الحمد لله حمداً كثيراً, والصلاة والسلام على نبيه ورسوله محمد الذي بعثه هادياً ونذيراً, وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً صلى الله عليه وسلم, وعلى آله وأصحابه وأتباعه, وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد :
عباد الله: اتقوا الله .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ {102}}
آل عمران .
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً {1}} النساء.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً {70} يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً{71}}الأحزاب .
عباد الله: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه من يعش فسيرى اختلافاً كثيراً, ولكنه قال : "عليكم بسنتي, وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي, عضو عليها بالنواجذ, وإياكم ومحدثات الأمور, فإن كل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار".
وأخبر أيضاً أن قوماً من أمته سيتبعون سنن الكفرة والمشركين, ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لتتبعن سنن من كان قبلكم, حذوا القذة بالقذة, حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه, قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال : فمن " .
وقد وقع شيء من هذا, فقد تشبه بعض المسلمين بالكفرة, وسلكوا مسالكهم المحرمة، ونادى بعضهم بما ينادي به أولئك, ومما زاد الأمر خطورة اتصال العالم بعضه ببعض, وما يسمى( بالعولمة), فمع قلة العلم وبريق الأقوال والأفعال, يغتر كثير من المسلمين فيقع عن قصد أو غير قصد.
وقد ظهرت في هذا القرن دعوات وشعارات مصدرها الكفار, ولكن تأثر بها بعض المسلمين فنادوا بتلك الشعارات, ورفعوا راياتها , وظهرت في كتابات بعضهم, ومن تلك الدعوات :
الدعوة إلى الديمقراطية: وهي كلمة كفرية, أولها ( ما لله لله وما لقيصر لقيصر ) ثم تطورت فصارت تعرف باسم حكم الشعب بالشعب , ثم تطورت حتى وصلت إلى هذا الاصطلاح, وهي كلمة خبيثة تحمل في طياتها الشر الجسيم لأنها مناداة لهدم الدين, وتنحيته عن الحياة, فمن أراده وجده في الكنائس, والمساجد, والمعابد, على حد زعمهم .
أما حياة الناس, وأخلاقهم, ومعاملاتهم, وعاداتهم, وتصرفاتهم, مهما كانت فلا علاقة للدين فيها, فنتج من ذلك الدعوة إلى الحرية (حرية الكلمة, وحرية الفكر, وحرية القول, وحرية الفعل ) فمن كفر بالله جهاراً فهو حر.
ومن عبد صليباً, أو وثناً, أو قبراً, أو شمساً, أو قمراً, أو ما شاء, فهو حر, ومن زنا فهو حر, ومن شرب الخمر فهو حر, ومن ومن ... حتى وصل بهم الحد إلى زواج الرجل من رجل آخر, لأنهما حران يفعلان ما يشاءان, بشرط عدم الاعتداء على الآخرين فانظروا_ حماكم الله_ إلى هذا الكفر الصريح الناتج من هذه الكلمة البراقة (الحرية ) .
ثم نشأت المساواة , وهي مساواة الرجل بالأنثى بكامل الحقوق , تفعل ما تشاء, وتعاشر من تشاء, وتتزوج من تشاء, وتطلق من تشاء, وتزني متى تشاء, وتخرج متى تشاء, ترث بمقدار إرث الرجل , لا قوامة للرجل عليها, فهي رجلٌُ من جنس آخر, صادموا المعقول والمنقول _ لعنهم الله _ فلما كان لهذه الكلمة عند النساء وزنها, نادين بها, وخاصة في البلدان المتفسخة, لأنها تمنحها رجولة ما منحها إياها الخالق.
ثم نادوا بحقوق المرأة حيث جعلوا لها كامل الحقوق التي يتمتع بها الرجل, وهو فهم الوصول لمآربهم الخبيثة, حتى تمكنوا من خلال هذه الكلمات انتشال الحياء, والعفة, والطهارة, واستبدلوها بالتسلخ, والعري, والدعارة, والزنا, فهي سلعة بأيديهم بدعوى إعطائها كامل حقوقها.
ثم نادوا بحقوق الإنسان: وهي دعوة أشمل، وقالوا: قتل القاتل جريمة, ورجم الزاني أو جلده جريمة، وقطع يد السارق تشويه، إلى غير ذلك من الأمور المناهضة لشريعة الإسلام التي جاءت بصلاح الإنسان ظاهراً وباطناً, من خلال تعاليمها, وأحكامها, وتشريعاتها الربانية, التي هي من لدن حكيم خبير, خلق الإنسان وعلم ما يصلحه فأباحه, وما يضره فحرمه, ورتب العقوبات على قدر الجنايات, فسبحانه من خالق حكيم عليم !!
أيها الناس: احذروا هذه الشعارات البراقة, يحسبها الظمآن ماءً, حتى إذا جاءها لم يجدها شيئاً .
وتمسكوا بدينكم الذي فيه صلاح أمركم, أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين . وصلى الله وسلم على نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم. |