التحذير من التبرج والسفور
الحمد لله الذي جعل الرجال قوامين على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض, والصلاة والسلام على القائل:" استوصوا بالنساء خيراً" صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين, أما بعد:
فلقد كرم الإسلام المرأة تكريماً عظيماً, حيث حفظها من جميع الجوانب, فجعل الرجال قوامين عليها, ومنعها من تزويج نفسها, ومن سفرها وحدها, ومن خلوة الأجنبي بها, ومن خروجها سافرة كنساء أهل الجاهلية, قال سبحانه:{ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}.
وأمرها بغض بصرها وحفظ فرجها, بقوله تعالى:{ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}.
وأمرها بعدم الخضوع عند الحديث حتى لا يطمع فيها, فقال سبحانه:{ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً {32}}.
وأمر نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم بأن يامر نساءه ونساء المؤمنين بالحجاب بقوله:{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً {59}}
كل ذلك لحفظ هذه العورة, وهذه الدرة لتكون مصونة.
وجاءت السنة النبوية المؤكدة لذلك, فقال عليه الصلاة والسلام :" لا تسافرن امرأة إلا مع ذي محرم" متفق عليه.
وقال عليه الصلاة والسلام :" ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء " متفق عليه.
وقال عليه الصلاة والسلام:" اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء" رواه مسلم.
وقال عليه الصلاة والسلام:" المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان " رواه الترمذي.
وأمر من سألته الصلاة معه أن تصلي في بيتها, وأمر المتعطرة بأن تغتسل كغسلها من الجنابة إن أرادت شهود الصلاة, كل ذلك حرصاً عليها بأن لا تفتِن ولا تُفتن.
وحرّم الإسلام ولاية المرأة الأمور العامة التي تحتاج إلى بروز ؛ كالإمارة والقضاء, فقال عليه الصلاة والسلام:" لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " رواه البخاري.
وكان الصحابة رضي الله عنهم غيورين على نسائهم, بل تعدت الغيرة بعمر أن كان يغار على أمهات المؤمنين, وكان يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: أحجب نساءك, فإنه يدخل عليهن البر والفاجر. حتى وافقه ربه, فأنزل آية الحجاب.
وكان علي رضي الله عنه يقول: ( أين غيرتكم ؟ خالطت نساؤكم العلوج ).
وقيل لفاطمة : أي شيء خير للمرأة؟ قالت: أن لا ترى الرجال ولا يروها.
وقالت عائشة لمولاتها لما قالت : طفت بالبيت, وقبلت الحجر: ( لا أجرك الله , تزاحمين الرجال).
كل ذلك لعلمهم أن المرأة عورة. جاءت الشريعة بحفظها وإبعادها عن مواطن الريبة.
أيها الناس: إن هذا الحرص على حفظ المرأة هو حرص على حفظ الأمة بأكملها من الانحطاط في مواطن الرذيلة والخفا, والناظر إلى حال الدول التي أعطت المرأة الحرية, يرى تحولاً في هذه المجتمعات من عالم الإنسان إلى عالم الحيوان, بل تجاوزوا البهائم في كثير من أمورهم, فاتقوا الله في أنفسكم وفي نسائكم.
أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين, أما بعد:
عباد الله: فإن سهام الأعداء قد اتجهت نحو المرأة في هذا الزمن, فتارة باسم التحرير, وتارة بحقوق المرأة, وتارة بلباس المرأة, وتارة بتشغيل المرأة, كل هذه الدعوات هدفها إخراج المرأة من خدرها وسترها, لأنهم يعلمون أن انحطاط المجتمعات يبدأ بسفور المرأة, فلما سقطوا في الرذائل بسبب سفور المرأة, وخروجها , أرادوا إدخال أهل الإسلام في هذا الوباء الذي عمهم جميعاً.
فاتقوا الله عباد الله, واحذروا مكايد الأعداد, فإنها مستمرة, وخططهم مرسومة, واحفظوا نسائكم, وامتثلوا أمر الله, وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم, فاستوصوا بالنساء خيراً, ومن ذلك الخير حفظ هذه العورات, وعدم التفريط بهن, وعدم الاستماع للدعايات المغرضة.
واعلموا أن غالب الفضائيات اليوم قد جندت لإفساد المرأة, وسلخها من دينها وعقيدتها وسترها, وجعلها سلعة في أيدي الذئاب الجائعة, فإذا قضوا نهمهم منها رموها كما يرمى الثوب الخلق.
أيها الناس: تآمروا بالمعروف, وتناهوا عن المنكر, وخذوا على أيدي السفهاء , وطرودهم على الحق أطراً.
إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم, وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم, إنك حميد مجيد.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين, وأذل الشرك والمشركين, واحم حوزة الدين, واحفظ نساء المسلمين, وجنبهن التبرج والسفور, وأنزل على أهل الإسلام رحمة عامة تهدي بها ضالهم, وتصلح بها أحوالهم, إنك على كل شيء قدير.
|