الإسلام بكل خير, لأنه الدين الذي ارتضاه الله عز وجل وأكمله: {أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً } المائدة الآية:3
دين شامل لجميع شؤون الحياة, فعقائد أهل الإسلام العقائد الصحيحة, وعبادات أهل الإسلام العبادات السليمة, وأخلاق أهل الإسلام الأخلاق الفاضلة, وآداب أهل الإسلام الآداب الحسنة, حتى حسدنا اليهود- لعنهم الله- على ذلك ففي صحيح مسلم من حديث سلمان الفارسي- رضي الله عنه- أن رجلاً من اليهود قال : ( علمكم نبيكم حتى الخراءة قال : أجل نهانا أن نستقبل القبلة بغائط, ولا بول, وأن لا نستنجي باليمين, وأن لا نستنجي برجيع, ولا عظم, وأن لا نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار ) .
فهذا اليهودي حسد الصحابة الكرام على التعاليم النبوية, والآداب المرعية, لكمالها ولحسنها ولنزاهتها, بعيدة عن غلو اليهود وتفسخ النصارى.
أيها المسلمون: إن شريعة الإسلام حافلة بالآداب الشرعية, حتى ألّف العلماء في ذلك المؤلفات لكثرتها, فالمسلم في أدب دائم, في نومه ويقظته, وسلامه وعطاسه, وتثائبه, ومدخله ومخرجه, وغير ذلك, حتى الجماعُ في شريعتنا له آداب, وقضاء الحاجة له آداب, ومن الآداب التي جاء بها الإسلام آداب الطريق.
ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري _ رضي الله عنه_ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إياكم والجلوس في الطرقات, فقالوا: يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها. فقال: أما إذا أبيتم فأعطوا الطريق حقه, قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: كف الأذى, وغض البص,ر ورد السلام, والأمر بالمعروف" وعند أبي داود: ( وإرشاد السبيل ) أي هدايته الطريق .
عباد الله: طرق المسلمين ليست ملكاً لأحد معين, إنما هي من المرافق العامة التي ينتفع بها الجميع, فلما كانت كذلك نهى الشارع عن الجلوس فيها خشية تأذي سالكيها, إلا بالشروط السابقة, وعدم الجلوس أولى, لقوله صلى الله عليه وسلم : " أما إذا أبيتم " .
فمن هذه الشروط غض البصر قال تعالى: { قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ }} النور, رقم الآية: 30
وفي صحيح مسلم, يقول عليه الصلاة والسلام لمن سأله عن نظر الفجأة : " اصرف بصرك ", ونهى عن إتباع النظرة النظرة.
وفي الصحيحين, يقول عليه الصلاة والسلام: " العينان تزنيان وزناهما النظر".
فالنظرة سهم من سهام إبليس, فالواجب للجالس في الطريق, أو السالك فيه, أو أصحاب المحلات على الطرقات أن يغضوا البصر.
ومن ذلك كف الأذى, لأن أذية المسلمين محرمة, بل يكف أذاه عن المسلم وغيره, إلا أن الكفرة ليس لهم وسط الطريق بل يضطرون إلى أضيقه, كما صح الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي الصحيحين أخبر النبي صلى الله عليه وسلم : ( عن رجل من إسرائيل قطع غصناً في الطريق كان يؤذي الناس فأوجب الله له الجنة) .
فلا يؤذي أحداً بقول, ولا فعل, ولا نظر, ولا رائحة, وما المخالفات المرورية التي تصدر من بعض الشباب إلا من الأذى المحرم .
وكذلك العوائق في الطريق, أو المياه الجارية, أو بعض اللوحات الزائدة, أو الآلات أو المواد الخطرة كل ذلك من الأذى الذي أمرنا بكفه.
ورد السلام على من سلم, لأن السلام سنة, ورده واجب, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, لأن الأسواق مظنة المنكرات, لأنها شر البقاع, فإذا تآمر أهل الطريق بالمعروف وتناهوا عن المنكر صلحت أحوال أهل الإسلام , والمتأمل في حال أسواق المسلمين يرى المنكرات, ولا يرى لها مُْنِكراً وهذه بداية الشر .
عباد الله: تأدبوا بآداب الإسلام, وتخلقوا بأخلاقه, وعظموا أوامره يحصل لكم الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {7} } الحشر
أقول ما تسمعون, وأستغفر الله العظيم من كل ذنب, إنه هو الغفور الرحيم. وصلى الله وسلم على نبينا ورسولنا محمد .
الخطبة الثانية لم ترد
|