بمناسبة تفجير مقر الأمن بمدينة الرياض
يوم الأربعاء 2/3/1425هـ
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهد الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وسلم, وعلى آله وأصحابه, أما بعد:
عباد الله :
فإن من المعلوم من الدين بالضرورة, أن النفوس, والأموال, والأعراض, والأديان, والعقول, قد أمر الله بحفظها, وهي ما تسمى بالضرورات الخمس؛ إلا بموجب شرعي, وهذا من تكريم الله عز وجل لبني آدم.
ولكن! يوجد في البشر من لا يرعى لها حرمةً, فيقتل, ويسفك الدم الحرام, ويسرق المال ويأخذه من غير وجهه, ويعتدي على الأعراض والحرمات, غير راعٍ إلّا ولا ذمة ولا عهداً.
وهؤلاء أصناف, فمنهم: المعتدي لنفع نفسه, ومنهم المعتدي لنفع غيره, ومنهم المفسد في الأرض, كما في قوله تعالى : { وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ {204} وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ {205}}البقرة.
والخوارج المارقون من هؤلاء, فهم مفسدون في الأرض, لا يجلبون نفعاً لأنفسهم, ولا لغيرهم, ولا هدف لهم إلا ما ذكر الله عز وجل: ( سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل).
أيها المسلمون:
سمعتم ما جرى في مدينة الرياض,
من تعد على حرمة البلد المسلم, وحرمة النفوس المسلمة, وحرمة الأموال المسلمة, والأعراض المسلمة, وتفجير بعض المنشآت, مما تسبب في وفاة عدد من أبناء المسلمين, وإصابة الكثير منهم لا ذنب لهم, إلا أنهم حماة الأمن, والدين, والأعراض, والنفوس, والأموال, وحفظ حوزة الدين,
فبأي وجه يلقى الله عز وجل الفاعل؟! عندما تأتيه هذه الحشود المسلمة بين قتيل, وجريح, مطالبين بحقوقهم أمام الله عز وجل, وما عذره عند ربه؟! إن كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان, وما جوابه لربه؟.
أيها المسلمون:
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة, وصيام, وزكاة, ويأتي وقد شتم هذا, وقذف هذا, وأكل مال هذا, وسفك دم هذا, وضرب هذا, فيعطى هذا من حسناته, وهذا من حسناته, فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه, أخذ من خطاياهم فطرحت عليه, ثم طرح في النار" رواه مسلم.
وثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " اتقوا الظلم, فإن الظلم ظلمات يوم القيامة " متفق عليه.
ومن أعظم الظلم, إزهاق النفوس البريئة؛ بل والمسلمة بغير حق؛ إلا أن يقولوا ربنا الله, ويدافعوا عن المسلمين, ويحموا حوزة الدين.
أيها المسلمون:
إن هذه الجرائم العظام لا تقع إلا من قوم انسلخوا من الإسلام, وانسلخت الرحمة من قلوبهم, ونظروا لأهل الإسلام نظرهم لأهل الكفر؛ بل فعلوا بأهل الإسلام مالم يفعلوه بأهل الكفر, وصدق النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال فيهم وفي أسلافهم:" يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية".
وقال:" يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان".
فعلى أهل الإسلام أن يدركوا هذا الخطر الداهم من الداخل, وأن يصلحوا ما أفسدته الأحزاب البدعية, والفرق المتنوعة, وأن يحفظوا عقول الشباب من الأفكار المردية, وتحذيرهم من الكنب البدعية, والأقوال المضللة,
وأن يحال الشباب على الكتب السلفية النقية السليمة, فإن العي دواؤه العلم, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إنما شفاء العي السؤال".
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ {24} وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {25}} الأنفال.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
** انتهت الخطبة **
بمناسبة قتل رجال الأمن في منطقة القصيم
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, أما بعد:
عباد الله:
اتقوا الله, واستعيذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
أيها الناس:
إن الإنسان قد يقدم على الفتن عمداً أو خطأً, فهذا غير مستغرب لحصوله في بني البشر, لكن المستغرب أن يقدم الإنسان على قتل بلا سبب, فيسفك دم هذا, ويفسد مال هذا, وينصب الحبائل والشراك للمسلمين الآمنين دون سابق عداوة, هذا أمر حير العقلاء !!
أيها المسلمون:
إن ما تقوم به هذه الشرذمة الباغية الطاغية الآثمة المعتدية, لهو أمر منكر خطير, وفعل أثيم, وجرم جسيم,
حدث في القصيم,
فاستنكره الناس قاطبة لما اشتمل عليه من قتل الأبرياء والنساء, ثم امتد إلى بلدكم هذه,
إن هؤلاء المجرمين الملحدين في بلاد المسلمين الآمنة, قد انتكست فطرهم ونسخت عقولهم ، وأظلمت الدنيا في وجوههم, وانتهجوا هذا النهج الخطير بلا مبرر وبلا سبب, فلو كانوا جوعى لعذرهم الناس, أو كانوا خائفين لعذروا, أو مظلومين, أو ممنوعين من عبادة الله, أو انتهكت أعراضهم, أو كانوا في بلد يحارب الإسلام والمسلمين لالتمسنا لهم الأعذار.
ولكن يا عباد الله!
أنتم شهداء الله في أرضه, فالأمن, والأمان, والإسلام, والشريعة, والحدود، والأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, وحفظ العورات والأعراض, هذا أمر ظاهر للعيان ولله الحمد.
أيها الناس:
إن العقول إذا مسخت صارت محلاً لكل فتنة, وانقادت وراء شياطين الإنس والجن, وإن هذه الفئة وراءها من يوجهها { وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ {30}}الأنفال
فعلينا جميعاً أن نكون يداً واحدة, وصفاً واحداً, تجاه أي فتنة, سواء كانت بين أظهرنا أو وافدة علينا.
أيها المسلمون أيها الشباب:
إن الاستنكار لا يكفي؛ بل لابد من القيام بإصلاح المعوج من أبناء المجتمع، ولابد من تحذير الشباب من دعاة الفتنة والسوء ، لأن الأمر يتعاظم إن تُرك, ولابد من معرفة أسباب هذه الفتنة لقطع دابرها, ومعرفة من وراءها ليأمن السبيل ويستقر الأمن، ويسلم المسلمون في دمائهم وأموالهم.
أيها الدعاة:
إن فساد العقول سبب كل شر بدءاً من الكفر إلى ما دونه, فعليكم بإصلاح عقول الناشئة وتحذيرهم من الأفكار الضالة المضلة والتوجهات الخاطئة, والمجتمعات المشبوهة ، ودعاة السوء والبدعة ، فهو واجب عليكم فقوموا به قبل نزول البلاء.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : { فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ {116}} هود.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
وصلى الله وسلم على نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم.
6/12/1426 هـ
** انتهت الخطبة **
|