التحذير من جماعة التبليغ
إن
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا،
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .{يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً
وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
عَلَيْكُمْ رَقِيباً}، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}
أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور
محدثاتها وكل بدعة ضلالة .
أيها الإخوة المسلمون: اتقوا الله حق التقوى.
عباد الله: قبل ما يزيد عن عشرين عاما, كنت وفي
قرارت نفسي أتساءل, هل يأتي يوم يمكن فيه أن نحذر من جماعة التبليغ, أو أي جماعة أخرى علانية,
ذلك أن وقتها لم يكن انتشار تلك الجماعات معروف في بلاد الحرمين كما هو الآن, ولم يكن
شرها وتأثيرها على الناس بهذه الصفة الموجودة الآن, فالحديث
اليوم عن جماعة التبليغ لم يعد سرا, بل صار ضروريا. فإليكم –أيها الإخوة– شيء من
بيان هذه الجماعة وما يختص بها: نشأت جماعة التبليغ وتسمى جماعة الأحباب في الهند على
يد مؤسسها محمد إلياس الكاندهلوي البنقلاديشي الأصل, ثم أخذت في الانتشار في الهند
وباكستان حتى بلغت الدعوة إلى البلاد العربية والإسلامية وأصبح لها فيها مراكز ودعاة
ومشائخ وأتباع، وتعدتها إلى بلاد أخرى غير إسلامية، وكان لها هناك نشاط في التعريف
بالإسلام والدعوة إليه، ومقر قيادتها في الهند في نظام الدين في دلهي، ومن هناك تصدر
الأوامر والتعليمات للجماعة. ولها اجتماعات كبيرة يحضرها جموع غفيرة من شتى بلدان العالم.
يتركز
هدف الجماعة بدعوتها تلك في تحقيق أصولهم الستة التي يرددونها صباح مساء وهذه الستة
الأصول هي:
أولاً:
تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله, ويقصدون بذلك إخراج اليقين الفاسد
من القلب على الأشياء وإدخال اليقين الصحيح على ذات الله بأن الله هو الخالق الرازق،
النافع الضار، المعز المذل، المحيي المميت، المانع المعطي، فيقصرون كلمة التوحيد على
معنى الربوبية فقط, وأما معنى الألوهية فهو مهمل عندهم علما وعملاً وبخاصة -الأعاجم منهم-. وهذه من أعظم المآخذ على
هذه الجماعة والضلالات لديهم فإن الخلاف أصلا
بين الأنبياء وأقوامهم هو في توحيد الألوهية, والمشركون في زمن النبي صلى الله عليه
وسلم مقرون بتوحيد الربوبية ولم يدخلهم ذلك في الإسلام.
ثانياً
ومن أصولها أيضا: الصلاة ذات الخشوع: فيهتمون اهتماماً كبيراً بأداء الصلاة مهما كان
الشاغل وكذا الخشوع فيها والمحافظة على الصف الأول وتكبيرة الإحرام وهذه أمور حسنة
مطلوبة من المسلم، ولكنهم أهملوا تعلم أركانها وواجباتها وسننها وأحكامها.
ثالثاً
ومن أصولهم: العلم ويريدون به علم فضائل الأعمال
وعلم أنظمة الجماعة وأوامرها وطرق مشايخها وعلم الأمثلة التي يضربونها للناس أما علم الأحكام والمسائل الفقهية وعلم التوحيد
فلا حظ له عندهم.
رابعاً
ومن أصول الجماعة: تصحيح النية بأن الأعمال لابد أن تكون خالصة من الرياء والسمعة وهذا
أصل صحيح ومطلوب.
خامساً
ومن أصولهم: إكرام المسلم والتلطف له والمبالغة في ذلك وهذا حق وصحيح ومطلوب ولكنهم
يتركون النصح والإنكار ويتنازلون عن بعض الثوابت
والأصول تأليفاً لقلبه هكذا زعموا.
وسادس
أصولهم وأعظم وأكثر مايعتمدون عليه ما يسمونه: بالخروج في سبيل الله، ويقصرونه على
الخروج معهم للدعوة, وهذا في الحقيقة تعطيل لأصل من أصول الدين الصحيحة, فالخروج في
سبيل الله المقصود به في الشرع هو الجهاد في سبيل الله بالدرجة الأولى كما جاءت بذلك
النصوص الكثيرة.
فاتقوا
الله عباد الله واعلموا أن من عبد وتعبد لله بجهل ففيه شبه بالنصارى فهم الضالون, ومن
ترك عبادة الله على علم ففيه شبه من اليهود
وهم المغضوب عليهم، وكلا الطريقين ضلال وغواية, والسلامة أن يعافيك الله منهما
جميعا, ومن فضله وإحسانه عليك أن يلزمك منهج أهل السنة والجماعة, فاشكروا الله على
معافاته لكم , واعلموا أنكم إن شكرتم زادكم, وإن كفرتم فعذابه شديد.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم،
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي
ولكم ولسائر المسلمين إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد
لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا
ويرضى , واشهد أن اله إلا الله وحده لاشريك له في الآخرة والأولى, واشهد أن محمدا عبده
ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحابته وسلم تسليما كثيراً، أما بعد:-
أيها الإخوة المسلمون: لقائل أن يقون أنا لا أفرق
بين الدعاة اليوم فكل من دعا إلى الله لا أعرف هو من أي الجماعات حتى أحذر الشر وأعتنق
الخير, وهذا صحيح حيث اختلط اليوم على الساحة الدعوية الحابل بالنابل وبحكم وسائل الإعلام
المختلفة وكثرة ما ينشر فيها, فالوصية للجميع –أيها الإخوة- أن يتعامل كل منا مع ما
يسمع ويشاهد بعلم بحكمة وروية, وتؤدة وطمأنينة, لا بعاطفة وجهل, وألا يغتر بالمظهر,
وجمال المنطق, وحسن العبارة, ولا بالشهادات العلمية التي يحملها بعض الدعاة, فإن جماعة
كجماعة التبليغ لها جهود دعوية كثيرة وقد أثروا على كثير من أهل المخدرات والمعاصي
وأعادوهم إلى المساجد ولكن في الحقيقة أنهم نقلوهم في بعض المجالات من المعصية المجردة
إلى البدعة السيئة, وأعظم من ذلك أنهم أثروا عليهم فغرسوا في نفوسهم محاربة أهل السنة
والجماعة, فلا تجد أحدا ينتمي إلى جماعة التبليغ إلا ويكره أهل السنة ويسعى في دعوتهم
إلى جماعته.
كما يجب علينا – أيها الإخوة – ألا نغتر بما يتمسكون
به من أقوال العلماء في تأييد دعوتهم كتمسكهم بفتوى سماحة الشيخ ابن باز القديمة فيهم,
وفتوى سماحة الشيخ ابن عثيمين القديمة فيهم, فإن آخر الأمر من الشيخين -رحمهما الله-
التحذير من جماعة التبليغ, وفتاواهما موجودة ومعروفة.
كما يجب علينا ألاّ نغتر بما عند جماعة التبليغ المسماة
بالأحباب من الصفات الحسنة, فإن ماعندهم من الحق موجود في أصول الإسلام ومطالب فيه
كل مسلم , فالأصل أن يؤخذ من الأصل ويترك الفرع.
ومما يجب أن يُعلم عن هذه الجماعة اهتمامهم بالقصص
وسرد الأحداث فإذا جلست مع أحدهم ذهب كلامه كله أو جله بقوله ذهبنا وأتينا وسافرنا
وقابلنا ودعونا إلى غير ذلك, كما أنهم يهتمون بالمنامات والرؤيا كثيرا.
وتعتمد
الجماعة في تحصيل العلم الذي تستفيد منه الدعوة على ثلاث كتب: كتاب رياض الصالحين للنووي،
وغالباً مايخصون به العرب, وكتاب تبلغي نصاب لمحمد زكريا الكاندهلوي، وهذا كتاب أم
الجماعة، عند سكان شبة القارة الهندية وفيه من البدع والخرافات والشركيات ما الله به
عليم وقد علّق عليه العلماء وبيّنوا ما فيه من الأخطاء, وثالث الكتب كتاب حياة الصحابة
لمحمد الكاندهلوى، وهو مليء كسابقه بالقصص المختلقة والأحاديث الموضوعة والضعيفة.
فاحذروا -أيها الإخوة– هذه الجماعة ولا تجعلوا عقولكم
وقلوبكم مفتوحة لكل من هبّ ودبّ, واعلموا أن الحق ما اطمأنت إليه النفس, وأن الإثم
ما حاك في النفس وتردد في الصدر, ولاتقلدوا دينكم كل أحد, فالحق له علامة, وعليه طلاوة,
والباطل له ظلمة في النفس وضيق في الصدر.
اللهم أصلح أحوالنا، وأرنا الحق حقا
وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، اللهم ردنا إليك وإلى دينك
رداً جميلاً، اللهم توفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، واغفر لنا ولوالدينا
وذرياتنا ومشايخنا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين، اللهم فرج هم المهمومين
من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، واقضِ الدين عن المدينين واهد ضال المسلمين،
اللهم احفظ بلادنا بالتوحيد والسنة، وأدم علينا تحكيم الشريعة، وأصلح قادتنا وبارك
في علمائنا وألف بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا واهدنا سبل السلام وأخرجنا من الظلمات
إلى النور، ونجنا برحمتك يا أرحم الراحمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة
حسنة وقنا عذاب النار وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ نايف الرضيمان تجدها
هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=123
|