مسائل فيِ زكاة العروض
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهد الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد : عباد الله: اتقوا الله, وتقربوا إليه بأداء ما فرض الله عليكم, وما استحب لكم.
أيها الناس : الزكاة, الركن الثالث من أركان الإسلام , وهي قرينة الصلاة في كتاب الله, وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: { وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ{43}}البقرة. وقال سبحانه: { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ {5}}البينة. وقال سبحانه: { فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {5}} التوبة. وفي آية أخرى { فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {11}} التوبة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " بني الإسلام على خمس فذكرها بعد الصلاة". متفق عليه.
ولما بعث معاذاً إلى اليمن, قال له:" فأعلمهم بأن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم", وأجمع المسلمين على وجوبها, وعلى قتال مانعها , كما فعل أبو بكر رضي الله عنه, ولذلك كفّر بتركها بعض العلماء, لعظم شأنها, وعدَّ تاركها كافراً.
عباد الله: والزكاة واجبة في النقدين الذهب والفضة , وبهيمة الأنعام , والحبوب والثمار , وعروض التجارة.
ولما كانت عروض التجارة هي غالب أموال الناس اليوم, فسنذكر بعض المسائل في هذا الباب.
أما أدلة عروض التجارة فقول الله عز وجل:{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {103}}التوبة.
وروى أبو داود عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج صدقة ما نعده للبيع ).
وقال عليه الصلاة والسلام:" وفي البزِّ صدقته" رواه أحمد. والبزُّ: نوع من النبات.
وكان يأمر عمر رضي الله عنه بأخذ صدقة الأُدم. رواه الشافعي والبيهقي.
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: ) ليس في العروض زكاة إلا أن يراد بها التجارة ).
فهذه الأدلة وغيرها دالة على وجوب زكاة العروض, فمن كان لديه تجارة معروضة للبيع, من العقارات, والسيارات, والآلات, والبضائع المتنوعة, والأغذية , والأدوية في الصيدليات, والمكتبات, وغيرها مما عرض للتجارة, وجب على صاحبها إخراج زكاتها إذا حال عليها الحول, وذلك من خلال تقويمها بالنقدين وإخراج الزكاة منها, أو أخراج الزكاة من المعروض بعد معرفة قدر الزكاة, وإذا تعذر إحصاء ما في المحل من البضائع قدر الموجود فيه, واحتاط لنفسه وأخرج الزكاة.
أما العقارات العاملة , والآلات العاملة التي لم تعرض للبيع, كسيارات الأجرة, أو الآلات الثقيلة, أو الفنادق, أو الشقق, أو العقارات المؤجرة, فالزكاة في أجرتها إذا حال عليها الحول, وكذلك تجب الزكاة في الديون التي في ذمم الناس, إذا كانت على موسرين, أما إن كانوا عاجزين عن الوفاء, أو مماطلين فزكاتها حين قبضتها.
عباد الله : أدوا الزكاة طيبة بها نفوسكم تفوزوا برضا ربكم, واحذروا منعها, أو البخل بها, فإن هذه علامات النفاق وضعف الإيمان.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ {34} يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ {35}}التوبة.
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
الخطبة الثانية لم ترد
|