الدفاع عن علماء الشريعة
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا؛ من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد:-
عباد الله:
اتقوا الله تعالى، واعلموا أن العلماء ورثة الأنبياء, ولهم من الفضائل والميزات ما ليس لغيرهم. وَوَصْفُ العلماء إذا أُطْلِق فإنه يُرَاد به: علماء الشريعة, لأنهم ورثوا العلم الذي تركه الرسول صلى الله عليه وسلم, حيث قال: ( إن العلماء ورثة الأنبياء, إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما, وإنما ورثوا العلم ), ولا يشك مسلم أن العلم الذي ورثه الرسول صلى الله عليه وسلم, هو التوحيد، والسنة, والأحكام الشرعية المتعلقة بالعبادة والمعاملة, والأخلاق والسلوك القويم. وأما علوم الدنيا فلا يوصف أصحابها بهذا الوصف إلا إذا كان مقيداً بالتخصص الذي يحمله صاحبه , فيُقال: عالم في الطب, أو الفلك, أو غير ذلك من التخصصات.
فالعلماء يا عباد الله, هم ورثة الأنبياء كما سمعتم في الحديث. وهم أخشى الناس لله: ( إِنَّمَا يَـخْـشَى اللهَ مِنْ عِـبَادِهِ الْعـُـلََـمَاءُ ).
ولعن النبي صلى الله عليه وسلم الدنيا وما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالما ومتعلما.
وأخبر أن كل شيء يستغفر لهم, فقال: ( فضل العالم على العابد ، كفضلي على أدناكم ، إن الله عز و جل و ملائكته ، و أهل السموات و الأرض ، حتى النملة في جحرها ، و حتى الحوت ، ليصلون على معلم الناس الخير ) رواه الترمذي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه.
وهم أعرف الناس بأحكام الشريعة ولذلك يعبدون الله على بصيرة.
والناس يعبدون الله من خلال ما يجدونه من الكتب التي يؤلفها العلماء، وبما يأخذونه من فتاواهم وتوجيهاتهم وإرشادهم. فيا له من شرف ومكانة, أن يكونوا هم طريق الناس إلى معرفة ربهم ودينهم.
ولعظم منزلتهم صار ذهابهم وموتهم من أعظم المصائب التي تصيب الأمة, فقد روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يُبْقِِ عالماً ، اتخذ الناس رؤوساً جهّالاً فسُئِلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا )، وفي رواية: ( فيَبقى ناسٌ جُهّال يُستَفْتَون فيُفتون برأيهم فَيَضِلّون ويُضلون ).
ويستفاد من هذا الحديث:
ذم الفتوى بالرأي ، لقوله في الحديث: ( فيفتون برأيهم )،
قال عمر رضي الله عنه: ( إن أصحاب الرأي أعداء السنة ، أعيتهم أن يحفظوها وثقلت منهم أن يعوها واستحيوا حين سُئِلوا أن يقولوا لا نعلم فعارضوا السنة برأيهم ، فإياكم وإياهم ).
ويُستفاد منه أيضا: تحريم ترئيس الجهلة وتمكينهم من أمور المسلمين ، وخصوصاً ما يتعلق بدينهم.
ويستفاد منه أيضا: تحريم الفتوى بغير علم، فإن الفتوى بغير علم كبيرة من الكبائر، بل هي قرينة الشرك بالله, قال تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللهِ مَا لا تَعْلَمُوَن ) .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم؛ ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم؛ أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد:- عباد الله:
لما كانت هذه هي منزلة العلماء, صار النيل منهم من قِبَل المفسدين وأعداء الدين، طريقا إلى الوصول إلى نشر فسادهم وأفكارهم. لأنهم لا يستطيعون أن يفسدوا المسلمين، إلا بعد إبعادهم عن العلماء وإفقاد الثقة بهم. فلو نظرنا إلى من ابتلوا بالتكفير والتفجير, لوجدنا أنهم ضحية أناس سدوا طرق وصول العلم النافع إليهم, وعزلوهم عن العلماء الكبار, علماء الشريعة, حتى صاروا فريسة لمخططات القتل وسفك الدم الحرام والتدمير, والخروج على ولي الأمر, وترويع الآمنين, وهذا معلوم من اعتراف كثير منهم بذلك.
واليوم نرى فتنةً أخرى ابتُلِيَت بها الأمة في النيل من علمائها عن طريق المتمردين على نصوص الشريعة, ودعاة الإنحلال والفساد, في الصحف, والقنوات, ومنتديات الإنترنت.
حيث يلمزون العلماء بالرجعية, وعدم التحرر الفكري ومجاراة الواقع. لأن العلماء بينوا عقيدة الولاء والبراء, ودافعوا عن الكتب الشرعية, في المناهج التعليمية في بلادنا, ووقفوا في وجوه دعاة الاختلاط بين الرجال والنساء في ميادين الحياة, وكَرّسُوا جهودهم في دعوة المسلمين إلى التمسك بما كان عليه السلف الصالح في العلم والعمل.
وهذا يقض مضاجع دعاة الفتنة, ويبطل دعوتهم ويعطل مسيرتها, فنصبوا العداء لعلماء الأمة جهارا في الصحف والمجلات وغيرها من الوسائل. وهم بفعلهم هذا يصدون عن دين الله, ويعادون أولياء الله, ويُعَرِّضون أنفسهم لمحاربة الله لهم. يقول الله تعالى في الحديث القدسي: ( مَنْ عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ) .
فاتقوا الله عباد الله, وتعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن, واعلموا أن الفتن تكثر في آخر الزمان, وأن القابض على دينه له أجر عظيم مضاعف, فلا تغتروا بما تسمعون من زخرف القول. وعليكم بما كان عليه علماؤكم وصالحوكم, واسألوا الله الثبات والعافية دينكم ودنياكم.
اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، اللهم ثبتنا بقولك الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة يا رب العالمين اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، اللهم ثبتنا بقولك الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة يا رب العالمين اللَّهُمَّ أعِذْنا من مُضلاَّتِ الفتنِ، وجنبنا الفواحشَ ما ظهَرَ منها وما بطَن، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنا إلا أنت واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت ، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم أصلح أحوال المسلمين حكاماً ومحكومين، اللهم أنزل على المسلمين رحمةً عامة وهداية عامةً يا ذا الجلال والإكرام اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين وأذلَّ الشرك والمشركين واحم حوزةَ الدين وانصر عبادك المؤمنين، اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين، اللهم ارحم المستضعفين من المؤمنين في كل مكان، اللهم عليك بالكفرة والملحدين الذين يصدون عن دينك ويقاتلون عبادك المؤمنين اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم اللهم سلط عليهم منْ يسومهم سوء العذاب يا قوي يا متين، اللهم من أراد بلادنا بسوءٍ فأشغله بنفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميرًا له يا سميع الدعاء, اللهم وفقّ ولاة أمرنا بتوفيقك وأيّدهم بتأييدك واجعلهم من أنصار دينك, اللهم حبب إليهم الخير وأهله وبغض إليهم الشر وأهله ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ .
http://islamekk.net/play.php?catsmktba=29