خطر الإرهاب وأسبابه
الحمد لله, السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار، والصلاة والسلام على خير الأنام، نبينا محمد, وعلى آله وأصحابه البررة الكرام .
أحمده على الدوام, وأشكره على نعمه العظام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, ولا ند ولا مثيل، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه صلاة وسلاماً دائمين إلى يوم الدين أما بعد:
عباد الله :
اتقوا الله ، واعلموا أن الإسلام حفظ الأديان, والأبدان, والعقول, والأموال, والأعراض, وجعل نفوساً معصومة, وأموالاً محرمة, وأعراضاً محترمة, حيث خطب النبي صلى الله عليه وسلم, فقال: " إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا" متفق عليه.
وقال ربكم عز وجل : { مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ {32} } المائدة.
وأباح الإسلام قتل المفسدين في الأرض وصلبهم, قال تعالى: { إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {33}} المائدة.
وكما أن الإسلام حفظ دماء المسلمين, وأموالهم, وأعراضهم,
فكذلك حفظ دماء المعاهدين والرسل من الكفار, والصبيان والنساء، وحفظ أموالهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة "رواه البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: "من خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه " رواه مسلم.
أيها الناس:
يوصم أهل الإسلام بالإرهاب, ويسمون بالإرهابيين ،
ولا شك أن أهل الكفر أولى بهذا من المسلمين ، ولكن وجد من شباب المسلمين من اتصف بهذا الوصف المشين الذي تنفر منه الأسماع, وتأباه الطباع.
إرهاب, وإرهابي, وإرهابيون على المسلمين,
وهل حصل في ساحات الوغى لإعلاء كلمة الله تعالى؟
أم حصل في دماء المسلين وأموالهم؟
ودماء المعاهدين وأهل الذمة؟ ومنهم في أمان المسلمين .
عباد الله: إن لهذه الأفعال أسباباً ودوافع, فمن أسبابها:
الجهل بالإسلام وأحكامه وشريعته.
فالخوارج فرقة ضالة ظهرت في عهد الصحابة, جهلت الإسلام فأعلت السيف في رقاب المسلمين, كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنهم حين قال: " يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان".
وقال عنهم صلى الله عليه وسلم: " يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ".
مع أنهم يقرؤن القرآن, ويصلون ويصومون, ولكن فهموا الإسلام على غير معناه.
ومن أسباب الإرهاب:
عدم تلقي العلم عن العلماء, إنما تعلموا على أشباههم ونظرائهم في الجهل, فوقعوا فيما وقعوا فيه.
ومن أسبابه:
الانتماء للأحزاب الضالة, التي تربي الشاب على الغلو والتطرف, ومحبة سفك الدماء دون تمييز لمعصوم الدم من غيره.
ومن أسبابه:
قراءة كتب أهل الضلال والإضلال, والزيغ والانحلال, التي تؤجج النار في قلب قارئها, وتبعده عن الحق والاعتدال.
ومن أسبابه:
الفشل في الحياة, فإذا تعثرت مسيرة الشاب التحق بهؤلاء، ألا ترون أن عامة باعة المخدرات من أولئك العاطلين؟
ومن أسبابه:
الاقتداء برموز مشبوهة حملت السلاح باسم الإسلام والجهاد، ثم عادت تضرب به أعناق المسلمين .
ومن أسبابه:
لمز وهمز العلماء, مما أوجد نفرة عند الشباب منهم, فحُرِموا علم العلماء بسبب بعدهم عنهم, وتربوا على من ضلوا وأضلوا .
ومن أسبابه:
الفقر وعدم توفر العمل والفراغ, فيكون الشباب محلاً لكل فتنة ولقطة سائغة لكل لاقط.
ومن أسبابه:
الظلم والقهر, كما يحصل في بعض البلدان حيث يلجأ بعض الناس إليه, لما يرى من الظلم والقهر والاعتداء والقتل والهدم والتشريد.
ومن أسبابه:
الإهمال؛ فإهمال الأبناء وتركهم وعدم معرفة رفقائهم يوقع في مثل ذلك,
فالواجب على الأباء الحرص على أبنائهم, وتحذيرهم من رفقاء السوء, سواء كانوا من أهل الشهوات أو الشبهات.
ومن أسبابه:
بغض ولاة الأمور, فينشأ الشاب مبغضاً لبلده, وأهلها, وولاة أمرها, فيلجأ إلى زعزعة أمنها, وإثارة الفتن فيها, لذلك جاءت النصوص الكثيرة موجبة السمع والطاعة, محذرة من الفرقة, ملزمة للجماعة، وعلى كل مسلم أن يحذر وأن يحذّر غيره من الإخلال بهذا الأصل.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ {77}} المائدة.
اللهم ألهمنا رشدنا، وقنا شرور أنفسنا، وقنا عذابك يوم تبعث عبادك، وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، واشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم. أما بعد : عباد الله اتقوا الله ،
سمعتم في الخطبة الأولى أسباب الإرهاب ودوافعه
لذا لزم أن نسعى جميعاً للقضاء على هذه الظاهرة أعني إرهاب المسلمين والاعتداء على أموالهم وأعراضهم ، وكذلك المعاهدين ومن في حكمهم.
عباد الله:
أول ما يجب علينا تجاه هذا الأمر رفع الجهل عن أنفسنا وعن أبنائنا وأعني بالجهل الجهل بالشريعة وعلينا الإقبال على كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بفهم صحيح ففيهما الخلاص بإذن الله من كل شر وفتنة .
وكذلك حث أبنائنا على لزوم حلق العلم الشرعية لا حلق الذكر البدعية وأن نختار لهم من نثق بعلمه ودينه.
وكذلك على المربين في المدارس والمساجد والدعاة والوعاظ وكل من يستطع البلاغ أن يحذر من هذا الوباء الذي ما حل في بلد إلا حل بأهلها الدمار والعار.
وكذلك يجب أن ننظر في المكتبات وما فيها من كتب لحماية الشباب من الكتب الفكرية الضالة.
ومن أسباب القضاء على هذه الظاهرة:
إيجاد فرص العمل لأولئك العاطلين حتى لا يكونوا لعبة في أيدي كل عابث ومفسد .
ومن أسباب القضاء على هذه الظاهرة:
نقد تلك الرموز الفاسدة التي اتخذت الاسلام سلماً لها لنيل مآربها الفاسدة والضرب على تلك الرؤس ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أتاكم وأمركم واحد فأراد أن يفرق جماعتكم فاضربوا عنقه كائناً من كان )) رواه مسلم.
ومن أسباب القضاء على هذه الظاهرة:
إغلاق أبواب التطرف والغلو في جميع مجالاتها، وسد تلك الأبواب المفضية إليه كالتشديد في أمر الأمن والقضاء، وعدم التساهل في شيء من ذلك .
ومن أسباب القضاء على هذه الظاهرة:
نشر العدل بين الناس واعطاؤهم حقوقهم الشرعية.
ومن أسباب القضاء على هذه الظاهرة:
حفظ الرعية بتقوى الله تعالى فيهم وجلب ما يصلحهم وإبعاد ما يفسدهم والحرص على مصالحهم .
ومن أسباب القضاء على هذه الظاهرة:
نشر الوعي بين الناس من خلال المحاضرات والندوات والدروس العامة.
ومن أسباب القضاء على هذه الظاهرة:
إصلاح أجهزة الإعلام بأن تكون بناءة لا هدامة مصلحة لا مفسدة ، وتطهيرها مما يفسد القلوب والأبدان ، فالغلو في الشهوات يثمر غلواً في التوجهات والدعوات.
اللهم انا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن
اللهم أصلح ولاة أمر المسلمين واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك
اللهم وأصلح شبابنا وهيئ لهم دعاة الهدى وجنبهم دعاة السوء والضلال .
اللهم ألهمنا رشدنا وقنا شر نفوسنا.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداءك أعداء الدين.
اللهم انصر دينك وأعل كلمتك، يا أرحم الراحمين،
اللهم من أرادنا وديننا وبلادنا وأمننا بسوء فأشغله بنفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره في تدميره يا سميع الدعاء
اللهم وفق رجال أمننا وكن لهم عوناً ونصيراً اللهم ارحم ميتهم، اللهم واشف مريضهم وقوي عزائمهم وثبت أقدامهم وانصرهم على أعدائك وأعدائهم يا قوي يا متين، يا ذا الجلال والإكرام،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
|