مكائد أعداء الإسلام
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهد الله فهو المهتد, ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, وخيرته من خلقه صلى الله عليه وسلم, وعلى آله, وأصحابه, وأتباعه , أما بعد :
عباد الله :-
اتقوا الله, واعلموا أن الدين عند الله الإسلام , وهو استسلام العبد لربه بالعبودية, وانقياده له بالطاعة , وخلوصه من الشرك , لا يقبل عند الله سواه , قال تعالى : { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ {19}}آل عمران
ومن يتبع غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه , أكمله عز وجل, وأتمه, وحفظه, وأبطل جميع الأديان, ونسخها به , فلا دين إلا دين الإسلام, ولا شريعة إلا شريعة محمدٍ صلى الله عليه وسلم, وما سوى ذلك فمردود باطل , صاحبه من أهل النار , ولو فعل ما فعل , وأهل الأديان الذين لا ينتمون للإسلام كفرة, مشركون بالله رب العالمين, وبدينه, وبنبيه محمد صلى الله عليه وسلم .
ولقد حمى الله جناب الإسلام بعلمائه, ودعاته, ورجاله, وأهله المنتسبين له , يذودون عن حياضه, ويذبون عنه , وينفون عنه الشبهات , فمنهم من قضى نحبه, ومنهم من ينتظر, وما بدلوا تبديلاً , وهكذا سارت ركائب أهل الإسلام, وجحافله العظام, مسيرة عظيمة حتى دخل الإسلام معظم أقطار الدنيا, بعز عزيز, أو بذل ذليل , عزاً يعز الله به الإسلام وأهله , وذلاً يذل الله به الشرك وأهله , فلما رأى الكفرة, والملاحدة, والزنادقة, والعلمانيون, وأذناب أهل الشرك, جحافل الإسلام تهدم حصونهم , وتدك قلاعهم بالحجة, والبيان قبل السيف والبنان , ثارت ثائرتهم, وكشرت أنيابهم, وتكالبت كلابهم , وتشابهت قلوبهم , فأخذوا يرجفون على أهل الإسلام بخيلهم ورجلهم , يقودهم إبليس , قد رفع رايته , وغرر بهم بقوله: إني جار لكم ليوقعهم فيما وقع فيه أهل بدر .
فشنت على أهل الإسلام الحرب شعواء؛ تارة بالتشكيك بعقائده , وتارة بأحكامه , وتارة بأهله , وتارة بنساء أهل الإسلام , حتى وصل الحال بأولئك التشكيك بعلمائه الربانيين الذين قام بهم الدين, وبه قاموا, ونصروا الحق, وقمعوا الباطل , مشايخ الإسلام, ووراث الأنبياء, وحملة الشريعة الغراء, كشيخ الإسلام ابن تيمية الحراني _قدس الله روحه في الجنة_ ونور ضريحه, وأسكنه الفردوس الأعلى, الملقب بشيخ الإسلام , وذلك لدفاعه عن الإسلام منذ شب وترعرع, حتى مات في سجن القلعة, وهو يذب عن حياض هذا الدين , بالتأليف, والتصنيف, والتعليم والنصح للأمة, حتى أصبحت كتبه شعاراً للمنتسبين للسنة وأهلها , مناراً للسائرين على منهج السلف, فرحمه الله رحمة واسعة , وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيراً على ما قدمه من تراث عظيم, وإرث جسيم من تراث النبوة , تهتدي به الأجيال بعد الأجيال , لأنه مستمد من مشكاة النبوة . { نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {35} }النور .
أيها المسلمون : إن هذه الحرب المعلنة على الإسلام, وأهله, وبالأخص علماءه , لها دوافع وأسباب , منها ما هو قديم , ومنها ما هو جديد , يريدون أن يطفؤ نور الله بأفواههم, ويأبى الله إلا أن يتم نوره, ولو كره الكافرون .
عباد الله , انصروا الله ينصركم, وقوموا بأسباب النصر, وذودوا عن حياض دينكم, وعلمائكم بكل ما تملكون .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : { هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ {7} رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ {8}}آل عمران.
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه, وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم والحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية لم ترد
|