مكامن الخلل في المجتمع
28 / 1 / 1441هـ
إن الحمد لله نحمده
ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا
مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا
تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) .(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا
رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) أما
بعد: فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور
محدثاتها وكل بدعة ضلالة أما بعد: فاتقوا الله عباد الله
أيها الاخوة المسلمون: لا يوجد ولم ولن يوجد مجتمع
إنساني على وجه الارض يكون مجتمعا ملائكيا, أفراده (لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ
وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) حتى خير المجتمعات وازكاها واطهرها الذي زكاه رسول
الهدى صلى الله عليه وسلم حيث قال فيه: " خير الناس قرني , ثم الذين يلونهم
........... الحديث " فقد وجد في ذلك المجتمع مَنْ سرق ومَنْ زنا ومَنْ شرب الخمر
ومَنْ قتل , ومَنْ ومَنْ.. , بل إن أعظم مِن
هذا كله بأن يقال إن الله أراد من البشر أن يرتكبوا بعض الأخطاء والذنوب والمعاصي إرادة كونية فيعلمون أنهم أخطأوا
فيستغفرون الله فيغفر لهم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ
لو لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ
اللَّهَ فَيَغْفِرُ لهمْ "
وبالعلم واليقين التام بهذا كله ندرك أن كل ما
في هذه الحياة لايخرج عن امرين لا ثالث لهما, فكل ما فيها إما صواب وإما خطأ, فالصواب
حق , والخطأ باطل, والحق مراد والخطأ غير مراد, والحق مقبول والخطأ مردود, والصواب معروف والخطأ منكر.
فالمنكر الذي يحدث في هذه الحياة أيَّا كان مصدره
هو الذي نريد أن نقف عنده اليوم بما لعله يجلي الامر ويوضح السبيل ويقيم الحجة, فحينما
نتكلم عن المنكر نعني به المنكر الواضح البين الذي لا يحتمل ادنى شك أو لبس , ليخرج بذلك ما فيه نسبة من المنكر أو
ما يظنه من انقلبت الامور لديه فرأى المنكر
معروف والمعروف منكر, كترك الصلاة مثلا وكشرب الخمر, والغش والغيبة والنميمة والزنا
والسفور .... وهلم جرا , فكل هذه منكرات لايختلف
عليها اثنان.
فالمنكر الذي هذا حاله الناس تجاهه ثلاثة أقسام:
القسم
الاول: فاعل له، القسم الثاني: غير فاعل له ولكنه ساكت عليه لا ينكره، والقسم الثالث:
غير فاعل له غير ساكت عليه بل هو منكر له.
فأما القسم الأول وهو الفاعل للمنكر فيدخل فيهم:
المباشر له والمعين عليه والداعي لفعله, فكل عليه من الاثم والجرم بحسب إسهامه في المنكر,
وأشد هذا القسم إثما هو مَنْ يمنع المنكِر من إنكار المنكر أي يعطل شعيرة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر,
ويأت من بعده من يدعو اليه ...... وهكذا, وما أكثرهم على مر الدهور والعصور لاكثرهم
الله إذ قال الله فيهم ( وما اكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) وقال سبحانه ( وإن تطع
اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله )
وأما القسم الثاني: وهم من لايفعلون المنكر ولكنهم
ساكتون عليه لا ينكرون على من يفعله وهم قادرون على الانكار, فبسكوتهم وعدم انكارهم
قد وقعوا في منكر ربما يكون أعظم من المنكر المسكوت عليه, وهم الذين إذا نزل بلاء عام
في العصاة لاينجون منه بل يهلكون مهلكهم فيبعثهم الله على نياتهم لانهم ظلموا انفسهم
بسكوتهم على المنكر كما قال تعالى (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا
الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ – أي الذين يأمرون بالمعروف وينهمون عن المنكر-
وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)
وأما القسم الثالث: فهم الذين لايفعلون المنكر
ولا يرضونه ولا يسكتون على فاعله بل ينكرونه ويبينون خطره والنصوص الواردة في التحذير
منه ولكن على المنهج الحق وعلى خطا أهل الحق لا إفراط ولا تفريط, فإذا أُريد ازالة
المنكر بالكلية فلا بد من الجمع بين أمرين: بيان الحق وهذا مسؤولية العلماء, والأمر
الثاني: حمل الناس عليه بالقوة وهذه مسؤولية ولي الامر, فيكمن الخطأ بتخلي الفريقين
أو احدهما عن مسؤلياتهم .
وإذا أردنا أن نجلي الامر أكثر ونقف عند كل قسم
من هذه الاقسام فإنا نقول: تقديم الصالح العام يجب أن يحوز على الحظوة والاهتمام, ومن
هنا نجزم بأنه: ليس كل مسلم صادق مخلص على
وجه الارض إلا ويريد ويتمنى أن تكون الامة الاسلامية كلها صالحة قوية عزيزة منيعة عصية
على أعدائها قدوة لغيرها، بل قائدة للعالم كله, فهل هذه الإرادة والأمنية يمكن أن تتحقق؟
فوفق سنن الله في خلقه لايمكن ذلك الا بالأخذ بأسبابه (مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ
عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ
يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا
وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا * كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ
وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا) كما أنه
لايكمن حصول الصلاح العام الا بحصول الصلاح الخاص, فالعالم كله يتكون من دوائر, فالدائرة
الاولى هي دائرة الشخص الواحد وهي أضيق الدوائر, والدائرة الثانية هي دائرة الاسرة
وهي أوسع من الاولى, والدائرة الثالثة هي دائرة المجتمع وهي أوسع من الثانية, والدائرة
الرابعة هي دائرة الامة وهي أوسع الدوائر, ومن نظر إلى هذا التقسيم, وعليه نظر إلى
حال الأمم في الحاضر والزمان الغابر علِم علم اليقين أنه بصلاح النواة الاولى وهي دائرة
الشخص الواحد يكون صلاح ما هو أوسع منها وفوقها من الدوائر.
فأول ما يُنظر اليه هو ما كان في زمن النبي صلى
الله عليه وسلم فكل أفراد المجتمع الاسلامي
في ذلك الزمان بقيادة سيد ولد آدم هم صالحون بأنفسهم بل إنهم بلغوا بالصلاح والاستقامة
درجة لم يبلغها من جاء بعدهم, فصلاح الافراد في ذلك الزمان انسحب على صلاح الاسر, ومنه
الى صلاح المجتمع, وعليه صلحت الامة بأسرها, والشاذ لاحكم له, ولا يمثل الا نفسه, فإن رمنا ما نتمنى ونريد, فليس أمامنا سوى
التأسي والاتباع (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ
كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ)
ولكنّ مكمن الخطأ والخلل فينا اليوم واضح وبين
وهو موجود في النواة الاولى في المجتمع في بعض أفراده القائمين على الأسر فيه, أولياء
الامور, فقد فسد الكثير منهم بنفسه وسعى في افساد غيره فكيف يصلح من تحت ولايته او
يصلح غيره؟ وصدق من قال:
إذا
كان رب البيت للدف ضارب * فشيمة اهل البيت
كلهم الرقص,
فإذا
كان هو كذلك فهو ظالم لربه ظالم لنفسه ظالم لغيره، وحتما ان من هو قائم عليهم سيظلمون
هم كهو إلا ما رحم ربي أسوة به فيتولى بعضهم بعضا كما قال تعالى ( وكذلك نولي بعض الظالمين
بعضا ) والجزاء من جنس العمل, فمن أراد صلاح أسرته فليصلح هو بنفسه, ومن أراد صلاح
رعيته فليصلح هو بنفسه, فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
اللهم وفقنا لكل خير وجنبنا كل شر , والحمد لله رب العالمين والصلاة
والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين .
الخطبة
الثانية
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى , وأصلى وأسلم
على خير البرية محمدا, وعلى آله وصحابته ومن تبعهم الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا.
أيها
الاخوة المسلمون: المعصية تنادي اختها , فمن تجرأ على واحدة سحبته إلى الأخرى, ومن
هنا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من التساهل في ارتكاب المعاصي وإن رءاها سهلة صغيرة
حقيرة فقد قال صلى الله عليه وسلم: "إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّمَا
مَثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا بَطْنَ وَادٍ فَجَاءَ ذَا
بِعُودٍ وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ حَتَّى جَمَعُوا مَا أَنْضَجُوا بِهِ خُبْزَهُمْ وَإِنَّ
مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يُؤْخَذُ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكُهُ " .
تساهل الناس في سماع الأغاني والموسيقى وآلات
الطرب فلم يكتفوا بهذا الحد فأؤذن للمغنين والمغنيات وهُيئت لهم الأماكن والمسارح والمراقص
ودُعي الناس اليها واختلط الرجال بالنساء وحصل السفور والمنكر , فالذي كان من قبل يستمع
إليها مجرد سماع ذهب اليوم بنفسه إليها, بل إن البعض حمل أبنائه ونسائه الى تلك الأماكن,
فعصوا الله أولا بالاستماع, ومِن ثَمَّ الحضور ودفع الأموال, ومِن ثَمَّ إفساد الأبناء
والنساء وهكذا هي الذنوب والمعاصي ينادي أولها ثانيها , وثانيها ثالثها وهكذا حتى تجتمع
على المرء فتهلكه.
فيا أمة محمد أين ذهبت العقول, ومن السائل والمسؤول,
أما لنا في الأمم الغابرة عبرة , أما نقرأ التاريخ , أما نتعظ بغيرنا حتى لانكون عبرة لغيرنا .
حدثُ واحد حدث عبر الزمان كافٍ في التذكير والذكرى
لمن كان له قلب أو القى السمع وهو شهيد, إنه ما حل في بلاد الاندلس التي هي أسبانيا
حاليا, حيث أغرقوا في اللهو والشهوات والغنا والطرب وانصرفوا عن شرع رب البريات فحل
بهم ماحل, وهذا أحد أهل تلك البلاد يصور لنا تلك الاحداث التي عايشها بمشهد مريع مخيف
حق لكل واحد منا أن يقف عنده طويلا, إنه أبو البقاء الرندي في قصيدته المشهورة الطويلة
التي قال فيها :
لِكُلِّ
شَيْءٍ إِذَا مَا تَمَّ نُقْصَانُ
فَلَا يُغَرَّ بِطِيبِ العَيْشِ إنْسَانُ
هِيَ
الأمُورُ كَمَا شَاهَدْتُهَا دُوَلٌ
مَنْ سَرَّهُ زَمَنٌ سَاءتْهُ أزْمَانُ
وهذهِ
الدارُ لا تُبْقي على أحدٍ ولا يدومُ
على حالٍ لها شانُ
يُمَزق
الدهرُ حتمًا كلَّ سابغةٍ إذا نَبَتْ
مَشرَفِيات وخَرصانُ
ويَنتَضي
كلَّ سيفٍ للفناءِ ولو كانَ ابنَ
ذي يَزَنٍ والغِمدَ غِمدانُ
أينَ
المُلوكُ ذوو التيجانِ من يَمنٍ وأينَ
مِنْهُمْ أكَالِيلٌ وتِيجانُ
وأينَ
ما شَادَهُ شَدَّادُ في إرمٍ وأين
ما سَاسَه في الفرس ساسانُ
وأينَ
ما حازَهُ قَارُونُ من ذَهَبٍ وأين
عادٌ وشدادٌ وقحطانُ
أتى
على الكلِّ أمرٌ لا مَرَدَّ له حتى قضوا فكأنَّ القومَ ما كانوا
وَصَارَ
مَا كَانَ مِنْ مُلكٍ ومنْ مَلكٍ كما حَكَى
عَنْ خيالِ الطيفِ وَسْنانُ
دارَ
الزمانُ على دارا وقاتله وأمَّ كسرى
فما آواهُ إيوانُ
كأنَّمَا
الصَّعْبُ لَم يَسهُل لهُ سببُ يومًا
وَلا مَلَكَ الدنيا سليمانُ
فجائعُ
الدهرِ أنواعٌ منوعةٌ وللزمانِ مَسَرَّاتٌ وأحزانُ
وللحوادثِ
سُلوانٌ يُسَهِّلُهَا وَمَا
لِمَا حلَّ بالإسلامِ سُلوانُ
دَهَى
الجزيرةَ أمْرٌ لا عزاءَ لهُ هوى لهُ
أُحدٌ وانهدَّ ثَهلانُ
أصابَها
العينُ في الإسلامِ فارتزأتْ حتّى خلتْ
منهُ أقطارٌ وبلدانُ
فاسألْ
بَلَنْسِيَةَ ما شأنُ مُرسيةٍ وأينَ
شاطبةٌ أمْ أينَ جيَّانُ
وأينَ
قرطبةٌ دارُ العلومِ فكَمْ مِنْ
عالمٍ قَدْ سما فيها لهُ شانُ
وأين
حِمصُ وما تحويهِ مِنْ نُزَهٍ ونهرُها
العذبُ فيّاضٌ وملآنُ
قواعدٌ
كُنَّ أركانَ البلادِ فما عسى البقاءُ
إذا لمْ تبقَ أركانُ
تبكي
الحنيفيةُ البيضاءُ مِن أسفٍ كما بكى
لفراقِ الإلفِ هَيمانُ
عَـلى
دِيـارٍ مِـنَ الإِسلامِ خالِيَةٍ
قَـد أَقـفَرَتْ وَلَها بالكُفرِ عُمرانُ
حيثُ
المساجدُ قدْ صارتْ كنائسُ ما فيهنَّ إلّا
نواقيسٌ وصُلبانُ
حتى
المحاريبُ تبكي وَهْيَ جامدةٌ حتى المنابرُ
تَرثي وهْيَ عِيدانُ
يا
غافلاً ولهُ في الدهرِ موعظةٌ إنْ كنتَ
في سِنَةٍ فالدهرُ يقظانُ
وماشيًا
مرحًا يُلهيهِ موطنُهُ أبَعْدَ
حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ؟
تلك
المصيبةُ أنْسَتْ ما تقدَّمها وما
لها معَ طولِ الدهرِ نِسيانُ
يا
أيها الملكُ البيضاءُ رايتُهُ أدركْ
بسيفِكَ أهلَ الكُفرِ لا كانوا
يا
راكبينَ عِتاقَ الخيلِ ضامرةً كأنها في مجالِ السَّبقِ عُقبانُ
وحاملينَ
سيوفَ الهندِ مُرهفةُ كأنها في ظلامِ
النَّقع نِيرانُ
وراتعينَ
وراءَ البحرِ في دَعةٍ لهمْ بأوطانهمْ عِزٌّ وسُلطانُ
أعندكم
نبأٌ منْ أهلِ أندلسٍ فقدْ سرى بحديثِ القومِ ركُبانُ
كمْ
يستغيثُ بنو المستضعَفين وهُمْ أسرى وقتلى
فما يهتزُّ إنسانُ
ما
ذا التقاطعُ في الإسلامِ بينكمُ وأنتمُ
يا عبادَ الله إخوانُ
ألا
نفوسٌ أبيَّاتٌ لها هممٌ أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
يا
مَنْ لذلةِ قومٍ بعدَ عزَّتِهِم
أحالَ حالهُمُ كفرٌ وطُغيانُ
بالأمسِ
كانوا ملوكًا في منازِلِهِم واليومَ
همْ في بلادِ الكفرِ عُبدانُ
فلو
تراهمْ حيارى لا دليلَ لهمْ عليهِمُ
منْ ثيابِ الذلِّ ألوانُ
ولو
رأيتَ بكاهُم عندَ بيعِهِمُ لهالَكَ
الأمرُ واستهوتْكَ أحزانُ
يا
رُبَّ أمٍّ وطفلٍ حِيلَ بينهمَا
كما تُفرَّقُ أرواحٌ وأبدانُ
وطفلةٍ
مثلَ حسنِ الشمسِ إذْ طلعتْ كأنما هي ياقوتٌ
ومَرجانُ
يقودُها
العلجُ للمكروهِ مُكرهةً والعينُ
باكيةُ والقلبُ حَيرانُ
لمِثلِ
هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ إنْ كانَ
في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ
والله
أني أردت أن اختصر فما استطعت, فلا أدري ماذا أثبت وماذا أترك فكل بيت منها له ألف دلالة , وفيه ألف موعظة, فاتقوا
الله عباد الله واعلموا ما أنتم فيه اليوم وما انتم قادمون عليه غدا, فأعدوا للسؤال
جوابا , وللجواب صوابا , وتوبوا الى ربكم لعلكم تفلحون.
اللهم اغفر لنا وارحمنا واهدنا وسددنا، اللهم ردنا إليك ردا جميلا،
اللهم تب علينا إنك أنت التواب الرحيم واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم لا
تؤاخذنا بما فعله السفهاء منا، اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت
وليها ومولاها، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم
اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم
والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات، اللهم احفظ بلادنا من كيد الكائدين وعدوان
المعتدين، اللهم عليك بأعدائنا من الداخل والخارج، اللهم وفق حكامنا لما فيه الخير
والصلاح للعباد والبلاد يا أرحم الراحمين، اللهم من أراد بلادنا بسوء فأشغله بنفسه
واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره في تدميره يا قوي يا عزيز اللهم صل وسلم على
نبينا محمد وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ نايف الرضيمان تجدها
هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=123 |