( التحذير من جماعة التبليغ 1433)
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله.
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا } {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما } .
أيها الناس : أمر الله عباده المؤمنين بالاجتماع وحذرهم من الفرقة والاختلاف, لأن الاجتماع سمة من سمات أهل السنة, والافتراق علامة من علامات أهل البدع, قال الله عز وجل: (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) الروم: ٣١ – ٣٢
وقال الله عز وجل مخاطباً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) الأنعام: ١٥٩
وأمر الله عز وجل بالاجتماع وسلوك صراطه المستقيم فقال سبحانه: (وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سبيله ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) الأنعام: ١٥٣
وروى أهل السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: هي ما أنا عليه وأصحابي» يسألونه عن الناجين.
والفرقة الناجية والطائفة المنصورة هم أهل السنة والجماعة السائرون على منهج السلف الصالح وكل حزب أو فرقة تخالف منهج السلف الصالح فهي من الفرق التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم.
ظهرت أول الفرق في عهد الصحابة رضي الله عنهم ولكن الصحابة وقفوا موقفا عظيما تجاه أهل البدع والفرق الضالة فكشفوا بدعة القدرية وبدعة الخوارج وما أشبه ذلك من البدع حتى قال ابن عمر لما سمع ببدعة القدرية لما ظهرت في أواخر عهد الصحابة:( قَالَ فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّى بَرِىءٌ مِنْهُمْ وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّى وَالَّذِى يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ أَنَّ لأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ). رواه مسلم
وهكذا تخرج فرق ولكن يتصدى لها العلماء ومن وافقهم من عامة المسلمين لأن العامة يتبعون علماءهم لأن الله عز وجل قد أمرهم بهذا بقوله: ( فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)
وقد خرجت فرق في زمننا الحاضر كحزب الإخوان المسلمين الذي أسس على الجهل وكفرقة التبليغ الصوفية التي أسست في الهند وظهر ما هو أشر من ذلك ظهر الخوارج بالصور الغريبة فتارةً يتسمون بالإرهاب وتارة يتسمون بالبغي وتارة يسمون أنفسهم بالمجاهدين حتى أوقعوا بالأمة جراحا عظيمة سرَّت أهل الكفر وأغاضت أهل الإسلام وهكذا أيها المسلمون كل أمر يخالف ما عليه السلف الصالح فإنه يفرح الأعداء ويغيض الأصدقاء.
وقد وردنا تعميم من وزارة الشؤون الإسلامية ممثلا في فرعها في منطقة حائل حيث ورد فيه القول: بشان تفعيل الجانب الوقائي للتحذير من جماعة التبليغ تحديداً وإيضاح بدعية وضلالة ومخالفة منهجها لمنهج أهل السنة والجماعة أو سواها من الجماعات والمناهج الباطلة المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة. بناء على ما توفر من معلومات حول تنامي هذه الجماعة في المنطقة وتزايد أنشطة من ينتمون إليها في ممارسة الدعوة إلى هذا المنهج الباطل بأوجه وطرق وحيث سبق أن صدر عن اللجنة الدائمة للإفتاء عدد من الفتاوى في التحذير من جماعة التبليغ منها الفتوى رقم (17776 ) المؤرخة في 18/3/1416هـ والفتوى رقم (18870 ) المؤرخة في 11/6/1417هـ.
ولما يجب على طلبة العلم والدعاة بما حملوا من أمانة هذا العلم وبما هو لازم عليهم من النصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم وإبراء للذمة أن يناصحوا كل فرد أو مجموعة تسلك سبيل التحزب والخروج على كلمة المسلمين بانضمامها لتلك الجماعات والأحزاب لذ عليكم الاهتمام بهذا الجانب وبيان ما لهذه الجماعة من مخالفات شرعية للسنة النبوية والتحذير من الانضمام إليها نصحا للأمة وحماية لجناب التوحيد بالحكمة والموعظة الحسنة من خلال خطب الجمعة نسأل الله أن يهدي ضال المسلمين . أ.هـ
أيها المؤمنون نشأة هذه الجماعة في الهند أسسها أحد الصوفية في بلاد الهند وانتشرت في غالب الدول الإسلامية وغير الإسلامية وهي جماعة تدعوا إلى الآداب والأخلاق ولكن المنتمين إليها جهلة يجهلون التوحيد ويجهلون الجهاد في سبيل الله ولا عناية لهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعندهم مخالفات عقدية بل يقرؤون بعض الكتب التي احتوت على الشرك ولا شك إنهم مريدون للخير ولكن كم من مريد للخير لم يصبه.
ومن المعلوم أن أمة الإسلام امة عظيمة قامت على التوحيد وعلى السنة وعلى الاتباع قبل خروج هذه الجماعة , وشأن الأمة شأن عظيم ولله الحمد وليست بحاجة إلى خروج أحزاب وفرق بل منهج السلف الصالح كافٍ ولله الحمد لأمة محمد صلى الله عليه وسلم قاطبة , لذا على أفراد هذه الجماعة أن يسلكوا منهج السلف الصالح وأن يسألوا عنه وأن يقرؤوا الكتب المؤلفة فيه لأن غالبهم ولله الحمد رجع لما اطلع على طريق السلف الصالح الذي سلكه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعون وتابعوهم بإحسان إلى يوم الدين وانشأ العلماء والمجاهدين في سبيل الله والقادة من أمة محمد هذا منهج عام شامل لأفراد الأمة وعمومها فعل الجميع أن ينتسب إلى هذا المنهج العظيم وان يسال الله عز وجل أن يوفقه لسلوكه .
(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَات وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) آل عمران: ١٠٤ – ١٠٥
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين أما بعد
عباد الله منهج السلف الصالح هو المنهج الذي جعل أصل الدين التوحيد ودعا إليه وبينه وجعل الاتباع واجباً للنبي صلى الله عليه وسلم لا لأحد سواه وأمر الناس بسلوك الصراط المستقيم الذي نسأله الله عز وجل في كل صلاة ( اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم ) فالصراط المستقيم هو الطريق الذي يوصل إلى الله وقد بينه النبي صلى الله عليه وسلم غاية البيان وكذلك الصحب الكرام وحذروا من سلوك غيره لأن المناهج والأحزاب لا تؤدي إلى رضوان الله والى جنته بل تؤدي إلى المخالفات البدعية التي توقع في مسائل الشرك أو في الشرك.
أيها المسلمون : اتفق علماء الأمة على أن المنتسب لمنهج السلف الصالح قد انتسب إلى الحق. قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( ولا عيب على من انتسب لمنهج السلف الصالح أو اعتزى إليه )
وقال مرة: ( وشعار أهل البدعة عدم انتحال منهج السلف )
أهل البدع يكرهون الانتساب لمنهج السلف الصالح لأنهم لو انتسبوا إليه لزمهم الانضمام تحت لوائه وخرجوا من البدعة التي تلبسوا بها.
وقال ابن القيم رحمه الله في زمنه: ( انقسم الناس إلى ثلاث طوائف: إلى جهمية وسبعية وسلفية) أراد بالجهمية تلك الفرقة الضالة التي أنكرة أسماء الله وصفاته, وأراد بالسبعية الأشاعرة الذين ما آمنوا إلا بسبع صفات من صفات الباري عز وجل. وأراد بالسلفية الذين عرفوا أصول الدين وفروعه وسلكوا صراط الله الذي أمر به.
ألا فلنتق الله عز وجل ولنحذر غاية الحذر من الانضمام إلى هذه الجماعات المخالفة لمنهج السلف الصالح والتي من شعاراتها في العصر الحاضر: الديمقراطية الإسلامية, الليبرالية الإسلامية, ومن شعاراتها التعددية الحزبية, ومن شعاراتها الثورات القومية هذه الجموع التي ترونها بالشوارع تنوح وتلوح بالإعلام والذي رفع السماء ووضع الأرض أنها ليست على منهج السلف الصالح حتى ولو كثرت تلك الجموع بل هي مخالفة لمنهج السلف الصالح ولما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. فشعارات هذه الجماعات كثيرة وأصولها مختلفة ولكن كما قال أحد أئمة السلف: ( اختلفوا في الرأي واتفقوا على السيف )
وقال بكر أبو زيد_ أحد أعضاء هيئة كبار العلماء في هذه البلاد رحمه الله رحمة واسعة_ : كن سلفياً على الجادة ولا تكن خراجاً ولاجاً في الجماعات ).
أيها المسلمون النصح واجب ولو أغاض بعض الجماعات ولكن من قبل الحق فبشرى له بالخير ومن عرض عليه الحق فلم يقبله فأنه يبتلى بتقليب القلب هكذا قال ابن القيم رحمه الله : ( من عرض عليه الحق فلم يقبله ابتلاه الله بتقليب القلب ثم ذكر قول الله عز وجل : ( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) ).
اللهم صلِ وسلم على نبينا محمد الذي تركنا على مثل البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا هالك , اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل المشرك والمشركين ودمر أعداءك أعداء الدين أللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه, اللهم اهد ضال المسلمين, اللهم رد ضال المسلمين إلى الحق رداً جميلاً برحمتك يا ارحم الراحمين, اللهم أغثنا, اللهم أغثنا, اللهم أغثنا, غيثا مغيثا هنيئا مريئا عاجلا غير آجل اللهم سقيا رحمه لا سقيا هدم ولا عذاب ولا غرق برحمتك يا ارحم الراحمين اللهم أنزل علينا من بركات السماء وأنبت لنا من بركات الأرض برحمتك يا ارحم الراحمين اللهم انك أنت الله لا إله إلا أنت, أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبها
سعيد بن هليل العمر
خطيب جامع المهوس |