الحث على مواصلة العبادة بعد عيد الأضحى
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهد الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, أما بعد:
عباد الله:
اتقوا الله, فخير الزاد التقوى وتقربوا لمولاكم بما يحب ويرضى.
أيها الناس:
مر على أهل الإسلام موسم عظيم من مواسم الخيرات, موسم الحج, وعيد الأضحى, فالحجاج قدموا من الآفاق استجابة لمناد الله, ليؤدوا فريضة الحج, شعثـاً غبراً, ضاجين بالتـلبية, حتى أكمل الله دينهم بأداء الفريضة, فكملت لديهم الأركان الخمسة, التي بني عليها الإسلام, وهي الشهادتان, وإقام الصلاة, وإيتاء الزكاة, وصوم رمضان, والحج.
فكم من عائد لأهله مستبشراً بفضل الله ورحمته, بعد أن أدى نسكه, مكثوا تلك الأيام بين المشاعر على إرث أبيهم إبراهيم, ويعملون على وفق سنة النبي صلى الله عليه وسلم, فلما قضوا مناسكهم عادوا ذاكرين شاكرين لله عز وجل على ما يسر لهم ومنَّ به عليهم, وهذا الموسم العظيم شارك فيه من لم يحج بالتكبير في عشر ذي الحجة, وأيام التشريق, وصيام عرفة تقرباً لله عز وجل, ونحر الأضاحي امتثالاً لقوله تعالى: ( فصل لربك وانحر) واستجابة واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم عندما قال:" بسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد, ومن أمة محمد", ثم ذبح أضحيته عليه الصلاة والسلام بيده, وهكذا فعل أهل الإسلام في مشارق الدنيا ومغاربها, ذبحوا لله عز وجل, ولم يذبحوا لنصب, أو قبور, أو جن, أو أنس.
{قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {162} لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ {163}}الأنعام.
وهذا الذبح اشترك فيه الحاج المتمتع والقارن لوجوب الهدي عليهما وغير الحاج بذبح الأضحيه فمرت أيام التشريق الفاضله على أهل الإسلام وهم يذبحون ويأكلون ويشربون ويذكرون ويشكرون عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم:" أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل"رواه مسلم.
عباد الله:
مر هذا الموسم على أهل الإسلام, وجرى فيه من الخير ما جرى من العبادة والذكر والشكر وصلة الرحم, وغير ذلك, ولكن! ليعلم أن عبادة الله عز وجل باقية, لا تنتهي بانتهاء موسم.
قال تعالى: { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ {99}}الحجر.
فالمحافظة على الصلوات الخمس مع جماعة المسلمين, وصلاة الجمعة, وشهود الجماعات, وأداء الفرائض, والتقرب إلى الله عز وجل بالنوافل, وفعل الخيرات, وترك المنكرات, مواسم مستمرة مع المسلم لا تنقطع إلا بموته, فالسعيد من وفقه الله عز وجل لعبادته مادامت الروح في الجسد, والشقي من أعرض عن ربه.
أيها الناس:
إن أهل الكفر وأعوانهم, قد تكالبوا على أهل الإسلام في هجمة شرسة, ولا مخرج ولا منجا ولا ملجأ إلا إلى الله عز وجل, بامتثال عبوديته, والتقرب إليه, وطلب المدد منه سبحانه وحده, دون ما سواه, والعمل بأسباب النصر المعنوية والمادية, فجاهدوهم بأيديكم وألسنتكم, وأقلامكم, وبكل وسيلة مباحة.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ {7} وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ {8}}محمد.
أقول ما تسمعون, وأسأل الله لي ولكم العفو والعافية في الدنيا والآخرة, وصلى الله وسلم على نبينا ورسولنا محمد.
|