بمناسبة ما قام به بعض السفهاء من مظاهرات
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: اتقوا الله في سركم وعلانيتكم فإن تقوى الله خير الزاد.
أيها الناس: ميز الله سبحانه وتعالى بين العقلاء والسفهاء وجعل القوامة للعقلاء على السفهاء, بل أمرت الشريعة بالأخذ على أيدي السفهاء, وأطرهم على الحق أطرا, وهو من أعظم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي اختصت به هذه الأمة, كما في قوله سبحانه : { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ } آل عمران الآية:110
وحديث النبي صلى الله عليه وسلم : " مثل القائم بحدود الله, والواقع فيها كقوم استهموا بسفينة عليها قوم, بعضهم في أعلاها, وبعضهم في أسفلها".
كما ثبت في البخاري من حديث النعمان بن بشير _ رضي الله عنهما_ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً ".
فهذا المثل المضروب من النبي صلى الله عليه وسلم متضمن للأخذ على أيدي العابثين المفسدين و إلا هلكت الأمة جمعاء، فأهل الصلاح وأهل الفساد بهذه المثابة فإن قام الصالحون بما أوجب الله عليهم نجت الأمة وأفلحت وإن خرق المفسدون السفينة غرقت وهلك الجميع .
أيها الناس: إن ما يفعله بعض السفهاء, والغوغائية, والمتأثرين بالغرب, والمطيعين لكل ناعق, لأمرٌ مؤسفٌ جداً, ونذيرُ شرٍ وشؤمٍ على أمة التوحيد والشريعة.
إن هذه الأفعال أعني المظاهرات والاعتصامات ورفع الشعارات والنداءات وغيرها محرمة من وجوه :
الأول: أنها بدعة محدثة لا أصل لها في شريعة الإسلام على مر العصور.
الثاني: أنها مستوردة من الغرب, ومأخوذة عنهم, ومن تشبه بقوم فهو منهم، هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم.
الثالث: كونها فساداً محضاً لا خير فيها على الإطلاق والله لا يحب الفساد.
الرابع: لا يقوم بها إلا أهل الفساد في الأرض أما أهل الدين والعقل فينزهون عنها.
الخامس: أنها تقضي إلى شر عظيم من قتل النفوس, وتدمير الممتلكات, ونهب المعروضات, وإخلال الأمن, وترويع الآمنين.
السادس: كونها بمثابة الشرر من النار, بدايته ضعيفة, ونهايته نار تلظى, ومعظم النار من مستصغر الشرر.
السابع: فيها خروج على الأمة ودينها, لأن الأمة محكومة بشريعة غراء بيضاء، وهؤلاء خارجون على الأمة والدين, فهم مستحقون للجزاء المقرر شرعاً.
الثامن: في هذه الأعمال خروج على ولي الأمر, وسماع لغيره, والحكم في الخوارج القتل, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه " رواه مسلم.
التاسع: ومن مفاسد هذه الأعمال تفرق الأمة إلى جماعات حزبية, وشعارات طائفية, ونبذ للشريعة المطهرة, وهذه بحد ذاتها كافية للقول بحرمتها.
أيها المسلمون : يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه " رواه الترمذي وأبو داود.
فخذوا على أيدي الظلمة, وأجيبوا ولاة الأمر على ذلك, يحفظ لكم دينكم, وتحفظ لكم دنياكم, فإن أبيتم فلا تلوموا إلا أنفسكم.
وعلى ولاة الأمر _ وفقهم الله_ ألا تأخذهم في هؤلاء لومة لائم, وأن يضربوا على كل من تسول له نفسه الخروج على أحكام الشريعة الغراء ، وعلى طلبة العلم والمصلحين أن يبينوا حكم هذه الأفعال للناس, وكذلك خطورتها على الدين والدنيا.
اللهم ألهمنا رشدنا, وقنا شر نفوسنا, وأعذنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن وأستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه.
وصلى الله وسلم على نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذه خطبة لمعالي الشيخ صالح الفوزان حفظه الله بعنوان
المظاهرات والفوضى ليست من النصيحة لولي الأمر
http://www.islamekk.net/play.php?catsmktba=767
|