خطبة جمعة / بمناسبة قرب موسم الحج
ﺇن الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا ﺇله ﺇلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)) ((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)) (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما))أما بعد : فان خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.
أيها الإخوة المسلمون :
تعلمون وفقكم الله ما نحن فيه من الأيام والليالي , وما نحن مقبلون عليه في الأيام القادمة القريبة من حلول موسم أداء الركن الخامس من أركان الإسلام ألا وهو: حج بيت الله الحرام , أعلم أنه ليس الجميع ممن يستمع الآن سيحج فربما حدث من لم يحج نفسه أن الحديث لا يعنيه فهو لا يلقي له بالا , ولا يهتم بسماعه , وهذا قصور ذهني , وإهمال ديني , وسفه عقلي , لان المسلم مطالب بتعلم أحكام الدين كلها ما يجب عليه منها وما لم يجب , فأبناء هذه الأمة رسل للناس , مأمورون بتبليغ دينه ,علقت الخيرية لهم الا أن يقوموا بواجب التعليم قال تعالى (( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ...)) فالمسلم العاقل : قنّاص للفوائد , ذا نظر بعيد , يكسب المعلومة ويحرص عليها , لعلمه أنه سيحتاج إليها يوما من الدهر ولو بعد حين طالت الأيام أو قصرت, فلنكن – أيها الإخوة – بهذه المثابة تجاه ما نسمعه عن أمور ديينا ودنيانا 0 ومن هنا فلعل حديثنا اليوم ذا شقين جزء موجه لمن عزم على الحج , وجزء موجه لمن لم يحج .
فنقول لمن أراد الحج وعزم على الرحيل :
ها أنت قد اصطفاك الله عضوا من أعضاء حجاج بيت الرحمن , ووافدا من الوفود على الكريم المنان , وستترك الأهل والأوطان , ستتجرد من زينة الدنيا بلبس الإحرام , تهل بالتوحيد لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك , ستكتحل عينيك برؤية الكعبة المشرفة , وستطوف بها سبعا , وبين الصفا والمروة سعيا , وستقف بعرفة , وتبيت بالمزدلفة , وترمي جمرة العقبة , وستطوف بالبيت مرة أخرى , وبين الصفا والمروة سبعا , وستبيت بمنى ثلاثا , ومن تعجل في يومين في أثم عليه لمن التقى , وبعد طواف الوداع يكتمل النسك , ويُقضى التفث , وترجى مغفرة الذنوب , والولادة الجديدة " من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كوم ولدته أمه " .
أخي الحاج قال النبي صلى الله عليه وسلم " ... والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ... " كم من إنسان أتعب نفسه , وخسر ماله ووقته , وذهب ليحج طمعا في الأجر, فعاد بالوزر , كيف ذلك ؟ الجواب ! قد جمع بين مخالفات عدة فحجته رياء وسمعة , وماله من حرام, حرص على رفقة المزاح واللهو الذين لا يذكرون الله إلا قليلا , جهل أحكام السفر , ضيع من يقوت من أهل ووالد وولد , خالف الأنظمة فحج بدون تصريح , تسبب في أذى الحجيج بالزحام والسب والشتم وربما اللعن والمشاجرات والمضاربة , حج حجا تقليديا دون علم بالدليل , ارتكب من المحظورات الشيء الكثير عند الإحرام والطواف والسعي والتنقل بين المشاعر , لم يعظم شعائر الله فلم تحصل له التقوى كما وعد بذلك المولى (( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب )) فهذا ومن كان على شاكلته أقرب إلى الإثم في حجته هذه منه إلى الأجر, فلتتق الله أخي الحاج , ولتعلم عظم العبادات , ولتؤدها كما أمرك الله وأمرك رسله , ولتعلم أن الله جل وعلا قال (( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين )) فإن تحققت فيك الشروط وانتفت عنك الموانع فحج وتابع بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد.
وإن كنت غير قادر فإن الله يقول (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها .... )) فاجتهد فيما تقدر عليه , وأحضر النية الصالحة فنية المؤمن أبلغ من عمله 0
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بالذكر الحكيم , أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروا ربكم وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم 0
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى , واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الآخرة والأولى , واشهد أن محمد عبده ورسوله المصطفى , صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وصحابته النجبا وسلم تسليما كثيرا 0 أما بعد :
فاتقوا الله عباد الله حق التقوى , واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى .
أيها الإخوة المسلمون :
لمّا كانت النفوس تتوق إلى الذهاب إلى بيت الله الحرام لأداء الحج والعمرة , ولمّا لم يكن بإمكان كثير من الناس الذهاب إلى هناك , ولمّا كان الناس لهم من الأقارب ممن ذهب إلى الحج فتتطلع نفوسهم إلى مشاركتهم ومعرفة أخبارهم , وقلوبهم منكسرة قد علقت بهم متشوقة إلى عودتهم سالمين غانمين , جاء الشرع الحكيم بجبر تلك الخواطر , وشرع لها عبادات تؤديها وتؤجر عليها في أيام الحج المباركة يشارك في بعضها المقيم العاجز عن الحج أو من لم يحج , يشارك فيها الحجيج إلى بيت الله الحرام ,
فشرع التزود بالعبادات في أيام عشر ذي الحجة وعظمها الله حتى انه اقسم بها (( والفجر وليال عشر )) وعظم النبي صلى الله عليه وسلم العمل فيهن حتى جعله أفضل من الجهاد في سبيل الله " إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع م ذلك بشيء " .
وشرع لغير الحاج صيام يوم عرفة , وقال فيه النبي صلى الله علي وسلم " صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده ".
وشرع للمقيم أيضا الأضحية , ولعل هذا في مقابل ما يؤديه الحاج من الهدي , وأمر من أراد أن يضحي إذا دخلت العشر بأن لا يأخذ من أظفاره , ولا من أشعاره , ولا من بشرته شيء حتى يضحى , ولعل هذا أيضا في مقابل ما يفعله الحاج من الإحرام في الميقات , وكذلك شرع الإكثار من التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح للمقيم وغيره , ولعل هذا في مقابل ما يفعله الحاج من التلبية .
فنجد – أيها الإخوة – أن المقيم تطيب نفسه بما شرع له من العبادات فيكون حافزا له على فعل الخيرات والتزود من الصالحات (( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقوني يا أولي الألباب ))
اللهم أصلح أحوا المسلمين في كل مكان , ورد الحجيج سالمين غانمين ,........................ إلى آخر الدعاء ..
|