حقوق ولي الأمر الحمد
لله الملك القهار، القوي العزيز الجبار، ذلت لعظمته الصعاب وحصرت عن بلوغ غاية
حكمته الألباب، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الأولى والآخرة
واليه المآب، وأشهد أن محمد عبده ورسوله المصطفى بأفضل كتاب، صلى الله عليه وعلى
اله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما إلى يوم الحساب أمّا بعد، فيا أيها
الناس اتقوا الله تعالى واعلموا أن الله شرع لعباده وعلى لسان أفضل خلقه شريعة
كاملة، كاملة في نظامها وتنظيمها ومن ذلك عقد البيعة الشرعية للحاكم المسلم حتى
ينتظم سير الحياة كما هو متفق عليه عند أهل السنة والجماعة قال الله تعالى : ﴿ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي
الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾،
وقد تواترت الأحاديث الصحيحة الصريحة في وجوب السمع والطاعة بالمعروف فمن ذلك: ما ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله
عليه وسلم، أنه قال: ( عَلَى الْمَرْءِ
الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ مَا لَمْ يُؤْمَرْ
بِمَعْصِيَةٍ فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ )،
قوله: ( فيما أحب وكره ). أي فيما
وافق غرضه أو خالفه . وثبت في صحيح مسلم : ( يَكُونُ
بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي
وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ
إِنْسٍ ) قال : قلت : كيف أصنع يا رسول الله – أن أدركت ذلك ؟: ( تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ
ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ )، عباد الله :
ما سبق أحاديث واضحة وغيرها كثير في وجوب السمع والطاعة لولي الأمر بالمعروف، وهذه
الطاعة لها حقوق وعليها واجبات. فمن حقوق الولاة على رعيتهم النصح والإرشاد
بالحكمة والموعظة الحسنة، وتكون النصيحة لولي الأمر سراً لقول النبي صلى الله عليه
وسلم ( من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده
علانية ) رواه ابن أبي عاصم بسند صحيح فهذا نص صحيح صريح في أن النصيحة تكون سراً
لأنها أنفع وأدعى للقبول ، أو أن توصل نصيحتك لأهل العلم ليوصلوها ، ولا يحل لأحد
أن يتخذ من خطأ ولاة الأمور - إذا أخطأوا -لا يجوز لأحد أن يتخذ من هذا الخطأ سلم
للقدح فيهم ونشر عيوبهم بين الناس كما هو حال بعض الجهلة في وسائل التواصل
الاجتماعي ، فإن هذا يوجب التنفير عنهم وكراهتهم والحقد عليهم والتأجيج ضدهم . أيها المسلم
: أما حقوق الرعية على رعاتهم فهي كبيرة، فيجب على الولاة إخلاص النية لله
تعالى والاستعانة به في جميع أمورهم على ما حمّلهم من هذه الأمانة وعليهم أن
يطبقوا أحكام شريعة الله بحسب استطاعتهم على الشريف والوضيع والقريب والبعيد، فمن
قام بالأمانة من ولاة الأمور الصغيرة أو الكبيرة كان مطيعاً لله مؤدياً للأمانة
التي يحملها نائلا لثواب الله ورضا الخلق عليه فإن الله تعالى يحب المقسطين قال
النبي صلي الله عليه وعلى وسلم : ( إنَّ
المُقْسِطِينَ عند الله, على مَنَابِرَ من نُورٍ عن يَمينِ الرَّحْمنِ - وكلْتَا
يَدَيْهِ يَمِينٌ -: الَِّذينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وأَهْلِيهمْ وَمَا
وَلُوا ) أخرجه مسلم أيها الإخوة
المسلمون: تأمّلوا قول الله عز وجل : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ
فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ
تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾ كرروا هذه
الآية تدبروا معناها وتأملوا ما تفيده من الأمور العظيمة في الحاضر والمستقبل
ولهذا قال: ﴿ ذَلِكَ خَيْرٌ ﴾ أي في الحال " وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾ أي مآلا أي في
المستقبل ولا تغتروا بأهوائكم وعواطفكم عليكم بطاعة الله ورسوله في كل شيء واتقوا
الله لعلكم تفلحون . أقول
هذا القول، واستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم
. الحمد
لله حمدا كثيرا، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده
ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا.. أما بعد: أن ما يحاك بنا خصوصاً هذه الأيام من تأنيب
وتهييج ضد ولاة أمورنا مؤذن بفساد علينا ولكن أعز ما يملك الإنسان عقيدته ثم الأمن
قال صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي
جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا)
وقد اجتمعت هذه الثلاثة في بلادنا المملكة العربية السعودية فلله الحمد والفضل
والشكر فحافظوا على هذا النعمة بالتمسك بهذا الدين والالتفاف حول كبار العلماء
والأخذ عنهم والدعاء لهم بالتوفيق والسداد والسعيد من وعظ بغيره، واحذروا المعاصي
والمجاهرة بها أمام الناس فهي والله مسخطة لله ( كل
أمتي معافى إلا المجاهرين) رواه البخاري . ثم أعيدوا
النظرة مرة أخرى إلى دول الجوار كيف أصبحوا وقد خف أو ذهب عنهم الأمن عنهم بسبب
الخروج على الحاكم وتأجيج الشعب ضده فخذوا عبرة بمن حولكم . =
أسال الله تبارك وتعالى أن يجعلنا ممَن اتبع الهدي أين ما كان، اللهم اجعلنا ممن
اتبع الهدي أينما كان، اللهم لا تجعل أهواءنا غالبة على هدانا يا رب العالمين
واغفر لنا ذنوبنا إنك أنت الغفور الرحيم . =
اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن . =
فاللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا
إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد : اللهم أحينا
على الإسلام والسُنة وأمتنا على الإسلام والسُنة. اللهم اجعلنا من أنصار دينك ،
وحُماةٍ لشريعتك ، ونسألك القيام بحقك ، والغضب لحُرمتك ، ونعوذ بك من هيبة الناس
أو الفقر إليهم - يا غني يا حميد .. =
اللهم ونسألك قلوبا سليمة وألسن صادقة وأنفساً زكية ، ونسألك اللهم علما نافعا
وعملا متقبلا وذرية طيبة وحياة في عافية وتوبة قبل الموت وراحة بعد الموت يا أرحم
الراحمين . =
اللهم وفقّ ولاة أمرنا بتوفيقك، وأيّدهم بتأييدك واجعلهم من أنصار دينك يا ذا
الجلال والإكرام، وارزقهم بطانة صالحة مصلحة، آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر،
معظمة لشريعتك، اللهم من أرادنا وأراد ديننا وبلادنا ونسائنا بسوء اللهم فأشغله في
نفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه يا رب العالمين، اللهم اغفر
للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات انك سميع قريب مجيب
الدعوات. اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب
العالمين .
وللمزيد
من الخطب السابقة للشيخ الوليد الشعبان تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catsmktba-129.html
|